منذ يومين أثارت المستشارة تهاني الجبالي بعض الأسئلة الدقيقة عن وضع المرأة في الدستور الجديد في ظل مبدأ المساواة، وهل الدستور سيمكنها من القيام بأدوارها الاجتماعية، في الوقت التي تعالت فيه بعض الأصوات بإقصاء المرأة عن الحياة السياسية والتضليل باسم الدين.. فهل صوت المرأة عورة وهل لا يجوز لها أن ترشح نفسها في الانتخابات البرلمانية والرئاسية.. وغيرها من الأسئلة التي طرحناها علي فقهاء الدين والقانون والسياسة، فقالوا: أكد الدكتور سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة، أن حق ترشح المرأة للانتخابات «حلال» شرعاً، قائلاً: إن المرأة من حقها أن يكون لها صوت في المجلس النيابي وتمثل أبناء دائرتها في البرلمان، وتعبر عنهم وتناقش قضاياهم شأنها شأن الرجل في المساواة، أما عن وجودها وسط الرجال في مجلس الشعب فهذا يعد من الاختلاط المباح، وصوتها لا يكون «عورة» ولا يوجد فيه إشكالية،حيث إنه لا يخدش الحياء لأنها تناقش قضايا عامة. وأضاف «عبدالجليل» أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تعلم الرجال من خلال الصوت وتناقشهم في قضايا الدين والدنيا، كما أنه لا يوجد مانع من حق الانتخاب أن تختار من تشاء ومن تريد مع وجود الضوابط لاختيار من يكون له هدف في إصلاح البلاد، ولا يكون المعيار بالذكورة أو الأنوثة علينا اختيار الشخص الكفء حتي ولو كان امرأة. وأوضح الدكتور جمال قطب رئيس لجنة الفتوي بالأزهر الشريف سابقاً، ان لا شيء ممنوع بالنسبة لنشاط المرأة في الحقل السياسي ترشحاً أو انتخاباً فهي كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم: «هن شقائق الرجال»، والعلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع كالعلاقة بين الليل والنهار أي علاقة تكامل وليست علاقة تنافس، ولا يمكن ان يقتص أي منها الآخر، وجميع التيارات الإسلامية تقبل الآن علي تقديم مرشحات لها في الانتخابات القادمة وهو ما يعد تأكيداً علي مشاركة المرأة في الحياة السياسية بعيداً عن الدين. كانت ضد «كوتة» المرأة لأنها كما قالت جعلت النساء يشعرن وكأنهن أقلية قليلة تطالب بدخول المرأة البرلمان وليس حقاً من حقوقهن.. إنها الدكتورة نجوي ابراهيم، أستاذ العلوم السياسية بجامعة «6 أكتوبر» التي أشارت الي أن نصوص الدستور الحالي تقوم علي مبدأ المساواة، لكنها غير مفعلة والنظرة للمرأة بطريقة رجعية ليست فقط من التيارات السياسية الدينية بل من المجتمع ككل مازال ينظر برجعية في ترشحها للبرلمان. وأردفت الدكتورة نجوي إلي أننا نحتاج الي دستور الجديد ينص علي المساواة بين الرجل والمرأة علي أساس المناصفة في كل شيء، ولا نحتاج الي قوانين تعاملنا علي أن المرأة «مواطن درجة ثانية»، وأوضحت انه يجب عدم الاعتراف بكيان المجلس القومي للمرأة لأنه يعبر عن النظام السابق، وطالبت بتأسيس كيان نسائي جديد يعبر عن المرأة بمساندة منظمات المجتمع المدني، ويعمل للحث علي ترشيح المرأة للانتخابات مع مساندة الأحزاب لها. ويري الدكتور محمد الجوادي، الباحث والمفكر السياسي انه من رابع المستحيلات أن تفوز المرأة في الانتخابات القادمة، لأنه في ظل الحكم «العسكري» لا يمكن ان تتم المساواة بشكل فعلي بين الرجل والمرأة، بسبب سياسة القوات المسلحة التي لا تعطي للمرأة نفس صلاحيات الرجل وأي تشريعات ستكون في الدستور الجديد هي مجرد تشريعات صورية لا تتناسب مع حجم مشاركة المرأة في ثورة يناير. وأشار «الجوادي» إلي أن هناك نظرة دونية للمرأة ستعمل علي تراجع دورها في الانتخابات القادمة، ويجب اعطاء الحرية الحقيقية لها كما أن المعركة الانتخابية صعبة ومستحيلة بالنسبة للمرأة في ظل الأوضاع الراهنة. وأكد الدكتور عاطف البنا، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة ان كل القوانين ونصوص الدستور تكفل حق المساواة بين الرجل والمرأة في الترشح أو الانتخاب. وأن الدستور الجديد سيظل يعمل بالمادة رقم «40» التي تنص علي المساواة لأنها تقضي بعدم وجود أي تمييز أو تحيز للرجل وأضاف ان كل ما يقال عن استبعاد المرأة من الانتخابات القادمة هو من قبيل وسائل الإعلام، لأن التيارات الدينية رشحت المرأة بقوة لتمثيلها في البرلمان مع البعد عن التشدد، لكن المرأة في أغلب الوقت ليس لديها الاستعداد لخوض تلك المعركة.