تعرضت منظمة الأممالمتحدة لانتقادات حادة عقب اختيارها شخصية خيالية في كتاب "المرأة المعجزة" سفيرًا شرفيًا لتمكين النساء والفتيات. ومنحت المنظمة الدولية لقب الشخصية النسائية الشرفية لهذا العام لبطلة الكتاب التي تُدعى "المرأة المعجزة"، أو الأميرة ديانا من ثيمسكيرا، وذلك في عيد ميلادها الخامس والسبعين الذي تزامن مع مرور عام على حملة أطلقتها الأممالمتحدة لنشر ثقافة تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين. لكن القرار كان مثارًا لجدل واسع النطاق، إذ أثار استياء الكثير من أعضاء طواقم في مقر الأممالمتحدة ومنظمات داعمة لحقوق المرأة حول العالم. ووقع أكثر من ألف شخص، من دون الإفصاح عن هويتهم، وعدد من طاقم العمل في الأممالمتحدة التماسًا أكدوا من خلاله أن اختيار شخصية "المرأة المعجزة" ليس ملائمًا لأن بنية هذه المرأة تتضمن "صدرًا ضخمًا، وبشرةً بيضاء، وأبعادًا خيالية، وأزياءً براقة تكشف معظم جسدها يحمل علم الولاياتالمتحدة، وحذاءً طويلًا يصل إلى ركبتيها، وهو ما يجعلها قريبة الشبه إلى نجمات الإغراء. ووصف الموقعون على الالتماس اختيار الأممالمتحدة بأنه "مخيب للآمال"، مؤكدين أن "الأممالمتحدة لم تستطع العثور على امرأة حقيقية لتكون بطلة حقوق جميع نساء العالم في المساواة الجنسية والنضال من أجل تمكينهن". تعود شخصية البطلة الخارقة الخيالية للقصة إلى الحياة باقتراب عرض الفيلم الجديد "المرأة المعجزة" تقوم بطولته الممثلة الإسرائيلية غال غادوت، التي ظهرت في احتفال الأممالمتحدة بهذه المناسبة مع الفنانة ليندا كارتر التي جسدت شخصية بالاسم نفسه في مسلسل أمريكي عُرض في السبعينات من القرن العشرين. والمرأة المعجزة هي أميرة من منطقة الأمازون نسجها من خياله الكاتب وعالم النفس المعروف ويليام مولتون مارستون عام 1941، مستوحيًا الشخصية من زعماء أسسوا حركة المطالبة بمنح المرأة حق التصويت، التي يعتبرها البعض أيقونة نسائية. وقال ماهر نصار، المسئول بالأممالمتحدة: "كان التركيز على خلفيتها الأنثوية، لأنها المرة الأولى التي تكون فيها شخصية البطل الخارق امرأة، خصوصًا أنها كانت تحارب دائمًا من أجل تحقيق النزاهة، والعدالة، والسلام". وقالت المنظمة إن اختيار الشخصية قصد به "التركيز على ما يمكن أن تحققه المرأة حال تمكينها". وأضافت، أنه من الضروري "لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات"، كان من بين ما استهدفته من هذا الاختيار، وفقًا لبيان نشرته على موقع الأممالمتحدة لأهداف التنمية المستدامة. ويبدو أن اختيار السفير الشرفي كان غير موفق على الإطلاق، إذ تزامن مع اختيار رئيس الوزراء البرتغالي السابق أنطونيو غوتيريز لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة وسط مطالبات للمنظمة الدولية باختيار امرأة لهذا المنصب للمرة الأولى في تاريخ المنظمة. وقال تحليل حديث إن تسعة من كل عشرة مناصب في الأممالمتحدة يتولاها رجال. وكان من بين المرشحات لمنصب الأمين العام للمنظمة رئيسة وزراء نيوزلندا السابقة، والمدير العام لمنظمة يونسكو الثقافية، ونائبة رئيس وزراء جزر المالديف، وإحدى كبار المسئولات الحكوميات في الاتحاد الأوروبي. ورأت ناشطات في مجال حقوق المرأة أنه لابد من اختيار شخصية حقيقية لتكون سفيرة شرفية لتمكين النساء والفتيات حول العالم وجاء في الالتماس أنه "من المثير للقلق أن تختار الأممالمتحدة شخصية عارية ومثيرة جنسيًا في الوقت الذي تحتل فيه عناوين الأخبار في الولاياتالمتحدة والعالم ضرورة مقاومة معاملة المرأة كشيء". ونظم مئة من طاقم العمل في الأممالمتحدة احتجاجًا ضد اختيار الأممالمتحدة هذه الشخصية، وذلك في مقر المنظمة، حيث حملوا لافتات مدونًا عليها عبارات مثل "أنا لست دمية"، و"نريد شخصية حقيقية". وكان هناك جبهة معارضة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي من ناشطات حقوق المرأة حول العالم اللاتي طالبن باختيار شخصية حقيقية بدلًا من الشخصية الخيالية التي اختارتها الأممالمتحدة، وهي شخصية "المرأة المعجزة". وقالت سيغولين رويال، السياسية البارزة في فرنسا، إن "وانغاري ماثاي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام كان من الممكن أن تكون اختيارًا موفقًا". وخاضت "المرأة المعجزة" الانتخابات الرئاسية في كتاب كوميدي لمارستون عام 1943، كما ظهرت في قصة نشرتها مجلة ميس التي أسستها ميس ستاينم عام 1972. لكن هذه الشخصية سقطت من ذاكرة الجماهير في المرتين بعدما اخترقت هيلاري كلينتون السقف الزجاجي لتصبح أول سيدة تقود حزب سياسي رئيسي في الولاياتالمتحدة إلى انتخابات الرئاسة، وهو ما يجبر المرأة المعجزة على التراجع أمام هذا الإنجاز.