استطاعت منى السيد الفتاة الإسكندرانية التى انتشرت صورها على مواقع التواصل الاجتماعى أثناء عملها على سحب عربة فى الطرقات، جذب انتباه الجميع ولفت الأنظار إلى هذه النماذج التى لا تعرف الكسل ولا الملل، حتى وصل الأمر إلى تكريمها من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قصر الاتحادية مشيدا بها معلنا فخره بنموذجها الفعال فى بناء مصر، وقرر منحها شقة وسيارة على نفقته الخاصة دعما لها وتشجيعا على كفاحها. واعتبر كثيرون ممن تابعوا هذه الحالة عن كثب أن الرئيس يعطى توجيهًا عامًا للحكومة بتشجيع هذه النماذج الإيجابية، كما انها لفتة إنسانية من جانبه يريد تكرارها من قبل وزراء المهندس شريف إسماعيل، وأشاروا إلى أن هذا النموذج منتشر بمصر ولكن لا يجد من يحنو عليه ولا يتخذ خطوات إيجابية لدعمه معنويا أو ماديا. وأضافوا أن منى السيد ربما حالفها الحظ بنشر صورة لها أثناء عملها مكنتها من التكريم الرئاسى ولكن هناك ملايين الشباب والفتيات مازالوا ينحتون الصخر بلا فائدة وبلا عين رحيمة تشملهم بعطفها، وشددوا على أن الحكومة تمتلك الكثير لفعله من أجل هذه الطبقة التى تعيش مصر وتحيا بفضل اجتهادهم. أكد الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادى واستاذ التمويل أن مقابلة الرئيس بفتاة العربة اشارة معنوية وربما كان اقتراحًا حكوميًا مقدمًا للرئاسة فلا أحد يعلم الكواليس، وأشار إلى أن الأهم من هذا اللقاء هو دعم هذه الطبقة ليصل الدعم العينى والنقدى لمستحقيه، ولابد للحكومة أن توفر شبكة ضمان اجتماعى تشمل الفقراء وتهتم بهم مع مراعاة التحول النقدى فى الدعم بحيث إنه أسهل من العينى وأكثر بعدا عن السرقة والتبديد. وأضاف «نافع» أن وزارة التضامن الاجتماعى تقدم معاشات استثنائية ضمن برامج حديثة ولكن لابد أيضا من التدقيق فى البيانات لأن هناك من يزور البيانات للحصول على حق ليس له، مشيرًا إلى أن هناك قوانين كثيرة وتشريعات من شأنها حماية الطبقة «الشقيانة» التى تنتمى إليها فتاة العربة وتمنع زيادة عدد الفقراء وتحسين أوضاعهم المعيشية وتوصيل الخدمات بشكل أفضل، وفى حالة عدم سعى الحكومة لهذه الخطوة فلا بأس من أن يقوم بها نواب البرلمان. وأضاف الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى الاقتصادى أن تكريم الرئيس لفتاة العربة به بعد إنسانى تجاه الفقراء وحزب «الشقيانين»، لكن الحكومة لا تعرف هذا البعد على الإطلاق ولا تشعر بهذه الفئة التى تملأ مصر، قائلا «لو هناك احساس بهذه الفئة من جانب الحكومة لقامت بحمايتهم من جشع التجار فى ظل غلاء الأسعار ولا تتركهم فريسة بهذا الشكل الموجع ولم تقم برفع سعر السولار خاصة بنسبة 30% فهذا هو مصدر وسيلة المواصلات الخاصة بطبقة «الغلابة» التى استغلها أصحاب الميكروباصات وقاموا بمضاعفة الأجرة بنسبة 100 % ولو هناك ضمان اجتماعى لهؤلاء لشددوا الرقابة على مواقف السيارات لمنع الاستغلال ولكن وزراء مصر يعيشون فى برج عالٍ لا يكترثون بالفقراء ولا يشعرون بهم. وتابع «عبده»: هناك إجراءات كثيرة تحمى الفقراء من غلاء الأسعار التى تعد أكبر المشاكل لديهم وهى توفير الهامش الربحى الذى يستفيد به الوسيط، مقترحا التعاقد المباشر مع المزارع لتجنب اسلوب السمسرة ولابد من اشراك المواطن فى القرارات المصيرية ولكن يتقى جملة واحدة تمثل الأمر الواقع «الحكومة عايزة كدة». ويرى الدكتور أحمد بهاء الدين شعبان رئيس الحزب الاشتراكى المصرى أن لقاء الرئيس بفتاة العربة لفتة انسانية طيبة من جانبه ولا يمكن المزايدة عليها، وأن يتم تكريم فتاة مكافحة بهذا الشكل أمر فى غاية الإيجابية، لكن المشكلة الأساسية أن ظروف منى جعلتها مشهورة ومشاعة فى الاعلام حتى استطاعت الوصول للرئيس نفسه، ولكن يجب ألا ننسى أن هناك ملايين مثل «منى» يواجهون أعباء الحياة بشجاعة مفرطة ولا أحد يسعى إليهم ولا يساعدهم. «ودعم الطبقة الكادحة يحتاج إلى تغيير سياسات كاملة ودراسة النسب المخيفة المنتشرة بحسب احصائيات رسمية فهناك 28% تحت خط الفقر ونحو 90% فى أزمات حقيقية بخلاف انهيار الطبقة الوسطى، وهنا لابد من دور الحكومة ورسم سياسات حقيقية لحماية كل هؤلاء والإعلام الذى يلقى الضوء على بعض الأشخاص المكافحين غير كافٍ وليس قادرًا على المواجهة والحل منفردًا، كما أن على الحكومة الإسراع فى حماية الطبقة المتوسطة» وهذا بحسب شعبان. وأشار شعبان إلى أن الحكومة لن تخطو خطوات جيدة لأن انحيازاتها منذ بدء الانصياع لشروط صندوق النقد الدولى و للأطراف الخارجية لن تكون قادرة على حل أزمات الغالبية العظمى من الغلابة. وفى إطار الإصلاح لابد من الاهتمام بالانتاج فهو الوحيد القادر على حل مشكلة المجتمع ولابد من الاهتمام بالتعليم لرفع مستوى الطبقات الفقيرة وفتح فرص لأبواب العمل لأن التعليم الجيد هو البوابة الرئيسية لحل مشكلات مصر، فضلا عن الاهتمام بمنظومة التأمين الصحى الذى يتسبب غيابه فى وقوع المواطن البسيط فريسة فى أيدى المستشفيات الخاصة. إضافة إلى حل أزمة العشوائيات التى تم حل بعضها لكن هناك حلولًا شاملة يجب توفيرها، و لو أرادت الحكومة لفعلت ولكن يبدو عدم توفر النية لذلك.