عام 2011 يعرف تاريخيا بأنه العام الذى تجمع فيه المصريون على مطلب واحد وهو الحرية فجاء ببداية لم يتوقعها أحد حيث همّ شباب مصر وقرروا الثورة على الظلم والفساد وعلى صمت استمر 30 عاما. طالب الشباب بإسقاط النظام ونيل الحرية والعدالة الاجتماعية ولم يفكروا لحظة ما الثمن الذى سيدفعوه فى سبيل تحقيق هذه المطالب، واجهوا الرصاص والغاز والمياه والقناصة ولم يستسلموا، واجهوا خطابات رئيس لا يكترث للشهداء من شعبة الذين يسقطوا برصاص قواته. سقطت أقذر وجوه عرفها التاريخ المصرى, حسنى مبارك, سوزان مبارك, علاء وجمال نجلى المخلوع وزكريا عزمى مخزن اسرار امبراطورية الفساد, وفتحى سرور ترزى قوانين العائلة الحاكمة, وصفوت الشريف الذى يتناقض اسمه مع أوصافه وقائمة طويلة سقطت بدماء شباب أطهار, إلا أن العام الذى شهد الوحدة فى الميدان لإزاحة هذه الوجوه لم ينطو إلا وكان للفرقة والخلافات النصيب الأكبر بينهم مع نهاية عام 2011 هذا التقرير يرصد أهم معارك هذا العام لنيل الحرية والتى توالت حتى يبدو للوهلة الأولى أنها أحداث مرت فى عشرات السنين وليس بضعة أشهر. أفيال أبرهة ونظام مبارك مثلما استعان أبرهة الحبشى بأفيال العصر الجاهلى لهدم بيت الله الحرام لم يشأ مبارك أن يختتم سنوات حكمه دون أن يستعين بأفكار نظامه الجاهلية لقمع ميدان التحرير وطرد شبابه الذى فشلت مدرعات الشرطة ورصاصها فى زحزحته عن الوصول للميدان, ليشهد الأربعاء 2 فبراير الماضى فيلما دراماتيكيا اختلطت فيه كوميديا الثوار حول غباء المخططين للمعركة بالحزن على ضحايا معركة الجاهلية التى كانت آخر معارك النظام الذى تهاوى فى 18 يوما ليتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مسئولية الحكم فى فترة انتقالية حددها فى البداية بستة أشهر إلا أن هذا لم يحدث حتى الآن بعد اقتراب الثورة من إتمام عامها الأول . بداية الأزمات(حادث مسرح البالون): لم تهنأ مصر بهذا النصر ثم بدأت الأحداث الغريبة تتوالى عليها وكانت بداية هذه الأحداث حادث مسرح البالون والذى ترجع بدايته الى قيام جمعية "الوعد الأمين" بتنظيم حفل تكريم ل10 من أسر شهداء الثورة داخل مسرح البالون بالعجوزة، وشمل التكريم أسر الشهداء والأطفال الأيتام، وقبل بدء التكريم فوجئ بحضور ما يقرب من 150 مواطناً دفعة واحدة في أتوبيسين وكانوا يحاولون الدخول وعندما رفض أفراد الأمن لعدم وجود دعوات لهم قاموا بالتعدي على أفراد الأمن وأتلفوا واجهة المسرح وكسروا زجاجه الأمامي واستولوا على بعض الأجهزة الموسيقية بالمسرح وتوجهوا بعد ذلك لمعتصمى التحرير ومن بعدها وزارة الداخلية وبدأت الشرطة بإلقاء قنايل مسيلة للدموع لفض هذه الفوضى التى أصيب على أثرها الكثيرين . 6 إبريل تقود أول مسيرة ضد العسكرى يوليو بعد خمسة أشهر مرت بسلام بين شباب الثورة والمجلس العسكرى والتى حملت شعار "الشعب والجيش إيد واحدة" تحول الأمر إلى مواجهة ومطالبة بتسليم السلطة عندما قامت حركة 6 إبريل بأولى المسيرات ضد المجلس العسكرى فى 23-7-2011 إلى مقر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوزارة الدفاع، وذلك عقب إصدار المجلس لبيان اتهم فيه الحركة بالعمل على زرع الفتنة بين الجيش والشعب، وشارك في المسيرة آلاف المتضامنين من كافة الحركات السياسية ولكن تعرضت هذه المسيرة لهجوم مفاجئ من مجموعة كبيرة من البلطجية حاملين السيوف والزجاج والحجارة، وبعضهم يحمل فرد خرطوش، وقاموا بالاعتداء على المتظاهرين بشكل مبرح ونتج عن ذلك عشرات الإصابات، وقام المتظاهرون بالفرار وشاعت بينهم حالة من الفوضى ووقع منهم العشرات من المصابين. انتهت هذه المسيرة بضحايا وإصابات كسابقتها ولكن هل السؤال هلى هناك مجموعة من البلطجية يسيرون دائما وراء المسيرات والمظاهرات أما أنها مصادفة يجب ألا نقف أمامها كثيرا ولكن هذا اليوم حمل ذكرى سيئة استمرت حتى الآن وخلقت مشاعر سيئة على الأقل بين بعض بنى الوطن وقواته المسلحة استمرت بل تفاقمت مع مرور الأيام . محاولة اقتحام السفارة الإسرائيلية وهروب سفيرها فى9-9-201 1 قام المئات من المتظاهرين المصريين بكسر أجزاء من الجدار الخرساني أو الجدار العازل كما اشتهر فى ذلك الوقت والذي قامت السلطات المصرية ببنائه عند السفارة الإسرائيلية وبعد كسر الجدار، تسلق بعض المتظاهرين البرج الذي تقع فيه مقر السفارة، وأنزلوا العلم الإسرائيلي، ورفعوا العلم المصري بديلا له، ووصل عدد منهم إلى شقة، قيل إنها تستخدم كأرشيف للسفارة الإسرائيلية، وألقوا بالكثير من الوثائق إلى المتظاهرين في الأسفل. وعلى أثر هذا الحادث توفى ثلاثة أشخاص وأصيب أكثر من ألف آخرين بينهم رجال أمن، كما أجلت تل أبيب سفيرها بالقاهرة محذرة من ان محاولة الاقتحام قد تضر بالعلاقات الإسرائيلية المصرية, وفى فجر هذا اليوم وبعد أن تركت قوات الشرطة والجيش المتظاهرين يفعلون ما يشاءون دون حتى أدنى محاولة للتدخل فاجأت قوات الامن المتظاهرين بإطلاق كثيف للنيران, أسقط العديد من القتلى والمصابين ليتحول الأمر إلى مهاجمة المتظاهرين لمديرية أمن الجيزة وتزداد العلاقة سوءا بين المتظاهرين وقوات الشرطة والجيش . أحداث ماسبيرو.. 9-10-2011 بعد حادث اقتحام السفارة الإسرائيلية توالت الأحداث على مصر من السيئ إلى الأسوأ ولا نعرف من يبدأها ويشعلها فكانت أحداث ماسبيرو بمثابة الكارثة التى هزت أرجاء مصر. فقد بدأت هذه الأحداث بمظاهرة سلمية لمجموعة من الأقباط اعتراضا على هدم كنسية ادفو باسوان لتتحول المظاهرة السلمية الى اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين الاقباط وقوات الجيش المصري لتؤدى الى حرق بعض مركبات الجيش وتتفاقم الاحداث بصورة سيئة جدا ليسقط قتلى ومصابون جدد فى مواجهة مع قوات الجيش وتكون المحصلة قتيلين من الجيش و27 قتيلا من الأقباط ومئات المصابين, ليخسر الجيش مؤيدين آخرين وتتعالى نبرة ضرورة تسليم الجيش للسلطة وصولا إلى ارتفاع حجم المطالبة بضرورة إسقاط المجلس العسكرى . أحداث محمد محمود.. 22-11-2011 كانت المعركة الأخيرة التى أشعلت شرارة الغضب المستمرة حتى الآن باعتصام غاضب لبعض الحركات والقوى السياسية حتى تنحى المجلس العسكرى, وبدأت هذه الأحداث عندما حاولت قوات الأمن فض اعتصام لأهالى الشهداء ومصابى الثورة فى ميدان التحرير كانوا يطالبون بحقوقهم التى أعلن عنها المسئولون أكثر من مرة دون أن يصلهم أى شىء منها, ليشهد الشارع الذى يحمل اسم أحد وزراء الداخلية السابقين مواجهات دامية بين المتظاهرين وقوات الشرطة والجيش سقط على أثره 45 شهيدا ومئات المصابين كانت أشهرها إصابات بفقد العين ومطالبة بمحاكمة الضابط قناص العيون صاحب أشهر فيديو لتلك الأحداث. وترتب على تلك الأحداث استقالة الدكتور عصام شرف لتأتى من بعده حكومة الدكتور كمال الجنزوى الذى أثار اختياره اعتراض البعض فاعتصموا أمام مجلس الوزراء ومنعوا الجنزورى من الدخول لتبدأ سلسلة أخرى من الأحداث. واللافت للنظر فى هذه الأحداث انه يتم فى كل مرة القبض على مجموعة يقال إنهم ممن تورطوا فيها ثم يتم إخلاء سبيلهم أو تأجيل القضية وإلى الآن لم يصدر حكم فى كل الأحداث السابقة . الانتخابات البرلمانية .. 28-11-2011 رغم كل الأحداث التى شهدتها مصر أصر المجلس العسكرى على إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها فبدأت المرحلة الأولى من الانتخابات يومى 28-29 نوفمبر لتشهد مصر حالة من الديمقراطية والحرية لم تشهدها منذ ثلاثين عاما فخرج المصريون نساء ورجالا، شبابا وشيوخا فى مشهد أبهر العالم, ورغم حالة الانفلات الأمنى التى تشهدها البلاد إلا أن قوات الجيش نجحت بشكل كامل فى تأمين الانتخابات البرلمانية بمرحلتيها الأولى والثانية . أحداث مجلس الوزراء.. 16-12-2011 ولكن من الواضح أن هناك ما يستكثر على مصر فرحتها فاندلعت مرة أخرى الأحداث ولكن هذه المرة بصورة خسرنا فيها 18 من شباب مصر وخسرنا فيها تاريخ مصر عندما أحرق المجمع العلمى الذى يضم تاريخ وحياة مصر منذ 200 عام وذلك فى أحداث مجلس الوزراء16-12-2011 ليعود الانقسام مرة أخرى للشارع المصرى فيخرج المصريون مرة أخرى فى إتجاهين تحرير وعباسية.