على صفحة فسبوكية بديعة خفيفة الظل أطلق عليها صاحبها «جحا الحكيم» أستأذنه نقل تلك الطرفة لقارئ الوفد، والتي كتبها تحت صورة ملونة تاريخية لجحا ممتطياً حماره بالمقلوب..» كشفت إحدى الوثائق المحترقة من المجمع العلمي رواية مختلفة عن المرأة العمورية التى كشف عورتها جندى روماني فاستنجدت بالمعتصم وقالت وامعتصماه!.. حيث تقول الوثيقة إن المعتصم لم يحرك جيشاً لنجدتها وإنما «انجعص» على كنبته فى أبهة ورفع إحدى حاجبيه قائلاً (تستاهل.. فى ولية محترمة تروح عند الرومان ؟! )... يالها من مقاربة بديعة تخيلية عبثية كوميدية التناول من مواطن مثقف يطرح رأيه معقباً بذكاء على جريمة الاعتداء الجماعي من بعض العسكر الغشيم المُغيب على فتاة ثائرة على أسفلت قصر العيني إلى حد تعريتها ولم يُحرك حُماة الأديان من أخوات كاميليا وعبير ساكناً، ولم ينتفض غضباً من تصوروا في احتجازهما دفاعاً عن الأرثوذكسية، ثم الربط البديع بين حدث الفتاة التي تم تعريتها وحدث حرق وثائق المجمع العلمي (بل وحرق المبنى التاريخي ذاته) ودلالة إهمال أمة لتراثها العظيم رغم حرص الأجيال السابقة على الحفاظ عليه وحتى تسليمه لنا، وال?فريط في عرض وشرف الثائرات.. أيضاً تأملوا التلميح في حدوتة جحا الطريفة المخزية لهذه الحالة العجيبة ورد الفعل الفضائحي من جانب من يحدثوننا باسم تاريخ وحضارة السلف ولا يعنيهم اغتيال فكر وحضارة إنسانية، فلا تصلهم استغاثة شباب ميدان التحرير، وهم يلملمون ما تبقى من ركام أوراق فكر الأولين ويصرخون أمام كاميرات الفضائيات أن يبادر المزيد من الشباب للانضمام إليهم للانتشال السريع لما يمكن من بقايا التراث قبل أن يبلى بفعل المياه أو الرماد الساخن القابل للاشتعال مرة أخرى.. ولكن هيهات، فهم أمام لجان الانتخابات قد تمترسوا، وعبر شاشات الفضائيات أقسمو? ألا يغادروا كاميراتها التلميعية (مع الحرص أن تكون القعدة ذكورية) يحاربون الديمقراطية الملعونة ومن تبعوها، فهم من يعطلونهم عن التقدم في رحلة الغُنم بكراسي البرلمان وأبهة الحكم كحصاد لثورة رفضوا اندلاعها!! إن الليبرالية الكافرة التي روج لكفرها هي وأختها الديمقراطية السلفي السكندري البارز عبد المنعم الشحات، هي هي (ويا للغرابة) الليبرالية التي هي في ذات نفس المعنى والحكاية ولا مؤاخذة الديمقراطية بغباوتها ياهووووه التي استند إليها أجدادهم في سالف الزمان للتكفير، ولعلني أجدها فرصة لتعريف أحفادهم بالمرة وبالمناسبة لأذكرهم بتلك الحدوتة التاريخية الشهيرة، ففي عشرينات القرن الماضي، وبحكم الاعتياد كان أحمد لطفي السيد يرشح ويرشحه بالإجماع أهل دائرته السنبلاوين ويفوز دائماً في الانتخابات البرلمانية، والرجل (والكلام لاي?ال موجهاً للأحفاد) هو أستاذ الجيل ورئيس جامعة القاهرة في زمن مجدها (وقبل أن يُمسك بميكروفونات بروفيسورات العلم والتعليم في مدرجاتها أشاوسة التديين الجدد).. ولكن تحدث المفاجأة في واحدة من مرات ترشحه عندما أدار منافسه الأمي حملته الانتخابية على أساس ترويج معلومة مفادها أن الديمقراطية والليبرالية التي يتشدق بها لطفي السيد تعني أنه يطالب بحرية المرأة في الزواج بأربعة كالرجل، وعليه اعتبر أهل الدائرة البسطاء مرشحهم السابق قد خالف تعاليم الدين الصحيحة التي عرفوها منذ حداثة أعمارهم، وكان حدث سقوطه، وكان قسم لطفي ا?سيد رمز التنوير ألا يُعاود دخول التجربة مرة أخرى.. أعتقد أن الأوطان تهون على البشر عندما يتوهون عن أبرز محطات تاريخهم بكل ما تُشير إليه من سلبيات وإيجابيات، أو إنجازات مشهود لها قد تنال منها تراجعات حضارية، أو تشييد صروح تاريخية ثم تقترب من أساساتها معاول التشويه بجهل وغباوة.. على مدى أكثر من نصف قرن، وتحديداً ومنذ قيام ثورة 23 يوليو 1952، والناس في بلادي يتابعون بأسى معاول التشويه وهي تضرب في أساسات أحد أهم الصروح المهمة للبناء الإنساني المتمثل في برلمان الشعب بيت المواطن الحر ودار ممارسة الفعل الديمقراطي لامتلاك ناصية التشريع والرقابة والمحاسبة، فقد كان قرار الثورة بإلغاء الأحزاب ضربة هائلة لدور البرلمان عبر تغييب أهم آلية لتمثيل ضمير وإرادة كل قوى الشعب السياسية والفكرية والمهنية تحت قبة البرلمان، وحتى الحقب السرورية البالية عندما بات سيد قراره ممثلاً للسلطة والسلطان بفعل ترز?ة القوانين وإعمال آلية الانتقال الضرورة لجدول الأعمال في دورات صعد خلالها لكراسي المجلس الموقر بالتزوير بشر غالبيتهم ليسوا منا، إلى أن قدر المولى الكريم أن نشهد بفعل ثورة 25 يناير المشهد الانتخابي التاريخي.. أعود لفكرة هوان الوطن عند التوهان عن أبرز محطات التاريخ، أُذكر نفسي وقارئ «الوفد» ببعض محطات إنشاء البرلمان المصري.. أنه فى مايو عام 1805 قام الناس في وطننا العظيم مصر بأول ثورة ديمقراطية نموذجية فى تاريخنا المعاصر، عندما تقدم علماء الأزهر الصفوف مع جموع الجماهير لدعم تولية محمد على باشا والياً على مصر ليضعوا السلطان العثماني في الأستانة أمام أمر واقع بشرط « تم الأمر بعد المعاهدة والمعاقدة على سيره بالعدل وإقامة الأحكام والشرائع والإقلاع عن المظالم وألا يفعل أمراً إلا بمشورة العلماء وأنه متى خالف الشروط عز?وه «.،وعقب توليه حكم البلاد بدأ محمد على ثورة لإقامة نظم للحكم المركزي وإنشاء أول مجلس نيابي.. وفي عام 1866 كانت الخطوة الأهم فى تطور الحياة النيابية فى مصر بإنشاء «مجلس شورى النواب» فى عهد الخديو إسماعيل.. في إبريل عام 1923 تم وضع دستور جديد للبلاد، ووضعته لجنة مكونة من ثلاثين عضواً، ضمت ممثلين للأحزاب السياسية، والزعامات الشعبية، وقادة الحركة الوطنية. وفى عام 1956 صدر الدستور الجديد، وتم بمقتضاه تشكيل مجلس الأمة فى 22 من يوليو 1957،. وفى فبراير 1958 ونظراً لقيام الوحدة بين مصر وسوريا ألغى دستور 1956، وصدر دستور مؤقت للجمهورية العربية المتحدة فى مارس سنة 1958، وفى 11 من سبتمبر 1971 صدر الدستور في محاولة تطوير النظام النيابى الديمقراطى مؤكداً سيادة القانون واستقلال القضاء.. إنها بعض محطات في تاريخ المجلس العتيد قبل العصر السروري وتحوله بفضل ترزية القوانين إلى مجلس ونسة أليف في حضن السلطة.. وكانت ثورة يناير 2011 وكانت الانتخابات بنظمها الجديدة، والتي عايشناها وتفاعلنا معها بكل تقدير للقوات المسلحة والشرطة لتعاونهما في دعم حالة من الأمن والمتابعة لكل مراحل العمل.. والتقدير موصول لقضاة مصر لدورهم الوطني المخلص.. وعليه ما كنا لنقبل بعد هذه الرحلة الصعبة والممتدة للمواطن المصري عبر عشرات الحقب أن يصرح المهندس عبد المنعم الشحات، وهو يستثمر وجود آلية الديمقراطية للوصول إلى كرسي البرلمان أن يصف إعمال آلية الديمقراطية بأنه لون من الكفر، وفقط أذكره بذلك المقطع من مقال له عام 2007.. يقول القيادي السلفي «وكان من ضمن الأمور التي زادت الحسابات تعقيداً تدخل أمريكا والغرب إعلامياً لصالح إعطاء مساحة أكبر للإسلاميين في المشاركة السياسية.. ماذا يستفيد الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً من الزج بالإسلاميين في التجربة السياسية ؟!».. ويضي? «الانتخابات أصبحت مصيدة يستدرج بها الإسلاميون السلميون إلى منزلق العنف، فتتشتت جهودهم الدعوية أو تضيع، بينما يستمر الغرب وأعوانه في عزف أنشودة التطرف والإرهاب.. إلخ...».. ولا تعليق سوى أنه التسابق على مغانم ثورة كان تياره يرفض اندلاعها لأن في حدوثها خروج على طاعة الحاكم!! وأيضاً ما كنا نأمل من سلفيي التشدد والفكر التشنجي من رجال يحسبهم المجتمع على الكنيسة المصرية أن يجرفهم تيار رد الفعل مع بداية النزال الانتخابي، أن يتسارعوا في إعداد قوائم بأسماء أحزاب ومرشحين لتحفيز من حولهم للالتزام بها، وبدعوى التخوف من إقصاء الوجود المسيحي رغم خطاب قداسة البابا شنودة بضرورة الانحياز للحزب والمرشح الأكثر كفاءة لتجنب الدخول في سجال طائفي مقيت!!