بأناملها الرقيقة تكبس على عدتها فتلامسها بنعومة وتداعبها بدعابه روحها لتستسلم لها جميع مكونات عدة عملها المكونة من "مفكات ومفاتيح وشواكيش" بين يديها وتتمنى منها ملامستها لينتظرها كلًا منهما مترقبًا للقاء يجمعهم بها وبين سيارة تنتظر ميكانيكي أو ربما ميكانيكية!. وللإختلاف سر يكمن في التكامل بيننا، فأمنت أن إختلافها هو سر نجاحها، وخاضت تجربة عملية معروفة إنها للرجال فقط وحاولت كسر ذلك الحاجز المتعارف عليه لتثبت أن مهن الرجال ليس من المستحيل ان تمتهنها السيدات، فلم تعد ترى سوى الميكانيكا أمام أعيونها منذ نعومة أظافرها، لتظل الورشة هي الشاهد الوحيد على خصوبة إبداعها، نتحدث هنا عن لقاء الخولي بنت العشرين عامًا وأوائل من خاضوا تجربة الميكانيكا في مصر. تفتحت كالزهرة في مهدها بورشة والدها، وبعد أن تمت التسع سنوات،بدأت حياتها المهنية فى ورشة الميكانيكا بمدينة اسنا بصعيد مصر، لم تعش طفولة مدللة كما يعيشها البعض، فكانت حريصة كل الحرص على أن تتعلم هذه المهنة الشاقة المليئة بالمتاعب حتى أثرت تلك المهنة كيانها. وبالرغم من تعلقها الشديد بمهنتها التى اختارتها بمحض ارادتها، فقد حصلت على دبلوم تجارة ولكن لم تهتم أن تعمل بشهادتها فصارت راهبة لمهنتها بسبب حبها للميكانيكا وادوتها. لاقت الخولي استقبالًا حافلًا من قبل والديها للعمل فيما اختارته، فكان والدها السبب الرئيسي في تعليمها اصول المهنة وذلك على الرغم من وجود إنتقادات كثيرة من قبل أهالي بلدته لأفعاله، فكيف يوافق على عمل أبنته بالميكانيكا؟. فلم ينظر والدها لتمتمة البعض لانه يعي جيدًا أن ابنته لم تفعل شىء يضرها أو يعيبها، وعلمها درسًا ينفعها طوال حياتها وهو التمسك بحلمها لأخر انفاسها وعدم الألتفات للأحاديث المحبطة. تروي لقاء ل"بوابة الوفد" عن يومها الممتع فتبدأ العمل مبكرًا مع والدها وتقوم بجميع المهام فلا يصعب عليها شىء قائلة "بنزل اشتغل كما لو كنت رجلًا مش صعب عليا حاجة"، فتغير العالم الآن الى حد كبير في العقول فلن تعثر اليوم على احد يباهي بان ابنه ضابط فكل من لديه وظيفة ايًا كانت يعتبر مكافحًا -على حد تعبيرها-. وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد دهمها الحزن عند قرائتها لبعض التعليقات السخيفة عبر مواقع التواصل الإجتماعي ومنها"انتي بنوتة ماينفعش تشتغلي في الميكانيكا" فضلًا عن الألفاظ النابية التي أنصبت عليها من قبل البعض، وكان لتأثير تلك المواقف جانبها الإيجابي عليها، فسرعان ما ادركت لاحقا أن ما يبدو لها في البداية سلبيًا قد يكون هو بالتحديد الشىء الذى سيصبح فيما بعد مسؤلًا عن اتمام اعظم إنجازات حياتها. فيمكن أن يتخيل البعض أن تلك المهنة قد أثرت بالسلب على أنوثة لقاء ولكن قد أكدت أنها باتت حريصة على مظهرها الأنثوي كما لو تعمل بأي مهنة أخرى بل اضفت عليها تلك المهنة طابع خاص من نوعه وهي انها جمعت بين ميزتي القوة والصلابة والرقة المحفورة بين ضلوعها. وبسؤالها عن تقدير مدينة الأقصر كونها أول فتاة ميكانيكية تعمل هناك، فأجابت" أنا بالنسبالي مافيش اي تقدير من بلدي والحل في السفر بره وجالي عروض سفر كثير بس لسه مالقتش الأنسب". مستكملة حديثها، معبرة عن استيائها من زيارة رئيس مدينة اسنا بالأقصر للورشة، حيث شعرت ولو للحظة انه سوف يدعمنى ويفخر بمهنتي، ولكنه اصابني بنوبة احباط كاملة ، في قوله:" انتى عاملة قلق فى الطريق "، على الرغم من وجود الورشة بأحدى الشوارع الجانبية للمدينة. "اعملي الي انتي عايزاه وشايفاه صح مش هتكونىي مجتهدة غير فى الحاجة الى بتحبيها، لو بصينا للناس وفكرنا فيهم مهما حاولنا نعمل الى يعجبهم مش هنعجب، اجتهدي علشان تحققي كل امنياتك علشان دي الحاجة الوحيدة الي هتخليكي مبسوطة في حياتك" وهكذا كانت نصيحة لقاء الخولي للفتيات.