قالت الدكتورة فينوس فؤاد، وكيل وزارة الثقافة والباحثة المتخصصة في السياسات الثقافية، إننا يجب أولًا أن نثمّن وجود قيادة ذات كفاءة وخبرة، مشهود بها، على رأس الهيئة العامة لقصور الثقافة، مشيرة إلى أن اللواء خالد اللبان قد وضع استراتيجية لمستقبل الهيئة، غير أن تداعيات هذه الاستراتيجية، كما طُرحت، أثارت نقاشًا واسعًا واحتجاجات مشروعة من جانب مثقفي مصر. وأضافت فؤاد أن الفترة التي قضاها رئيس الهيئة الجديد في موقعه لا تتجاوز الشهور، بل تُقاس بالأيام، وأن الهيئة تدار في الأصل عبر مجلس إدارة رسمي يتبع آليات ثابتة منذ سنوات، وبالتالي فإن ما طرحه اللواء اللبان قد يكون انعكاسًا للتقارير المقدمة إليه من مكتبه، وهو ما يتطلب إعادة نظر دقيقة من واقع الأمانة التي اعتادها بحكم طبيعة عمله السابق". وحول مبررات الإغلاق التي وردت في تصريحات رئيس الهيئة، أكدت فؤاد تحفظها الكامل على ربط استمرارية بيوت الثقافة بمساحة المكان أو عدد العاملين، ووصفت هذا القياس بأنه "خاطئ علميًا"، قائلة: حجرة الإذاعة لا تتجاوز بضعة سنتيمترات، ومع ذلك تؤثر في ملايين، والعبرة ليست بعدد الموظفين أو حجم المكان، بل بما يُقدَّم من محتوى معرفي وثقافي قادر على التأثير في المجتمع وتغيير سلوكه." ودعت إلى ضرورة انتظار تقارير بحثية دقيقة من جهات متخصصة مثل كليات الإعلام ومراكز البحوث الاجتماعية، لتقييم مردود الأنشطة الثقافية بدلاً من الاعتماد على معايير إدارية سطحية. وفيما يخص مسألة الإحالة إلى المعاش، رأت أن الأجدر هو الاحتفاظ بالعاملين الحاليين لتعويض النقص المستقبلي، مع وضع خطة مدروسة للتدريب والإحلال، متسائلة في الوقت ذاته: لماذا لم تستفد الوزارة من الكفاءات الموجودة طوال هذه السنوات؟، كما أشارت إلى أن إشكالية اشتراطات الدفاع المدني ليست مسؤولية وزارة الثقافة وحدها، بل يجب أن تتحرك المحليات ونواب البرلمان لتوفير مقرات بديلة في القرى التي ستُغلق بها منابر الثقافة، لأن "الثقافة مسؤولية مجتمعية". وفيما يتعلق بمقترح القوافل الثقافية، اعتبرته طرحًا متناقضًا من الناحية المالية، قائلة: تكلفة القافلة اليومية قد تعادل مصروفات تشغيل موقع ثقافي ثابت لمدة شهر كامل، فكيف نقول إن المواقع لا تحقق مردودًا، بينما نضاعف النفقات على آلية متنقلة أكثر عرضة للتأثر بالظروف؟" وبالنسبة لمشروع "سينما الشعب"، قالت إن سعر التذكرة يكفي لاشتراك سنوي في مكتبة عامة، مقترحة عرض الأفلام بالبروجكتور داخل المكتبات القائمة بالفعل لضمان التشغيل دون أعباء إضافية. كما أبدت تخوفها من توجّه الهيئة نحو الاستثمار، محذّرة من "تغوّل المال على الثقافة"، وأضافت: إذا دخلت المادة على الثقافة، قد تُنتج مسخًا ثقافيًا بلا هوية، كما حدث في تجارب عربية معروفة." واختتمت تصريحها بالإشادة بفكرة "نادي القصة" داخل قصور الثقافة، مطالبة بتعميم التجربة على النقابات الفنية الأخرى مثل التشكيليين والموسيقيين، لتقديم خدمات متخصصة وتربية أجيال جديدة من المبدعين داخل مؤسسات ثقافية حقيقية.