كل سنة وهو طيب وجميل وممتع ومبدع ومصلح ومسعد ومرهف.. كل سنة وهو موقظ لمشاعرنا، موسع لمداركنا حول الحاضر، منعش لمخيلتنا تجاه المستقبل. يطل علينا نجيب محفوظ فى عيد ميلاده المئة كقنديل نادر فى شارع حالك الظلام... زخة مطر فى أرض مجدبة... لحظة نسيم فى يوم قائظ... يشتعل كعود كبريت كاشفا خرائط الوطن السرية، وراسما مشاهد المصريين الأصيلة بريشة فنان رقيق مهذب... يكتب ليرضى الله ثم ليدفع ضريبة الوطن الذى أحبه فخلده، ويعيد احياء قيم الحرية والتسامح والعدالة. مظلوم من يجهل قدره وظالم لنفسه من يحاول تشويهه. لا سارقو الدين، ولا عبيد الأضواء، ولا جهلاء العصر يمكن أن يحجبوا شمس أدبه وفكره ووطنيته. وكما كان الشاعر محمد الماغوط يقول: «الويل لأمة كان لديها بيروت فأضاعتها» نقول نحن العارفين بقيمته: الويل لأمة كان لديها نجيب محفوظ فتناسته أو شوهته أو كفرته. يبقى الرجل رغم رحيله الجسدى حاضرا كبرهان ان الموت لا ينهى وجود العباقرة والعظماء والمبدعين الاصلاء. فهانحن بعد أكثر من خمس سنوات من أوبته لربه نسترجع كلماته المتناثرة فى روايات وقصص ممتعة لنضىء بها خطوات التحول الذى ننشده نحو مصر الجديدة الناهضة المتحضرة. يقول أديب نوبل العظيم: «خدمة القرآن شرف وعزة»- الحرافيش. «ألا يبقى من أبى الا التراب ولا شىء.. معاذ الله. إن كلام الله لا يكذب» – زقاق المدق. «لم تخلق دور العبادة للمهاترات السياسية وتأييد الطغاة» – مجموعة دنيا الله. «الخوف لا يمنع من الموت ولكنه يمنع من الحياة» – اولاد حارتنا. «الدنيا بلا أخلاق ككون بلا جاذبية» – اللص والكلاب. «لن تخرج المعانى الا لمن يطرق الباب بصدق» – رحلة ابن فطومة. «عندما تغضب المرأة تفقد ربع جمالها ونصف أنوثتها وكل حبها». «الثورات يدبرها الجبناء ويصنعها الشجعان ويكسبها الجبناء» - ثرثرة فوق النيل. «لا شىء يقرب بين الناس مثل العذاب المشترك» – الكرنك. «أقرب ما يكون الانسان من ربه وهو يمارس حريته بالحق» – أصداء السيرة. «الديكتاتورية هى أم الكبائر السياسية». «عسى أن يختلف اثنان وكلاهما على حق» – ميرامار. «الزواج معاهدة كالتى وقعها مصطفى النحاس.مساومة وتقدير ودهاء وبعد نظر وفوائد وخسائر» – السكرية. «الحرية الحقيقية وعى بالعقل ورسالته» – قلب الليل. «قضت حكمة الدنيا بأن الصغير يكبر والكبير يصغر» – السراب. ومنا ومن أحبائه وتلاميذه نقول: سلام على الوطنى المبدع الاستاذ نجيب محفوظ فى رحلتنا العابرة على الارض.