انقسامات عدة بين الجماعة الصحفية، خلقها القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، بعد إقراره من مجلس الوزراء، مساء أمس الإثنين، الذي وضعته اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية، المكونة من 50 عضوًا، بعد عقد جلسات ومشاورات دامت لأكثر من 3 سنوات متعاقبة. منهم من رأي أنه جاء انتصارًا للجماعة الصحفية، وسيحدث طفرة حقيقية في النظام الإعلامي، وسيقضي بدوره على الفوضى الإعلامية، كما أنه حمل في طياته ضمانات عدة للعاملين بالمجال، وكذلك استطاع أن يؤلف بين المسئولية والحرية. إلا أن آخرين وجدوا أنه لا يزال مليئًا بالقيود المُكبلة لحرية الصحافة، وجاء متضمنًا حبس الصحفيين، مؤكدين أنه سيخلق تمييزًا عنصريًا بين الصحفيين العاملين بالمؤسسات القومية، والعاملين بالصحف الحزبية والخاصة، لافتين إلى أن من وضعوه وقعوا في أخطاء هيكلية كثيرة. قال بشير العدل، مقرر لجنة استقلال الصحافة، إن مشروع قانون الصحافة والإعلام الموحد أصابه الكثير من العوار الدستورى، وأنه معرض للطعن بعدم دستوريته حال إقراره، مشيرًا إلى أنه لم يتعرض على الإطلاق إلى الصحافة الخاصة والحزبية، وما تمثلانه من نسبة عالية من الصحافة المصرية. وأوضح العدل، في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن القانون مازال مليئًا بالقيود المكبلة لحرية الصحافة، موضحًا أن القانون غيّر عقوبة الصحفيين، بالغرامة بدلًا من الحبس، إلا أن الغرامة وصلت في قيمتها إلى مبالغ باهظة ضاربًا المثل ب500 ألف جنيه، وهو ما لا يستطيع الصحفي أو مؤسسته أن يوفره، وبالتالي فإن القانون جاء متضمنًا حبس الصحفيين. وأكد العدل أنه أبقى على الحبس فى قضايا النشر بصيغة ملتوية، وبالغ فى قيمة تأسيس الصحف والمواقع الإلكترونية، ولم يراعِ العدالة فى تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة ، فضلًا عن ممارسته تمييزًا عنصريًا بين الصحفيين، ما بين عاملين بالمؤسسات المملوكة للدولة، وبالمؤسسات الخاصة والحزبية، هذا بخلاف أنه جاء قانونًا موحدًا للصحافة والإعلام عكس ما جاء بالدستور. وحذر العدل من مخاطر سماح الجماعة الصحفية بتمرير مشروع القانون، خصوصًا فى ظل الظروف الاستثنائية التى تمر بها نقابة الصحفيين فى الوقت الراهن، التى فرضتها حالة التعدى السافر على قانونها وحرمها من جانب أجهزة الدولة، وهو ما يفتح المجال أمامها لمزيد من انتهاك حقوق الصحفيين، وهو أمر يجب أن تتنبه له الجماعة الصحفية جيدًا. وطالب العدل الجماعة الصحفية بضرورة الانتباه إلى خطر هذا القانون، مؤكدًا أنه لم يكن خاليًا من العقوبات السالبة للحرية، ولم يظهر في مشروع القانون ما يُسمى بحرية الصحافة، وكذلك حرية الحصول على المعلومات أو تداولها. وألمح مختار شعيب، الكاتب الصحفي، إلى أن من وضعوا قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وقعوا في أخطاء هيكلية، مشيرًا إلى أنه سيؤدي إلى احتكار المهنة، غير أنه غير ممثل للصحفيين. وأضاف شعيب، في تصريحات ل"بوابة الوفد"، أنهم تناسوا وضع تنظيمات إدارية للصحف الخاصة والحزبية، ولم يشر إلى حقوق العاملين بتلك المؤسسات، وبالتالي لم يكن هناك ما يحمي حقوقهم، مطالبًا مجلس النواب بالنظر إلى هذا الخطأ الذي وقعت فيه اللجنة التي وضعته. وقال أبوالمعاطي السندوبي، الكاتب الصحفي، إن القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، تجاهل العديد من مطالب الصحفيين، وافتقد بعض الآليات التي كان ينبغي عليه الالتزام بها، التي منها استطلاع الآراء حوله. وأوضح السندوبي، في تصريحات ل"الوفد"، أنه كان ينبغي أن يتم تمريره على الجماعة الصحفية، قبل عرضه على الحكومة، مشيرًا إلى أنه تجاهل آراء الصحفيين حول مشروع القانون، يُفقده المشروعية. بينما يرى جمال عبدالرحيم، سكرتير نقابة الصحفيين، أن إقرار القانون الموحد للصحافة والإعلام يُعد انتصارًا لنقابة الصحفيين، لاسيما أنه للمرة الأولى يتم الموافقة على قانون تم سنه وتشريعه من ممثلي الجماعة الصحفية. وأضاف في تصريحات صحفية، أن مجلس الوزراء طالب وزارة العدل بإعداد مشروع قانون إلغاء الحبس فى قضايا النشر عدا المادة 71 من الدستور، موضحًا أن إقراره تكليل واضح لجهد استمر 3 سنوات من العمل حتى إخراج القانون، وذلك بالتنسيق مع المجلس الأعلى للصحافة ونقابة الإعلاميين تحت التأسيس واتحاد الإذاعة والتلفزيون. الدكتور محمود علم الدين، أكد أن القانون الموحد أعده ممثلون عن الجماعة الصحفية، وأكاديميون وممارسون وقانونيون، مشيرًا إلى أنه من الطبيعي أن يكون هناك معارضون للقانون، لاسيما أنه لا يمكن الاتفاق الكامل على شيء معين، إلا أن هذا القانون سيُحدث طفرة في النظام الإعلامي. وذكر علم الدين، في تصريحات ل"بوابة الوفد"، أنه للمرة الأولى في التاريخ يكون هناك قانون شامل للصحفيين والإعلاميين، ويحمل في طياته ضمانات عدة للعاملين بالمجال، وكذلك يؤلف بين المسئولية والحرية، كما أنه ترجم ما جاء بالدستور، واعترف بوجود المواقع الإلكترونية، مؤكدًا أنه سيبني نظامًا إعلاميًا يتوافق مع المتغيرات السياسية والاجتماعية للبلاد. وعن حبس الصحفيين، أوضح علم الدين، أنه من المقرر أن يتم تشكيل لجنة برئاسة وزير العدل، لبحث الجزء الخاص بحبس الصحفيين، والمتعلق بإلغاء القوانين السالبة للحريات.