رئيس رابطة تجار السيارات: أزمة سيارات ذوي الهمم تحتاج إلى إعادة نظر.. والله ما يستاهلوا اللي حصل    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في القاهرة والمحافظات    إعلام فلسطيني: جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف للمباني شرقي مدينة غزة    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    الآثاريون العرب يدعون لتحرك عاجل لحماية تراث غزة وتوثيق الأضرار الميدانية    معرض مونيريه بالاكاديمية المصرية للفنون بروما | صور    "درش" يشعل سباق رمضان 2026... ومصطفى شعبان يعود بدور صادم يغيّر قواعد الدراما    دعاء الفجر | اللهم احفظني ووطني وأهلي وأحبابي من كل سوء    المصل واللقاح: الإنفلونزا هذا العام أكثر قوة وشراسة.. واللقاح ضروري للغاية    صلاحيات رئاسية دون الرجوع للكونجرس، سر المادة التي لجأ إليها ترامب لتصنيف الإخوان "إرهابية"    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    أميرة أبو زهرة تعزف مع لانج لانج والأوركسترا الملكي البريطاني في مهرجان صدى الأهرامات    وزارة الصحة تحذر من إساءة استخدام المضادات الحيوية لهذا السبب    الأمن يكشف ملابسات اقتحام أحد المرشحين وأنصاره لمركز شرطة فارسكور بدمياط    كان من قادة ميلشيا البلاك لوك الداعمة للانقلاب .. إعتقال شريف الصيرفي بعد تشبيه تزوير الانتخابات بالديناصورات    بعد واقعة مدرسة السلام، الطفولة والأمومة يعتزم وضع تشريعات جديدة لمنع الاعتداء على الأطفال    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة محاولة اقتحام مرشح وأنصاره لمركز شرطة فارسكور    تعرف على موارد صندوق إعانات الطوارئ للعاملين    البيت الأبيض يطلب تقريرًا خلال 30 يومًا لتحديد فروع الإخوان في الدول العربية    وصول يسرا و إلهام شاهين وصابرين إلى شرم الشيخ للمشاركة بمهرجان المسرح الشبابي| صور    ترامب يبدي استعداده للتحدث مباشرة مع مادورو رغم تصنيفه ك"رئيس منظمة إرهابية"    10 حقائق مذهلة عن ثوران بركان هايلي غوبي.. البركان الذي استيقظ بعد 10 آلاف عام    مركز محزن ل ليفربول، ترتيب الدوري الإنجليزي بعد نهاية الجولة ال 12    طقس الثلاثاء.. انخفاض في درجات الحرارة وأمطار محتملة على البحر الأحمر    نعمل 24 ساعة ولا يمكن إخفاء أي حالة، أول رد من الصحة على شائعات وفاة أطفال بسبب الإنفلونزا    ناشطون ألمان يروّجون ملابس من مكبات إفريقية ضمن حملة الجمعة السوداء    "الطفولة والأمومة": نعمل على توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات    خبراء: استعدادات رمضان والضغوط الموسمية تدفعان الدولار للارتفاع    بالأسماء| إصابة 23 شخصاً في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة    التنظيم الإرهابي يحتضر.. هل أطلق ترامب الرصاصة الأخيرة في نعش الإخوان؟    محلل: الاقتصاد الصربي على حافة الهاوية بعد محاولات تأميم النفط    وكيل الجزار يكشف حقيقة انتقاله إلى الأهلي وموقف الأندية الكبرى    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    محاكمة 115 متهماً في خلية المجموعات المسلحة.. اليوم    قائمة بيراميدز لمواجهة المقاولون العرب في الدوري المصري    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة تشيلسي.. صراع النقاط الكبرى يبدأ غدا    اتحاد السلة يصدر بيانًا بشأن أحداث مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري المرتبط    ترامب يوجه ببدء عملية تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية    طرح برومو فيلم خريطة رأس السنة.. فيديو    عمرو أديب يعلق على بيان النيابة العامة حول واقعة مدرسة سيدز: التفاصيل مرعبة.. دي كانت خرابة    تضامن قنا تعيد إعمار منزل بعد مصرع 3 شقيقات انهار عليهن السقف    ضبط سيدتين من الفيوم حاولتا إدخال مخدرات داخل الطعام لمسجون بالمنيا    مصدر بالاتحاد السكندرى: تقديم اعتراض على رفض تأجيل مباراة نهائى دورى السلة    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    إصابة سيدة بطلق ناري على يد طليقها في المنيا.. ما القصة؟    عمرو أديب: التجاوزات طبيعية في الانتخابات بمصر.. والداخلية تتعامل معها فورا    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    عمرو أديب عن انتخابات مجلس النواب: سني علمني أن الطابور الكبير برا مالوش علاقة باللي جوا    أيمن العشري: المُنتدى المصري الصيني خطوة مهمة وجديدة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري المشترك    إطلاق أكبر شراكة تعليمية بين مصر وإيطاليا تضم 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية.. غدًا    ارتفاع حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي.. اللجنة العلمية لكورونا تحذر: اتخذوا الاحتياطات دون هلع    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    رئيس الوزراء يشارك بالقمة السابعة بين الاتحادين الأفريقى والأوروبى فى أنجولا.. صور    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سليم نصار يكتب : لبنان يحيي أجواء 1975
نشر في الوفد يوم 24 - 09 - 2016

على رغم رفض العماد ميشال عون، وحضه النواب على مقاطعة مؤتمر الطائف، فقد شارك 63 نائباً في الاجتماعات التي بدأت يوم 30 أيلول (سبتمبر) 1989. وبعد مناقشات ماراثونية استمرت بضعة أيام، خرج المجتمعون بحل يقضي بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني، إضافة الى إناطة سلطاته الإجرائية بمجلس الوزراء مجتمعاً، وإنما برئاسة سياسي سُنّي.
ومعنى هذا أن عملية المقايضة في سبيل إرضاء الشارع الإسلامي الذي قاتل 15 سنة، تمت على حساب الرئيس الماروني الذي حُدِّدَ دوره بعبارات إنشائية فارغة أهمها: «رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه». أما العبارة المُضافة بلا معنى أيضاً، فهي الآتية: «هو القائد الأعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء».
لذلك، علق الرئيس الراحل سليمان فرنجية حينذاك على موضوع توزيع الصلاحيات بالقول: «يجب على الموارنة المطالبة برئاسة الحكومة، والتخلي عن رئاسة جمهورية دستور 1943 بعدما نزع اتفاق الطائف كل صلاحياته العملية تقريباً». ومثل هذا التعليق يذكّر بأن رئيس جمهورية لبنان الماروني كان يتمتع بصلاحيات دستورية حقيقية ظلت مطبقة منذ إعلان الدستور الأول (1926). لكن، بعدما صوّت مجلس النواب اللبناني على دستور «الجمهورية الثانية» - كما وصفها الرئيس الياس الهراوي - طلب مجلس الوزراء من العماد ميشال عون إنهاء تمرده على الشرعية والالتزام باتفاق الطائف. ولما رفض التقيّد بهذا الشرط، حصل ما حصل. وبقية القصة معروفة.
في أيار (مايو) قبل أكثر من سنتين، انتهت ولاية الرئيس ميشال سليمان. وكجندي منضبط، جمع أوراقه وذهب إلى بيته في عمشيت على أمل إنشاء حزب سياسي يسد الفراغ القائم. ومنذ ذلك الحين حاول 128 عضواً في البرلمان 44 مرة انتخاب رئيس جديد، فلم يفلحوا. والسبب المباشر أن المرشحَيْن ميشال عون وسليمان فرنجية لم ينجح أي منهما في جمع الغالبية اللازمة وفق القانون. أما السبب غير المباشر فيكمن عند «حزب الله» الذي يمانع في انتخاب رئيس للبنان قبل جلاء الصورة الأخيرة لبشّار الأسد. أو قبل أن تظهر الخريطة الفسيفسائية التي باشرت تركيا في رسمها كمنطقة عازلة وآمنة في شمال سورية. وهي منطقة واسعة تمتد فوق مساحة لا تقل عن خمسة آلاف كلم مربع من خلال عملية «درع الفرات».
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صرّح، قبل توجهه إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة ال71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بأن النية متجهة إلى إقامة منطقة آمنة.
في ضوء هذا التغيير المحتمل، خصوصاً إثر العلاقة الوثيقة التي نسجها أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يبدو أن إيران غير قادرة على منع تفكك سورية... وغير مطمئنة إلى بقاء الأسد في الحكم.
أمام هذه الاحتمالات، يتوقع المراقبون أن تزداد الفوضى أكثر فأكثر، الأمر الذي يجعل من تنفيذ وقف إطلاق النار قراراً صعباً. وما يزيد في صعوبة تنفيذه نشاط سبعين منظمة مسلحة تشكل في غالبية أعضائها قطاعاً كبيراً من سُنّة سورية. لهذا، ترى هذه المنظمات أن اتفاق وقف إطلاق النار يعكس بالأساس محاولة خارجية (روسية - أميركية) ليس للمتخاصمين مصلحة في تطبيقها.
إضافة إلى هذا، فإن تصور روسيا والولايات المتحدة بأن الهدنة الطويلة تحافظ على وحدة سورية هو تصور خطأ وغير عملي. ذلك أن سورية باتت منقسمة إلى «كانتونات» على أساس ديموغرافي... وأن بشار الأسد يعرف جيداً أنه لولا المظلة الإيرانية والروسية المدعومة من مقاتلي «حزب الله»، لكان بقاؤه في دمشق خطراً. لهذا السبب، ترى موسكو أهمية خاصة في استمرار وجود النظام العلوي - مع الأسد ومن دونه - خوفاً من التفكك والتشرذم، خصوصاً أن أنقرة تسعى بكل الوسائل المتاحة إلى تثبيت نظام سُنّي في سورية يحمي خاصرتها. وهذا ما دفعها قبل فترة إلى احتضان نظام «داعش»، وتأمين وصول الأسلحة إلى محاربيه عبر أراضيها المفتوحة!
إذاً، ماذا ستفعل إيران في حال فقدت نفوذها على الأرض السورية بسبب تشظي المحافظات وخضوع سكانها إلى سلطة أمراء الميليشيات السنيّة؟ الجواب لدى العناصر المتحالفة مع «حزب الله» في لبنان، بسبب رهانها الأول والأخير على استمرار بشار الأسد في حكم سورية «المفيدة» وغير المفيدة. وقد وجدت هذه العناصر الفرصة متاحة لطرح فكرة تغيير صيغة النظام الذي وزع مسؤولياته بين السنّة والمسيحيين مناصفة. وهذا ما دفع وزير الخارجية جبران باسيل إلى تفجير قنبلة «الميثاقية» في جلسة هيئة الحوار الوطني، والجلسة الأخيرة للحكومة. وبرر موقفه بتعليق المشاركة على تجاهل أكبر كتلة نيابية ممثلة ب «التيار الوطني الحر». وقال باسيل في هذا السياق: «هناك استخفاف بالميثاقية وبحقوق المسيحيين التي تتآكل يوماً بعد يوم. فإما أن نأخذ حقوقنا ويتم الالتزام بالميثاقية، وإلا فالميثاقية كذب، تتحدثون عنها ولا تطبقونها. نحن نشعر بالغبن والتهميش وما نواجه نتيجة إهمال حقوقنا في الشراكة، يجعل قضيتنا قضية وجودية. وإذا استمرت الأمور على هذا النحو، لا لزوم لأن نستمر معاً. نحن نمثل أكبر كتلة نيابية مسيحية، ولدينا الحضور الأكبر في الشارع. وتغييبنا لم يعد مقبولاً».
وردّ سليمان فرنجية على اعتراض باسيل بالقول: «في كل مرة تأخذوننا إلى مكان، وعندما لا نقف إلى جانبكم نفاجأ بكم تتحدثون عن الميثاقية. أنتم تريدون فرض رأيكم على الآخرين، ويُمنَع علينا الاعتراض. لذلك، عليكم الكفّ عن سياسة الاستئثار والاحتكار. كنا وقفنا إلى جانب ترشح العماد عون لرئاسة الجمهورية، وأكدنا دعمنا له بلا شروط. ولما قوبل ترشيحه بالمعارضة، أعلنت ترشيحي للرئاسة. فهل من خطأ ارتكبته؟».
وانسجاماً مع حملة الاعتراض والرفض، رفع النائب طلال أرسلان، صديق بشّار الأسد، حدّة التحدي عندما أعلن وفاة النظام السياسي في لبنان، وطالب بإحيائه من طريق إقامة مؤتمر تأسيسي يشارك فيه كل الأحزاب والطوائف.
وتذكر اللبنانيون أن الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله كان دعا، في إحدى خطبه عام 2012، إلى أهمية عقد مؤتمر تأسيسي بهدف بناء دولة حقيقية. ورأت جماعة 14 آذار في تلك الدعوة محاولة جدية لإلغاء اتفاق الطائف، واستبداله بفرض مثالثة شيعية - سنيّة - مسيحية. واعتبرت أن مطالبة الشيعة محقة، خصوصاً أنهم يمثلون ما نسبته 40 في المئة من الشعب اللبناني، لكن هذا لا يحجب الأسئلة عن الانتماءات في ظل مشاركة الممثل السياسي الأكبر للطائفة في سورية دفاعاً عن نظام لم تتبنَّ حربه الدولة اللبنانية.
ومعنى هذا أن المؤتمر التأسيسي سيُعقد بين فريقين لا يملك أحدهما فرص التكافؤ. أي بين فريق يملك خمسين ألف صاروخ وفريق آخر لا يملك سوى قوة المنطق. لكن إيران التي تتحكم بقرارات «حزب الله» تتبنى موقفاً آخر في لبنان يصب في مصلحتها، ويعزز دورها الآفل في سورية. وبما أنها مهتمة بتثبيت وجودها السياسي والعسكري على شاطئ المتوسط، فإنها مشغولة حالياً بتحقيق أمرين مهمَيْن، أولهما إدخال المثالثة في صلب النظام اللبناني بحيث ينال الشيعة حصتهم، بعد تعديل اتفاق الطائف. والثاني إرجاء انتخاب رئيس الجمهورية إلى حين تبلور صورة النظام السياسي الجديد في سورية، على اعتبار أن الرئيس المقبل سيكون حارساً ومؤتمناً على نفوذ إيران الواسع في لبنان.
بقي أن نعرف ما إذا كان هذا التغيير العميق الذي يؤسس للجمهورية الثالثة في لبنان، سيمر بلا عوائق... أم أنه سيعرّض لبنان لحرب أهلية على غرار حرب 1975 - 1990؟ جماعة 8 آذار تتهم الجيش اللبناني بأنه دعم تيار «حماة الديار» باعتباره الفريق المناوئ ل «سرايا المقاومة» التي أسسها «حزب الله». والذين عاشوا تجربة الحرب الأهلية اللبنانية الأخيرة، يتذكرون جيداً كيف نشأت الميليشيات المقاتلة، ومن أين تدفق السلاح على عناصرها. وهم يتطلعون إلى ظاهرتي «سرايا المقاومة» و «حماة الديار» كرافعتَيْن شعبيتين سيكون لهما الدور البارز في معركة التغيير.
يقول المؤرخون أن مصطلح «فخ ثيوكيديدس» استخدمه الرئيس الصيني تشي جينبينغ، لتطمين أوروبا بعدما ازدادت المخاوف من طغيانها الصناعي - التجاري. وهذا المصطلح يشير إلى الإحساس بالخوف من تنامي قوة جديدة جاهزة للقضاء على القوة القديمة الحاكمة. تماماً مثلما كانت أثينا الحاكمة تخاف من صعود أسبرطة الطامحة. أو مثلما تخاف جماعة 14 آذار من جماعة 8 آذار التي أعلنت الحرب بواسطة أنصارها من أجل تهديم الهيكل القديم الذي رُسِمَت معالمه في الطائف، وإرساء دعائم هيكل جديد يجرى إعداد مفاصله ومؤسساته في إيران!
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.