تحل اليوم الذكرى الأولى على رحيل واحد ممن اتخذ الكتابة متنفسًا له يعينه على الحياة ووطن يحتويه، واحدًا ممن قادتهم الموهبة إلى بلاط صاحبة الجلالة وفرضته على الساحة الأدبية كأحد أهم الأدباء في مصر والعالم العربي، إنه جمال الغيطاني. وكان الغيطاني قد توفى في مثل هذا اليوم 18 أكتوبر 2015، عن عمر ناهز ال70 عامًا، إثر تدهور حالته الصحية، وهو من مواليد 9 مايو عام 1945، بمحافظة سوهاج، لكنه نشأ في منطقة الجمالية بالقاهرة القديمة. وتخرج في مدرسة الفنون والصنائع عام 1962، الذى كان قد تخصص فيها في تصميم السجاد الشرقي وصباغة الألوان، وبعدها عمل رسامًا للسجاد في المؤسسة العامة للتعاون الانتاجي، ثم مشرفا على مصانع السجاد بالمنيا حتى عام 1966. وفي 1966، اعتقل الغيطاني بتهمة الانتماء إلى تنظيم ماركسي سري، وتعرض خلال فترة اعتقاله التي دامت لستة أشهر فقط إلى التعذيب والحبس الانفرادي إلى أن تم إطلاق سراحه، ومن 1967 إلى عام1969 عمل سكرتير للجمعية التعاونية المصرية لصناع وفنانى خان الخليلي. ونشر الغيطاني أول قصة قصيرة له، عام 1959 بعنوان نهاية السكير، وفي 1969 أصدر كتابه «أوراق شاب عاش منذ ألف عام»، الذي ضم خمس قصص قصيرة، وبعدها عرض عليه محمود أمين، المفكر الماركسي، الذي كان رئيسًا لمؤسسة اخبار اليوم أن يعمل معه بالصحافة. بعد أن عمل في الصحافة بدأ يتردد على جبهة القتال بين مصر واسرائيل بعد احتلال إسرائيل لسيناء، وكتب عدة تحقيقات صحفية، وبعدها قرر تفرغه للعمل كمحرر عسكري لجريدة الأخبار اليومية، وظل في هذا التخصص حتى 1976. وشهد الغيطاني خلال تلك الفترة حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973 على الجبهتين المصرية والسورية، ثم زار فيما بعد بعض مناطق الصحراء في الشرق الأوسط، مثل شمال العراق عام 1975، ولبنان 1980، والجبهة العراقية خلال الحرب مع إيران 1980- 1988. وفي عام 1985 تمت ترقيته ليصبح رئيسا للقسم الأدبي بأخبار اليوم، ثم رئيسًا لتحرير «كتاب اليوم»، ثم رئيسًا لتحرير أخبار الأدب منذ إصدارها الأول في 1993، وظل على رأسها حتى وفاته في 2015. وتميز أسلوب الغيطاني بالسرد والحكي من خلال العودة والغوص في التاريخ والتراث، وترجمت بعض أعماله إلى عدة لغات أجنبية منها الفرنسية والألمانية والإيطالية، مثل «الزيني بركات، رسالة البصائر والمصائر، وقائع حارة الزعفراني، شطح المدينه، متون الأهرام وحكايات المؤسسة». وحصد الغيطاني عدة جوائز عربية ودولية، حيث حصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى ووسام الاستحقاق الفرنسي في الادب و الفنون من طبقة فارس عام 1987 وجائزة الدولة التشجيعية في الرواية عام 1980، كما نال جائزة الثقافة الفرنسية العربية عام 1992 عن رواية «رسالة البصائر في المصائر»، وفي 2009، حصل على جائزة الشيخ زايد للكتاب عن رواية «رن».