«الطموح عندها عمره ما كان ليه سقف.. والشغل عمره ما كان عيب».. بهذه العبارات الفلسفية استطاعت المرأة المصرية تكسير كافة القيود، التي فرضها المجتمع حول طبيعة عمل المرأة.. والانطلاق برغباتها إلى عنان السماء. فمن منطلق «أن العمل عبادة أيًا كانت درجته»، شهد المجتمع المصري مؤخرًا امتهان نسائه في وظائف غريبة عليه، أمثال ال«السباكة والنجارة والحدادة والجزارة»، والتي كانت من أبرز الأعمال التي احتكرها الرجال على مر الزمان، إلا أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، أجبرت العديد من النساء على اقتحام المجال والمنافسة فيه. وفيما يلي أغرب المهن التي اقتحمتها سيدات مصر: 1-الجزارة: تقف داخل جدران محل الجزارة الخاص بها والكائن في شارع القصر العيني، ترتدي عبائتها السوداء وتتزين بالأساور والحلي ممسكة بالساطور وسط «اللحوم». "دعاء أحمد" والمعروفة وسط أهل المنطقة بالمعلمة «دبشة» التي ورثت مهنة الجزارة أبًا عن جد، فتركوا لها المحل لتكمل مسيرة العائلة، كانت تبلغ من العمر 15 عامًا عندما بدأت مساعدة والدها في العمل، وسرعان ما تشربت المهنة وكيفية إمساك الساطور وتقطيع اللحوم. قالت المعلمة دبشة: "أهلى كلهم جزارين كنت لازم أطلع زيهم، والناس كانت بتستغرب في الأول بس دلوقتي لو مش لاقوني بيمشوا". 2-السباكة: "سهام المغازي" المشهورة ب«أم باسم»، أول امرأة مصرية تمتهن السباكة، حصلت على دبلوم التجارة عام 1972، وعملت بعدها بعدة مصارف وبنوك مثل بنك مصر، حتى توفى والدها تاركها هي و8 أخوات. ساعدها بعض أقاربها في السفر إلى الكويت للعمل هناك، وبعد أكثر من 13 عامًا، عادت إلى مصر مرة أخرى بعد ادخار مبلغ من المال لبدأ مشروعها الخاص. دخلت «أم باسم» في عدة مشاريع مختلفة مثل «المطاعم والكوافيرات ومصانع الحلويات»، قبل أن تخسر جزء كبير من أموالها بعد فشل مشروع «توزيع المواد الغذائية»، والذي تسبب في ترك زوجها لها بعد الخسارة المالية الكبيرة التي تعرضوا لها. «انتي جمل يا بت كل مرة تقعي وتقومي».. جملة قالها أحد التجار لأم باسم كانت هي السبب فب عودتها للعمل مرة أخرى، بعدما لازمت المنزل لأكثر من عامين، وقررت الالتحاق بدورة لتعليم مهنة التفصيل في أحد المراكز، والتي كانت سببًا في دخولها عالم السباكة. فبعد تأخر بدأ دورة التفصيل بسبب التجهيز لدورة «السباكة»، والتي تقوم بها إحدى الشركات الكبرى في مبادرة للقضاء على البطالة، قررت أم باسم الالتحاق بها على الرغم من المعارضة الأولية التي واجهتها لكونها «سيدة»، لتصبح أم باسم أول امرأة مصرية تعمل في مهنة السباكة. 3-سائقة «توك توك»: «اللي مضايق من مهنتي يوفرلي أجرتي».. رد «أم رحمة» سائقة ال«التوك توك» على كل من يعارض مهنتها، فضّلت أن تقتحم مجال السواقة بين الرجال على أن تنتظر صدقة. بدأت أم رحمة العمل على «التوك توك» الخاص بها منذ ثلاث سنوات، بعد أن طلبت من أخاها أن يعلمها «السواقة» عليه رغم رفض المحيطين بها، ولكن بعد إصرارها حازت على احترام أهل المنطقة الذين قاموا بتشجيعها، حتى ابنتها التي قالت: "أمي ست جدعة ب 100 راجل بدل ما تشحت علينا نزلت اشتغلت وربتنا". ووجهت أم رحمة رسالة لكل سيدة بدون عمل أو معاش قائلة: "انزلي اشتغلي اللي تحبيه أو هاتي توك توك وتعالي أعلمك عليه". 4-ميكانيكي: "لقاء مصطفى الخولي" إبنة الصعيد ذات ال 18 عامًا، التي استطاعت تحدي أعراف البلد لتعمل بالميكانيكا، مرافقتها لأبيها جعلتها تقع في حب المهنة منذ طفولتها، والذي قام بتشجعيها على العمل برفقته في الورشة وهي بسن الحادية عشر. استطاعت أن تكون أشهر «ميكانيكة» بالمنطقة حتى أطلقوا عليها «بلية»، والتي أصبح كل طموحها أن تعثر على فارس أحلامها الذي يتفهم طبيعة عملها وحبها له ولا يمانع استمرارها فيه. 5-ترابية: «ببقى مبسوطة وأنا بدفن الميت علشان دي حاجة كبيرة بيني وبين ربنا».. فوقية محمود ابراهيم، أول سيدة تعمل بمهنة «الترابية» في مصر، كانت تبلغ 11 عامًا عندما قررت أن تأخذ مكان أبيها في العمل بعد مرضه. تسكن مع والدها و6 أخوات في إحدى المدافن، وبعد مرض والدها اضطرت إلى العمل في دفن الموتى بدلًا منه بحكم أنها أكبر أخواتها، حتى لا يتم طردهم من المدفن. " أول مرة أدفن كنت مهزوزة بس قولت لأبويا إني مش خايفة علشان يسيبني أنزل ومنطردش"، هكذا وصفت فوقية شعورها في أول مرة تقوم بالدفن فيها، والتي أصبحت من الأشياء المحببة لها بعد ذلك على مدار 18 عامًا.