مشهد التحرش ضد نساء مصر وفتياتها في ميدان التحرير يشبه مشهداً مبتذلاً في فيلم هابط، يريد المخرج تصويره لكن عجز الممثلون عن الأداء فظهر المشهد مملاً ممجوجاً كأنه يتقيأ في وجوهنا، أو يصفعنا على أقفائتنا من كثرة الإعادة والتكرار بقوله «تحرش جماعي».. كلاكيت والعدد ع النت.. لكننا مجبرون على مشاهدته، ومازلنا نتلقى الصفعة تلو الصفعة ولا نفعل شيئاً غير الصمت الغريب. وكأن المشهد لا يستفزنا عملاً بمثل «جحا».. عندما قالوا له بيتك فيه دعارة، فقال: لا يهمني طالما بعيداً عن مؤخرتي!! هل هذا معقول أو مقبول؟!! ربما يكون هذا مقبولاً في مجتمع فقد العقلانية حينما يعتقد أن ما يفعله المتحرش بعيد عنه، فهل ضمن ألا يتم التحرش بنسائه؟.. لأن خطورة الهوس الجنسي لا تستثني صغاراً أو كباراً وليس بعيدة عنا جميعاً لأنها ترى المرأة عورة لدى بعض من فقدوا العقلانية تجاه ملذاتهم وشهواتهم المريضة ليعروا النساء ويهتكوا الأعراض في الطرقات، ووسط تجمعات بعضها فقد النخوة والشهامة وصفات الرجولة عندما لا يتصدون لمنع حوادث يندى لها جبين العالم الحر الذي لم يفقد الاحساس بإنسانيته. ومنذ ظهور موبايلات الكاميرات أصبح البعض يتسابق على تصوير العار والخزى ليثبت أنه كان حاضراً المهانة التي تحدث لأي إنسان وفي أي مكان، ولا يعلم أنها مأساة سوف يعاني منها دون أن يدري لأنه بهذا التصوير دمغ نفسه بدليل قاطع على بلادة احساسه وخزيه في المجتمع، لأنه شاهد اغتصاب أنثى أو أكثر ولم يوخزه ضميره أو يشر عليه عقله بأن ما يقوم بتصويره ضد العرف والتقاليد والإنسانية بكل معانيها، وهذا الخزي سيلاحقه في الآخرة طالما سيرفع ما قام بتصويره على صفحات النت ليشاهده غيره ويسرع عداد ذنوبه بالعمل على زيادتها كلما زاد عدد المشاهدة على النت. ولولا وجود النقيب «مصطفى ثابت» ومن معه لإنقاذ احدى الضحايا لوصم المجتمع المصري بالخزي والعار وفقدان كل معاني الشرف والكرامة واتهم في رجولته وأمانته.. ستره الله كما سترنا أمام العالم، فلولا شهامته لكنا جميعاً أمام العالم كلاباً مسعورة تهتك أعراض النساء، ولنعلم أن المجتمع الذي لا تحترم فيه المرأة مجتمع غير مكتمل الرجولة والانسانية، وعديم النخوة والشهامة ودون أي تحضر أو رقي وليس العكس كما يعتقد البعض!! لأن الأنثى هى أم لرجال وأمهات المستقبل.. إذن هى المعلمة والقدوة، فكيف نسمح بأن تكون أم المستقبل بها شروخ نفسية تعاني منها، وعقد تؤرقها وتلقي بظلالها على الأجيال القادمة، بعد أن تحرش بها كلاب مسعورة تنطلق في شوارع المحروسة تنهش أي فريسة تقع في طريقهم للحصول على لذة خادعة ونشوة كاذبة. وأتساءل مندهشاً، أي لذة هذه التي يحصل عليها هؤلاء المتحرشون المرضى من امرأة عابرة وسط التدافع والزحام والصراخ والضجيج والجري والمناهدة؟! وأي نشوة يشعرون بها نتيجة قفشة أو لمسة في جسد مسكينة لا تستطيع الدفاع عن نفسها إلا بالصراخ والدموع والذهول؟ لأنه من المفترض أنها خرجت آمنة في مجتمعها الذي اشتهر بالتدين وبعادات وتقاليد الشهامة والرجولة، وتقديسه خصوصية المرأة. وعلينا جميعاً رفض صفات المجتمع المريض الذي يحوي مرضى الهوس الجنسي، ولابد من الاعتراف بالخطأ لاعادة قيمنا وعاداتنا وأخلاقنا، بإعادة تصحيح المفاهيم والأفكار والفتاوي التي توجه للمرأة من أناس عاشوا في سراديب الظلام، ولم يعتادوا على العيش في بيئة نقية تسمو بالإنسانية على الملذات الحيوانية، فترعرعوا على فكر مشوه يحتقر ويمتهن المرأة التي كرمها المولى سبحانه وتعالى، وينفثون سمومهم في العقول بأن المرأة عورة في مجتمع يعاني الفقر والجهل والحرمان والانحدار في منظومة القيم، فيلتقط هذه الفتاوى والأفكار الشاذة ليترجمها بأفعال نكراء وتحرش جماعي يتم تكراره ولا يهتم العدد لأنه موجود ع النت.