5 أيام متواصلة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    بيان ثلاثي من بريطانيا وفرنسا وكندا يهدد إسرائيل بفرض عقوبات ويؤكد التزامهم بالاعتراف بدولة فلسطينية    إصابة طفلين واعتقال ثالث خلال اقتحام الاحتلال بيت لحم بالضفة الغربية    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    سفير مصر لدى الاتحاد الأوروبى يستعرض العلاقات المصرية- الأوروبية    استشهاد طفلين في قصف إسرائيلى غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    بيان رسمي من المصري البورسعيدي بشأن استقالة كامل أبو علي    مدرب وادي دجلة السابق: الأهلي الأفضل في إفريقيا وشرف لي تدريب الزمالك    حريق مزرعة دواجن بالفيوم.. ونفوق 5000 كتكوت    "تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية    محافظ كفرالشيخ: توريد 178 ألف طن من القمح وصرف مستحقات المزارعين بانتظام    الحوثيون يُعلنون حظرًا بحريًا على ميناء حيفا في إسرائيل.. ما السبب؟    الدولار يتراجع.. أسعار العملات اليوم الثلاثاء بالبنك المركزي (تفاصيل)    التعليم تكشف عن سن التقديم لمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي    مهرجان كان يعدل جدول أعماله بسبب دينزل واشنطن ويفاجئه بجائزة "السعفة الذهبية الفخرية" (فيديو)    صيام صلاح مرة أخرى.. ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز بعد خسارة ليفربول    أحمد دياب: إيقاف النشاط أمر غير وارد    عاجل| عرض خليجي خرافي لضم إمام عاشور.. وهكذا رد الأهلي    الأهلي والزمالك.. من يتأهل لنهائي دوري السوبر لكرة السلة؟    تكريم طالبين بجامعة عين شمس لحصولهما على جائزة بمسابقة عمرانية    مشروعات عملاقة تنفذ على أرض أشمون.. تعرف عليها    الملاذ الآمن يتألق من جديد.. ارتفاع ب أسعار الذهب مع تراجع الدولار وتصنيف «موديز»    4 قرارات عاجلة من النيابة بشأن بلاغ سرقة فيلا نوال الدجوي    الأرصاد تُحذر: شبورة ورياح مثيرة للرمال والأتربة على هذه المناطق اليوم    حبس شاب متهم بالشروع في قتل آخر بالعياط    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    أحدها لم يحدث منذ 2004.. أرقام من خسارة ليفربول أمام برايتون    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    سيلان الأنف المزمن.. 5 أسباب علمية وراء المشكلة المزعجة وحلول فعالة للتخفيف    رئيس شعبة مواد البناء: لولا تدخل الحكومة لارتفع سعر طن الأسمنت إلى 5000 جنيه    إغلاق 7 منشآت طبية مخالفة و7 محال تجارية فى حملة بقنا    منافس الزمالك في ربع نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    وزير الاستثمار يتوجه للعاصمة الألمانية برلين لتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين    عليك إعادة تقييم أسلوبك.. برج الجدي اليوم 20 مايو    تامر أمين ينتقد وزير الثقافة لإغلاق 120 وحدة ثقافية: «ده إحنا في عرض مكتبة متر وكتاب»    "يا بختك يا أبو زهرة".. الصحفي محمد العزبي يكشف تفاصيل وقف معاشه بعد بلوغه ال90 عاما    حدث بالفن | حقيقة إصابة عبدالرحمن أبو زهرة ب "الزهايمر" وموعد حفل زفاف مسلم    موعد نقل القناع الذهبي لتوت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    هل يوجد في مصر فقاعة عقارية؟.. أحمد صبور يُجيب    شعبة المواد الغذائية تكشف 4 أسباب لعدم انخفاض أسعار اللحوم مقارنة بالسلع التموينية (خاص)    وفد قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية يلتقي بابا الڤاتيكان الجديد    سلطات فرنسا تعلن مصرع مهاجر وإنقاذ أكثر من 60 آخرين فى بحر المانش    سرعة الانتهاء من الأعمال.. محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل    وزير العمل: قريباً توقيع اتفاقية توظيف للعمالة المصرية في صربيا    هل يجوز للمرأة أداء فريضة الحج عن زوجها أو شقيقها؟.. أمينة الفتوى: هناك شروط    «للرجال 5 أطعمة تحميك من سرطان البروستاتا».. تعرف عليهم واحرص على تناولهم    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    مزارع الدواجن آمنة إعلامى الوزراء: لم نرصد أى متحورات أو فيروسات    ما حكم صيام يوم عرفة للحاج وغير الحاج؟    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء خالد اللبان رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة فى أول حوار بعد قرار الإغلاق: نُعيد البناء بفكر جديد.. والفساد الإدارى لن يستمر
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 15 - 05 - 2025

استجبنا للقانون وأغلقنا المقار المؤجرة دون الإضرار بسير الخدمات الثقافية
فى ظل تغيرات متسارعة تشهدها الساحة الثقافية، وتحديات جسيمة تراكمت عبر عقود، تولّى اللواء خالد اللبان رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة، واضعًا نصب عينيه مهمة شاقة لكنها ضرورية: إعادة هيكلة الهيئة وتطهيرها من أوجه القصور والفساد الإداري، لتواكب تطلعات الجمهور وتستعيد دورها الحيوى فى تشكيل الوعى الثقافى المصري..
فى هذا الحوار الصريح، يكشف رئيس الهيئة عن ملامح خطته الاستراتيجية، ويواجه الانتقادات المثارة بشأن غلق بعض المقرات، ويطرح رؤيته لتطوير الأداء، وتحقيق عدالة توزيع الخدمات الثقافية، واستغلال الموارد البشرية والمادية بشكل أمثل.
خطة للاستثمار دون التفريط فى الهدف الثقافى
شعارنا: ثقافة بلا حواجز ولا ننتظر المواطن بل نبحث عنه
قبل توليك منصب رئيس هيئة قصور الثقافة بالتأكيد كانت لديك رؤية وخطة استراتيجية فما هي؟
نعم، بالتأكيد عندما طُلب منى تولّى ملف الهيئة العامة لقصور الثقافة، كان الهدف الرئيسى من ذلك هو العمل على إعادة هيكلة الهيئة وأن يكون لدينا خطة استراتيجية للعمل بها خلال الفترة المقبلة، وانطلاقًا من ذلك، بدأت العمل على إعداد خطة استراتيجية تمتد لخمسة أعوام، تُعنى بتطوير الهيئة فى مختلف قطاعاتها.
تعتمد هذه الخطة على خمسة أهداف رئيسية، ويتفرّع من كل هدف رئيسى مجموعة من الأهداف الفرعية، وهو ما يتماشى مع أى خطة استراتيجية معتمدة عالميًا ولكى أتمكن من إعداد هذه الخطة، كان من الضرورى أولًا أن نقوم برصد المشكلات والتحديات التى تواجه الهيئة، وهى مشكلات تراكمت على مدى سنوات طويلة.
لذلك، كان من المهم أن نعمل على تطوير أساليب الإدارة، من خلال إدخال الوسائل التكنولوجية الحديثة، والسير بالتوازى مع حركة التطور العالمية المتسارعة، والجدير بالذكر أن هذه الخطة ليست مجرد حبر على ورق، بل بدأنا فعليًا فى تطبيقها على أرض الواقع، وقبل صياغة هذه الخطة، قمنا بإجراء تحليل شامل للوضع الراهن، وهو ما كشف لنا المشكلات التى تعانى منها الهيئة.
وما هى تلك المشكلات؟
ثلاثة مشكلات رئيسية وهى «مشكلات فنية، مشكلات إدارية، مشكلات مالية»، بالنسبة للجانب الفني، فأبرز التحديات التى نواجهها حاليًا تتمثل فى ضعف التفاعل المجتمعي، نتيجة القصور الثقافي، وعدم تنوّع الأنشطة المُقدمة للجمهور، إلى جانب غياب خطة تسويقية فعالة تواكب التطورات الحديثة فى المجالين الثقافى والفني.
وقد أدى هذا إلى عجز الهيئة عن الوصول إلى الجمهور بشكل فعّال، مما أوجد فجوة واسعة بين ما تقدّمه الهيئة فى وضعها الحالي، وبين ما يحتاجه المواطن فعلًا.
علينا أن ندرك أن الجمهور اليوم يعتمد بشكل أساسى على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو قادر على الوصول إلى المحتوى بكل سهولة.
وهنا تكمن التحديات الحقيقية، حيث بات من الضرورى أن ننتج محتوى ثقافيًا عصريًا، جاذبًا وآمنًا فى آن واحد، يسهم فى استعادة دور الهيئة كمصدر موثوق ومؤثر فى المشهد الثقافى.
أما التحديات الأخرى، فتتمثل فى الجانب الإداري، نحن نواجه مشكلات فى البنية التحتية، إذ لدينا عدد كبير من المقرات على مستوى الجمهورية، ونحن بحاجة إلى التمويل اللازم لتطويرها.
نحن نتحدث عن المبانى المملوكة للهيئة، لكن ليست جميعها مقرات كبيرة هناك أيضًا بيوت ثقافة، مكتبات، أماكن داخل أندية ونقابات، ومراكز شباب، ليست كل هذه المبانى منشآت متكاملة؛ فالبعض منها عبارة عن فناء أو طابق أو اثنين أو ثلاثة، ولها أبواب مستقلة، وتُستخدم كمراكز ثقافية فعليًا.
تطوير هذه المبانى يحتاج إلى ميزانيات ضخمة، خاصة بعد عمليات الترميم والتجهيز، وتكاليف التشغيل مثل الكهرباء والمياه وغيرها أصبحت مرتفعة جدًا، ولا يمكن تجاهل مشكلة ضعف الإنترنت كذلك، نحن نُدرك الظروف العامة، ونتفهم طبيعة العمل داخل الجهاز الإدارى للدولة، ولكن هذه هى التحديات التى نواجهها.
لدينا عدد كبير من المباني، واحتياجات كثيرة، ومديونية ضخمة على الهيئة تصل إلى نحو 2 مليار جنيه، بينما لا يتجاوز المخصص السنوى 500 مليون جنيه، وقد أوضحت هذا الأمر بالفعل أمام السادة أعضاء مجلس النواب، وأكدت أننى إذا استمررت فى العمل بهذا الشكل، فسأحتاج أربع سنوات فقط لسداد الديون دون تنفيذ أى أعمال تطوير جديدة لبقية الأماكن.
كواليس إغلاق المقرات
ما حقيقة ما يُثار حول إغلاق عدد من المقرات الثقافية التابعة للهيئة؟
توجد مجموعة من التحديات المتراكمة والمعقدة التى تواجه الهيئة العامة لقصور الثقافة، ويأتى فى مقدمتها من الناحية القانونية الالتزام بتطبيق أحكام القانون رقم 10 لسنة 2022، الذى يقضى بإخلاء الوحدات السكنية المؤجرة لشخصيات اعتبارية، خلال فترة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ صدوره، أى فى موعد أقصاه مارس 2027، وبما أن عددا ليس بالقليل من مواقع الهيئة الحالية تقع فى وحدات سكنية مؤجرة منذ سنوات طويلة، فإننا مطالبون بالتحرك الاستباقى لتنفيذ هذا الاستحقاق القانونى دون الإضرار بسير الخدمات الثقافية، وهو ما يتطلب تخطيطا مبكرا لإعادة توزيع العاملين، وتفعيل بدائل تشغيلية تضمن استمرار الخدمة وتحسين كفاءتها، مع ضمان العدالة فى إدارة الموارد البشرية، إن الرهان اليوم لم يعد فقط على توفير مقر، بل على كيفية إدارة الأفراد داخله بما يخدم رسالة الثقافة.
اقرأ أيضًا| أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. عروض مسرحية مجانية وتكريم رموز القرى
لكن التحدى لا يقتصر على الالتزام بالقانون فحسب، بل يتعداه إلى جملة من المشكلات الإدارية والهيكلية العميقة التى تراكمت عبر الزمن، حتى باتت تعيق تحقيق الفاعلية المرجوة، كثير من المواقع الثقافية تعمل اليوم فى ظروف مكانية غير مناسبة بالمرة، سواء من حيث المساحة أو التجهيز أو حتى مستوى السلامة المهنية، هناك حالات واقعية تكشف حجم الإشكال، مثل بيت ثقافة سمالوط، الذى لا تتجاوز مساحته 40 مترا مربعا، فى حين يعمل فيه 87 موظفا، ما يحوله عمليا إلى بيئة غير صالحة للعمل أو الإبداع أو حتى التنقل، وهناك أيضا مكتبة نكلا العنب، التى لا تزيد مساحتها عن 9 أمتار مربعة، تضم 8 موظفين، ما يعنى أن المكان بالكاد يتسع لهم، هذه المقرات لا تليق باسم هيئة ثقافية عريقة، ولا تعبر عن طموحنا فى تقديم خدمة ثقافية جادة ومؤثرة، بل إنها، فى كثير من الأحيان، تتحول إلى عبء إدارى ومصدر لإحباط العاملين، بدلا من أن تكون مساحة للإنتاج والإشعاع الثقافي.
ومن الجوانب الخطيرة التى لا يمكن التغافل عنها أن أغلب الوحدات السكنية المؤجرة التى تستخدم حاليا كمقار للهيئة، سواء كانت بيوت ثقافة أو مكتبات، تعانى من عدم أهليتها للحصول على إجازة تشغيل من إدارة الدفاع المدني، فهذه المواقع، بحكم تصميمها السكنى وعدم مطابقتها لاشتراطات الأمن الصناعى والسلامة، لا يمكن تقنين أوضاعها حتى بعد إعادة تجهيزها أو تطويرها وهو ما يعنى أننا، عمليا نملك أماكن تؤدى وظيفة من الناحية الشكلية، لكنها عاجزة عن استيفاء الشروط القانونية لتشغيلها، الأمر الذى يمثل تهديدا حقيقيا على سلامة العاملين بها والمترددين عليها.
إن عدم الحصول على تصريح الحماية المدنية لا يعد مجرد عقبة إدارية، بل هو إشكال خطير يضعنا أمام مسئوليات جسيمة، خاصة إذا وقعت «لا قدر الله» حوادث داخل هذه المقرات غير المؤمنة، ولذلك فإننا نواجه صعوبات متكررة فى تشغيل عدد من مواقع الهيئة المستقلة التى يتم الانتهاء منها، حتى بعد الانتهاء من تطويرها، فقط لأننا لا نملك إجازة الحماية المدنية التى يجيز التشغيل القانوني.
اقرأ أيضًا| «الثقافة» تختتم الملتقى ال21 لشباب المحافظات الحدودية بدمياط
هذا التوجه ليس خيارا رفاهيا، بل ضرورة فرضها الواقع العملي، واستجابة حتمية لمتطلبات القانون ومبادئ السلامة العامة التى لا يمكن التهاون فيها.
وفى هذا السياق، فإن الحديث عن «غلق المواقع» بوصفه تقليصا للدور الثقافى هو فهم جزئى ومجتزأ، لا يعكس حقيقة ما نسعى إليه، الهدف الأساسى ليس الإغلاق، بل إعادة التنظيم بما يضمن زيادة الكفاءة والتأثير، نحن ننتقل تدريجيا إلى نموذج أكثر مرونة وانفتاحا على المجتمع، يعتمد على أدوات متحركة وفعّالة مثل القوافل الثقافية، والمكتبات والمسارح المتنقلة، التى تجوب القرى والنجوع والمناطق البعيدة، وتقدم خدمات ثقافية حيوية لمجتمعات لا تصلها الخدمات الثابتة.
وقد ثبت بالتجربة أن هذا النموذج أكثر انتشارا وتفاعلا من الاعتماد الكامل على مقرات ثابتة، بعضها يفتقر إلى الجمهور، أو يعانى من ضعف التشغيل، كما نعمل بالتوازى على تطوير تطبيق إلكترونى يمثل «قصر الثقافة الافتراضي»، يتيح لأى مواطن يمتلك هاتفا ذكيا أن يحصل على خدمات معرفية وثقافية متنوعة من أى مكان، فى إطار استراتيجية شاملة للرقمنة تواكب العصر وتخاطب الأجيال الجديدة.
مقارنة غير دقيقة
ولكن بعض المناطق تعانى من ضعف الانترنت فهل هناك بدائل؟
صحيح أن بعض المناطق ما زالت تعانى من ضعف خدمات الإنترنت، وهى مشكلة واقعية لا يمكن إنكارها، لكننا لا نقف أمامها موقف المتفرج، بل نعمل وفق مسارين متوازيين: الأول هو المساهمة، ضمن الإمكانيات المتاحة، فى تحسين البنية الرقمية تدريجيا بالتعاون مع الجهات المعنية؛ والثانى هو تعويض هذا النقص من خلال تكثيف التغطية الميدانية عبر الوحدات الثقافية المتنقلة، التى تضمن استمرار الوصول إلى جمهورنا فى أى مكان.
البعض يرى أن ميزانية القوافل اكبر من تكلفة مقر ثابت يقدم نشاط يومي..فما ردكم؟
المقارنة التى تطرح أحيانا بين ميزانية القوافل وبين إنشاء مقرات ثابتة، هى مقارنة غير دقيقة من الناحية المالية والإدارية، فتكلفة إنشاء مبنى ثقافى واحد من حيث البناء والتجهيز والصيانة طويلة الأمد تفوق بأضعاف تكلفة تشغيل القوافل، ناهيك عن أن الموارد البشرية القادرة على إدارة مقرات جديدة غير متاحة بالوفرة المطلوبة، لا سيما فى ظل التحدى الكبير المتمثل فى خروج قرابة 1500 موظف على المعاش خلال السنوات الخمس المقبلة، مع ندرة فرص التعيين الجديدة، وصعوبة تعويض هذا النقص بالسرعة الكافية.
اقرأ أيضًا| غدا بمطروح.. قصور الثقافة تنظم مؤتمر آفاق جديدة لذوي القدرات الخاصة
وفى نهاية المطاف، فإن الهيئة لا تستهدف مطلقا تقليص النشاط الثقافي، بل تسعى بكل جدية إلى تحسينه، وتطوير أدواته، وضمان وصوله إلى أكبر شريحة من المواطنين.
نحن نعيد تعريف دور «قصر الثقافة» باعتباره مركزا حيويا للنشاط الثقافى الحقيقي، لا مجرد مبنى بلا فاعلية، وهذا التوجه لا يعبّر عن تراجع، بل عن نضج مؤسسى يستند إلى رؤية إصلاحية شاملة، تعلى من قيمة الخدمة الثقافية وجودتها وانتشارها، وتعيد للثقافة دورها التنموى والتنويرى فى المجتمع.
وعلينا جميعا أن نساهم فى توضيح هذه الرؤية للرأى العام، لأن الإصلاح الحقيقى يبدأ من المصارحة والشفافية، ومن الإيمان بأن الثقافة ليست فى الجدران، بل فى الحياة التى نبثها فى الناس.
ما يتم إنفاقه على سينما الشعب لا يتماشى مع العائد منها، فهل لديكم حلول؟
إيرادات الأنشطة فى الهيئة ضعيفة جدًا لأن لائحة الهيئة تنص على أنها غير هادفة للربح ففى العام الماضى كانت الإرادات ما بين 11 إلى 12 مليون جنيه على مستوى جميع المقرات، فمثلا سعر تذكرة سينما الشعب يتراوح بين 20 و 40 جنيها، لأنها تخاطب الجمهور الذى لا يستطيع دخول السينمات الأخرى فمن حقه أن اوفر له مكان يناسب مع دخله، وقررنا فى مجلس الإدارة مؤخرًا رفع سعر التذكرة ل60 جنيه ليس لتحقيق ربح ولكن لتوفير مصاريف التشغيل الخاصة بها فقط وحتى ذلك المبلغ سيكون أقل من سعر التذاكر فى السينمات الأخرى، بالفعل نحن نحتاج لزيادة الدخل ولكن ليس على حساب الجمهور المستهدف وصول المنتج الثقافى إليه.
استثمار ثقافى
أعلم أنكم تعملون فى الوقت الحالى على فتح مجالات جديدة للاستثمار الثقافى بالهيئة ما هي؟
البند الثانى من الخطة الاستراتيجية هو هيئة مطورة ذات أصول مستغلة فى أنشطة استثمارية كمصادر لتمويل إضافية متنوعة، وذلك لمواجهة ضعف الموارد المالية للهيئة فى ظل ترشيد الإنفاق الحكومي، لذلك لدينا خطة استثمارية لتوفير دخل زيادة بحيث لا يؤثر على الخدمات الثقافية المقدمة للجمهور، وما نعمل عليه هو استغلال أفنية بعض الأماكن بمشروعات تدر دخل مثل اللوحات الإعلانية، والأفنية الداخلية يمكن تؤجر بشكل لا يتعارض مع الطبيعة الثقافية للمكان، كما أننا نعمل حاليا على مشروع جديد وهو «المقهى الثقافي» عبارة عن مقهى ومطعم ويتوفر بداخله مكان لعرض أنشطة الهيئة، وسيتم فتح أول مقهى بالعلمين بالشراكة مع وزارة الإسكان، وسيقدم به عروض فنية وتخت شرقي، ويمكن إقامة أمسيات شعرية وندوات ليصبح ملتقى ثقافى فى تلك المنطقة الواعدة ونسعى لتشغيله قريبًا، ليكون فى حالة نجاحه تجربة مميزة يمكن تطبيقها فى كل المواقع الثقافية، وفى المستقبل القريب يصبح ذلك المقهى علامة تجارية خاصة بالهيئة ينتشر بمصر وحتى الوطن العربى كله، ليكون أحد وسائل نشر المحتوى الثقافى بشكل لائق، وذلك يمكن تطبيقه فى كل المحافظات.
بالإضافة إلى أننا وقعنا بروتوكول تعاون مع محافظ البحر الأحمر لتشغيل مسرح الغردقة بشكل جاذب للجمهور السائحين، وبدأنا كمرحلة أولى فى الغردقة وسيتم افتتاح المكان الشهر المقبل، بالإضافة إلى مسرح فوزى فوزى بأسوان به مناطق خارجية يمكن استثمارها تتيح للزائر الاستمتاع مشهد النيل والعروض الفنية التى يتم عرضها على المسرح، ومكسب تلك المشاريع فى المناطق السياحية ليس مادى فقط ولكن الصورة الذهنية لقوة مصر الناعمة عند السائحين سيكون مختلف.
تطبيق تفاعلى للمبدعين
التحول الرقمى هو توجه عام للدولة كيف تطبقه هيئة قصور الثقافة؟
لدينا بروتوكول مع وزارة الاتصالات سيتيح وسائل متعددة للجمهور للاطلاع دون الحاجة للبحث عن مكتبات بحيث سيتم توفير تطبيق مكتبة رقمية مجانى يمكن الجميع من تحميل الكتاب والقراءة مجانًا، ومن يريد اقتناء الكتاب المطبوع يمكن طلبه عبر التطبيق ويصله بالبريد إلى منزله بسعر مخفض، وفيما يخص دور الهيئة فى اكتشاف المواهب ورعايتها، يوجد العديد من الأماكن يصعب الوصول إليها، لذلك سيتم توفير تطبيق تفاعلى بضوابط معينة وفى إطار مسابقة فى التمثيل والغناء والعزف وكل الفنون التشكيلية والمشغولات اليدوية والأعمال الأدبية ويتم رفع فيديو فى حدود دقيقتين يتم مراجعته من خلال متخصصين وتتم التصفيات من خلال مرحلتين الأولى التصويت والثانية هى تقييم المتخصيين من اللجان الفنية فى كل المجالات لاختيار أفضل 10 فائزين، والفائزين سيتم رعايتهم وعمل فرق جديدة فى كل الأقاليم الثقافية فى مجالات مختلفة، وبذلك أكون خاطبت الشباب باللغة التى يفضلوها، وبالنسبة للفائزين فى الفنون التشكيلية والمشغولات اليدوية، سيتم إتاحة عرض لوحاتهم للبيع فى مزاد من خلال التطبيق لبيعها إذا رغب صاحبها بأعلى سعر ممكن، كما سيتم إتاحة معروضات باقى المشاركين فى المقهى الثقافى وإتاحتها للبيع بعد موافقة أصحابها.
استضافة نادى القصة
بعد صدور قرار بتخصيص مكان لنادى القصة بقصر الإبداع، هل هناك أى شروط لتلك الاستضافة بما أن النادى مستقل لا يخضع لرقابة الهيئة؟
قامت الهيئة بتخصيص مقر جديد للنادى داخل قصر ثقافة الإبداع الفنى بمدينة السادس من أكتوبر بتوجيه من الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، واستجابة للكاتب الكبير محمد سلماوي، عضو المجلس الأعلى للثقافة والرئيس الأسبق لاتحاد كتاب مصر والعرب، ليظل المنصة التى تدعم الأدباء والمبدعين منذ خمسينيات القرن الماضي.
عندما تطرح علينا فكرة جديدة، فلابد أن أخضعها للتجربة لنعرف ما إيجابيتها وسلبياتها، وإذا وجدنا الإيجابيات أكثر من السلبيات والسلبيات يمكن التعامل معها، فستستمر ونعمل على تطوير التجربة وذلك بصفة عامة لكل ما هو جديد على طبيعة الهيئة وليس نادى القصة فقط، فمثلا تقدم لنا طلبات لعمل ورش عمل بصفة يومية لنشاطات، بالإضافة إلى تكريمات لذوى الاحتياجات الخاصة نرحب بذلك طالما تقدم خدمة عامة لفئة أكثر احتياجًا.
يوجد مبادرات شبابية متعددة حققت نجاح كبير فى المحافطات هل يمكن لقصور الثقافة أن تدعم تلك المبادرات؟
لا يوجد ما يمنع ولكن لا بد أن يتم مراجعة المحتوى المقدم للجمهور، والتأكد أنه يخدم المواطن بشكل أساسى دون أى أغراض أخرى، وأرى أن هذه المبادرات لا بد أن يكون هناك وسيلة لمراجعة المحتوى الذى يقدموه فنيا أولا.
فى النهاية أرى أن خطتكم هى نتاج خلفيتكم فى مكافحة الفساد وأتوقع أن لديكم خطة لنشر التوعية بين الجمهور لمكافحة الفساد باعتبار قصور الثقافة أهم منابر نشر الوعي.. فما هي؟
نستهدف الأطفال والنشء لخلق جيل جديد رافض للفساد وذلك ما تم بالفعل من خلال توعية أطفال مبادرة أهل مصر وأطفال المناطق العشوائية بأهمية مكافحة الفساد، وهذه هى البداية ونسعى لنشر ذلك الوعى من خلال قصور الثقافة، ويمكن تطبيق ذلك من خلال التطبيق الإلكتروني، ورش العمل والندوات ولكن الخطوة الأولى لابد من توفير وسيلة إعلامية قوية لمخاطبة الشباب، من خلال إطلاق التطبيق فى ديسمبر المقبل، سيكون لدينا نافذة يجتمع خلالها الشباب لتوضيح وتصحيح المفاهيم والرد على الشائعات ونشر الندوات الخاصة بمواجهة التطرف الديني، بالأخص فى المناطق الحدودية.
ما هى الرسالة التى توجهها للعاملين بهيئة قصور الثقافة..؟
أقول لهم أمامنا خطة طموحة جدا وعمل كثير فى الفترة القادمة واحتاج لكل واحد منكم، وحتى الزملاء الذين عرضت عليهم الانتقال لأماكن أخرى هذه ليست رغبتى ولكنى لا أريد الإثقال عليهم بنقلهم أماكن بعيدة عن محل سكنهم، فتلك الخطة الطموحة لا أستطيع إنجازها بمفردى وأتمنى أن نتكاتف جميعا لنستطيع تخطى تلك المرحلة ونغير الصورة الذهنية السلبية عن الهيئة، فما يحدث الآن هو تنظيم للبيت من الداخل لنبدأ مرحلة جديدة تواكب العصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.