وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    داليا عبد الرحيم: الإخوان أسست حركات لإرهاب الشعب منذ ثورة 30 يونيو    ارتفاع سعر السكر اليوم الجمعة 19 أبريل في مصر    تقليل الاستثمار الحكومي وضم القطاع غير الرسمي للاقتصاد.. أهم ملامح الموازنة الجديدة    «عودة انقطاع الكهرباء».. وزير البترول الأسبق يوضح السبب    إدارة بايدن تمنع مسؤوليها من التعليق على الضربة الإسرائيلية على إيران    موكب نائب المستشار الألماني يمر بجوار عمود دخان بالقرب من أوديسا بعد هجوم روسي    إصابة لؤي وائل.. مجلس المقاولون العرب يشكر وزيري الصحة والشباب    يوفنتوس ينجو من الهزيمة أمام كالياري في الدوري الإيطالي    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم ب المنيا    تسجيل الدخول منصة مدرستي للطلاب والمعلمين 1445    الحامل تقدر ترقص للشهر الكام؟ فيفي عبده تكشف مفاجأة (فيديو)    آمال ماهر تعود لجمهورها ب«أنا برده الأصل» في حفلها بالتجمع الخامس    عاجل.. عبير فؤاد تحذر 5 أبراج خلال ال10 أيام المقبلة.. «خلوا بالكم»    وكيل صحة بنى سويف يزور المرضى الفلسطنيين بمستشفى إهناسيا التخصصي    الأهلي يكتسح أويلرز الأوغندي في افتتاح مبارياته ببطولة الBAL    عاجل.. مفاجأة في تقرير إبراهيم نور الدين لمباراة الأهلي والزمالك    محافظ قنا: بدء استصلاح وزراعة 400 فدان جديد بفول الصويا    الأمم المتحدة: تقارير تشير لانتشار الأوبئة والأمراض بين الفلسطينيين في غزة    «التحالف الوطني» بالقليوبية يشارك في المرحلة ال6 من قوافل المساعدات لغزة    استشهاد امرأة فلسطينية إثر قصف طائرات إسرائيلية لرفح    «القومي للمرأة» ينظم عرض أزياء لحرفة التلي.. 24 قطعة متنوعة    تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة صلاح السعدني.. مات على سريره داخل منزله    مصطفى بكري: تعديل وزاري يشمل 15 منصبًا قريبا .. وحركة المحافظين على الأبواب    أسرع طريقة لعمل الشيبسي في المنزل.. إليك سر القرمشة    حصل على بطاقة صفراء ثانية ولم يطرد.. مارتينيز يثير الجدل في موقعه ليل    افتتاح المؤتمر الدولي الثامن للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان    محافظة الجيزة: قطع المياه عن منطقة منشية البكاري 6 ساعات    الهنود يبدءون التصويت خلال أكبر انتخابات في العالم    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    دعاء يوم الجمعة قبل الغروب.. أفضل أيام الأسبوع وأكثرها خير وبركة    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    ضبط لص الدراجات النارية في الفيوم    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    إعادة مشروع السياحة التدريبية بالمركز الأفريقي لصحة المرأة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    شكوى من انقطاع المياه لمدة 3 أيام بقرية «خوالد أبوشوشة» بقنا    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 4 مجازر في غزة راح ضحيتها 42 شهيدا و63 مصابا    إسعاد يونس تنعى الفنان صلاح السعدني بصورة من كواليس «فوزية البرجوازية»    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    ليفركوزن يخطط لمواصلة سلسلته الاستثنائية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العنوسة.. قضية أمن قومي
نشر في الوفد يوم 20 - 09 - 2016

بعد أن ارتفعت معدلات العنوسة فى مصر إلى 9 ملايين عانس تحرك أعضاء بمجلس النواب ولأول مرة فى تاريخ الحياة النيابية المصرية تقرر اللجان النوعية بالمجلس فتح ملف العنوسة واعتبارها قضية أمن قومى، مطالبين بسرعة إصدار تشريعات للحد من تفاقمها وأخطارها ونتائجها السلبية.
ورغم أن العنوسة ليست قضية جديدة إلا أن ارتفاع معدلاتها السنوية يدق ناقوس الخطر وخاصة بعد وصول أسعار الشقق إلى أرقام خيالية يعجز عن توفير ثمنها شاب فى الأربعين من عمره وليس الثلاثين، حيث بلغ أقل شقة الآن نصف مليون جنيه، وإن لجأ للإيجار فلن يجد إلا بألفين جنيه أقل شقة تصلح لحياة عروسين.
وما بين نار انتظار الوظيفة وتحقيق حلم الشقة يظل قرار الشاب بإكمال نصف دينه معلقاً ومرهوناً بتوفير أحد المستحيلين، وتدفع الثمن الفتاة التى قد تصل إلى الثلاثين من العمر وأكثر ولا يتقدم لخطبتها أحد، رغم توفر كل الخصائص الجميلة بها، (دين وحسب وجمال ومال).
فكيف نواجه غول العنوسة.. وهل سيتمكن مجلس النواب خلال انعقاده الثانى من تقديم شىء ينقذ فتياتنا والمجتمع من أخطار تأخر سن الزواج ونتائجه السيئة على الشباب من الجنسين
55٪ من العوانس حاملات للماجستير بالدكتوراه
9 ملايين عازب وعانس فى مصر، رقم مخيف وله دلالات خطيرة ومهما تضاربت الأرقام والبيانات حوله، يعنى أن هناك نسبة كبيرة لا يجب الاستهانة بها من أبناء الشعب بلا حياة مستقرة، وهؤلاء الذين فاتهم قطار الزواج عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، تؤكد تقارير غير رسمية أنهم تخطوا ال12 مليون عانس وعازب، والأسباب عديدة ومتنوعة جميعها تجعل الشباب والشابات إما يتزوجون عرفيًا وسريًا أو بأى نوع من أنواع الزواج أو يفضلون الانتحار أو الإصابة بأمراض نفسية وعصبية نتيجة لعدم وجود السكن المناسب أو الوظيفة التى تضمن دخلًا للإنفاق على بناء أسرة أو لارتفاع تكاليف الحياة بشكل عام بسبب قسوة الظروف الاقتصادية والمعيشية والتى زادت حدتها بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو.
ووفقًا لدراسة حديثة للمجلس القومى للمرأة فإن عدد الشباب الذين تجاوزوا سن 35 عامًا ولم يتزوجوا بلغ 5٫5 مليون شاب مقابل 3٫5 ملايين فتاة، وطبقًا للدراسة قد بلغ معدل العنوسة بين الفتيات 11٪ كما انخفض معدل الزواج التقليدى من 92 ألفًا عام 2000 إلى 506 ألف فى 2006.
وأشار تقرير لجهاز التعبئة العامة والإحصاء إلى تراجع معدلات الزواج خلال الأعوام الأخيرة وحتى 2008 مسجلة أدنى مستوى لها وفى المقابل تراجعت حالات الطلاق عن معدلاتها المعتادة.
وأن إجمالى عدد الفتيات التى يمكن وصفهن بالعوانس نحو 13 مليون فتاة منهن 6٫2 مليون تتراوح أعمارهن بين 18 و25 عامًا و6٫3 مليون بين سن 25 إلى 35 عاماً.
وأشارت دراسة أخرى لجهاز التعبئة العامة والإحصاء إلى أن 55٪ من العوانس حاصلات على ماجستير ودكتوراه.
ويرى اللواء أبوبكر الجندى، رئيس جهاز التعبئة والإحصاء، أن عدم وجود تعريف محدد للعانس يمثل مشكلة أمام تحديد أرقام دقيقة بعدد العوانس فى مصر.
ولكنه يؤكد أن نسبة العنوسة فى تزايد مستمر وتختلف من محافظة لأخرى فهى بنسبة 30٪ فى المحافظات الحدودية التى تحكمها عادات وتقاليد وبنسبة 38٪ فى مجتمع الحضر وبنسبة 27٫8٪ فى الوجه البحرى بينمنا تصل ل25٪ فى الوجه القبلى.
وفى دراسة قامت بها إحدى المنظمات الهولندية تصدرت مصر قائمة أوائل الدول العربية التى ترتفع بها نسبة العنوسة، لما يعادل 40٪ من مجموع الفتيات فى سن الزواج وعللت المنظمة هذا الارتفاع بالأزمات الاقتصادية والسياسية التى تعيشها مصر مؤكدة أن هذه النسبة مرشحة للزيادة. وكشف تقرير المنظمة أن بالجزائر 5 ملايين عانس يليها المغرب ب4 ملايين ثم تونس بمليونين وليبيا ب300 ألف عانس.
كما ارتفعت نسبة العنوسة فى العراق بسبب ظروف الحرب واعتقال الآلاف من الجنود العراقيين.
وبعيدًا عن تضارب أرقام العنوسة فى مصر على وجه الخصوص، فهناك حقيقة واضحة وهى وجود زيادة مخيفة لمعدلات العنوسة وأنه لكى يتزوج الشاب والفتاة هناك سيصطدم كل منهما بثلاث مشاكل رئيسية يلزم حلها وهى توفير الوظيفة ثم إمكانيات اقتصادية معقولة تمكنه من إيجاد سكن مناسب، وجميعها غير متوافرة والحكومة تصر على تكبيل الشباب بالمزيد من الأعباء التى تحول دون تمكنه من مجرد التفكير فى الزواج مما يشجع على انتشار جميع أنواع الزواج من العرفى للمسيار للمتعة ومن قبل ذلك انحراف الشباب وتفاقم معدلات الأمراض النفسية والعصبية والجريمة!
فأسباب العنوسة كما يرجعها الخبراء تعود إلى ارتفاع معدلات البطالة بسبب تخلى الدولة عن سياسة تعيين الخريجين أو حتى إلزام رجال المال والأعمال الناهبين لخيرات البلد بتدريبهم وتعيينهم أو حتى ربط استثماراتهم باحتياجات سوق العمل وكذلك مشكلة الإسكان وبعض قوانين حكومات الحزب الوطنى وما بعدهم التى لا تزال تثقل كاهل الشباب والأمر بأعباء مالية تحرمهم من الزواج وإكمال نصف دينهم وجعل البنات يفضلن الزواج من كبار السن الجاهزين حتى لو كانوا على ضرر!
«الوفد» تحدثت إلى البرلمانى كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، وسألته لماذا تحولت العنوسة إلى قضية أمن قومى، فقال هى بالفعل قضية خطيرة يعانى منها المجتمع المصرى، ولذا اعتبرناها قضية قومية ومن الملفات المهمة التى ينبغى التصدى لأنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومى ويجب معالجتها بواقعية وبتشريعات تقضى على أسبابها. مشيرًا إلى أنهم يدرسون هذه الأسباب وسيعقدون اجتماعات مشتركة مع اللجان المعنية مثل التضامن الاجتماعى والأسرة والدينية لمعالجتها مع الأخذ بتعاليم الدين الصحيح والبعد عن المغالاة فى المهور.
ويؤكد كمال عامر أن عزوف الشباب عن الزواج يرجع لأسباب اقتصادية فى المقام الأول فضلًا عن المطالب غير الواقعية لبعض الأسر واشتراط الكثير منهم توفير شقة تمليك.
ويضيف: يبقى على الدولة الاهتمام بالشباب وتوفير المسكن والعمل وبما يتناسب مع قدراتهم المالية ويسهل عليهم الزواج مما يتطلب منح الشباب الأسبقية فى المشروعات الجديدة وتشجيعهم على الذهاب للمناطق النائية لتعميرها ومنح حافز لمن يتزوج.. وهكذا.
العانس ليست مجنونة.. وال«تيك أواى» ليس حلاً
ثورة فى المفاهيم الاجتماعية وانقلاب جديد فى كيان المجتمع.. شباب يرفض الزواج وفتيات يفضلن كبار السن أو حياة العنوسة على الارتباط بشاب هرباً من المشاكل ومن العيش «حياة سوداء» مع شاب يرفض لفظ عانس لأنها رفضت العريس بكامل إرادتها.. وأصبحنا أيضاً أمام باب مفتوح للانحراف ومسئولية كبرى تقع على عاتق الحكومة والجمعيات الأهلية.
زواج «تيك أواى»
لأسباب عددة أصبحنا نشهد مسميات مختلفة لأنواع عدة من الزواج منها العرفى والمسيار والمتعة، فالإحباط الذي يواجهه الشباب أصبح العديد منه ضعيف الإرادة عاجزاً عن تحقيق رغباته بالطريقة السليمة والشرعية لضيق ذات اليد، وكما يقول الشاب «س. م» 28 سنة كان خاطباً لمدة 7 سنوات ولكنه لم يتمكن من إتمام الزواج لضعف الإمكانات وعدم حصوله على شقة ورفض أسرة خطيبته الإيجار محدود الأجل الذى لا يعنى أى استقرار لابنتهم.. بعد فسخ الخطبة تحول لشخص آخر -على حد تعبيره- تبنى بعض السلوكيات الخاطئة ولكنه يشعر أنه أسعد حالاً بعدما أصبح بإمكانه اصطحاب أى فتاة تعجبه لقضاء وقت سعيد دون أى التزامات من جانبه حتى لو وصل الأمر للزواج العرفى أو المسيار فتكاليفهما لا تقارن بأى زواج رسمى.. وإن لم يكن ففى التحرش فى العمل طريق!
عانس ولى الفخر.. هكذا بدأت الكلام معنا «ن. ح» مديرة تسويق بإحدى الشركات، والسبب فى هذا الفخر حسبما تقول أفضل من رجل لمجرد أن يكون مجرد ظل أو خيال مآتة.. يعتبرنا اً لتحسين أحواله وظروفه المالية الصعبة مجرد بنكنوت لتحقيق حلم الزواج والشقة والعربية.. وتعتب على مسئولى الدراما فى السينما والتليفزيون، فالعانس عندهم سمينة جداً أو نحيفة للغاية وملامحها قاسية يصيبها الجنون أو العبط إذا سمعت أو شاهدت رجلاً يلهث وراء الزواج بأى طريقة وأى ثمن هذه الصورة المشوهة التى رسمتها ولا تزال نسبياً الدراما على مدار عشرات السنين للفتاة العانس أو التى فاتها قطار الزواج وظلمها المجتمع على طريقة «لم يصبه الدور» كل ذلك هو أشد ما يؤلم أى فتاة توصف بالعانس ونسى أنها كائن له اعتبار ودور فى المجتمع ولم يعد الزواج هو الأمل المنشود لكل فتاة فهناك النجاح العملي والطموح الذى يشغل كل حياتها لقد تغير المجتمع بما يستوجب أن تحذف من قاموس لغتنا كلمة «عانس»، والذى كثيراً ما طالب المجلس القومى للمرأة بتغيير مفهومه من قواميس المصريين لما تحمله هذه الكلمة من معانٍ مهينة للمرأة بشكل عام.. خاصة وأن مفهوم هذه الكلمة اختلف الآن عما سبق لاختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالفتيات وجعلت الشباب يحجمون عن الزواج وبالتالى ارتفعت سن الفتيات ممن فاتهن قطار الزواج وخاصة المتعلمات منهن.
رجل أو امرأة
وكلمة عانس فى اللغة العربية تعنى الرجل أو المرأة على حد السواء من الذين فاتهم موعد الزواج ولم يتزوجوا سواء كان ذلك إضراباً عن الزواج أو بسبب ظروف اجتماعية أو عائلية أو اقتصادية أو نفسية ولا يشترط فى العنوسة بالنسبة للمرأة الدمامة بحسب آراء خبراء الاجتماع واللغويات.. فدلالة العنوسة داخل المجتمع الواحد تتشكل تبعاً لظروف هذا المجتمع بحسب الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، ولذلك فهناك بعض المجتمعات التى يفهم منها بصفة عامة أن العنوسة مقصورة على المرأة فحسب أو على نوع من النساء فحسب وهذا خطأ فى الفهم اللغوى لكلمة عنوسة والتى تشكل وفقاً للوضع الاجتماعى الذى حدد تلك الدلالة وهو نفس الخطأ الذى يقع فيه كثير من الناس بإطلاق كلمة أرمل فقط على المرأة لمن مات زوجها، والواقع أن العرب يطلقونها على الرجل الذى ماتت زوجته، وكذلك كلمة عازب يظن البعض أنها خاصة بالرجل الذى لم يتزوج ولكنها كلمة تطلق على الرجل والمرأة على حد السواء وبما يعنى أن المرأة إذا طلقت ولم تتزوج فإنها يطلق عليها كذلك امرأة عازبة، ولذلك نسمع فى لهجتنا المصرية فلانة عازبة، ومعناه أنها تزوجت وطلقت ولم تتزوج بعد وذلك دلالة عربية صحيحة وبالنسبة للرجل الأعزب أو العازب فهو الذى لم يتزوج ويعيش دون زوجة.. وهكذا!
ويبقى تعليق
نفس الفوارق والاختلاف اللغوى قد تكون أيضاً فى الأسباب والموانع التى وراء ارتفاع أو انخفاض نسب العنوسة فيما بين البلدان وبعضها.. ولذلك كان صندوق الزواج صندوق العفة الذى ابتكرته الإمارات لتوفير الشقة والأثاث وأخذت به دول الخليج، رغم أن الإمارات وبعض الدول العربية قد لا يعانى الشباب فيها من مشكلة الشقة أو الجهاز لكنهم يعانون من المغالاة فى المهور والهدايا وحفلات الزفاف وهنا جاء دور هذا الصندوق.. وفى مصر الشباب يعانى من أجل توفير كل مستلزمات الزواج بدءاً من شبكة العروس وحتى الشقة وتجهيزها وتكاليف الفرح.. فلماذا لا تدعم الدولة مثل هذا الصندوق فى مصر.. عفة للشباب من الجنسين وتخفيف عن كاهل الأسر عبء تكوين أسرة جديدة.. نواة مجتمع متحضر متقدم نبغى الوصول إليه جميعاً.. يدعم الأخلاق ويبنى الأمم.
قوانين للإضراب عن الزواج
للقضاء على العنوسة والحد منها فى مصر لابد من البحث عن حلول مبتكرة للتشغيل والتوظيف وفتح أسواق جديدة لفرص العمل لتحقيق دخل مستقر ومن ثم الوفاء بالتزامات الزواج الأساسية، هكذا أجمع الخبراء والمختصون، وهكذا يؤكد الواقع المعاش للشباب ورغم المحاولات الجادة وما يمكن أن يطلق عليه حسن النوايا، لا تزال للعنوسة فى مصر وجوه أخرى صنعتها الحكومة بقوانينها وتشريعاتها الظالمة والتى خلقت العديد من المشاكل والأزمات أمام الشباب، وفى مقدمتها البطالة التى أدخلت الشباب فى عزوبية إجبارية، ومن هذه القوانين والتى جعلت الشباب يضربون عن الزواج قانون التمويل العقارى والذى أصبح تجارة بمعاناة الشباب، وكذلك قانون الضرائب العقارية الذى كان ضربة قاضية للفقراء وتسبب فى اشتعال أسعار الشقق ومن قبلهم ولا يزال قانون الإيجارات الجديدة الذى لم يحل مشكلة الإسكان للشباب بل أدى إلى تعقيدها، وأصبح حقاً يدعو للعنوسة ونهاية بقانون الطفل والمغالاة فى قيمة التحاليل التى تدفع الشباب للهرب من الزواج وتحويله لبوابة للزواج السرى وصولاً للقوانين غير المعلنة لزيادات الأسعار والتى يراها البعض بمثابة «فيتو» ضد الزواج؟!
البطالة السبب
وتأتى البطالة فى مقدمة أسباب عجز الشباب والفتيات عن الزواج وانضمامهم لطابور العنوسة، فالدولة تخلت عن تعيين الخريجين فتفاقمت المشكلة منذ إتمام برنامج الإصلاح الاقتصادى وتشجيع الخصخصة وانضمام آلاف الشباب لطابور العاطلين الذى يقدره الخبراء حالياً بما بين 12 و20٪ من إجمالى عدد السكان، الأمر الذى جعل الشباب يهاجر للخارج فى هجرات شرعية وغير شرعية من أجل لقمة العيش، وإذا حدثت المعجزة ووجدت الوظيفة وخرج الشاب أو الفتاة من طابور البطالة نجدهم ينضمون لطابور محدودى الدخل، وضعف الأجور التى لا تتناسب مع معدلات التضخم وجنون وانفلات الأسعار تحت سمع ومباركة ومشاركة الحكومة.
البطالة التى أعلن مؤخراً الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن تراجع معدلها ولكن بنسبة طفيفة خلال الربع الأول من العام الجارى 2016 ليبلغ 12.7٪ من إجمالى قوة العمل مقابل 12٫8٪ خلال الربع المناظر من عام 2015، وأن عدد العاطلين بلغ 3.6 مليون عاطل بنسبة 12.7٪ من إجمالى قوة العمل بزيادة قدرها 79 ألف متعطل عن الربع المناظر عام 2015.
ويشير أيضاً إلى أن معدل البطالة بين الذكور بلغ 8.9٪ من إجمالى الذكور فى قوة العمل خلال الربع الأول من عام 2016 مقابل 9.1٪ فى الربع المماثل عام 2015، وأن معدل البطالة بين الإناث بلغ 25.7 مقابل 24.7٪ فى الربع المماثل من عام 2015، كما أظهر أن معدل البطالة فى الحضر خلال الربع الأول فبلغ 15.2٪ من إجمالى قوة العمل مقابل 16٪ من الربع المناظر لعام 2015، فى حين أن معدل البطالة فى الريف خلال الفترة المذكورة بلغ 10.9٪ من إجمالى قوة العمل مقابل 10.3٪ فى الربع الأول عام 2015، كما أشار الإحصاء إلى أن معدل البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 29 سنة بلغ 27.3٪ من إجمالى قوة العمل ليبلغ معدل البطالة بين الشباب الذكور 21٪ وبين الشباب الإناث 46.8٪ وأن معدل البطالة فى الفئة العمرية من 15 إلى 19 سنة بلغ 19.9٪ ونحو 25.7٪ للفئة العمرية من 20 إلى 24 سنة و31.3٪ معدل البطالة للفئة العمرية من 25 إلى 29 سنة.
الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة بنها يرى أن البطالة والتى سببها الأول يرجع لتخلى الدولة عن سياسة التعيين للخريجين وعدم إجبار رجال المال والأعمال على القيام بدورهم الاجتماعى تجاه هؤلاء الشباب، وجعلتهم يفضلون الاغتراب ولو بالانتحار عن طريق قوارب الموت والهجرة غير الشرعية، والذى غالباً ما يؤدى به إلى فكرة التخلى عن الزواج، مما يستلزم ضرورة التعاون بين جميع القطاعات الحكومية والأهلية من أجل حل مشكلة العنوسة والتى حتماً ستتضاعف فى ظل الظروف الراهنة وستزيد من الخطر على المجتمع بأسره بعد انقسام المجتمع إلى طبقات أبناء بعضها قادر على الزواج وهى طبقة الأغنياء والآخر وهم أبناء الطبقة المتوسطة أو الفقيرة والذى يعجز أبناؤها عن الزواج وهم يمثلون نسبة 66٪ من الشباب وفقاً لأرقام تقريبة صدرت منذ سنوات عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.
اقتصادية واجتماعية
ارتفاع معدلات العنوسة فى مصر يرجع لأسباب اقتصادية واجتماعية فى مقدمتها البطالة والغلاء، هذا الغلاء الناتج أساساً من الفساد والذى هو ليس وليد الصدفة والذى أصبح فساداً فى النظم الاقتصادية بحسب الدكتورة وفاء الزير، أستاذ العلوم السلوكية، نائب رئيس المركز العربى للدراسات الإدارية والتنمية.. ومن ثم أصبح هناك صعوبة على أى شاب أن يكون أسرة ولذلك يقرر بينه وبين نفسه التخلى عن الزواج وهو ما يؤدى حتماً لسلوكيات منحرفة وغير منضبطة فى بعض الحالات، ولمَ لا والأسعار فى ارتفاع مستمر وليس هناك رقابة للضبط والتحكم فيها وبعدما أصبحت أساسيات الزواج من شقة وراتب ووظيفة لتوفير متطلبات تكوين أسرة غير ممكنة، وأن تمكنوا من تكوين أسرة تصيبهم التعاسة والاكتئاب بعدما يتملكهم التوتر والرعب مما يترتب على هذا الزواج، ومع ظروف تجعل إنجاب الأطفال مكلفاً وكذلك التعليم والصحة يتطلبان أموالاً كثيرة بعدما أصبحت الدولة غير قادرة على تولى كلفة هذه الخدمات وبصورة جيدة، وطبقاً لاشتراطات الصحة والأمان ولذلك.. وكما تقول الدكتورة وفاء لا يمكن الفصل بين الأسباب المجتمعية والاقتصادية، وحدث تداخل مع مشكلات إضافية والقيم الأخلاقية الجديدة على المجتمع فأصبح معها البنات يفضلن الزواج من كبار السن أو ممن سبق لهم الزواج ومن ثم التخلص من شبح العنوسة ولو على حساب سيدة أخرى من بنات جنسها، وهو ما أوجد انحرافات وأخلاقيات غير محببة، وأصبح الجانب المادى طاغياً على الجانب العاطفى، كما لا يمكن إنكار أن خروج المرأة للتعليم والعمل لإثبات ذاتها خلال المرحلة العمرية الأولى هو أحد أسباب العنوسة فضلاً عن المغالاة فى المهور، وبعض السياسات والقوانين التى تخلق أعباء مالية لا يتحملها الشباب بدءاً من الإسكان ونهاية بقانون الطفل خاصة المادة المتعلقة بإلزام الراغبين فى الزواج بإجراء تحاليل طبية ما قبل الزواج، وإن أجريت سليمة تصبح مكلفة للشباب المقبل على الزواج فيكون البديل التحايل أو الهروب لزيجات لا تمثل تلك الخطوة عقبة فى إتمامها أو باباً جديداً لشراء الذمم واصطدامها أيضاً بعوامل عدة أهمها ثقافة المجتمع نحو هذه القضية.. وهو ما يطرح السؤال.. هل سن القانون أم تطبيقه هو المشكلة.. خاصة وإن غاب عن المشرع دراسة الواقع مراعاة العرف الاجتماعى والأوضاع الثقافية.
قوانين الإسكان
بدورها ساهمت فى ارتفاع معدلات العنوسة فى مصر والتى دائماً ما كان يجرى تعديلها وإصدارها فى مصلحة الأغنياء وبالتالى جعلت فكرة الزواج لا تخطر على بال الكثيرين من الشباب.. فمشروعات إسكان الشباب لم تحل المشكلة نظراً لارتفاع أسعار الوحدات السكنية رغم مساحتها الصغيرة وتشطيباتها السيئة.
فرغم زعم المسئولين الدائم بتحقيق طفرة فى إسكان الطبقة المتوسطة ومحدودى الدخل والزاعمين أيضاً لدعمهما بما لا يقل عن 50٪ فيما يخص مشروعات الدولة ولكنها أيضاً تركت سوق العقارات لكبار المستثمرين، ومن ثم أصدرت قوانين ساهمت فى تفاقم مشاكل الإسكان وضياع حلم كل من يفكر فى الزواج الحصول على شقة.
فقانون رقم 4 لسنة 1996 والخاص بتأجير الوحدات الخالية والذى وصفوه وقتها بالقانون الخارج الذى سيحل أزمة الإسكان فى مصر وسيسمح بتأجير 3 ملايين شقة مغلقة فى القاهرة وحدها بنصه على تأجير الوحدات الجديدة بنظام الإيجارات محددة المدة، وكانت المرة الأولى الذى يسمح فيها المشرع فى التشريع المصرى بهذا النوع من التأجير محدد المدة، لم يأت بثماره بل زاد المشكلة تعقيداً بعدما كان مصدر تهديد بالطرد فى أى لحظة لكل مستأجر وعبء جديد ومتجدد لكل شاب يريد الزواج وتوفير شقة لإتمامه ومصدر لجشع وتحكم الملاك فى المستأجرين بعدما نزل القانون أسعار الشقق فى يد ملاكها يرفعونها كما يشاءون بحجة قانون العرض والطلب وأوصل الإيجارات ما بين ال700 و2000 جنيه.
وفى قوانين التجارة بمعاناة الشباب.. كان التمويل العقارى رقم 148 لسنة 2001 والتى زعمت الحكومة وقتها بأنه واحد من أهم القوانين التى صدرت لحل مشكلة الإسكان خصوصاً لمحدودى الدخل، والذى كل ما عليه هو أن يختار شقته والبنوك وشركات التمويل العقارى ستقوم بالسداد، إلا أن الواقع أكد تحول هذا الواقع السحرى إلى كابوس مزعج يؤرق كل من يفكر فى الحصول على شقة بواسطته لارتفاع قيمة الفوائد لما بين 18 و24٪ من قيمة الوحدة وهو ما جعل قيمة الأقساط فى كثير من الحالات تصل إلى أكثر من دخل الشاب الفعلى، حتى بمحاولات حل مشكلة الإسكان من خلال التوسيع فى إسكان المدن الجديدة تحولت بدورها إلى بيئة طاردة للشباب على وجه الخصوص الذين تعجز تحويشة عمرهم من تحقيق حلم المأوى لهم فى الحصول على أبسط حقوقهم وهو السكن وتكوين أسرة، ولما وقد وصل مؤخراً سعر المتر فى أراضى قرعة وزارة الإسكان خلال أعوام 2014/2015 لأكثر من 4 آلاف جنيه فى إطار خطة تتبناها الدولة لتحصيل 26 مليار جنيه من بيع الأراضى بأسعار السوق وحجة المسئولين ومبرراتهم بسبب تخفيض الميزانية هذا العام بنسبة 80٪ وأن ما تم تخصيصه فى ميزانية الدولة لا يتعدى 20٪ من تكلفة الإسكان الاجتماعى، وهو ما رآه بعض الخبراء تحول للدولة من مخطط ومنظم وداعم إلى تاجر أراضٍ وعقارات ومن ثم وجدناها تصدم المواطنين بأسعار الشقق التى أعلنت عنها فى مشروع الإسكان المتوسط دار مصر وتراوحت أسعار المتر فيها بين 2800 و4250 جنيهاً وهو ما سبب أيضاً طفرات فى أسعار الوحدات السكنية فى المدن الجديدة والقديمة على حد سواء بنسب بلغت نحو 30٪.
ومؤخراً ما حدث من حرمان لأفقر 40٪ من المصريين من الاستفادة بالمليون وحدة والذى تضمنت شرط الدخل الثابت والذى لا يتوافر إلا ل30٪ من القوى العاملة المنتظمة فى مصر، ومن ثم تحول الحصول على وحدة سكنية فى مصر إلى حلم يتجاوز فانتازيا فيلم كركون فى الشارع.
بالفعل سياسات وقوانين الإسكان فى مصر وراء ارتفاع معدلات العنوسة فى مصر، هكذا يؤكد الدكتور صلاح الدين الدسوقى، رئيس المركز العربى للدراسات الإدارية والتنموية، فالشقة حسبما يقول أحد أهم الأعمدة الرئيسية لإتمام الزواج وبدونها لا يمكن أن يقوم أى شاب على الزواج ولا أن تقبله أى أسرة يتقدم إليها لخطبة إحدى بناتها ومن ثم أدت بعض الشروط التعجيزية لقانون مثل التمويل العقارى والإيجارات الجديدة وكذلك الضرائب العقارية التى أشعلت أسعار وإيجارات الشقق وكانت بمثابة ضربة قاضية للفقراء حقاً إلى إحجام الشباب عن الزواج بل والهروب براً وبحراً وحتى غرقاً من أجل توفير الأموال لتحقيق حلم الحصول على شقة مناسبة وتكوين أسرة يضاف إلى ذلك القوانين غير المعلنة لارتفاع أسعار تكاليف الحياة اليومية بدءاً من الأكل والشرب ونهاية ليس بالسكن بل وبالمقبرة أيضاً والتى دخلت لسباق المضاربات والتجارة وأصبح معهما الحى ميتاً!! ولم يعد حقاً من اللائق الحديث عن حل مشكلة السكن بتوفير شقق وأراض مخفضة لمحدودى الدخل ومتوسطى الدخل فكل هذا ضرب من الخيال على أرض الواقع بعدما أصبحت الأراضى والشقق تباع بالمناقصات والمزايدات، وأصبح الهروب من الزواج الرسمى إلى غيره هو الحل!!
التطور التاريخى للأزمة
كان المجتمع المصرى فى فترة ما قبل ثورة يوليو 1952 منقسمًا إلى 3 طبقات.. الطبقة الإقطاعية ذات النفوذ والدخل الكبير المميزة بشدة عن طبقتى المجتمع الأخريين وهما الوسطى والفقيرة.. وكانت الموانع والسدود العديدة تمنع الانتقال من طبقة إلى أخرى ومن ثم لم يكن فى طموح الأفراد داخل أى طبقة الاقتران بأفراد الطبقة الأخرى الأعلى منها.
ولذلك كانت أفراح تلك الفترة بسيطة، إلا ما كان ينشر فى الجرائد عن بعض حفلات الطبقة الإقطاعية والتى كانت محل استنكار واستهجان من بقية أفراد المجتمع.
مع قيام ثورة يوليو 1952 حدث تقارب كبير وواضح بين طبقات المجتمع وبدأت الفوارق المادية الكبيرة بين الطبقات الثلاث، فى وقت بدأت تتشكل طبقة المنتفعين بالحكم والتى بدأت نواتها تتكون لتحل محل الطبقة الإقطاعية رغم عدم وجود أى تأثير لها يذكر فى المجتمع حينذاك، وعندها أيضًا لم تأخذ حفلات الزفاف أى شكل صاخب بل كانت تمتاز بالبساطة ولم يكن هناك أى مغالاة أمام الشباب فى إتمام الزيجات، حيث كانت أسعار الشقق فى متناول الشباب، وكذلك أسعار الإناث التى كانت فى نفس مستوى الدخول.. ومن ثم كان المستوى العام فى المتوسط متقاربًا بين فئات الشعب المختلفة.
وظل الوضع هكذا مع زيادة فى التساهل لما يخص مطالب الزواج ومع اختفاء واضح لمظاهر الاحتفال بالزيجات خلال الستينيات لظروف حالة الحرب وقتها بالبلاد والتى كانت تحصد أرواح زهرة شبابها.
ومع بدء تطبيق الانفتاح الاقتصادى منذ عام 1974 وحتى أوائل الثمانينيات بدأت منظومة القيم فى المجتمع تتغير ببدء الانفتاح الاستهلاكى وغزوه لجميع طبقات الشعب بعد طول حرمان ومعاناة، وعندئذ بدأنا نسمع عن ضخامة المهور بالنسبة لمقاييس تلك الفترة وبدأت مفاهيم الهدايا وطبقة الحرفيين فى مصر تسود لتمتعها بالقوة الشرائية ومن ثم بدأت مطالب هذه الطبقة تجد طريقها نحو التحقيق بالأموال الكافية لتحقيقها.
وصولًا لفترة الثمانينيات وظهور ظاهرة العاملين فى الخارج وبدأت طبقة أخرى فى الظهور هى طبقة شباب الخريجين المهاجرين لدول النفط والتى رغم أن أصولها ليست بالضرورة بأفضل من طبقة السبعينيات ولكنهما تعادلا فى القوة.
ومنذ أوائل التسعينيات وحتى الآن دخل المجتمع فى مرحلة جديدة أخرى، حيث لم يعد أمام الشباب مع دخول الخليج مرحلة الاكتفاء الذاتى متنفسًا لتحقيق أحلامهم وتزامن ذلك مع طغيان الإعلام وظهور مسلسلات مجتمعات تفوق حكايتهم فى الخيال قصص ألف ليلة وليلة.. أصبح طموح كل أسرة أن يكون زوج ابنتها أحد هؤلاء من لهم الإمكانيات التى تنقل العائلة بأكملها وليست الابنة الزوجة فقط إلى مستوى القصور التى يطالعونها في تلك المسلسلات ليل نهار.
فى ذات الفترة أيضًا ظل وتفاقم الحديث عن ضرورة تمكين المرأة وإعطائها حريتها من الرجل القاسى المتسلط وصار حلمها التى تتوق لتحقيقه ولكن مع إقبالها على الزواج أو بعد دخولها بيت الزوجية وجدت أن كل هذه الأمور ليس لها أساس من الصحة مع إهمال الرجل الزوج لذلك وأنها رغم عملها مثلاً مطالبة بمفردها باستكمال كل أمورها المعيشية من تجهيز لطعام الأسرة ومذاكرة دروس الأبناء وتنظيف المنزل وغسيل الملابس وكيها.. وبعد ذلك الماراثون اليومى مطالبة بأن تستعد لإمتاع زوجها الذى أصبح وغيره يعانى كثيرًا للحصول على شقة أصبحت أسعارها تدور فى معدلات فلكية مع تضاؤل فرص العمل فى الخليج منذ منتصف التسعينيات وللآن بعدما أصبحت فكرة تملك الشقق الآن ضربًا من الأوهام!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.