تدهورت الأوضاع بشركة «وولتكس» لغزل ونسج الصوف في تخفيض عدد مصانعها إلي مصنعين فقط تحوطهما العثرات المالية، والمشكلات المتعددة. المحاسب سيد عبدالرحمن أحد رؤساء القطاع السابقين بمؤسسات الغزل أكد أن قرارات التأميم، ثم سياسات الخصخصة، والفساد المترتب عليهما أدي إلي انهيار تلك الصناعة. وأضاف «عبدالرحمن»: شركات الغزل ومن بينها «وولتكس» كانت معظمها قبل التأميم مملوكة للقطاع الخاص، وكان أصحاب رأس المال يديرونها بنجاح أدي إلي عدم بقاء أية قطعة قماش واحدة داخل المخازن، بل كان يتم التسليم للعملاء علي أرض المصنع وعندما كان يريد أحد العاملين الحصول علي لون بسعر مخفض فكان عليه أن ينتظر شهورا حتي يأتي ما يطلق عليه «الفضل والبواقي».. وأضاف رئيس القطاع السابق بدأ الإهمال بقرارات التأميم التي أدارت الشركات في بادئ الأمر بنسبة 49٪ للمالك، و51٪ للدولة، وتلتها الكارثة بتأميم الشركات بالكامل بنسبة 100٪ من رأس المال، ليديرها بعض أعضاء التنظيم الطليعي الذين كانوا أهلا للثقة لكنهم يفتقدون للخبرة، فانخفضت جودة الأداء، وتم استحداث نظام الدرجات، ومعادلة المؤهل والترقيات بأقدمية بقاء العامل في مصنعه، وصرف النظر عن الخبرة الحقيقية فكنا نجد «عامل الرفا» تتم ترقيته مديرا لإدارة الصباغة والتجهيز وهو لا يعرف شيئا عن الكيماويات، مما أضر بجودة المنتج وساهم في زيادة المخزون ومن ثم اللجوء إلي البيع ب «اللوط». لم يختلف الحال كثيرا في مصنع «وولتكس»، الذي كان ينتج أجود أنواع الأصواف وتباع منتجاته بالكامل، إلي أن تولي إدارته المهندس عبدالرحمن سلطان أحد أعضاء الاتحاد الاشتراكي والتنظيم الطليعي، فاستولي علي كافة مصانع إنتاج الصوف بالقاهرة الكبري مثل مصنع بطاطين «أفادينو» بالساحل، والذي حل محله الآن بعض الأبراج السكنية والمولات التجارية، وتم دمج مصانع «فيلانه» و«كلفيجيانا» و«غزل خمسة» و«مصنع القرش» تحت مسمي واحد أطلق عليه «وولتكس»، ثم ضم إليها مصنع الشرق بامبابة الذي كان يملكه التوأمان «سعيد ورشاد عبد ربه» مناصفة مع عبدالله رشيد قباني الملقب بملك النسيج، وكانت لقاءاته مع مستر «هيلد» المعروف يملك الصوف محط أنظار انجلترا. أما بعد التأميم فقد رفض «هيلد» تسليم المواد الخام لرئيس مجلس الإدارة الجديد وكان يقول أفضل إعطاءها هدية مجانية لقباني، علي ألا أعطيها لأحد غيره لا يملك الخبرة حتي لو دفع ملايين الاسترليني. ويشير «عبدالرحمن» إلي أنه من بين المهازل تعيين «ميكانيكي» مديرا لقسم النسيج، و«عامل أمن» مديرا لقسم الصباغة. ويشير رمضان عبده الموظف بالقطاع التجاري: إلي أن الشركة كان يتبعها عدة مصانع ومعارض فتم بيع مصنع شبرا في عهد عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء وفاطمة ريحان رئيس مجلس الإدارة نظير 27 مليون جنيه، رغم أن سعره وصل إلي 67 مليون جنيه قبل تولي عبيد رئاسة الوزراء.. أكد «عبده» أن عبد الناصر ووزراءه كانوا يلبسون من إنتاج «وولتكس»، في الوقت الذي توقفت فيه ماكينات المصنع الآن لعدم وجود خامات أو طلبيات. وبحسرة بالغة يستكمل موظف القطاع التجاري كلامه قائلا: «لقد تم بيع نصف مصنع العاشر الذي ينتج البطاطين لأحد مصانع الكابلات عام 2008 بأقل من ربع ثمنه الحقيقي». وتابع «عبده» رغم ضم شركة إسكو وعمال مصنع شبرا إلي مصنع إمبابة إلا أن المصنع يعمل بأقل من عشر طاقته، كما انخفض عدد الأنوال من 130 إلي 40 نولا. المهندس صبري فوزي رئيس مجلس إدارة «وولتكس» الحالي لخص أبعاد الأزمة التي طالت الشركة في عدة نقاط: النقطة الأولي تتعلق بالعامل الذي يعمل في تلك الصناعة، والذي يتسم بعدم الانضباط والإنتاجية المنخفضة في الوقت الذي يطالب فيه بالمزيد من الأجر والحوافز، وتسيطر عليه كلمة «اشمعني» فهو يريد الحافز هبة ومنحة وليس مقابل زيادة الإنتاج، في حين ان السياسة الصحيحة تربط زيادة الحافز بزيادة الإنتاج. وأكد «فوزي» أن حوافز العمال زادت مرتين بواقع 300 جنيه في كل مرة منذ قيام ثورة 25 يناير الماضي، رغم ثبات بل وانخفاض إنتاجيته ليتساوي من يعمل بمن لا يعمل. البعد الثاني في نظر «رئيس مجلس الإدارة يتمثل في نقص الخامات أو عدم جودتها أو كما قال: اتجهنا للاستيراد من الصين والهند اللتين تستوردان الخام من دول مثل جنوب افريقيا، وتصدره لنا بنفس الجودة، وبسعر أقل من الثمن الذي يباع فيه الخام في انجلترا «135 ألف جنيه للطن». ويري «فوزي» أن الصين تعطينا الغزول بسعر أرخص من سعر الصوف والقطن الخام، ليخرج الغزل المصري من المنافسة، وطالب بفرض رسم حماية وإعادة استخدام الأقطان المصرية طويلة التيلة. بينما يؤكد رئيس مجلس الإدارة أن التقادم التقني للآلات أحد أبعاد الأزمة، فتهالكت الماكينات وافتقدت للعمالة الماهرة التي هجرت المصانع إلي القطاع الخاص. مما أسفر عن توقف معهد تدريب العمالة، بينما تخرج لنا مراكز التدريب التابعة لوزارة الصناعة عمالا لا يعرفون المخرطة من المثقاب. البعد الرابع الأخير من وجهة نظر «صبري فوزي» هو عدم توافر السيولة التي تمكن الإدارة من شراء الخام، فقد طالب بصفته رئيسا لمجلس الإدارة توفير طلبية قدرها 12 ألف متر، إلا أن الإدارة تعثرت في تدبير السيولة اللازمة لشراء الخامات ويرتبط بهذا البعد عامل آخر وهو التسويق الذي يحتاج إلي خطة عاجلة لإنقاذ الشركة. صبحي هاشم رئيس اللجنة النقابية للعاملين أكد أنهم طالبوا بإعادة هيكلة الشركة، وإنشاء معهد لتدريب العمالة، وتدبير الاعتمادات المالية لتحديث الأنوال والمغازل المتهالكة وتوفير قطع الغيار خلال اجتماع الجمعية العمومية للشركة القابضة للغزل والنسيج. وإلي الآن لم يتحرك أحد.