يقول الله عز وجل في كتابه الكريم "قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم و يستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون" صدق الله العظيم. كلام الذكر الحكيم على لسان نبي الله موسى عليه السلام إلى بني إسرائيل الذين ذاقوا العذاب بشتى أنواعه على يد فرعون، حدثت المعجزة الإلهية وضرب موسى البحر بعصاه فانفلق البحر ونجا موسى ومن معه، وهلك فرعون وجنوده، وعندما عبر بنو إسرائيل إلى الجهة المقابلة من البحر وجدوا بشرا يعبدون أصناما من دون الله، فسألوا موسى أن يجعل لهم إلها مثل آلهتهم، وهو ما أوضحته آيات القرآن كالتالي "وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال إنكم قوم تجهلون". تذكرت تلك الآيات القرآنية وأنا أنظر بحزن وأسى لما يحدث في مصر. سقط الرئيس السابق حسني مبارك ونظامه في 18 يوما في معجزة إلهية لم يتوقعها أكثر المتفائلين. فماذا كانت النتيجة؟، للأسف مرّت القرون والشعب واحد. شباب الثورة، ممن يظهرون على الفضائيات، أكدوا مرارا وتكرارا أن هدفهم الأسمى والأعلى من خروجهم يوم 25 يناير كان إقالة وزير الداخلية حبيب العادلي، وبعد أن تنحى مبارك وترك الحكم لم يحمد هؤلاء ولا أقرانهم المولى عز وجل على نعمته، وتفرغوا هم والأحزاب والحركات القوى السياسية والائتلافات الشبابية لمعركة الحصول على أكبر قطعة من "تورتة مصر". لله سبحانه وتعالى حكمة لا يعلمها إلا هو، عندما أغرق فرعون وجنوده في اليم لم يكن أنصار موسى عليه السلام مؤمنين، بدليل أنهم طلبوا أن يعبدوا صنما بعد أن رأوا بأم أعينهم معجزة الله تعالى الذي أهلك عدوهم. أرى أن نفس القصة تتكرر في مصر منذ الثورة. من أسقطوا مبارك ونظامه ليسوا "كلهم" أتقياء ولا أنقياء ولا أطهار كما يزعمون، وربما هم لا يقلون فسادا عن النظام السابق وإليكم غيض من فيض... الشيخ صفوت حجازي، سكت ما يقرب من 9 أشهر، وخرج قبل أحداث ماسبيرو، 9 أكتوبر، بيومين يقول إن 5 أو 6 من شباب الثورة الذين يظهرون على الفضائيات ويهاجمون الإسلاميين ويتهمونهم بأنهم "ركبوا" الثورة، هربوا يوم موقعة الجمل، وشربوا خمرا وأحضروا نساء، وهددهم بكشف فضائحهم في "شقة العجوزة". يعني الشيخ صفوت لم يتكلم أو يهددهم بفضيحة العجوزة إلا عندما وجهوا اتهاماتهم إلى الإسلاميين، أو قل بمعنى أدق الإخوان المسلمين أبطال الثورة، ولو صمتوا ما علم أحد سر شقة العجوزة، الذي يبدو أنه سيظل مع الشيخ صفوت على طريقة "سر شويبس". الإعلام وائتلافات شباب الثورة والحركات السياسية جميعها جعلوا من الشهداء، كما نحتسبهم عند الله، والبلطجية وأرباب السوابق، "ايد واحدة"، فتساوى كريم بنونه ومصطفى الصاوي وأحمد بسيوني مع سالي زهران التي سقطت من شرفة منزلها في بني سويف ولا تزال صورتها وسط شهداء 25 يناير، كما تساوا مع سيد مشرط وعبده سنجة وغيرهم، طيب كل ده ليه؟، "علشان يبقى العدد في الليمون". الدكتور محمد البرادعي "بعضمة لسانه" قال قبل الثورة إن مبارك رجل متواضع وأنه يرتبط بعلاقة صداقة مع الرئيس، وتحول 180 درجة مع إرهاصات الثورة وما بعدها. الإعلامي محمود سعد يكاد يبكي عندما يتصل به مبارك للاطمئنان على صحته، ولا يصدق نفسه أن مبارك شخصيا هو الذي يحادثه هاتفيا، وبعد الثورة يصف نظام مبارك ب"الفاشي". جيفارا الصحافة المصرية إبراهيم عيسى، طلب مرارا وتكرارا الصفح من مبارك، والعهدة على رواية مصطفى بكري. أما حقيقته فيعلمها جيدا من عملوا معه. حبايبنا الحلوين، أسماء محفوظ وأحمد ماهر وإسراء عبد الفتاح ووائل غنيم، بسم الله ما شاء الله، السفريات الخارجية "على ودنه"، يعني بالبلدي "بيركبوا طيارات أكتر من رحلات المصريين المطحونين في مترو الأنفاق"، وطبعا هم آخر من يشعر بمن فقد وظيفته أو يعيش في ضائقة مالية وسط التزامات لا ترحم. أما مصر المحروسة، فحدّث ولا حرج، بلطجة وقلة أدب واعتصامات واضرابات وقطع طريق، وفي النهاية الاعتصام مكفول والاضراب قانوني، ومصر على وشك الإفلاس، قالها في مارس الماضي الفريق أحمد شفيق عندما صرخ: يا جماعة إحنا بناكل من لحمنا الحي، طبق الفول مش هنلاقيه. طبعا هوجم الرجل على اعتباره "فل من الفلول"، وعندما قالها البرادعي بعده بشهور محذرا من إفلاس مصر بعد 6 شهور قالوا: الله عليك يا دكتور يا وطني يا أمل مصر يا مفجر الثورة. في النهاية، المشكلة لم تكن في مبارك ونظامه فقط، العيب فينا ونعيب على غيرنا، ابدأوا بأنفسكم وطهروها من الكذب والنفاق والرياء، وإلا فإن النكسة قادمة لامحالة.