أكد د.عبدالمنعم المشاط أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن إسرائيل تلعب دورًا مزدوجًا مع الولاياتالمتحدة لتطويق الدور الاستراتيجي والسياسى المصرى فى المنطقة وتحجيمه فى المستقبل. وأوضح أن مصر وضعت قيودًا ذاتية على دورها الإقليمي ربما لأنها رأت وترى أن ذلك أفضل في الظروف الراهنة من إثارة قضايا لا طاقة لها بها مع أطراف أخرى خاصة إسرائيل، مشيرا إلي أنه في الوقت الحالي هناك فرص متاحة لتحرر مصر من القيود والبدء في طرح مبادرات فاعلة في النظام الإقليمي العربي. وأوضح خلال مؤتمر العلاقات الإيرانية العربية الذي نظمه اليوم المركز الدولي للدارسات المستقبلية ، أن الدور الإقليمي لمصر مر بثلاث مراحل أساسية، هي الدور الفاعل حيث اتسم النظام الدولي بثنائية أتاحت لمصر أن تبادر بسياسات إقليمية مستقلة نسبيًا مع قدرة على توظيف إمكاناتها وسلطاتها الإقليمية خاصة مؤسسات العمل العربي المشترك، وكان لها كذلك دور هام في الوقوف أمام مصدر التهديد الرئيسي للأمن الإقليمي (إسرائيل)، ومصادر التهديد الثانوية (إيران وتركيا)، وهكذا، ساهمت مصر في تكوين النظام الإقليمي العربي الذي لم يكن معروفًا من قبل، وانتهى هذا الدور عام 1978 باتفاقية كامب ديفيد وعام 1979 باتفاقية السلام مع إسرائيل. وأشار إلي أن المرحلة الثانية للدور الفاعل لمصر هي مرحلة التسوية السلمية مع إسرائيل والدفع بدول عربية أخرى إلى اتباع أسلوب التفاوض والصلح معها . وقال "إن هذا الدور انتهي إلى تفكيك النظام الإقليمي العربي إلى تجمعات إقليمية ضعيفة مع ضياع الدور المركزي الإقليمي لمصر سياسيًا واستراتيجيًا". وأضاف أن الأخطر هو تنسيق الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل وتوظيف القدرات العسكرية والسياسية والاستراتيجية الإيرانية ضد الدور المصري التقليدي، فلم يحدث في التاريخ الحديث أن دولة كبرى (أمريكا) تروج علنًا لدور إقليمي فاعل لإيران كما فعلت الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل؛ حيث لم يعد لمصر دور مؤثر في فلسطين والعراق ولبنان والسودان والصومال، وإنما تحول الدور الإيراني بالفعل إلى دور فاعل في كل هذه المناطق، ولا شك أن تنامي الدور الإيراني يحد من الدور الطبيعي لمصر. وعن خصائص الدور الواعد والمستقبلي؛ ذكر د.المشاط أنها تتضمن صنع سياسة خارجية أكثر فاعلية تتولى فيها وزارة الخارجية الملفات الرئيسية واحتمالات أكبر لسياسة خارجية أكثر توازنًا بين الفاعلين الرئيسيين في النظام الدولي دون الانحياز المطلق للولايات المتحدةالأمريكية. وقال إنه إذا كانت مصر في ظل النظام الشمولي قد جنحت إلى القطيعة الدبلوماسية مع إيران وإبراز التعارض في المصالح معها إرضاءً لدول الخليج العربي؛ فإن الظروف الآن تقتضي إعادة التفكير في توسيع دائرة المصالح المشتركة (الاقتصادية والثقافية والإنسانية والسياسية) بين مصر وإيران بغية تكريس الجهود العربية والفارسية لتسوية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وما بقي من هذا الصراع العربي. وأوضح أن المصالح القومية لمصر، والتي تتمثل في دور إقليمي مركزي، والعمالة المصرية في الخليج، وحماية الحدود الشرقية والجنوبية من أية تهديدات خارجية، والحفاظ على التوازن في النظامين العربي والشرق أوسطى، واحتواء احتمالات توسع الدور الإيراني، تقتضي إعادة النظر والبحث في إمكانية إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، والتي قد تؤدي إلى تحييد أي خطر إيراني على المصالح القومية لمصر، وينبغي ألا تخضع مصر، في هذه الحالة، لابتزاز من أي طرف.