قرن من الزمان مر علي تقسيم الوطن العربي إلي دول وقبائل متناحرة ومتنازعة، حيث تحل اليوم الذكري ال 100 على اتفاقية «سايكس بيكو»، التي تم توقيعها في مثل هذا اليوم من عام 1916، بين بريطانياوفرنسا بمباركة روسيا القيصرية. وسميت بهذا الإسم نسبة إلي الدبلوماسيين الانجليزى مارك سايكس والفرنسي فرانسوا جورج بيكو، اللذين تولوا مسئولية إبرامها، وبمقتضي هذه الاتفاقية، تقاسمت بريطانيا و فرنسا الأراضى العربية، بعد ضعف الإمبراطورية العثمانية، التي كانت تسيطر علي المنطقة، في أعقاب الحرب العالمية الأولى. وحصلت فرنسا على سوريا ولبنان ومنطقة الموصل في العراق، أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالإتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا. وتقرر وضع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانياوفرنساوروسيا، علي أن تمنح بريطانيا مينائي حيفا وعكا، مع امكانية استخدام فرنسا لميناء حيفا، وفي المقابل سمحت فرنسالبريطانيا استخدام ميناء الاسكندرونة الذي كان سيقع في حوزتها. وبدأت الدول الغربية في مخططها للدول العربية مع نهاية عام 1915، في الوقت الذي كان يطالب فيه العرب، بحق تقرير المصير والتخلص من التبعية من الاحتلال، بعد أن أخفقت الإمبراطورية العثمانية فى الحرب العالمية الأولى، وفقدت الكثير من أراضيها، وهو ما تبعه زيادة النفوذ البريطاني والفرنسي في الشرق الأوسط والمنطقة. وأجري حينها المفوض البريطاني السامي في مصر هنري مكماهون، مفاوضات الشريف حسين في مكةالمكرمة، أغراه فيها باستعداد بلاده لدعمه فى استقلال العرب، والتنسيق لثورة مسلحة ضد الإمبراطورية العثمانية، للتصدى للدعوة إلى الجهاد التي أطلقها السلطان محمد الخامس. وظلت الاتفاقية في الخفاء، حتي تم الكشف عنها بصورتها الحقيقية ووثائقها السرية، في عام 1917، عندما وصل الشيوعيون إلى الحكم فى موسكو. ورغم مرور 100 عام علي الاتفاقية سايكس بيكو، إلا أن المحاولات لإعادة تقسيم الوطن العربي من جديد مازالت قائمة، في ظل غياب الاستقرار في المنطقة وتشرذم القوي العربية وزيادة التناحر بالشرق الأوسط في الأونة الأخيرة. كل هذا إضافة إلي وجود تنظيم داعش، والمساعي لغرس الانتماءات الطائفية والنزعة العرقية، وتقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة تقوم علي أساس المذهب الديني، وتأسيس دولة للمسيحيين ودولة للشيعة أو العلويين أو السنة أو الأكراد مما ينذر بإمكانية وجود «سايكس بيكو» جديدة.