تحتفل الكنيسة المصرية، اليوم 18 نوفمبر 2016، بالذكرى الرابعة لتجليس البابا تواضروس الثاني، بابا للإسكندرية، وبطريركا للكرازة المرقسية، بعدما اختياره بنظام القرعة الهيكلية في الرابع من نوفمبر، 2012، وتسلم مهام منصبه، في 18 من ذات الشهر عام 2012. أربع سنوات مرت على البابا تواضروس الثاني، معتليا كرسي البطريركية، ومسئولا عن 15 مليون مواطن مصري من الأقباط، -حسب التعداد الذى أعلنه مؤخرًا- مرت بحلوها ومرها، حظيى فيها بترحاب شديد كما حيظي فيها بهجوم عنيف، سواء من داخل الأسرة القبطية أو خارجها. بداية صعبة تسلم البابا تواضروس الثاني، مهام المنصب الأول للأقباط، في ظروف لا يحسد عليها، حيث كان الإخوان يحكمون مصر، من خلال البرلمان، والانتخابات الرئاسية أنذاك، التى فاز فيها المعزول محمد مرسي، فمثلت له هذه الحقبة، تحديا صعبا، من حيث التوفيق بين الدور الوطني للكنيسة في مساندة الدولة، وتحمل ما قد يصدر عن الإخوان من قرارت ضد الكنيسة، كان بدايتها، التضييق على ممثلي المسيحيين داخل لجنة إعداد الدستور الأولى، والتى انتهت بانسحاب ممثلي الكنائس منها، وصدور الدستور دون تواجد للأقباط في لجنة إعداده. نقطة فاصلة بعد أن خرجت الملايين من الشعب المصري، رافضين حكم الإخوان المسلمين، في 30 يونيو 2013، كانت الكنيسة في موقف حرج، هل تخرج وتساند المواطنين الذين ملئوا الشوارع، رافضين لنظام حكم الإخوان، وتتحمل تابعية ذلك من أحداث، أم تتجنب المشاركة وتنتظر نتيجة المظاهرات، ولكن اختار البابا تواضروس الثاني، أن يخرج إلى جانب شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ليقفوا خلف وزير الدفاع أنذاك، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، رمزا عن جموع المصريين المتظاهرين، ويعلنوا جميعا أن رفضهم لحكم الجماعة الواحدة. وحصد البابا تواضورس الثاني والكنيسة، نتيجة مشاركتهم في خارطة الطريق في 30 يونيو، حيث أشعل الإخوان والمتعاطفون معهم، النيران في أكثر من 60 كنيسة ومنشأة دينية، صبيحة فض اعتصامي رابعة والنهضة المسلحان، هذا بالإضافة الى تعرضه للسباب من عناصر الإخوان، التى سجلوها على جدران ما تبقى من الكنائس، خلال مظاهراتهم. ويؤكد البابا تواضروس أن هناك تغييرًا في السياسة العامة للدولة، من الرئيس إلى المسئولين، حيث يحاولون كسر عزلة الأقباط، وبناء المعاملات على مبدأ المواطنة. مشيرًا إلى أن عزلة المسيحيين عن الحياة السياسية، انكسرت بعد ثورة 30 يونيو. خطوط عريضة تحكم الكنيسة كشف البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عن الخطوط العريضة التى تحكم عمل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، على أرض مصر أو خارجها في بلاد المهجر. وقال البابا تواضروس، خلال محاضرته في سيمينار المجمع المقدس للكنيسة القبطية بوادى النطرون، إن أول هذه الخطوط هى "الخط الأخلاقي"، ويعني التربية والرعاية سواء فى خدمة مدارس الأحد أو الافتقاد وينبغى أن يكون الإنسان المسيحى متميز، بالإضافة إلى التأكيد على التساوى بين الرجل والمرأة. وأشار إلى أن الخط الثاني هو "الوطنية"، قائلًا: "الكنائس المصرية في الخارج هى سفارات شعبية، نور وملح وخميرة ينتشروا ولا يتقوقعوا، فالكنيسة أحد أعمدة المجتمع، تبنى وتحافظ على الوطن". وتابع: "الخط الثالث هو (الخط الاجتماعى)، والمقصود به خدمة المجتمع وليست بالكلام ولا اللسان بل بالعمل والحق.. ويمكننا أن نفعل ذلك من خلال إنشاء المدرسة والمستشفى، وكل ما يخدم جميع أفراد المجتمع"، مشيرًا إلى أن المكتب البابوى للمشروعات يركز حاليا على هذه المشروعات. زيارات هامة ودور وطنى حرص البابا تزاضروس الثاني، منذ ترأسه للكنيسة القبطية، على إجراء زيارات هامة، تخدم الكنيسة القبطية، وتخدم مصر من جانب آخر، وذلك من منطلق الدور الوطني الذى تلعبه الكنيسة المصرية، منذ القدم، كانت أهمها زيارته للفاتيكان التي كانت أول زيارات الخارجية، وذلك في مايو 2012، وتأتي قيمة تلك الزيارة من كونها أول زيارة لبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى الفاتيكان منذ عام 1973. كما زار روسيا، أكبر دولة أرثوذكسية بالعالم، والتقى بالبطريرك كيريل، بطريرك الكنيسة الروسية الأرثوذكسية، إضافة إلى زيارته كلاً من النمسا وسويسرا والإمارات وكندا وروسيا وفنلندا ولبنان. ويؤكد البابا تواضروس دائما، أن الكنائس القبطية في بلاد المهجر، بمثابة سفارات شعبية لمصر، تقوم بدورها الوطني المساند للدولة المصرية، مثل حث الأقباط على تحويل الدولارات عبر الطرق الرسمية، وشراء الشهادات الدولارية التى تصدرها البنوك المصرية، للمساعدة في توفير العملة الصعبة، بالإضافة إلى استقبال المسئولين المصريين خلال زيارتهم لهذه البلاد، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي. جراءة يمتلك البابا تواضروس الثاني، جرأة كبيرة، جعلته يخرج إلى الإعلام، ويتحدث إلى الصحف، في أمور صداها قويا على الشارع المصري، وخاصة فيما يخص الإعلان عن رأيه في جماعة الإخوان، الذى أكد أنهم فصيل يعمل ضد الدولة، ويعلن أيضا أنه يرفض التصالح معهم. حيث رفض البابا تواضروس، الإعلان عن رأي الكنيسة في الدعوات التي يطلقها البعض للتصالح مع جماعة الإخوان المسلمين، ولكنه قال في تصريحات لبرنامج "يوم بيوم"، الذي يعرض على فضائية "النهار"، إن التصالح مع الإخوان شأن سياسي وليس لنا أي رأي فيه، ونفضل تركه للسياسة، وهذا الأمر يتم تحديده من ناحية الماضي والحاضر والمستقبل". وأضاف "أنا كمواطن مصري أرى أن الشعب غير مستعد لهذا الأمر؛ لأنه مازال هناك قتل، وشهداء يتساقطون كل يوم.. وعندما يتوقف نهر الدم، وتصدق النوايا، من الممكن أن نبدأ في الحديث عن مثل هذه الأمور". كما اتهم جماعة الإخوان المسلمين، بالاعتداء على المقر البابوي في زمن الإخوان لأول مرة في التاريخ الإسلامي كله، مؤكدا أن حادث ماسبيرو كان خدعة من الإخوان للشباب المسيحي، استدرجوهم لمواجهة الجيش ثم تركوهم. كما أعلن "تواضروس" في حوار تلفزيوني على قناة صدى البلد، ببرنامج "نظرة"، عن تحذيراته للرئيس الأسبق محمد مرسي قبل 30 يونيو 2013، وذلك خلال لقاء به يوم 18 يونيو 2013، مؤكدا أنه عبر خلاله عن قلقه من تطور وغليان الأحداث في مصر أنذاك. ويقول البابا: "الإحساس الذي يكون لدي كمواطن مصري بأن هناك شيئا يسرق مني، وأنا كنت قلق للغاية، وجلسنا مع الدكتور محمد مرسي أنا وفضيلة الإمام شيخ الأزهر وتحدثنا معا في أمور عامة لمدة ساعة، وأنا حكيت بعض نقط ضعف في المجتمع كقضية مدرسة الأقصر التي حكم عليها ب3 سنين ثم ب100 ألف جنيه غرامة، وقلت له إن الاتهام الموجه لها في غير محله، ففوجئت به يقول 100 ألف جنيه أنا أدفعهم، وبعدها قال لا سيحدث حاجة في 30 يونيو، سيأتي 1 يوليو و2 يوليو و3 يوليو"، مشيرا إلى أن "مرسي" كان بعيدا عما يحدث في الشارع من غليان. الكنيسة والسعودية حرصت الكنيسة منذ تولي البابا تواضروس الثاني، على إقامة علاقات طيبة مع جميع دول العالم، وخاصة تلك الدول المجاورة لمصر، ففي ابريل استقبل الملك سلمان بن عبدالعزيز، بمقر إقامته في القاهرة -خلال زيارة رسمية-، البابا تواضروس الثاني في أول لقاء بين القيادة المسيحية في مصر، والقيادة السعودية، وهو لقاء تاريخي. وأفاد المركز الإعلامي القبطي الأرثوذكسي بأنها المرة الأولى التي يلتقي فيها عاهل سعودي ببابا للكنيسة القبطية، مشيرا إلى أن الزيارة استغرقت 35 دقيقة، وشملت المناقشات عدة جوانب. أزمات واجه البابا تواضروس، عدة أزمات منذ توليه المنصب، كان أبرزها التظاهرات داخل الكاتدرائية، من قبل متضرري قانون الأحوال الشخصية، وبعدها الأزمات الطائفية "مثل حادث سيدة المنيا"، وحادث ذبح المسيحيين في ليبيا، وأخيرا أزمة قانون بناء الكنائس، بعد ان تراجعت الحكومة في عدة بنود كان متفق عليها في السابق، ولكن الكنيسة فوجئت بتغيير هذه البنود، ولم تحل الأظمة إلا بعد تدخل الرئيس السيسي. البابا وترامب أعلن البابا تواضروس الثاني، رفضه للهجوم السابق، للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على الإسلام، مؤكدًا أن عباراته الحادة غير مقبولة لدى الكنيسة أبدًا، وذلك خلال ختام الملتقى الدولي الأول للشباب المسلم والمسيحي، الذي استضافته مصر للتأكيد على دور الشباب فى بناء السلام ومواجهة التطرف والإرهاب.