لا أفهم كيف يفكر المهندس حمدي الفخراني في القضايا التي يتقدم بها للمحاكم. ولن أعلق علي العديد من القضايا التي استغلت ثغرات في القانون أو توابعها ولكني توقفت أمام قضية جديدة للاستاذ الفخراني رفعها هذه المرة ضد رئيس الوزراء لإجباره علي تعيين مليون شاب في الوظائف الحكومية المختلفة... طبعاً باعتبار أن المشرحة ناقصة قتلة وأن الجهاز الاداري الحكومي المهلهل المتخم بالعمالة والموظفين ناقص كمان ينضم اليه مليون شاب بمرتباتهم. الاستاذ الفخراني يقول ان هناك الآلاف في الحكومة يتقاضون أجوراً عالية جداً. وهذا أمر صحيح يحتاج الي تصحيح ولكن تصحيح الخطأ لا يكون بارتكاب جريمة لتعيين مليون شاب لا تحتاج لهم الدولة وليس عندها رواتب لهم. وما يفعله الاستاذ الفخراني هو اللعب بمشاعر الناس طبقاً لاحتياجاتهم. وهذا أمر كارثي له عواقب وخيمة للغاية. نحن نحتاج الي تخفيض عدد العاملين بالحكومة الي أكثر من النصف حتي يتنفس الجهاز الاداري ويعمل بكفاءة. ولقد مضي عهد تكفل الدولة بالتعيين. ولكن الاستاذ الفخراني لا يري ذلك، ولا يري داعا لدعم الاستثمار أو جذبه انما يري ان الحكومة يجب أن «تشيل» كل المشاكل بما في ذلك تعيين الشباب!!. ولم يقل لنا الاستاذ الفخراني من أين ستأتي الحكومة إن شاء الله برواتب مليون شاب؟! حتي لو كان يعتقد ان توفير رواتب المستشارين سيوفر 100 مليون جنيه أليس لدينا ألف جهة أخري تحتاجها بدلاً من زيادة عبء الرواتب الحكومية؟ واذا كانت الحكومة لا تعرف كيف تستغل العمالة التي تكدست بها مكاتبها الآن، فكيف ستستغل وجود مليون موظف جديد بها؟. فيه حاجة غلط في مصر... شيء ما يجب أن نعالجه وأن نمنعه من الاستفحال. ما نريده ليس بالضرورة هو الحل الامثل وليس بالضرورة هو ما يمكن تنفيذه. ولو انسقتا وراء بعض الآراء التي تبحث عن الشهرة وعن الفرقعة الاعلامية باستغلال أحلام بعض البسطاء... ستضيع مصر وهم يبتسمون وسعداء. هذا جهل تام بأبسط قواعد الاقتصاد وأبسط قواعد التنمية. وحل مشكلة البطالة ليس بأن تتحمل الحكومة أعباء مليون موظف لن يعملوا ولن تستغلهم حتي لو صدر حكم قضائي بالزامها بذلك. مصر بعد الثورة تحتاج الي ناس فاهمة مش ناس فاضية وغاوية منظرة. وأنا لا أفهم حتي الآن لماذا لا تتحرك وزارة التنمية الادارية وتخرج للناس الدراسات التي قام بها الوزير المحترم أحمد درويش حول الجهاز الاداري والفساد وتنظيم العمل في الحكومة.. افتحوا هذه الملفات التي تلخص الحالة وتحدد مسار العلاج بدلاً من أن نسمع ونري هذا العك.