هنا جمهورية الفحم فى القليوبية.. هنا الموت.. دولة المكامير رغم ما تشكله من خطورة على الإنسان والحيوان والنبات قرابة 20 عاماً والحكومة تبحث عن حلول.. أيادى مرتعشة لا تعرف سوى قرارات الغلق الشفوية من المسئولين. الربو وحساسية الصدر والاختناق، أمراض تنهش فى جسد الأهالى نتيجة الدخان المنبعث من مكامير الفحم رغم صدور قرارات الإزالة عام 1993 لم يتم التنفيذ حتى الآن. بينما أكدت تصريحات وزراء البيئة ومحافظي القليوبية المتعاقبين المخاطر الصحية نتيجة إفراز مادة أكسيد النيتروجين بالإضافة لوجود جسيمات عالقة بالجو من حبيبات الكربون والمركبات العضوية المتطايرة نتيجة لاستخدام الوسائل القديمة فى عملية إنتاج الفحم. يتم تفحيم الخشب بمعزل عن الهواء ودون تحكم فى الانبعاثات الصادرة عنه فى مساحة بارتفاع 20 متراً وعمق 10 أمتار ويستمر التشغيل لمدة 20 يوماً متواصل بطريقة عشوائية تستنزف 60% من وزن الخشب ويتبقى 40% من إجمالى الكمية ويحتوى الفحم المنتج على نسبة عالية من القطران الضار بصحة الإنسان. كشف تقرير صادر عن مركز المعلومات بمحافظة القليوبية عن وجود 200 مكمورة فحم نباتى فى قرى ومدن المحافظة، منها 150 فى طوخ و27 فى شبين القناطر و5 فى بنها و3 فى الخانكة و3 فى حى شرق شبرا الخيمة و2 فى كفر شكر، وتعمل هذه المكامير بطريقة بدائية ينتج عنها تلوث الهواء بأكسيد الكربون الضار على صحة الإنسان. محمد عبدالوهاب، موظف من أهالى قرية أجهور الكبرى مركز طوخ، يوجد بالقرية قرابة مائة مكمورة، ونعانى من التلوث البيئى الناتج عن هذه المكامير المنتشرة داخل الكتلة السكنية رغم صدور قرارات إزالة منذ عام 93 وإعطاء أصحابها أكثر من مهلة للتطوير أو الغلق دون جدوى. وأضاف «عبدالوهاب»: أطفال القرية أصابتهم حساسية الصدر بسبب التلوث دخان مكامير الفحم، مطالبًا بسرعة نقل المكامير خارج الحيز العمرانى، لافتًا إلى أنها أصبحت مصدر دخل عدد كبير من المواطنين، الأمر الذى يصعب عملية الغلق. من جانبه، صرح محمود عبدالعزيز، مدير مركز الحرية لحقوق الإنسان بالقليوبية، بأن طريقى 12 و 13 بنها - القناطر الخيرية بها 150 مكمورة فحم نباتى، تعمل ليلاً خلسة حتى لا يتم تحرير محاضر بيئية لأصحابها. بينما تتكون السحب السوداء على طول الطريق مما يصعب الرؤية ليلاً، فضلاً عما تسببه الأدخنة السامة لأهالى القرى المجاورة من أضرار صحية جسيمة. وتابع «عبدالعزيز»: مكامير الفحم تمثل مشكلة غاية الخطورة على صحة المواطنين خاصة فى الصيف نظراً لارتفاع درجة الحرارة، وكذلك ارتفاع نسبة الرطوبة فى الجو مما يؤدى إلى اختناق المواطنين. وفى سياق متصل، أكد الدكتور إبراهيم راجح، وكيل كلية الطب جامعة بنها لشئون البيئة والمجتمع ورئيس الرابطة المجتمعية بالقليوبية، أن الحل يكمن فى تخصيص أراض خاصة فى صحراء الخانكة تكون مقرًا مجمعًا لمكامير الفحم، أسوة بمسابك شبرا الخيمة. وأضاف «راجح»: المكامير كانت خارج الكتلة السكنية ولكن المبانى والعشوائيات مع مرور الزمن اقتربت منها، ولابد من البحث عن حلول سريعة حفاظًا على الصحة العامة للمواطنين. المكامير تحولت إلى بؤر تلوث خطيرة الدخان الأسود المتصاعد والانبعاثات الصادرة من صناعة الفحم النباتى بالطرق المرورية التى يرتادها يوميًا سكان القرى أمرضتهم بأمراض مزمنة نتيجة غاز «أول وثانى الكبريت» وأيضًا أكاسيد النيتروجين. وأوضح «راجح» أن كل دول العالم تقيم مصانع بمواصفات قياسية معنية بصناعة الفحم النباتى ويجب التخلص من الطرق التقليدية القديمة والاستجابة للتطوير لا نبذه. وطالب أهالى القرى بسرعة تولى وزارة الصحة والبيئة واللواء رضا فرحات محافظ القليوبية، عمل مسح طبى وبيئى شامل للكشف عن نسب التلوث وكذا حصر الأراضى الزراعية التى بورتها مكامير الفحم والعمل على تقنين أوضاعهم.