يقول «ابن خلدون» مؤسس علم الاجتماع «إن المقهور يتبع القاهر، إذا جاءته الفرصة»، والمعني الذي أراد هذا الفيلسوف طرحه علي الأرض، هو أنك إذا كنت أنت - مثلاً - ظالماً، تقوم بظلم وقهر غيرك، وتستخدم قوتك أو منصبك، في الاستبداد برأيك، وبطشك لرأي غيرك أو حتي جسده وفكره وماله، فإن ذلك والوضع كذلك سيؤدي بالمظلوم هذا أو المقهور، ليصبح مثلك «قاهراً» ومستبداً ورافضاً أي رأي يعارضه، ويدين كل قول يقال له. فإن أخطأ، لا يجوز تصويبه، وإن تجاوز عليك أن تطيع تجاوزه، وإن قال - مهما كان قوله - عليك أن تقول السمع والطاعة، لكن متي يحدث ذلك؟ يحدث عندما تأتي لذلك المقهور «الفرصة». إذاً طبقاً لهذه النظرية، علي أرض الواقع، فإننا سنجد الابن الذي ينشأ في أسرة غير سوية، وكان فيها أب يقهر أولاده، فمن بين هؤلاء الأولاد سيخرج ولد «قاهر»، فلقد عاش سنوات تحت مظلة القهر الذي كان يمارسه عليه أبوه أو حتي أمه، غير أن هذا سيحدث عندما تأتي لهذا الابن الفرصة. ومن هذا المسلك، نسحب هذا الكلام نحو الشعوب وهي بطبيعة الحال قائمة منذ فجر التاريخ علي حاكم ومحكوم، لنجد عناصر تطبيق نظرية ابن خلدون قائمة. فدائماً هناك القاهر «وهي السلطة» وهناك المقهور «وهو الشعب». فالحاكم أي حاكم بعد فترة من حكمه، قد يتحول، إلي قاهر، يقهر شعبه، أو فئات منه، ويستمر هذا الوضع لفترة من الزمن طالت أو قصرت، ثم ينقلب السحر علي الساحر، ويسقط هذا الحاكم الذي جاءته الفرصة، وبالتالي «قهر» شعبه. ليصبح الأمر مع الشعب الذي قام بثورة أو انتفاضة أو انقلاب ضده، فامتلك زمام الأمور، وأصبح هو المحكوم والحاكم. المأزق هنا الذي يريد أن يحذر منه ابن خلدون، هو أن يتحول هذا الشعب أو تلك الفئة أو هذا التيار من منطقة المفعول به إلي الفاعل. من كونه ظل لسنوات مقهورا، ليصبح هو قاهراً والشعب أو أي فصيل فيه إذا جاءته الفرصة ليقهر وقهر واستبد.. فقل علي الوطن السلام. فهل ما نراه بعد ثورة 25 يناير، شيء من هذا القبيل؟ مجرد سؤال.. وتحيا مصر..