توفي الداعية السوري محمد سرور زين العابدين، مساء أمس الجمعة، في العاصمة القطرية الدوحة، عن عمر ناهز 78 عاما، بعد أن عاش حياة مليئة بالجدل والتأثير على الجماعات الإسلامية. ولد الداعية السورى زين العابدين عام 1938 في قرية من قرى حوران، جنوبسوريا، وانتمى في بداياته لجماعة الإخوان الإرهابية، ثم ترك الجماعة في أواخر ستينيات القرن الماضي، على إثر الاختلاف بين الحلبيين بقيادة مروان حديد والدمشقيين بقيادة عصام العطار، الأمر الذى أجبره على مغادرة بلاده واللجوء إلى السعودية ليستكمل مسيرتة الدعوية داخل المملكة العربية السعودية. وبعد أن توجة العابدين إلى السعودية عمل فى البداية مدرسا فى المعهد العلمى فى بريدة، ثم بدأ بعدها فى الاصطدام مع "الإخوان" في جوانب تكتيكية وأكثر من انتقادهم، رغم أنه ابن الجماعة، فكانت فترة مكوثه داخل المملكة العربية السعودية، والتى امتدت إلى سبعة أعوام أكثر إثارة للجدل وانتشرت انتشارا واسعا. واستطاع فى تلك الفترة أن يؤسس تيار حركي عريض ينسب إليه في التسمية والمنهج أسماه "التيار السروري"، وكان هذا التيار نبرته مزعجة للسلطات السعودية، نظرًا لأن هذا التيار كان منظما وله أهداف خاصة، ويجمع العديد من مختلف الجنسيات، فضلا عن مزجه للحركة الإخوانية، وعلمية السلفية، والاهتمام بالسياسة وقضاياها، مع الاشتغال بالعلم الشرعي، والبناء العقائدي على منهج السلف الصالح. وتسبب هذا الأمر فى خروج العابدين من السعودية في عام 1973، متجهًا إلى الكويت، التى لم يتضح معالم حتى الآن بما كان يمارسه فى تلك الدولة، سوى أن تلك الفترة تتلمذ على يديه الشيخ سلمان العودة. واتجه العابدين عقب ذلك إلى بريطانيا في خطوة مفاجئة، وهناك في برمنجهام أسس مركز دراسات السنة النبوية مظلته وواجهته البحثية، وأطلق من هذا المركز مجلة السنة التي أصبح لها شأن كبير بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 م لجهة صوغ الموقف السياسي للمحازبين له والمقتنعين بمنهجه في السعودية تحديدا، ثم عاد إلى الأردن في 2004، ولعب بها دورا هاما في نشر السلفية الجهادية بين الشباب، ليتنقل بعدها إلى عدة بلدان عربية كقطر التي توفى بها مساء أمس. وألف الداعية السورى العديد من الكتب، من أشهرها كتاب "وجاء دور المجوس"، "دراسات في السيرة النبوية"، "جماعة المسلمين"، "التوقف والتبيّن" و"اغتيال الحريري وتداعياته على أهل السنة" و"أزمة أخلاق"، و"منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله"، و"الحكم بغير ما أنزل الله وأهل الغلو". واستمرارا للإثارة والجدل التى كان يختلقهما الشيخ العابدين، أصدر أثناء عاصفة الحزم بيانا أثار ضجة كبيرة وقتها، حيث عبر خلاله عن تأييده الكبير لما تقوم به عاصفة الحزم من غارات و خناق للجماعة الحوثية وأن تلك العاصفة تلبي احتياجات المسلمين و العرب. ووصف العابدين فى هذا البيان عاصفة الحزم بالعنصر المتمرد، مشيدا بما قدمته غارات عاصفة الحزم، إذ يعتبرها أفضل حدث يجتمع فيه العرب سويا بعدما ضاق ذرعا من كل التجمعات الزائفة بينهم، مستدلا بمثل متداول عربيا [ من حفر حفرة لأخيه وقع فيها ] بحيث يضرب مثالا للحوثيين و إيران الذين يحفرون قبراً و في الحقيقة وقع الإختيار عليهم للدفن عليه وكان الشيخ محمد زين العابدين، متأثرا بالشيخ سيد قطب كثيرا، خاصة في تركيزه على مبدأ الحاكمية، وكانت له عناية كبيرة بتراث ابن تيمية، فزاوج بين الشخصيتين، وبدأ تأثيرهما عليه في غالب أحاديثه وكتاباته.