وجه المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس المحكمة، التي قضت اليوم بحكمها في القضية المعروفة إعلامياً ب"التخابر مع قطر"، رسالة شديدة اللهجة إلى الرئيس الأسبق محمد مرسي وجماعته وكل من يخون وطنه. وذكر فهمي أنه لا شيء يغفر خطيئة خيانة الوطن، ومهما كان عذرك للخيانة فلا عاذر لك، فكل شيء يذهب ويبقى الوطن ما بقيت السموات والأرض، قائلًا: "لا يمكن لعاقل أن يثق في خائن، ومن هان عليه وطنه يهون عليه عرضه وشرفه" . وأوضح فهمي أن خيانة الوطن أكبر مما تحتمل أي نفس، وأنه لعار أن تخون وطنك، مضيفًا أن الوطن بمنزلة العرض والشرف للإنسان، وأنه ما من عرف أو دين أو فكر يبرر خيانة الوطن. وأكد فهمي أن نصوص الشرع تنهي عن الخيانة، مذكرًا بقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ " وقوله "أن الله لا يحب الخائنين ". وأشار فهمي إلى أن النبي بين فداحة هذا الجرم وأن شئمة يلاحق صاحبة في الدنيا و الآخرة ذاكراً الحديث الشريف: "ما من ذنب أجدر أن يُعَجِّلَ الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يَدَّخرُه في الآخرة من قطيعة الرحم والخيانة والكذب " . وذكر فهمي أن النبي كان يدعو: "أعوذ بك من الخانية فإنها بئسة البطانة"، لتعلق المحكمة بأن ذلك يكشف بجلاء أن الخيانة في أسفل درجات الإنحطاط . وتابعت المحكمة قائلة: "إن الحياة والوطن، وشيجتان مترابطان، كامتزاح الإنسان بالأرض، بطينه وترابه، بظله وعدله، فالوطن هو محفظة الروح، حينما تغادره تنسل من جذرك، هو أنت وأنت هو ، حتى لو أتعبك بغثاء السيل في دروبه، مهما قسا عليك لا مفر اليه منه". ولفت فهمي إلى أن البلد بنيله ونخيله الذي يتطاول عزة و مهابة وبقادته ورجاله بأطفاله وشيوخه، بحره وبرده ، مُتكأ للطمأنينية، فهو الأب الحاني الكبير، نقسولا عليه ويحنو علينا، نعصاه احياناً ويمنحنحا العطاء بلا حدود، لا نستطيع أن نزداد حباً وبراً له . وأشار فهمي الى أن المحكمة قامت بدورها في البحث على الحقيقة، من خلال مُحاكمة منصفة، تحققت فيها ضمانات الحقوق و الحريات في إطار الشرعية الإجرائية، وأنها قامت بنظر الدعوى لجلسات متعاقبة دون التقيد بأدوار إنعقاد المحكمة، استمعت فيها إلى شهود الإثبات، واستدعت من إقتضت الضرورة سماعخم للإحاطة بالدعوى على بصر بصير، لتلفت المحكمة الى أنها إستمعت ل 48 شاهداً منهم كبار قيادات الدولة ممن عاصروا الأحداث . وأضاف فهمي أنه المحكمة استمعت لهيئة الدفاع وأتاحت لهم كل الفرص الممكنة لتقديم دفوعه، ليطمأن وجدانها لأنها أعطت كل ذي حق حقه، لتلفت المحكمة ببأن الجلسات بلغ عددها 99 جلسة حققت المحكمة خلالها قواعد العدالة والمحاكمة المنصفة دون إخلال لحق لأحد، وأنه بلغ صفحات الجلسات ما يظزيد عن الألف صفحة، وعكفت على دراسة اوراق الدعوى دون كلل أو مملل وصولاً للحقيقة حتى استقر للمحكمة يقيناً ثابتاً لا مرية فيه كافياً لإدانتهم، وانها اطمأنت للشهود من شهود إثبات وشهود واقعة، وماشهدته المحكمة من وثائق ومستندات تم ضبطها لدى بعض المتهمين والى إقرارات المتهمين بالتحقيقات على نفسهم وعلى غيرهم من المتهمين . وأعربت المحكمة عن رفضها لما أثاره دفاع المتهمي، وانه قصد بها التشكيك في ما يثبت جرم المتهمين ، لحمل المحكمة على عدم الآخذ بها، لتؤكد المحكمة بأنها لا تعول الحكمة على إنكار المتهمين للإتهامات المسندة اليه ، وإعتبرت ان تلك تلك هي وسيلتهم في الدفاع لدرء الإتهام بغية الإفلات من العقاب. واختتم فهمي كلمته بذكر الآية الكريمة " إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ". وأسندت النيابة إلى الرئيس المعزول محمد مرسي وبقية المتهمين اتهامات عديدة، من بينها ارتكاب جرائم الحصول على سر من أسرار الدفاع، واختلاس الوثائق والمستندات الصادرة من الجهات السيادية للبلاد والمتعلقة بأمن الدولة وإخفائها وإفشائها إلى دولة أجنبية والتخابر معها بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية. ونسبت النيابة للمتهمين طلب أموال ممن يعلمون لمصلحة دولة أجنبية، بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة البلاد، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجرائم السابقة، وتولي قيادة والانضمام لجماعة إرهابية تأسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على حريات المواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، بهدف تغيير نظام الحكم بالقوة والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه.