يتعرض القضاة لحملة شرسة واعتداء مستمر وهجوم ممنهج لمنعهم من القيام بعملهم من قبل المحامين بسبب اعتراضهم علي مشروعي قانوني السلطة القضائية المقدمين من المستشارين أحمد الزند وأحمد مكي. المحامون يرفضون ادخال أي تعديلات علي القانون والانتظار حتي تشكيل مجلس الشعب وعرض القانون علي المجلس لإقراره، كما يري المحامون أن مشروع القانون المقدم حالياً يضر بمصالحهم ويجردهم من صلاحياتهم بسبب المادة 18، ويطالبون بأن يكون لهم رأي في قانون سوف يتعلق بهم بشكل مباشر. الأزمة بين جناحي العدالة اشتعلت وليس هناك من يطفئها، بسبب أن كل طرف يري نفسه علي حق، حيث قام المحامون بموجات من الاحتجاجات الواسعة في المحاكم بمختلف المحافظات، وقاموا بالاعتداء علي القضاة ومنعوهم من دخول المحاكم، في حين أن العدالة لا تستقيم وسط هذه الاعتداءات. العقلاء من الطرفين يؤكدون أن الأزمة الحالية بين القضاء الجالس والقضاء الواقف متعمدة وتسعي إياد خفية لإشعالها لسقوط الدولة المصرية، في حين يقول البعض إن انتخابات المحامين فرضت أجندتها علي هذا الخلاف ليصبح الداعي بين المحامين لهذه الاعتداءات هو الأكثر شعبية بينهم والأكثر أصواتاً في صناديق الاقتراع. ورغم صدور قرار رئيس مجلس القضاء الأعلي بتعليق المادة 18 وعدم التعرض لها، إلا ان المحامين غاضبون وجلسات كثيرة للمحاكم تم تعليقها، في حين ينتظر القضاة جمعيتهم العمومية الجمعة القادم لاتخاذ ما يرونه من إجراءات تحفظ حقوقهم، وكرامتهم تجاه من عطلوا الجلسات ومنعوا القضاة من أداء واجبهم. وبسبب الأحداث السريعة والمتلاحقة والأزمة التي مازالت مشتعلة، حاورت «الوفد» المستشار محمود حلمي الشريف سكرتير عام نادي قضاة مصر والمتحدث الرسمي باسم النادي. المستشار محمود الشريف هل انتهت الأزمة بين القضاة والمحامين عقب صدور قرار المستشار حسام الغرياني بتعليق المادة 18 من مشروع قانون السلطة القضائية؟ - رغم القرار الذي أصدره المستشار حسام الغرياني رئيس المجلس الأعلي للقضاء بتعليق المادة 18 من قانون السلطة القضائية، إلا أننا فوجئنا ظهيرة الاثنين وعقب انتهاء المحامين من جمعيتهم العمومية بقيام أكثر من 2000 محام بمحاصرة نادي القضاة العام لمدة تجاوزت الساعتين وجههوا السباب والشتائم للقضاة وللنادي ولرئيسه وهذه الأعمال بعيدة تماما عن تقاليد مهنة المحاماة، كما أن السب والاعتداءات تمثل خروجا علي حدود الأدب والتقاليد والأعراف. نادي القضاة العام هو الممثل الشرعي للقضاة ويتهمه المحامون انه سبب في هذه الأزمة لقيامه بتفعيل المادة 18 في مشروع قانون السلطة القضائية الذي قدمه.. ما ردك؟ - هذا الكلام عار تماما من الصحة لأن نادي القضاة العام هو الممثل الشرعي للقضاة ويلقي علي عاتقه الحفاظ علي هيبة القضاء واستقلاله، وبالتالي حينما جاء الحديث عن تعديل قانون السلطة القضائية قام النادي بدوره في الدفاع عن استقلال القضاء وقامت اللجنة التي رأسها المستشار أحمد الزند رئيس النادي بمشروع قانون السلطة القضائية وهذا دوره الطبيعي. والذي افتعل الأزمة وتسبب في إثارة المشكلات هم المحامون أنفسهم، لانه حينما دعا المستشار أحمد مكي المحامين لجلسات الاستماع لمناقشة المشروع الذي قدمته لجنة المستشار مكي بدار القضاء العالي أفسد المحامون هذه الجلسات بالتظاهر والسباب والفوضي ولم يحسنوا استغلال هذه الفرصة في التعبير عن رأيهم بشكل يتسق مع الأسلوب الراقي والمتحضر في الحوار. ولماذا قمتم بتعديل المادة 18 في مشروع قانون السلطة القضائية الذي قدمته اللجنة التي يرأسها المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة؟ - المادة 18 من مشروع قانون السلطة القضائية غير مخاطب بها المحامون ولكنها تتحدث عن إدارة الجلسة وهي من اختصاص رئيس الجلسة وله الحق في ضبط الجلسة وإدارتها ومعاقبة كل من يخالف القانون أياً كان، وبالتالي لابد أن يكون الجميع أمام القانون سواء، ولكن المحامين أرادوا ان يقتنصوا ميزة لهم يتميزون بها عن باقي المواطنين وان يستجلبوا لأنفسهم ميزة عدم اتخاذ أية إجراءات ضدهم في حالة مخالفتهم للقانون وهذا نفسه مخالف للقانون. وهل معني هذا انكم تسقطون «الحصانة» عن المحامي أثناء وجوده في الجلسة ودفاعه عن المتهمين؟ - المحامي ليست له حصانة قانونية أثناء وظيفته والمادة 18 كانت سارية قبل تعديل المادة 49 من قانون المحاماة عام 1983 وكان يسري علي المحامي ما يسري علي المواطنين بشأن جرائم الجلسات، وأكبر دليل علي ان هذه المادة يستخدمها القضاة فقط لحفظ وإدارة الجلسات انه حينما كانت هذه المادة سارية في القانون لم تسجل حالات حبس محامين بسبب جرائم الجلسات أثناء تأدية عمله. وما أسباب الأزمة إذن؟ - الذي يخشي ان يطبق القانون هو من ينوي ان يقوم بمخالفته، فالمادة 18 وضعت في قانون السلطة القضائية لحماية المحامي والقاضي والمتقاضي من أي أفعال أو أعمال تشكل جريمة داخل الجلسة. هل تري ان هناك أغراضاً انتخابية وراء أزمة المحامين والقضاة؟ - تزامن افتعال هذه الأزمة من قبل المحامين مع توقيت انتخابات نقابة المحامين مما يبعث بالشك ان هناك من يزكي هذه الفتنة. المحامون يتهمون القضاة بانهم السبب في الأزمة وأنهم السبب وراء حالات اعتداءات علي زملائهم؟ - هذا قول يخالف الواقع فتجاوزات المحامين تجاه القضاة موجودة بالفعل، سواء قبل ثورة يناير أو بعدها والأمثلة عديدة منها تعديات محامي طنطا علي قضاة محكمة طنطا، ومحامي المحلة الكبري علي مكتب المحامي العام وبعد ثورة يناير الوقائع عديدة ومنها قيام المحامين بخطف زميل لم من محكمة المحلة الكبري كان متهما في إحدي القضايا من قفص الاتهام ولم ينفذ عليه الحكم، إذن أعمال الشغب التي يقوم بها المحامون تجاه القضاة موجودة بالفعل والحالات متعددة ولابد ان تكون هناك حماية قانونية للقاضي أثناء تأدية عمله والمادة 18 تكفل هذه الحماية. صدر الأحد الماضي قرار المستشار حسام الغرياني رئيس المجلس الأعلي للقضاء بعدم تعديل المادة 18 من القانون ثم تلا ذلك قرار رؤساء محكمة الاستئناف ومنذ أيام أصدر النادي عقب اجتماعه برؤساء نوادي الأقاليم توصية ملزمة للقضاة بتعليق الجلسات لحين تأمين القضاة من الاعتداءات ومحاسبة مرتكبيها فما الموقف الآن؟ - دعا نادي القضاة العام لجمعية عمومية طارئة الجمعة القادمة بدار القضاء العالي ونناشد كافة القضاة الحضور لقول كلمتهم لما يتعرض له القضاة مؤخراً من هجمات شرسة واعتداءات ومحاصرة المحامين للنادي مرددين السباب والشتام للقضاة ورموز النادي وأيضا لقول كلمتهم بشأن تعديل قانون السلطة القضائية والإشراف علي الانتخابات. وأول مطالبنا في الجمعية العمومية ستكون محاسبة ومحاكمة المتسببين في هذه الاعتداءات وفي إغلاق المحاكم وتعطيل مرفق سير العمل والمطالبة بمحاسبتهم جنائيا. هل هذا يعني ان الجمعية العمومية قد تأخذ قرارات مخالفة لقرارات المجلس الأعلي للقضاء ورؤساء محاكم الاستئناف؟ - المفروض ان الجمعية العمومية للقضاة هي الحاكم لكل أمور القضاة وشئونهم ويجب علي الجميع ان يستمع إلي رأي القضاة من خلال جمعيتهم ولا يُعمل إلا به باعتباره المعبر الحقيقي عن إرادة كل القضاة. ما موقف قرار تعليق عمل الجلسات الذي اتخذه النادي عقب اجتماعه مع رؤساء نوادي الأقاليم؟ - النادي أصدر توصية ملزمة لان النادي المعبر الحقيقي للقضاة وهو الملزم معنويا لهم والدليل ان الجمعيات العمومية للمحاكم التي عقدت أيدت توصية النادي وعلقت سير عمل الجلسات فيها جراء الاعتداءات. هل من المطروح ان تتخذ الجمعية العمومية المزمع عقدها الجمعة القادم إجراءات تصعيدية أخري؟ - لكل حادث حديث. هل في رأيك يوجد حل لهذه الأزمة؟ - الحل الأخير لهذه الأزمة يجب عودة المحامين لمكاتبهم والقضاة لمنصاتهم قبل الحديث عن أي أمر للسلطة القضائية وقبل كل هذا لابد ان يعتذر المحامون عما بدر منهم تجاه السلطة القضائية وما بدر منهم تجاه نادي القضاة العام ومحاسبة ومحاكمة كل من قام بهذه الأفعال والاعتداءات.