قال الله تعالى: "إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا". أكدت البحوث العلمية الحديثة أن صلاة المسلمين تتوافق تمامًا مع أوقات النشاط الفسيولوجي للجسم. مما يجعلها وكأنها هي القائد الذي يضبط إيقاع عمل الجسم كله. جاء في كتاب الاستشفاء بالصلاة: أن الكورتيزون الذي هو هرمون النشاط في جسم الإنسان يبدأ في الازدياد وبحدة مع دخول وقت صلاة الفجر ويتلازم معه ارتفاع منسوب ضغط الدم ولهذا يشعر الإنسان بنشاط كبير بعد صلاة الفجر بين الساعة السادسة والتاسعة صباحًا. لذا نجد هذا الوقت بعد الصلاة هو وقت الجد والتشمير للعمل وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (اللهم بارك لأمتي في بكورها). وقت الضحى يقل إفراز الكورتيزون ويصل لحده الأدنى فيشعر الإنسان بالإرهاق مع ضغط العمل ويكون في حاجة إلى راحة وهنا يدخل وقت صلاة الظهر فتؤدي دورها كأحسن ما يكون من بث الهدوء والسكينة في القلب والجسد المتعبين... بعدها يسعى المسلم إلى طلب ساعة من النوم تجدد نشاطه وذلك بعد صلاة الظهر وقبل صلاة العصر وهو ما نسميه بالقيلولة، وقد قال عنها الرسول عليه وسلم: "أقيلوا فإن الشياطين لا تقيل". وثبت علميًا أن جسم الإنسان يمر بشكل عام في هذه الفترة بصعوبة بالغة حيث يرتفع معدل مادة كيمائية مخدرة يفرزها الجسم فتحرضه على النوم. ويكون هذا تقريبًا بعد سبع ساعات من الاستيقاظ المبكر، فيكون الجسم في أقل حالات تركيزه ونشاطه. وإذا ما استغنى الإنسان عن نوم هذه الفترة فإن التوافق العضلي العصبي يتناقص كثيرًا طوال هذا اليوم. ثم تأتي صلاة العصر ليعاود الجسم بعدها نشاطه مرة أخرى ويرتفع معدل الأدرينالين في الدم فيحدث نشاط ملموس في وظائف الجسم خاصة النشاط القلبي ويكون هنا دور خطير في تهيئة الجسم والقلب بصفة خاصة لاستقبال هذا النشاط المفاجئ والذي كثيرًا ما يتسبب في متاعب خطيرة لمرضى القلب للتحول المفاجئ للقلب من الخمول إلى الحركة النشطة. وهنا يتجلى السر البديع في توصية مؤكدة في القرآن بالمحافظة على صلاة العصر حين يقول تعالى: }حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ{. ثم تأتي صلاة المغرب فيقل إفراز الكورتيزون ويبدأ نشاط الجسم في التناقص وذلك مع التحول من الضوء إلى الظلام فيزداد إفراز مادة الميلاتونين المشجعة على الاسترخاء والنوم وتكون الصلاة بمثابة محطة انتقالية. وتأتي صلاة العشاء التي ينتقل فيها الجسم من حالة النشاط إلى الرغبة التامة في النوم مع شيوع الظلام وزيادة إفراز "الميلاتونين" . لذا يستحب للمسلمين أن يؤخروا صلاة العشاء إلى قبيل النوم للانتهاء من كل ما يشغلهم ، ويكون النوم بعدها مباشرة . لذا نجد أن الالتزام بأداء الصلوات في أوقاتها هو أدق أسلوب يضمن للإنسان توافقًا كاملًا مع أنشطته اليومية مما يؤدي إلى أعلى كفاءة لوظائف أجهزة الجسم البشري. ونحصل من جراء ذلك على انسجام تام بين المواعيد البيولوجية داخل الجسم ، والمواعيد الخارجية للمؤثرات البيئية كدورة الضوء ودورة الظلام، والمواعيد الشرعية بأداء الصلوات الخمس في مواقيتها.