قالت صحيفة "لنكياستا" الإيطالية, إن المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا, أظهرت الشعبية الكبيرة, التي يتمتع بها الرئيس رجب طيب أردوغان, حيث سارعت حشود هائلة من الجماهير لتلبية دعوته بالنزول للشارع, وهو ما أجهض خطة الإطاحة به من السلطة. وأضافت الصحيفة، في تقرير لها في 18 يوليو, أن الانقلابيين فشلوا في استكمال خطتهم أمام هذه الحشود الهائلة, ولم يكن باستطاعتهم إطلاق النار على الجماهير الكبيرة, التي ملأت الشوارع. وتابعت: "أردوغان كان سيد الموقف ليلة الانقلاب, وظهرت شعبيته الكبيرة في استجابة الجماهير على الفور لندائه بالخروج للشارع". واستطردت الصحيفة: "الأوضاع في تركيا لم تعد كما كانت قبل تولي أردوغان السلطة, حيث نجح في جعل البلاد أكثر ديمقراطية, وحقق شعبية كبيرة للغاية, ولم يعد الجيش التركي القوة المهيمنة في البلاد", واصفة أردوغان بأنه أنقذ الديمقراطية في بلاده. ويأتي تعليق الصحيفة الإيطالية مختلفا عن معظم وسائل الإعلام الأخرى في الغرب, التي بررت ضمنيا الانقلاب ضد أردوغان, حيث قالت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية, إن سياسات الرئيس التركي تسببت في إحداث خلل في توازن القوى الذي كان موجودا في السابق في قلب الدولة التركية, كما هددت الدستور العلماني في البلاد. وأضافت الصحيفة في 16 يوليو, أن الجيش التركي يرى نفسه حاميا للدستور العلماني، بينما يمثل أردوغان تهديدا لهذا الدستور. وتابعت " جنرالات تركيا ظلوا طيلة ال14 عاما الماضية في صراع مع أردوغان, وهو ما أدى في النهاية إلى وقوع المحاولة الانقلابية". واستطردت الصحيفة " سياسات أردوغان, التي قامت على احتكار السلطة لنفسه وتهميش ضباط الجيش, والإخلال بتوازن القوى في البلاد, تسببت في إثارة غضب العلمانيين وتعميق الانقسام داخل تركيا", حسب تعبيرها. وكانت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية, حملت هي الأخرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان, مسئولية المحاولة الانقلابية, التي استهدفت الإطاحة به من السلطة. وقالت الصحيفة في تعليق لها في 16 يوليو, إن أردوغان ارتكب في الفترة الأخيرة جملة من الأخطاء نالت من إنجازاته التي حققها في بداية حكمه. وتابعت " أردوغان تصرف في الفترة الأخيرة بشكل أكثر ميلا للاستبداد, وفرض قيودا على حرية التعبير, كما زاد العداء مع الأكراد داخل تركيا وفي سوريا". واستطردت الصحيفة "أردوغان كان حقق في بداية حكمه إنجازات كبيرة تحديدا في المجال الاقتصادي, إلا أن سياساته الأخيرة هددت هذه الإنجازات, وتسببت بوقوع المحاولة الانقلابية". وكانت السلطات التركية أكدت السبت الموافق 16 يوليو السيطرة على الأوضاع في البلاد بعد فشل محاولة انقلابية من مجموعات داخل الجيش، وأعلنت عن اعتقال المئات من العسكريين الذين شاركوا في المحاولة الانقلابية. ونقلت "الجزيرة" عن وزير العدل التركي بكير بوزداغ قوله إن السلطات اعتقلت 754 من العسكريين في شتى أنحاء البلاد شاركوا بمحاولة الانقلاب، من بينهم رئيس أركان الجيش الثالث اللواء جاغلر في أرزنجان شرقي البلاد، وقائد أركان جيش منطقة إيجه الجنرال ممدوح حق بيلان في أزمير. وأضاف بوزداغ "الانقلابيون هاجموا مقر رئاسة المخابرات والبرلمان والقناة الرسمية التركية لكن الشعب وقوات الأمن استطاعوا دحرهم". كما نقلت "رويترز" عن مسئول تركي قوله إنه تم إعفاء 29 ضابطا برتبة عقيد وخمسة برتبة جنرال (فريق أول) من مناصبهم في وزارة الداخلية بعد محاولة الانقلاب. ورغم الإعلان عن فشل المحاولة الانقلابية, دعت الرئاسة التركية في حسابها على موقع "تويتر" الأتراك إلى البقاء في الشوارع والميادين حتى مساء السبت تحسبا لظهور بوادر انقلابية جديدة. وقالت الرئاسة التركية إنه قد تقع محاولة تمرد أخرى في تركيا في أي وقت, مضيفة أن من الضروري مواصلة السيطرة على الموقف في الشارع. وأعلنت السلطات التركية أن خروج أعداد كبيرة من المتظاهرين إلى الشوارع ساهم في إفشال المحاولة الانقلابية, حيث حاصروا العسكريين الانقلابيين في مواقع من بينها محيط مطار إسطنبول وساحة تقسيم بالمدينة, رغم تعرضهم أحيانا لإطلاق النار من الجنود المتمردين. وحسب وسائل إعلام تركية, بلغت حصيلة ضحايا المحاولة الانقلابية تسعين قتيلا و1154 جريحا. وكانت مجموعة من عناصر الجيش التركي اقتحمت مساء الجمعة 15 يوليو التليفزيون الرسمي التركي (تي.آر.تي) وأجبروا مذيعة تليفزيونية على قراءة بيان أعلنوا فيه باسم قيادة أركان الجيش استلام السلطة عبر "مجلس سلام" وفرض الأحكام العرفية وحظر التجوال. وبعد ساعات من ذلك، تدخلت قوات خاصة تركية واعتقلت العسكريين ليستأنف التليفزيون الرسمي بث برامجه، وقصف الانقلابيون مقر الاستخبارات بأنقرة, كما حاولوا الوصول للقصر الجمهوري, لكن تم صدهم من القوات الأمنية, التي كان لها دور رئيس في إفشال المحاولة الانقلابية, حسب مراقبين. وقالت وسائل إعلام تركية إن المحاولة الانقلابية بدأت تترنح مع خروج أعداد كبيرة من المتظاهرين إلى الساحات العامة بمختلف المدن, واضطر كثير من العسكريين الانقلابيين إلى الاستسلام تحت الضغط الشعبي, حيث أظهرت وسائل إعلام متظاهرين يعتلون دبابات الانقلابيين أو يمنعون الآليات من التحرك, كما أظهرت صور استسلام عشرات الجنود فوق جسر البوسفور في إسطنبول.