رأت صحف أمريكية أن مستقبل تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، غامض، وأن غالبية الأتراك يفضلون ديمقراطية ناقصة على الانقلاب. وأشارت الصحف إلى أن عدم إلمام الانقلابيين بالتغيرات التي جرت في تركيا ساهم في فشل الانقلاب، موضحة أن "حملة التطهير" التي توعد بها الرئيس التركي رجب أردوغان ستتسبب في مزيد من الاضطراب بالبلاد، كما تطرقت إلى الكيفية التي يمكن بها لمحاولة الانقلاب أن تؤثر في تركيا. وأوضحت صحيفة (نيويورك تايمز) أن رجب طيب أردوغان انتصر على الانقلابيين، لكن مستقبل تركيا بعد هذا النصر يظل غامضًا، وتساءلت: "هل خرج أردوغان أقوى بعد فشل الانقلاب؟ أم أنه أصبح أضعف وبحاجة إلى التفاهم مع معارضيه؟". وقالت الصحيفة في تقرير لها من إسطنبول إن أردوغان ومؤيديه يعتبرون الانتصارعلى المحاولة الانقلابية انتصارا للإسلام السياسي أكثر من أي شيء آخر، رغم أن دحر الانقلاب تم بواسطة قوى اجتماعية وسياسية أكثر اتساعا من الإسلاميين. واستبعدت المحللة الخبيرة في الشؤون التركية بمجموعة الأزمات الدولية نيجارغوسكل أن يقوم أردوغان بتعزيز حكم القانون وحرية المعارضة القانونية، مشيرة إلى أنه سيستغل ما جرى لإعادة تصميم المؤسسات التركية لمصالحه الخاصة. وذكرت الصحيفة نفسها في تقرير آخر أن غالبية الأتراك يفضلون ديمقراطية ناقصةعلى الانقلاب العسكري، موضحة أن الليبراليين هناك كانوا يشاهدون خلال السنوات الماضية أن بلادهم تسير في طريق خاطئ بتوسيع أردوغان سلطاته باستمرار وإثراء حلفائه وتوسيع دور الدين في الحياة العامة، ورغم ذلك عارضوا الانقلاب. وخلصت نيويورك تايمز إلى أن ما يرجح أن يسير فيه أردوغان من احتكار للسلطة يتصادم مع توجه القوى الأخرى التي عارضت الانقلاب وتعارض في الوقت نفسه سعيه لهذا الاحتكار، الأمر الذي يجعل مستقبل تركيا غير واضح. وقالت صحيفة (وول ستريت جورنال) إن فشل المحاولة الانقلابية يظهر عدم إلمام عناصر القوات المسلحة بالتغيرات التي تمت في المجتمع التركي، مضيفة أن العناصر الانقلابية لم تدرك أن الوقت الذي كان فيه الجيش التركي قادرًا على السيطرة على التطورات السياسية بدون عنف قد ذهب إلى غير رجعة. وأشارت إلى تجاهل الانقلابيين لوجود خطوط الاتصال والإنترنت وتجاهلهم لتغيير هيكل الجيش نفسه الذي نفذه أردوغان. وذكرت في تقرير آخر لها أن المحاولة الانقلابية تستحق الفشل، لكن حملة أردوغان "للتطهير" ستتسبب في مزيد من الاضطراب، وأعربت عن خشيتها من أن يتسبب فشل الانقلاب في تعجيل تحول أردوغان إلى رئيس مستبد على شاكلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. أما صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور)، فنشرت موضوعا عن الكيفية التي ربما يؤثر بها الانقلاب الفاشل في تركيا، قائلة: "إن الانقلاب سيعزز مخاوف أردوغان القديمة من التآمر عليه ويجعله يتصرف في المستقبل وفقا لهذه المخاوف، كما أن الإهانات التي لحقت بأفراد الجيش من الشرطة والمدنيين لن تمر دون تأثير على الجيش الذي يعتبر نفسه أقوى المؤسسات بالبلاد وأنه الحامي الوحيد لدستورها". وقالت الصحيفة إن تركيا لن تعتبر بعد المحاولة الانقلابية نموذجا يحتذى به في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي كأمة قوية ومستنيرة وتمزج بنجاح بين الجذور الإسلامية والحداثة.