تعتبر إريتريا ضمن دول القارة السمراء التي ترتبط بعلاقات طيبة مع مصر طوال 56 عامًا، قدم فيها الطرفان الدعم السياسي والاقتصادي بكل أشكاله، ورغم التوتر الذي أصاب علاقة مصر ببعض دول إفريقيا خلال فترات عدة، إلا أنه استطاعت تطوير علاقاتها بالعاصمة الأريتارية "أسمرة" بوجه خاص رغم الأزمات. كانت مصر شريكا أساسيا لها، وضمن الدول التي دعمت مبكرًا الثورة الأرترية عام 1977، ولم يقف دورها إلى حد الدعم فقط، ولكنها استضافت زعمائها اللاجئين وفتحت لهم الأبواب، كذلك دعمت الدولة الإفريقية نظيرتها المصرية في فترات الحروب المتعددة. وتضاف اليوم، حلقة دعم جديدة بين البلدين، إذا يشهد قصر الاتحادية الرئاسي، قمة ثنائية بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الإريتري "أسياس أفورقي"، يبحث خلالها الرئيسان سبل تنمية العلاقات الثنائية سياسيًا واقتصاديًا. ومن المقرر أن يتطرقا إلى التطورات التي تشهدها القارة الإفريقية والمنطقة والأزمات الإقليمية في سوريا وليبيا والعراق وفلسطين والجهود المصرية في كل منها، وبحث تطورات الأوضاع في القارة السمراء وما تواجهه من تحديات لاسيما فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والتطرف. *العلاقات السياسية بالرغم من أن التعاون السياسي بينهم سُجل منذ عام 1960، إلا أن العلاقات الحقيقية بدأت في عهد الفراعنة المصريين في البحر الأحمر، والتي كانت تبعث الوفود الرسمية إلى الشاطئ الإريتري وبعده إلى جيبوتي والصومال، أي منذ 300 عامًا. ووقفت مصر إلى جانب إريتاريا وقت الاحتلال البريطاني لها في الأربعينات، حيث فتحت إذاعة خاصة لقادة الثورة الإريتريين عام 1954 بالقاهرة ليكون منبرًا لإثارة الروح الوطنية، وسمحت لها بإتخاذ القاهرة مقرًا لتأسيس جبهة التحرير الإريترية. واشتعلت الأمور سريعًا في الأسمرة بعد اندلاع الثورة الإريترية، ووقتها سجلت مصر دورًا عظيمًا بجانب الشقيقة السمراء، حيث سارعت بإعلان دعم الثورة ومساندتها، وفتحت أبوابها للعديد من المنح الدراسية والجامعية للإريتريين، كما أيدت مصر في منتصف السبعينيات فكرة الحكم الذاتي في اطار اتحاد فيدرالي مع إثيوبيا. كما سارعت القاهرة بتهنئة نظيرتها الأسمرة عقب إعلان الاستقلال عام 1991، وقام وقتها "أسياسي أفورقي"، أمين عام الحكومة الإريترية -آنذاك- بزيارة خاصة للقاهرة، بحث فيها مع مصر ضرورة إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين . وإيمانًا بالدور المصري القوي والريادي داخل القارة السمراء، استطاعت احتضان النزاع الذي نشأ بين إريتريا وإثيوبيا عام 1998، انطلاقًا من أنها رئيس لمنظمة الوحدة الأفريقية آنذاك، ولم تهدأ مساع وجهود القاهرة حتى إقرار السلام بين البلدين عام 2000. وقامت مصر بفتح سفارة لشقيقتها السمراء عام 1993، ومن وقتها تبادلا الزيارات الرسمية، التي وصلت إلى حد 16 زيارة من جانب الرئيس الإريترى "أفورقي" كان آخرها اليوم، ومن قبلها خلال عام 2010. *العلاقات الاقتصادية وعلى الصعيد الاقتصادي، فإن مصر وإريتريا وصلا إلى حد كبير من التعاون فيه، وتقدر نسبة السلع المصرية الموجودة بالسوق الإريتري بصفة ثابتة بنحو 10% من إجمالي السلع، وبصفة متغيير نحو 60%. كما تعتبر آلية إقامة معارض المنتجات المصرية هى الآلية الأكثر أهمية في عملية التبادل التجارى، حيث أقيمت 5 معارض للمنتجات المصرية منذ استقلال إريتريا كان آخرها في يوليو. *العلاقات الثقافية والتعليمية وطوال تلك الأعوام، لم تنس مصر أو إريتريا التعان الثقافي والديني، لاسيما أن الأولى تمتلك الأزهر الشريف، الذي كان ولازال منبر إفريقي عربي لنشر وترسيخ الثقافية الإسلامية والعربية. وفتح أبوابه لطلاب العلم من إريتريا، ووفر المنح الدراسية لهم، كما حرصت مصر على تأهيل كوادر للمعهد الإسلامي في إريتريا من خلال إرسال علماء الازهر للتدريس لجيل من المتعلمين والمثقفين الأريتريين. وفي مجال التعاون العلمي، فقد منحت مصر الدول الإفريقية عامي 200 و2009، 16 منحة جامعية من أصل 21 منحة قدمتها وزارة التعليم العالى سنويًا، وتلاها خلال عام 2010 منحة شملت 19 طالبًا إريتريًا. *أوجه الدعم وساند الطرفان بعضهما البعض خلال فترات الأزمات، فقد قدمت مصر المساعدات قديمًا للكثير من دول القارة الإفريقية على رأسهم إريتريا، مثل ما قام به الصندوق المصري للتعاون الفني عام 2010، بإعداد دورة خاصة لدولة إريتريا في مجال الزراعة، لتوضيح سبل الري الموفرة والزراعات الأقل استهلاكاً للمياه. وقدم الصندوق المصري للتعاون الفني في فبراير من العام نفسة معونة دوائية بوزن إجمالي 6 طن لدولة إريتريا، وشحنة من الصوب الزراعية مقدمة من الصندوق إلى الحكومة الإريترية.