لماذا كانت المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى تصر على مُحاكمة سيف الاسلام أمامها فى هولندا ؟ . . وهل تختلف معايير تطبيق العدالة بين محكمة ليبية والجنائية الدولية ؟ . . أم لا تثق الأخيرة فى قدرات وخبرات قضاة عرب ؟ . . وأسئلة أخرى كثيرة تدور فى فكر خبراء القانون الدولى فى المنطقة العربية . يقول الدكتور " فؤاد عبد المنعم رياض " خبير القانون الدولى القاضى السابق فى محكمة يوغسلافيا لمجرمى الحرب والذى كان احد كبار القضاة قى محاكمة الرئيس اليوغسلافى الراحل " سلوبودان ميلوسفيتش " : " هناك مبدأ الإختصاص الذى يدفع الجنائية الدولية للتأكد اولاً انها تدرك تماماً ان الدولة – ليبيا فى هذه الحالة – قادرة على إجراء المحاكمة ، وإذا كانت غير قادرة يتم نقل الإختصاص للمحكمة الجنائية الدولية التى تتبع الأممالمتحدة فى لاهاى ، لتقوم هى بإجراء المحاكمة . . ويستطرد قائلاً : ان المُدعى العام " لويس أوكامبو " قد كان طلبه بمحاكمة سيف الاسلام فى لاهاى فى وقت لم يكن لديه شئ ممكن ان يدل على ان المتهم سيحظى بمحاكمة عادلة ، ومن واجبه ان يتأكد مُقدماً بأن ليبيا لديها قضاء عادل ، والآن تبقى العبر بما ستسفر عنه نتائج المحاكمة ، فإذا كانت مساراتها عادلة وفق المعايير الدولية فلن يكرر طلب نقل المتهم الى هولندا ، اما اذا كان غير ذلك فليس من المُستبعد ان يكرر طلب تسليم المتهم الى الجنائية الدولية لمحاكمته امامها " . لقد جاء إصرار " لويس مورينو أوكامبو " على طلبه تسليم " سيف الاسلام " ابن الرئيس الليبى الذى قتل على ايدى ثوار ليبيا حفاظاً على سُمعة الجنائية الدولية فى العالم ، وان لا يميز بين كبار المتهمين الذين تشغل قضاياهم الرأى العام العالمى ، كما ان المحكمة تحصل على ميزانية مالية من الأممالمتحدة بهدف إجراء التحقيقات والمحاكمات الدولية ، وقيامها بواجباتها يضمن استمراريتها فى اداء أعمالها ويحميها فى ذات الوقت من توجيه الانتقادات لها . الجنائية الدولية كانت تأمل فى نقل سيف الاسلام الى لاهاى ، وذلك على غرار نقل الرئيس الديكتاتور الليبيرى السابق " شالز تايلور " لمحاكمته بمعرفتها ، ورفضت محاكمته فى بلده الأصل ليبيريا او سيراليون على الجرائم التى ارتكبها ، وذلك لدواعى عدم استقرار الحالة الامنية هناك ، وحتى لا تتسبب محاكمته فى توتر الاضاع الداخلية وقلق أمنى . تجدر الاشارة الى ان الجنائية الدوليه لديها عدد من التقارير جعلت مكتب المدعى العام يشك فى قدرات ليبيا على محاكمة سيف الاسلام محاكمة عادلة ، فى ظل الاوضاع الداخلية الموتره التى تمر بها ليبيا بسبب الثورة هناك ، والممكن ان تتسبب فى اثارة المشكلات الامنية ، نظرا لوجود اتباع للرئيس الراحل القذافى من قبائل لا تزال تتمتع بالقوة العشائرية ، ويمكن ان تشهد محاكمته عمليات انتقاميه ، وهى ذات الاسباب التى من اجلها تم دفن القذافى فى مكان سرى بالصحراء ، حتى لا يتم تحديد مقبرته ويتم تحويلها الى مزار يثير مشاعر العشائر التى كانت تساند القذافى . وبعد أن أعلن " محمد العلاقي " وزير العدل وحقوق الانسان في المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا إرادة بلاده محاكمة سيف الاسلام القذافي المتهم بارتكابه جرائم ضد الانسانية ، وان القضاء الليبي هو الاصيل والدولي هو الاستثناء" ، مؤكداً على توفير الضمانات الكافية لضمان محاكمة عادلة ، خاصة بعد تشريع قانون من طرف المجلس الانتقالي يقول إنه يضمن استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية ". ما كان من الجنائية الدولية الا القبول ، فى الوقت الذى تنظر فيه بعين من الترقب لما ستسير عليه محاكمة سيف الاسلام بمعرفة القضاء الليبى ، وقد فتحت المجالات ايضاً لتقديم النصائح والمشورة حال طلب القضاء الليبى لها .