قال العلماء، من المعروف أن الإنسان كائن خلقه الله تعالى على الأرض لإعمارها، وهذا المخلوق سيقف فى يومٍ من الأيام بين يدى الله تعالى، وذلك ليُحاسبه على الأعمال التى قام بها فى الدنيا، فإمّا أن تزيد عدد حسناته على عدد سيئاته فى الميزان، فيدخل الجنة وينعم بنعيمها الدائم، وإمّا أن ترجّح كفّة السيئات على كفة الحسنات، وبالتالى يَخلد فى نار جهنم فى عذاب دائم. من الجدير ذكره، أنّ الجنّة درجات، وأنّ النار دركات يُعاقب بها الله الكافر بحسب درجة ذنوبه. إنّ الذنوب والسيّئات كلمتان قد تتشابهان فى اللفظ لكنّهما تختلفان فى المعنى والدلالة. وورد ذكر الكلمتين فى القرآن الكريم على هيئتين، فمرّةً جاءتا مقترنتين، ومرّةً جاءتا منفردتين كل منهما فى آية، ومن الأمثلة على الاقتران فى القرآن قوله تعالى وهو يصف المؤمنين فى سورة آل عمران: «رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَار»، وَمن الأمثلة على تفريدهما قوله تعالى فى سورة محمد: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ». وَقَوْلِهِ فِى سورة الْمَغْفِرَةِ: «وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ». وقوله أيضاً «رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا». ومن الجدير ذكره، أنّ كلمة السيئات تدلّ على صغائر الذنوب، أمّا كلمة الذنوب فتأتى للدلالة على الكبائر من الذنوب، لذلك نجد أنّ لفظ التكفير اقترن مع لفظ السيئات، وذلك لأنّ السيئات تستوجب التكفير عنها وبذلك يمحوها الله ويعفو عنها ويسترها على الشخص الذى اقترفها، أمّا لفظ الذنوب فقد اقترنَ بالمغفرة التى تحمل معنى الحفظ والوقاية. والكبائر تعنى الإثم الكبير أو الجرم العظيم، وهى جمع كبيرة، وهى كلّ ذنبٍ حدّد له الشارع عقوبةً مُعيّنة؛ حيث يُقيم وليّ الأمر أو الحاكم الحدّ على كل من يرتكب إحدى هذه الكبائر، وتُعتبر الكبائر من الذنوب التى تلحق بصاحبها الوعيد؛ حيث ثبتت فى القرآن والسُنة مجموعةٌ من الآيات والأحاديث التى يتوّعد فيها الله مرتكب الكبائر، ومن هذه الكبائر الإشراك بالله فيعبد الإنسان إلهاً آخر مع الله، وقتل النفس دون حق، وأكل الربا من أموال الناس، بالإضافة إلى قول الزور، والتعدّى على أموال اليتيم. كما أشار الرّسول صلى الله عليه وسلّم إلى أنّ إتيان السحر من الكبائر، وأشار إلى تجنّب الهروب من ساحة المعركة والخوض فى أعراض النساء العفيفات؛ فهذه الذنوب كلّها من الذنوب التى تستوجب إقامة الحد.