قناة السويس تستضيف اجتماع المجلس الأعلى للجامعات (صور)    اختيار 374 أستاذًا من جامعة أسيوط ضمن قوائم المحكمين بالأعلى للجامعات    ارتفاع سعر الجنيه الذهب اليوم الجمعة 28 نوفمبر.. «آخر تحديث رسمي»    392.9 مليار جنيه قيمة التداول بالبورصة المصرية خلال الأسبوع    وزير الصناعة والنقل يلقي كلمة مصر امام الجمعية العامة لمنظمة "IMO" بلندن    أمريكا تُغلق أبوابها أمام 19 دولة فى تشديد جديد للهجرة.. اعرف التفاصيل    خلال لقائه مع وزير خارجية البوسنة.. عبدالعاطي يستعرض الفرص الاستثمارية في مصر    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 عاماً ينتظر معرفه منافسه في نهائي بطولة شمال أفريقيا    بعد إعلان الخطيب دعمه.. رمضان صبحي بقميص الأهلي = 24 هدفا × 110 مباريات و9 ألقاب    جوارديولا يكشف موقفه من التجديد لبرناردو سيلفا    خلاف على التحميل يتحول لمعركة.. ضبط سائقي ميكروباص تعدّوا على سائق وراكب    ضبط صانع محتوى لقيامه بنشر مقاطع فيديو مُسيئة بالأسكندرية    مصرع أم غرقاً أثناء محاولتها إنقاذ إبنتها من موت محقق بمياه ترعة بالبحيرة    قصة إنشاء ستوديو مصر.. من البداية حتى أصبح أهم القلاع السينمائية    ثقافة الإسماعيلية تنظم سلسلة أنشطة ثقافية وفنية للأطفال    والدة هبة الزياد: احترموا حرمة الموت وكفاية بحث عن ترندات مؤذية    مفوضة أوروبية تلتقي المصابين الفلسطينيين في مستشفي العريش العام    جامعة القاهرة تُكرّم نقيب الإعلاميين تقديرا لدوره البارز فى دعم شباب الجامعات    كيف تحولت أركان مدرسة دولية إلى مصيدة للأطفال مع ممرات بلا كاميرات    الأرصاد: طقس الغد معتدل على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة الكبرى 26 درجة    سقوط عصابة سرقة الحسابات وانتحال الهوية عبر لينكات خبيثة    أكاديمية الشرطة تستقبل عدد من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية    جامعة حلوان تطلق المرحلة الثانية من الجلسات التعريفية بالمنح التدريبية المجانية لطلابها    تلبية لدعوة الشرع.. مئات آلاف السوريين في الساحات لرفض التقسيم ودعم الوحدة    الدفاع المدني السوري: عمليات البحث والإنقاذ لا تزال جارية في بلدة بيت جن    فحص 20 مليون و168 ألف شخص ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    بعثة بيراميدز تساند المصري أمام زيسكو يونايتد    ما حكم إخراج الزكاة بناء على التقويم الميلادى وبيان كيفية ذلك؟ دار الإفتاء تجيب    انعقاد 8 لجان وزارية وعليا بين مصر والجزائر والأردن ولبنان وتونس وسويسرا والعراق وأذربيجان والمجر    بمشاركة 23 فنانًا مصريا.. افتتاح معرض "لوحة في كل بيت" بأتيليه جدة الأحد    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    إزالة 1650 تعديًا على أملاك الدولة في البحيرة    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    حزب الجبهة الوطنية بالجيزة يستعد بخطة لدعم مرشحيه في جولة الإعادة بانتخابات النواب    54 ألف طن قمح رصيد صوامع الغلال بميناء دمياط اليوم    المصري يتحرك نحو ملعب مواجهة زيسكو الزامبي في الكونفدرالية    لتغيبهما عن العمل.. إحالة طبيبين للشؤون القانونية بقنا    عاطف الشيتاني: مبادرة فحص المقبلين على الزواج ضرورة لحماية الأجيال القادمة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    شادية.. أيقونة السينما المصرية الخالدة التي أسرت القلوب صوتاً وتمثيلاً    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    مشاركة مصرية بارزة في أعمال مؤتمر جودة الرعاية الصحية بالأردن    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأردني تطورات الأوضاع في غزة    جدول مباريات اليوم الجمعة 28 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    خشوع وسكينة.. أجواء روحانية تملأ المساجد في صباح الجمعة    «الصحة» تعلن تقديم خدمات مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية ل15 مليون مواطن    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    وزارة العمل: 1450 فرصة عمل برواتب تبدأ من 10 آلاف جنيه بمشروع الضبعة النووية    سريلانكا تنشر قواتها العسكرية للمشاركة في عمليات الإغاثة في ظل ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات    الزراعة تصدر أكثر من 800 ترخيص تشغيل لأنشطة الإنتاج الحيواني والداجني    بيونج يانج: تدريبات سول وواشنطن العسكرية تستهدف ردع كوريا الشمالية    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأمون فندي يكتب : حركة رجولة
نشر في الوفد يوم 30 - 05 - 2016

في الغرب، هناك حركة نسوية قوية. أما في مصر، فنحن نحتاج «حركة رجولة» بعد
ما شهدنا ردة فعل مجتمع بأسره على تعرية سيدة قبطية في محافظة المنيا،
وسحلها. وهنا أنا جاد جدًا في الدعوة ل«حركة رجولة»، على غرار الحركة التي
قادها الشاعر الأميركي روبرت بلاي (المولود عام 1926 في ولاية منسوتا
الأميركية)، مؤلف كتاب Iron John: a book about men، في سبعينات القرن
الماضي، تلك الحركة التي تستلهم أعمال عالم النفس السويسري كارل يونج،
والتي تدعي أن الرجولة مكون كامن في اللاوعي، في الظلال المظلمة، ويجب أن
نستخرجها للقيام بدورنا كرجال وكآباء تقع عليهم مسؤوليات، وليس مجرد ذكور
كذكور الوعل.
لدينا في العالم العربي عموما، ومصر خصوصا، ممارسات ومؤشرات للذكورة، من
سلوكيات بيولوجية كالتحرش والبلطجة، ولكنا لدينا شحّ شديد في قيم الرجولة
(الشهامة والفروسية ونصرة المظلوم...إلخ) التي تحتاج إلى تنظير جديد في
عالم يتمتع بالسيولة، وتختلط فيه ميوعة الرجال بما يشبه سلوك الإناث، ولا
أقول النساء.
نحتاج إلى شيء أقرب لممارسات الإخوة في دول الخليج، عندما يذهبون إلى البر،
أو الخلاء، في تجمع ذكوري، أو في رحلات صيد، ولكنني لا أدعي دراية كاملة
بهذه الظاهرة، رغم انخراطي بها أكثر من مرة، إذ لم يتضح لي بعد إن كانت
للتأكيد على قيم الرجولة، أم هي مجرد نزهة (picnic) من نوع مختلف، رغم أن
مؤشراتها الأولية تعد بداية طيبة لتعلم قيم الرجولة.
فكرة الشاعر الأميركي روبرت بلاي كانت قريبة من فكرة الخروج إلى البر،
والتواصل مع الرجل الأول في داخلنا، أو ظلالنا الداخلية على طريقة عالم
النفس يونج، وفكرة اللاوعي، ولكنه أضاف إليها منظومة قيمية حاكمة لمعنى
الرجولة تقترب مما نتشدق به - ولا نراه - من القيم العربية، مثل الفروسية
والشهامة وغيرها من قيم النبل التي تلوكها الألسنة في أحاديثنا، ولكنها
تختفي في لحظات الجد والحاجة. فكرة التعرف على ظلالنا ليست فكرة يونج فقط،
ولكنها أيضًا ذكرت في القرآن الكريم، رغم أن معظم تفسيرات الآية كانت حرفية
إلى حدّ كبير. يقول تعالى في سورة الرعد (الآية 15): «ولله يسجد من في
السموات والأرض، طوعا وكرها، وظلالهم بالغدو والآصال».
الظلال هنا في معناها الأعمق هي مستوى من مستويات الوعي التي شرحها يونج،
وبالتالي تأخذ الآية أعماقا وأبعادا أخرى. والله أعلم. المهم أن فكرة
الرجولة أيضًا لها أعماقها الحضارية والفلسفية التي تأخذنا من عالم القوة
الغشيمة والبلطجة إلى عالم قيم الرجولة.
ما يؤلمني، كرجل صعيدي، في حادثة تعرية سيدة متقدمة في العمر، في شوارع
محافظة من محافظات الصعيد، أن ما تبقى من شيم المجتمع الصعيدي ذي النخوة
كاد يذوب، أو يتحلل، مع الوقت. كان المصريون يرون في الصعيد خزانا لقيم
الرجولة، وحادثة المنيا هزت قناعة وطنية فيما يخص قيم الفروسية والنبل والشرف.
هناك أسئلة كبرى تخص النقد الحضاري بمعناه العميق، أو السوسيولوجي
الاجتماعي الذي طرحه الدكتور جلال أمين في كتابه «ماذا حدث للمصريين؟»
هذه ليست حادثة التعرية الوحيدة التي حدثت لامرأة مصرية، فقد كتبت مقالا
منذ خمس سنوات في هذه الصحيفة، بعنوان «من الذي تعرى في مصر؟»، («الشرق
الأوسط»، 25 ديسمبر (كانون الأول)، 2011). إذ وصمها المجتمع بأوصاف لا يليق
ذكرها هنا، وتحدثت التلفزة عن ألوان ملابسها الداخلية بلا حياء. مجتمع يلوم
الضحية، لا الجلاد. النقطة هنا ليست إنتاج الظلم، بل وجود شهية لدى المجتمع
لتقبل ممارسة الظلم على الآخرين. مجتمع قادر فقط على نقد المظلوم، ويصيبه
الخرس عند نقد الظالم.
حادثة سيدة المنيا - تلك المرأة التي لو رأيت صورتها، خلتها خارجة لتوها من
أحد معابد أبيدوس الفرعونية القديمة، بسبب الملامح وصرامة عظام الوجه -
كلها تكشف أننا أمام ثقافة تتعرى كما البصلة، رقيقة تلو الأخرى، وكاد يصل
التعري إلى الجوهر.
ينتقد بعض المصريين ما يسمونه الديكتاتورية السياسية في مجتمعهم، ولكن حتى
الديكتاتورية كنظام سياسي لها أصول يكون فيها النظام حاميا للشرف الوطني،
أو ملتحفا بقيم الشرف. الديكتاتورية ليست شرا مطلقا ما دامت مصنوعة حسب
معايير «الديكتاتوريات المحترمة»، إذ يبدو أننا أصبحنا عارا على
الديكتاتورية نفسها.
حركة الرجولة التي أدعو إليها هنا لا تنتمي إلى نظام سياسي بعينه
(ديمقراطي، أو ديكتاتوري، أو مشيخة)، إنما هي حركة تدعو إلى قيم الشرف
والمسؤولية الاجتماعية التي يبدو أنها باتت تتلاشى من بين أيدينا كالرمال،
قيم تحتاج إلى تنظير جديد حول ثقافاتنا الوطنية.
يتحدث المصريون عن حركة البناء في المجتمع، من كبارٍ وطرق وعمارات، ولكن
الذي نحتاجه الآن هو إعادة بناء الشخصية المصرية. يجب علينا أولا تتبع
تاريخ الشخصية المصرية، وقيمها الاجتماعية التي تمثل الأسمنت الذي حافظ على
حضارة متماسكة عبر آلاف السنين. وإذا ما فكّ هذا الأسمنت تماما، فنحن أمام
حالة انهيار المجتمع قبل انهيار الدولة، وذلك لعمري خطب جلل. إن خروج
الجانب المظلم في الثقافة المصرية إلى السطح بهذا الفجور الذي يدعو عشرات
من الذكور، في المنيا لتعرية سيدة قبطية متقدمة في السن، لهو أمر خطير
يتطلب وقفة مع النفس، من أعلى قيادة إلى أصغر عاقل في هذا الوطن. في حالة
سيدة المنيا، نظرت إلى الجبن فوجدته يشبهنا تماما، لذا أدعو إلى «حركة رجولة».
نقلا عن صيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.