كارثة بيئية تهدد مدينة الإسكندرية، نتيجة لغلق موقع «9 ن» التابع للصرف الصحي، تلك الكارثة سوف تظهر تداعياتها مع سقوط الأمطار المصاحبة لفصل الشتاء، الذى يطرق أبواب المدينة. ورغم أن هناك تقارير رقابية تحذر من تعرض مدينة الإسكندرية لكارثة بيئية، نتيجة لغلق مدفن المخلفات الصلبة التابع للصرف الصحى والمعروف ب«9 ن» بغرب المدينة والذى كان يستخدم فى معالجة المخلفات وتحويلها لأسمدة عضوية، فلم يتحرك أحد. كما حذرت مذكرة من الجهاز المركزى للمحاسبات من تداعيات توقف المحطة من الصرف المباشر لمياه الصرف الصحى «دون معالجة» على المرافق العمومية وما لذلك من أثر على البيئة وإهدار لتكاليف محطات المعالجة إلا أن الصمت شعار أجهزة المحافظة والحكومة. كما كشفت مذكرة المركزى للمحاسبات، عن إهدار فى أموال الدولة يقدر بنحو 5 و22 مليار جنيه، نتيجة لتوقف محطة مياه الصرف الصحى بالإسكندرية «نون 9» أحد مشروعات شركة الصرف الصحى بالإسكندرية، وأشارت المذكرة إلى أن قيمة الاستثمارية للمحطة المتوقفة، نحو 3 مليارات جنيه. وعودة إلى تقرير شركة الصرف الصحى بالإسكندرية الخاص بغلق مدفن مخلفات الصرف، أكد التقرير أن غلق المدفن أدى إلى توقف جميع محطات معالجة الصرف الصحى بالإسكندرية وعددها 18 محطة عن العمل لعدم وجود مكان للتخلص من المخلفات والحمأة الناتجة عن محطات المعالجة. أشار التقرير إلى أنه تم إنشاء وتشغيل موقع «9 ن» فى عام 1992 وكانت الجهة التى هى المعونة الأمريكية بعد دراسة علمية مستفيضة من خلال خبراء مصريين وأمريكان لاختيار مكان الموقع من بين 23 موقعاً، تمت دراستها طبقاً للأصول والمعايير العلمية وكانت تكلفة الإنشاء والتجهيز للموقع بتكلفة تجاوزت 50 مليون دولار عام 1990 وتم تشغيل الموقع لاستقبال جميع مخلفات الحماة الناتجة من محطات معالجة مياه الصرف الصحى بمدينة الإسكندرية ومعالجتها والتخلص الآمن منها بما يؤدى إلى الحفاظ على البيئة والشواطئ والصحة العامة للمواطنين. أوضح التقرير أن الموقع استمر فى العمل لمدة 20 عاماً حتى قامت الثورة فى 25 يناير 2011 وبدأت مشاكل أهالى قرية «أبوبسيسة» بحجة التلوث والتأثير على الصحة، حسب ما ورد بالتقرير والذى أكد أن موقع «9 ن» التزم بجميع البنود التى وردت ببروتوكول التصالح الذى تم بين شركة الصرف الصحى وأهالى القرية تحت رعاية المحافظ الأسبق للإسكندرية اللواء طارق مهدى، وقام الموقع باستقبال جميع اللجان المشكلة من وزارات الصحة والبيئة والزراعة وفريق المسح البيئى بإدارة الحرب الكيماوية والتزام شركة الصرف الصحى بتنفيذ خطة توفيق الأوضاع البيئية المقدمة لوزارة البيئة بالقاهرة فى ذلك الشأن من خلال الالتزام بتغطية سيارات الحمأة وتنظيفها والتعامل العلمى مع المخلفات بمجرد وصولها لموقع «9 ن» والتخلص الآمن منها طبقا للخطوات القياسية للتشغيل. وأضاف التقرير أن نتائج المسح البيئى لفريق من الحرب الكيماوية الذى قام بسحب عينات من قرية أبوبسيسة وكذلك التربة والمنتج النهائى بموقع «9 ن» والتى جاءت جميعها مطابقة للقرار الوزارى رقم 254 لسنة 2003، كما ورد بكتاب لوزارة الدفاع رقم 16/8067 بتاريخ 25 من فبراير 2014 بالإضافة إلى مطابقة نتائج المسح الحقلى للحدود المسموح بها بقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994. كما أشار التقرير إلى إن نتائج المسح البيئى وعينات الحمأة التى تم سحبها من الموقع بمعرفة وزارة الصحة أظهرت أن جميع النتائج كانت أقل من الحدود المسموح بها طبقا للقانون، كما أفاد تقرير اللجنة الثلاثية المشكلة من وزارة الصحة، بعدم وجود أى أمراض منتشرة أو معدية أو خطر على الصحة العامة من المدفن الصحى بموقع «9 ن». وحذر اللواء محمود نافع رئيس مجلس إدارة شركة الصرف الصحى من تعرض الإسكندرية لكارثة بيئية قادمة، نتيجة تراكم الحمأة فى محطات المعالجة. قال نافع: عدم إمكانية تشغيل محطة التنقية الشرقية كمعالجة ثانوية بالرغم من تحمل الدولة مبلغ 1.4 مليار جنيه استثمارات لتحويلها لمعالجة ثانوية وما يترتب على ذلك من تبعات فنيه وقانونية وتحمل شركة الصرف الصحى لتكلفة التشغيل والصيانة والكلور واستهلاكات الكهرباء بجميع محطات المعالجة بالإسكندرية دون جدوى وتكاليف تطهير المصارف من الرواسب نتيجة عدم التخلص من الحمأة. وأوضح نافع أن شركة الصرف الصحى بالإسكندرية قد قامت بتنفيذ جميع الاشتراطات المطلوبة منها لإعادة تشغيل موقع «9 ن» بناء على توصيات اللجان المختلفة فى هذا الشأن وقد تمت مخاطبة محافظ الإسكندرية بتاريخ 14 يونية الماضى وكذا قائد المنطقة الشمالية ومدير أمن الإسكندرية وباقى الوزارات المعنية بالإجراءات التى تم اتخاذها لموقع «9 ن» بالإضافة إلى الإجراءات التى قامت شركة الصرف الصحى بالإسكندرية باتخاذها. مع التفضل بالتوجيه بسرعة فتح موقع «9 ن» للحاجة الماسة والعاجلة نظرا للحالة المتردية لمواقع الشركة والمصارف على مستوى المحافظة. وأضاف نافع: حتى حينه لم يتم إعادة تشغيل موقع «9 ن» بالرغم من تنفيذ معظم الاشتراطات المطلوبة ولا يتبقى سوى التوصية بتهيئة الرأى العام لسكان نجع أبوبسيسة نحو أهمية الموقع وضرورة إعادة تشغيله وهذه التوصية مطلوب تنفيذها من خلال محافظة الإسكندرية ومديرية أمن الاسكندرية والمنطقة الشمالية العسكرية بالاشتراك مع الوزارات المعنية الأخرى مثل الصحة والبيئة، وبناء عليه فإن استمرار إغلاق موقع «9 ن» يمثل تهديداً بيئياً وصحياً لمدينة الإسكندرية ومواطنيها. من جانبها أرسلت شركة الصرف الصحى بالإسكندرية، مذكرة عاجلة لقيادات الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، تحذر من الكارثة قبل موسم الشتاء، وطالبت الشركة بالفتح الفورى والعاجل لموقع «9 ن» للحد من التأثر السلبى على البيئة التحتية بنظام الصرف الصحى بالإسكندرية وما فى ذلك من آثار سلبية سيئة على نظام المعالجة والتخلص من المخلفات السائلة الأمر الذى يجعل الإسكندرية معرضة لمخاطر التلوث الصحى والبيئى والغرق من جراء عدم قيام محطات المعالجة بوظيفتها وتكرار تطهير المصارف دون جدوى بما فى ذلك من إهدار للماء العام المتمثل فى تكاليف التطهير المتكرر للمصارف وتكاليف إدارة وتشغيل محطات المعالجة دون جدوى. أكدت الشركة فى مذكرتها للقبضة أن إغلاق الموقع يتسبب فى إهدار مصدر ومورد من موارد الطاقة بالدولة وذلك نتيجة لعدم تمكن الشركة من تنفيذ عقد توريد الحمأة الجافة لشركة أسمنت بورتلاند لاستخدامها كوقود بديل لأفران مصانع الأسمنت. وأوضحت شركة الصرف الصحى أن اللجنة الفنية التى تم تشكيلها أوصت بالآتى: إنشاء سور بارتفاع 3 أمتار يعلوه سلك شائك لمنع أى تسلل إلى الموقع وتشجير محيط الموقع بالكامل وإنشاء طريق جديد للموقع ليمر من خلال قرية أبوبسيسة يخصص لسيارات نقل الحمأة وإنشاء شبكة صرف الصحى بقرية أبوبسيسة وربطها بالصرف الصحى للإسكندرية وحظر استقبال المخلفات الصناعية بأنواعها فى موقع «9 ن» وتغطية السيارات الناقلة للحمأة وإحكام غلقها تنفيذا للاشتراطات البيئية وقيام جهاز شئون البيئة بالمتابعة المستمرة لما يتم تنفيذه من خطة توفيق الأوضاع المقدمة من الشركة. وبالفعل قامت شركة الصرف الصحى بتنفيذ الإجراءات بناء على معادلة اللجنة للموقع بتاريخ 23 مايو الماضى. تم توجيه خطاب من وزير الإسكان إلى وزارة الدفاع لقيام الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتنفيذ البداية المطلوب إنشاؤها فوق مصرف النصر لاستخدامها كبديل للدخول إلى موقع «9 ن» لنقل الحمأة المتكدسة فى محطة المعالجة واستعداد وزارة الإسكان لتحمل تكاليف إنشاء هذه البداية طريقاً بديلاً للطريق المار أمام قرية أبوبسيسة (مرفق) - تم إسناد المشروع للمقاولين العرب تحت إشراف الجهاز التنفيذى وتم البدء فى المشروع ومنتظر الانتهاء خلال عامين اعتبارا من شهر أبريل الماضة - تتعهد الشركة بعدم استقبال المخلفات الصناعية على أن يقوم الموقع باستقبال مخلفات الصرف الصحى الناتجة عن محطات المعالجة والرفع فقط - تم عمل أمر مباشر من مصنع 999 الحربى لتغطية عدد 5 سيارة نقل حمأة (تريلا) وجار استلام السيارة الأولى - تم طلب عدد (9) رأس جرار وعدد (11) تريلا كاملة (جرار + مقطورة) من إدارة المهندسين العسكريين ضمن مطالب الشركة لرفع الكفاءة من صندوق تحيا مصر تكون محكمة الغلق والغطاء. تمت مخاطبة وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية لتفعيل التوصيات الصادرة عن اجتماع نائب مدير الأمن ومؤتمر التنسيق بقيادة المنطقة الشمالية العسكرية ورغم كل ذلك لم يتحرك أحد.. الأمر الذى يهدد الإسكندرية بالغرق فى مخلفات الصرف الصحى مع أول مطر غزير يسقط على المحافظة.