«الجنون هو أن تفعل الشىء نفسه مرة بعد أخرى وتتوقع نتائج مختلفة» هكذا ملخص حياته.. اثنان كان لهما التأثير فى شخصيته، والده شكل تكوينه الأخلاقى، وغرس بداخله أن النجاح بالاجتهاد وليس بالفهلوة، ومعلمه دعم لديه مهارته العلمية والعملية، فسطر لنفسه مملكة عنوانها العمل والإخلاص» سمات شخصيته باحث ومسئول، ولا عجب حينما يبنى عمله على النظريات الكمية والإحصائية.. هكذا انطباعى.. الدكتور محمد فريد رئيس شركة «ديكود» للاستشارات المالية والاقتصادية ونائب رئيس البورصة الأسبق فى ملامحه يتبدى هدوءا يخفى خلفه حماسا كبيرا، الشاب الثلاثينى عندما أرسله والده للدراسة بالخارج كان يعلم تماما أن ابنه سوف ينال ثقة وزيره، وهكذا كان. «عندما تحلل مشهدا اقتصاديا عليك أن تقف أمام 3 مواضع، السياسة المالية والنقدية، والقطاعات، فالسياسة النقدية بمثابة العمود الفقرى لكافة القطاعات، وعنق الزجاجة الرئيسى، وبمجرد علاج أزمة الدولار، سوف تكون الانطلاقة الحقيقية للاقتصاد، واستكمال مسيرة الإصلاح».. الدكتور «فريد» فى هذا الصدد لديه وجهة نظر بان «عدم توافر العملة تسببت فى العديد من المشاكل، المستثمرون لديهم متطلبات لاستيراد احتياجاتهم لاغراض التصنيع، واخرين لديهم رغبة فى التحويل، ولذلك كان الأمر ضروريا لتوافر العملة، المشاكل لدينا عديدة خاصة فى الفجوة الكبيرة فى الميزان التجارى، مع الوضع غير الجيد فى السياحة والصادرات وتحويلات العاملين، لذا لم يكن أمام الحكومة سوى الإصلاحات الجذرية. لايزال العديد من الخبراء غير راضين عن إدارة السياسية النقدية، لكن الدكتور «فريد» يقول: إن الإدارة حاليا لديها قدرة على المرونة، والاستعداد للتعامل مع سعر الصرف بصورة أكثر، وهى أمور لم تكن بالصورة الكبيرة قبل ذلك، وهذه المرونة سوف تمكن المستثمرين على الدخول فى السوق، بما يؤدى الى الانطباع الإيجابى للمؤسسات المالية الأجنبية. أسأله قائلا: لماذا تأخر البنك المركزى فى اتباع السياسة المرنة طوال الفترة الماضية؟ - يرد على الشاب الثلاثينى قائلا: «من أجل اتخاذ إجراءات والعمل بصورة احترافية فى هذا الشأن لابد أن يكون لديك المخزون من الاحتياط النقدى، وهو ما سوف يتحقق فعليا خلال الأيام القادمة بعد تدفق قرابة 8 مليارات دولار سواء نتيجة قرض صندوق النقد أو السندات الدولارية وكذلك وديعة الإمارات». الدكتور «فريد» لا يرجع إلى كونه خبيرا اقتصاديا فحسب، بل هو على دراية دقيقة بفنيات الإحصاء وهنا تكمن قوته، لذا فإن للسياسة المالية له دورا فى المشهد وبالتالى فإن استمرار عجز الموازنة بهذا الوضع هكذا لا يستقيم، ورغم أن الإجراءات الإصلاحية صعبة على المستوى القصير لكن ضرورية لعلاج الأزمات. 9 سنوات رحلة تجربة الدكتور «فريد» بالجامعات الغربية ساهمت فى نجاحاته المتتالية، وقدمته نموذجا للمسئولية بالقطاع العام، هو يرى أن ضلع المثلث فى المشهد يتمثل فى سياسة القطاعات، حيث تتطلب رؤية مختلفة وتفكيرا خارج الصندوق، نعم كما يقول «هناك قطاعات نشطة مثل الكهرباء والإسكان وقطاعات أخرى تحتاج مزيدا من الجهد تتصدرها الصحة والتعليم والزراعة. يؤمن الرجل أن الصادرات هى العصا السحرية فى توفير الدولار، وأهم من السياحة كمصدر للعملة، وتخفيض العملة فى صالح الصادرات، هناك العديد من الدول تتشابه بالمشهد لدينا ولم تجد حرجا فى تخفيض عملتها إلى أكثر من 100%، طالما الهدف لمصلحة الاقتصاد الوطنى. إذن نحن فى حاجة إلى اهتمام بالصادرات وتحديد برامج وآليات تساهم فى نشاطها لسابق عهده، فحجم الصادرات يصل إلى نحو 13.5 مليار دولار مقابل 24 مليارا منذ سنوات، رغم كل ذلك لكن لديه قناعة أنه «لو لم تتزامن الإصلاحات الكلية مع على إصلاح إدارى لن تتحقيق التنمية المستدامة» بحسب «فريد». أصابتنى حالة من السرحان بشأن الرجل الذى عمل يوما فى ملف الاستثمار بحكم وظيفته فى وزارة الاستثمار لفترة تجاوزت 6 سنوات، فى ظل حالة من التخبط فى المشهد الاستثمارى، وقبل طرح سؤالى.. بادرنى قائلا: قبل الحديث عن الملف الاستثمارى علينا الرجوع إلى مؤشرات الاستثمار بالنسبة للناتج المحلى الإجمالى والتى تجاوزت فى 2007/2008، 23%، وهى معدلات غير مسبوقة النمو، مقابل نسبة تتراوح حاليا بين 12و 13%، والعودة الى هذه النسب تتطلب الاهتمام بثلاثه أمور تتثمل فى الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، والعمل على تحديد خريطة استثمارية لكل محافظة، والتسويق لما يتم فعله من إصلاحات على أرض الواقع. لم يغيب المشهد فى البورصة، عن الدكتور «فريد» وهو الذى عمل مسئولا عن ملف أسواق المال فى وزارة الاستثمار ونائبا لرئيس البورصة، فهو يرى أن القرارات التى اتخذت مؤخرا سواء الخاصة بدراسة القيم العادلة أو ضوابط شهادات الإيداع أو غيرها من قرارات هدفها ضبط السوق وحماية المستثمرين. يظل «فريد» الأصغر فى تولى المسئولية فى وزارة الاستثمار أو البورصة، ويظل متفاخرا بما اكتسبه من خبرات خلال فترة عمله مع الدكتور محمود محى الدين وزير الاستثمار الأسبق، وهو صاحب التجربة الفريدة فى الاستشارات الاقتصادية والمالية، والتى ظهرت إلى النور بعد ثورة 25 يناير، برأسمال 2 مليون جنيه، بمثابة ترمومتر للمستثمرين فى قراراتهم الاستثمارية خاصة القطاع الخاص،وتقديم المشورة والسيناريوهات المتوقعة فى الحالات المختلفة للاقتصاد. الشاب الثلاثينى يفضل العمل عن طريق النظريات والمعلومات، التفكير، نجح فى تحقيق 50% من المستهدف فى استراتيجية شركته المحدد خلال 7 سنوات بداية من 2011. «فريد» الذى تمرد على نفسه وأتخذ طريقا مغايرا عن والده، بالبعد عن العمل فى السلك الدبلوماسى، وسلك اتجاه التجارة والإدارة والبيزنس شخصية مغامرة عاشقه للتحدى ويهوى ركوب الخيل، والألوان الصافية، والمستمدة من لون السماء يسعى خلال الفترة القادم للتوسع، فى شركته وخدمة الشباب وريادة الأعمال، فهل ينجح فى ذلك؟