اذا حرم البرلمان من أهم ما يميزه كبرلمان ديمقراطي يمثل نظاما ديمقراطيا - حتي ولو كان نظاماً ديمقراطياً ناشئاً لتوه أو وليداً - وهو فضلاً عن التشريع ورقابة أو مراقبة أداء الحكومة واقرار أو تقرير الموازنة العامة للدولة وأيضاً حجب الثقة عن وزير أو أكثر في الحكومة أو الحكومة برمتها هو تشكيل الحكومة ذاتها طبقاً للفريق أو الحزب الذي حصل علي أغلبية مطلقة في أية انتخابات برلمانية. واذا لم يحصل أي حزب علي الاغلبية المطلقة فيمكن تشكيل الحكومة من خلال أكثر الاحزاب التي حصلت علي مقاعد في البرلمان بالتآلف أو الائتلاف مع بعضهما البعض أو من خلال تشكيل ما يسمي بحكومة وحدة وطنية، وفي حالتنا هذه في مصر فالانسب أو المسمي الحقيقي هو حكومة الانقاذ الوطني وهذا في حقيقة الامر ما كنا نأمله في برلماننا القادم، إلا انه وللاسف الشديد فليس كل ما يتمناه المرء - أو بالاحري الشعب - يدركه وشيئاً من هذا لم يتحقق!.. فالمجلس العسكري بداية ومن قبل لعبة الانتخابات تلك قد نزع أخص ما يمكن أن يمتلكه مجلس الشعب من اختصاصات وهو تشكيل الحكومة وذلك من قبل الحزب - أو الائتلافات - التي حازت علي الاغلبية المطلقة في انتخابات مجلس الشعب الاخيرة - أو أية انتخابات أخري قادمة تلي تلك المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد. والخدعة الكبري التي قد خدعنا بها المجلس العسكري - مرة أخري وثانية وثالثة نحن نفرق هنا بين المجلس العسكري كسلطة سياسية تدير البلاد سياسياً وليس عسكرياً من ناحية، ومن هنا فمن حقنا أن ننقذه وننادي بضرورة تسليمه كافة سلطاته واختصاصاته الي سلطة مدنية أو مجلس رئاسي مدني وفي أقرب وقت ممكن، وكما توافق علي ذلك أغلب القوي السياسية وبين قواتنا المسلحة وجيشنا المصري من ناحية أخري والذي نكن له كل احترام وأسمي اعتبار وتقدير - هو انه قد دس عدة مواد في الوثيقة الدستورية التي كنا قد استفتينا عليها، ولكننا لم نستفت علي تلك المواد التي وضعها المجلس العسكري في تلك الوثيقة فيما بعد وذلك بعد أن سبق الاستفتاء عليها!.. وثاني تلك الخدع وأخطرها وكما ذكر العديد من المختصين في القوانين الدستورية ان المجلس العسكري قد حدد شكل وملامح الدولة في المرحلة التي سوف تلي تلك المرحلة الانتقالية التي نمر بها الآن، وهو بذلك قد تجاوز اختصاصاته وتجاهل في ذات الوقت السبب والمدة الزمنية التي فوضنا خلالها المجلس العسكري ادارة البلاد كما انه حدد أو بالاحري قيد سلطات مجلس الشعب وكما اسلفنا وبينا. ومن هنا يكون المجلس العسكري قد وضع قوانين أو مواد دستورية دائمة للبلاد، ولم نستفت عليها وتتجاوز اختصاصاته ومدة بقائه في الحكم والمقيدة بالفترة الانتقالية والتي سوف تنتهي بانتخابات رئيس الجمهورية في نهاية يونيو أو أول يوليو القادم من عام 2012 لكن أثار تلك المواد الدستورية - والتي هي بالاحري غير دستورية - والتي وضعها المجلس العسكري في تلك الوثيقة الدستورية سوف تمتد الي ما بعد انتخابات الرئاسة القادمة!.. والسؤال هو أفلا تكفي حكومة الجنزوري التي لم تحظ بأي توافق من قبل كافة القوي والكتل السياسية علي اختلاف مشاربها وتوجهاتها والتي فرضها علينا المجلس العسكري فرضاً حتي يقوم المجلس العسكري بتقييد الحياة السياسية في المستقبل المنظور بل والمشهد السياسي المصري برمته في ذلك المستقبل الذي ترنو اليه عيون الامة وذلك حتي بعد الانتخابات القادمة؟!.. وكنا نتمني ومازلنا نتمني ونلح علي المجلس العسكري أن يختصر الوقت والمسافات وأيضاً جهد قوات الامن والقضاة وكذا اقتصاداً وتوفيراً للنفقات غير المبررة وغير المرحب بها شعبياً وذلك بأن يلغي انتخابات مجلس الشوري القادمة تمهيداً وتوطنة لالغاء مجلس الشوري ذاته، خاصة بعد أن رضخ العسكري لمطالب الثوار والتحرير وأنشأ المجلس الاستشاري والذي يفترض فيه انه سوف يعاون العسكري في ادارة الدولة فيما تبقي من المرحلة الانتقالية الذي فوض فيها العسكري في حكم البلاد. ولو أراد أن يتأكد المجلس العسكري من رغبة الشعب الجامحة في الغاء مجلس الانس - وهو التسمية التي درج علي تلقيب مجلس الشوري بها - والذي كان آخر من ترأسه صفوت الشريف فليطرح أمر الغائه علي استفتاء شعبي تماماً مثلما عرض المشير في آخر كلمة له الي الامة استعداده هو شخصياً وكذا استعداد المجلس العسكري لترك الحكم فوراً وفي الحال ولكن من خلال استفتاء شعبي!.