تقديرات صندوق النقد الدولى تؤكد تفاقم الخسائر البشرية والبطالة والفقر وهروب الاستثمارات الإرهاب أصبح كلمة عادية فى قاموس الحياة اليومية، مثل قطرات الماء التى تتساقط دون أن تلقى لها بال، وكأس يتجرع منه كل الدول، ولكن تأثيره القوى والفعال كان فى المنطقة العربية، فأدى إلى انهيار وتمزق دول، وتشتت مواطنى الدول فى الأرض، واستنزاف ثروات دول عربية كونتها منذ سنوات، ومازال مسلسل دمار الإرهاب مستمر، والسؤال الذى يطرح نفسه ما هى التكلفة الاقتصادية للأعمال الإرهابية والتكلفة التى تتحملها الدول لمكافحته؟ يقدر المؤشر العالمى السنوى للسلام حجم التكاليف الاقتصادية الناتجة عن الإرهاب وفوضى الحروب بنحو 13٫6 تريليون دولار خلال عام 2015، ويقول الدكتور علاء رزق، رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام، أن محاربة الإرهاب زاد من عملية شراء الأسلحة والمعدات فى المنطقة العربية موضحًا أن أحد المعاهد بسويسرا قدر حجم انفاق المنطقة العربية فى هذا الخصوص بنحو 500 مليار دولار، موضحا أن هذا الرقم كان يمكن أن يذهب للمواطنين فى شكل تحسين فى خدمات الصحة والتعليم والطرق، ولكن يستنزف على مواجهة الإرهاب. وتعد الخسائر البشرية من أكثر التكاليف الاقتصادية التى تتعرض لها الدول، فهناك تقديرات بمئات القتلى فى مصر بسبب حوادث الإرهاب وفى العراق ارتفع عدد الضحايا منذ بداية عام 2015 إلى أكثر من 7300، وفقا لقاعدة بيانات منظمة ضحايا حرب العراق وأفادت التقارير بمقتل أكثر من 17 ألف خلال عام 2014. النزوح ويؤدى الإرهاب إلى تزاى النزوح الداخلى مما يؤثر على حياة المواطنين، ويفقدهم مصادر الرزق، وما تم ادخاره عبر سنوات طويلة من الزمن، وفى الحالة العراقية يشير تقرير لصندوق النقد الدولى إلى أن الإرهاب داعش حول العراق لتصبح أكبر تجمعات للنازحين داخليا فى العالم، فقد تجاوز عدد النازحين داخليا ثلاثة ملايين نسمة منذ منتصف عام 2014، ودفع الإرهاب الملايين من المواطنين السوريين إلى النزوح خارج سوريا، واستقبلت العراق وحدها ما يقرب من ربع مليون لاجئ سورى، ويقيم معظم اللاجئين فى شمال العراق، ونحو 60٪ منهم من النساء والأطفال. تدهور المعيشة تنعكس الهجمات الإرهابية داخل الدول على تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين خاصة فى الدول التى تعانى من الصراع السياسى وعدم قدرتها على بسط قوتا على جميع أراضيها، ونجد فى الحالة العراقية أن صندوق النقد الدولى يشير إلى أن هناك ما يقرب من 10 ملايين عراقى «ثلث السكان تقريبا» فى حاجة إلى مساعدات إنسانية، وقد تدهورت الأوضاع المعيشية فى جميع أنحاء العراق، وتقلصت بدرجة كبيرة قدرة الحكومة على توفير السلع والخدمات العامة الأساسية. تعطيل الإنتاج تستطيع الاقتصاديات الغنية تحمل أثار الهجمات الإرهابية من الاقتصاديات الصغيرة والفقيرة، فقد بلغت خسائر الولاياتالمتحدةالأمريكية فى 11 سبتمبر 2001 نحو 80 مليار دولار، ورغم ضخامة الرقم إلا أنه يمثل 0٫1٪ من الناتج المحلى الأمريكى الذى يقدر فى ذلك الوقت بنحو 10٫6 تريليون دولار، بما يجعل حركة الانتاج مستمرة فى الاقتصاديات الكبرى، فى حين تتعطل فى الاقتصاديات الصغيرة بسبب الهجمات الإرهابية وضعف قدرة الدول على مواجهته، كما يضيف أستاذ الاقتصاد بأكاديمية طيبة الدكتور عزت عبدالله أستاذ الاقتصاد بأكاديمية طيبة. البطالة والفقر «نار البطالة فى مصر أهون ألف مرة من جحيم داعش فى ليبيا»، هذه ما أكده محمد عيد شاب مصرى عائد من ليبيا بسبب الإرهاب، وهو ما يترجم فى زيادة البطالة سواء فى الدول التى تعانى من الإرهاب، أو الدول المصدرة للعمالة فى هذه الدول بما يعنى أنه لا توجد دولة بعيده عن تعرضها لخسائر الإرهاب. وتعانى الدول العربية التى تشهد موجهة عنيفة من الإرهاب من ارتفاع معدلات الفقر وفقا لتقرير للبنك الدولى ارتفع عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر باليمن بنسبة 12 نقطة مئوية فى عامين فحسب، وارتفعت نسبة الفقر من 35٪ فى العام 2005/ 2006، إلى 54٫4٪ بنهاية العام 2011، وفى مصر زاد عدد الفقراء فى المدن الكبرى ثلاثة أمثال خلال فترة الخمس سنوات. تخويف المستثمرين «رأس المال جبان» كما يقول الدكتور عزت عبدالله أستاذ الاقتصاد بأكاديمية طيبة، موضحًا أن الإرهاب عامل طرق للاستثمارات سواء الوطنية أو الأجنبية، فإذا لم تتوافر مناخ أمن واستقرار أمنى وحركة وانتاج فلن يستمر الاستثمار فى الدول العربية، فعدم الاستقرار الأمنى يؤدى إلى استثمار سلبى بمعنى أن المستثمر المحلى سيتوقف عن ضخ أى استثمارات جديدة، ويتجه إلى حجب أمواله عن السوق، ووضعها فى البنوك كودائع قصيرة الأجل ثلاثة اشهر، وبالتالى لن تستفيد منها البنوك فى علميات التمويل طويلة الأجل، وهو ما يؤثر فى النهاية على الاقتصاد. هجرة الأموال يضيف الدكتور عزت عبدالله أستاذ الاقتصاد بأكاديمية طيبة، أن الأحداث التى شهدتها المنطقة العربية أدت إلى هجرة الأموال من المنطقة العربية بحثا على مناطق أخرى أكثر أمنا واستقرارا، مشيرا إلى أن مصر وليبيا والعراقوسوريا واليمن ودول الخليج ولبنان والأردن الأكثر تعرضا للخسائر بسبب حربها ضد الإرهاب فى «صوت القنابل والعمليات الإرهابية، وعدم الاستقرار الأمنى، يؤدى إلى هروب الاستثمارات الأجنبية والمحلية من المنطقة العربية كما يؤكد عزت عبدالله. ثروات العرب يذهب الدكتور علاء رزق إلى أن هناك أيادى تريد الاستحواذ على الثروات العربية، وحفزها على شراء السلاح لتأمين نفسها ضد الهجمات الإرهابية، ومنظمات ظهرت فجأة فى المنطقة لتستنزف ثرواتها، موضحا أن داعش صناعة غربية وهدفها تفتيت المنطقة العربية، وأحداث رواج فى تجارة السلاح الذى يساهم بدرجة كبيرة فى اقتصاديات الدول الغربية، منوها إلى أن حجم استثمارات الدول العربية فى الخارج تصل إلى 2 تريليون دولار، وقد ساهم وجود داعش فى أن تستحوذ تجارة السلاح على 25٪ من هذا الرقم، لأن تجارة السلاح تتركز فى الدول العربية كما نوه إلى أن انخفاض البترول كان توجها سياسيا للتأثير على روسيا وبعض البلدان الخليجية، وهو ما يشير إلى أن هناك أيادى تريد الاستحواذ على الثروات العربية وحفزها على شراء السلاح لتأمين نفسها. نصيب الفرد بلغت تكلفة الإرهاب فى العالم عام 2015 نحو 13٫6 تريليون دولار أمريكى، وهو ما يعادل 11 ضعفا لحجم الاستثمارات العالمية فى ذلك العام، هذا ما أكده تقرير صادر عن مؤشر السلام العالمى، فقد بلغت الخسائر الناتجة عن النزاعات 742 مليار دولار، فى حين وصل الانفاق العسكرى إلى 6٫2 تريليون دولار، وقدر انفاق الدول على الأمن الداخلى ب4٫2 تريليون دولار وقسم التقرير تكلفة الإرهاب الإجمالية لذلك العام على سكان العالم كافة فكان نصيب كل شخص 1٫876 دولار. يضيغ رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام، ان «داعش» وما تحدثه من تخريب فى المنطقة العربية دفعت الدول العربية إلى التسليح والمزيد من الانفاق على عمليات التسليح وبعد أن كانت تحقق تقدماً فى النهضة الاقتصادية والاجتماعية، خاصة فى دول الخليج ومنها الإمارات والسعودية، موضحاً ان هذه الدول اتجهت إلى التسليح لتأمين هيئاتها ومؤسساتها وحدودها، خاصة بعد أن أصبحت «داعش» مترامية الأطراف فى ليبيا واليمن والعراق والشام، ودفعت الدول العربية فاتورة كبيرة لمواجهة هذا الخطر على حساب النواحى التنموية والاجتماعية فى البلدان العربية. أزمات إنسانية أوجد الإرهاب أزمات إنسانية أكثر قسوة على المواطنين الذين يتعرضون يومياً لنزوح داخلى أو خارجى بسبب التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم «داعش» وتزداد الأوضاع سوء عندما تعجز جهود الحكومات أمام الامكانيات المادية الضعيفة من مواجهة الأزمات الإنسانية. ويشير البنك الدولى فى دراسته للحالة العراقية بأن مواجهة تنظيم «داعش» أضعف الاقتصاد غير النفطى وأدى به إلى انكماش عميق وتفاقمت الهشاشة الاقتصادية للبلاد بسبب التراجع الحاد والسريع لأسعار النفط، وأدى إرهاب تنظيم «داعش» إلى أزمة إنسانية وضغوط هائلة على الانفاق من المالية العامة وتمدد تنظيم «داعش» من سوريا ليفرض انتشاراً سريعاً فى العراق فى يونية 2014 وتسيطر هذه الجماعة على مدن رئيسية بالعراق وطرق أساسية للتجارة الدولية عبر الحدود مع سوريا والأردن وتركيا وعلى أجزاء من البنى التحتية النفطية وتم تشريد أكثر من 3 ملايين عراقى داخلياً وهناك 245 ألف لاجيء سورى مسجلين فى العراق، ونوه البنك الدولى إلى أن محاربة تنظيم «داعش» عملية مكلفة فمن المتوقع أن يزيد الانفاق من الموازنة على الجوانب الأمنية (المعدات والرواتب العسكرية والشرطية) إلى ما يفوق ال1٫7 مليار دولار. فى الوقت الذى شهد الاقتصاد غير النفطى انكماش حاد وتراجع 7٪ عام 2014 ويقدر التراجع عام 2015 بنحو 6٫7٪. تدمير البنية التحتية أدت عمليات الإرهاب فى كثير من الدول وخاصة ليبيا وسورياوالعراق إلى تدمير البنية التحتية والأصول المنتجة وقطعت الطرق التجارية وتراجعت ثقة المستثمرين والمستهلكين وتدمير البنية التحتية للمدارس والمستشفيات وهو ما يؤدى إلى نقص المنشآت الطبية والإمدادات والمساعدة المتعلقة بالرعاية الصحية، حيث تفيد التقارير بأن 14 من المستشفيات الرئيسية وأكثر من 170 من المنشآت الصحية تعانى من الخلل أو تم تدميرها فى العراق وفقا للبنك الدولى. الأمن الغذائى تتعرض الدول التى تواجه موجة الإرهاب إلى مخاطر تعرض الأمن الغذائى إلى الخطر نظرا لم أصاب الزراعة والثروة الحيوانية ونظم الرى من تدمير، تشير التقارير إلى حدوث انقطاعات واسعة النطاق فى خدمات المياه والكهرباء والصرف الصحى، ومن المتوقع أن يحتاج أكثر من 2٫9 مليون نسمة من النازحين داخليا إلى مساعدة غير غذائية، هذا بالاضافة إلى الاضطرابات ونقص المعروض من الوقود والأسعار المرتفعة للسلع إلى دخول عدد كبير من المواطنين فى دائرة الفقر. ويطالب علاء رزق، الأممالمتحدة بضرورة مساعدة الدول العربية فى حربها ضد الإرهاب من حث دول العالم على تخصيص 1٪ من ناتجها المحلى لمساعدة الدول التى تعانى من الإرهاب على مواجهة الإرهاب موضحا أن الإرهاب ظاهرة عالمية ويتطلب محاربته تكاتف جميع دول العالم لمحاربة الإرهاب فى أى مكان من العالم. مقدار حجم الخسائر التى تعرضت لها مصر بسبب محاربة الإرهاب بنحو 73 مليار دولار.