خلال ثلاثين عامًا، حكم فيها الرئيس محمد حسنى مبارك، البلاد حوّلها إلى قطعة أرض مملوكة لأهله وأصدقائه وحلفائه، وأصبح عامة الشعب مجرد «خدم» لديهم بلا ممتلكات أو آراء. ولم يكن عصر مبارك كله مساوئ وأزمات، وإنما بدأ بالوطنية، التى انقلبت إلى فساد استشرى فى البلاد، ودمّر أركان الدولة، حسب حكم كبار السن. فى بداية حكم مبارك، كان غيوراً وحريصاً على مصالح البلاد، لأنه كان يسير على نهج السادات، غير أن الأمر لم يدم على هذا الوضع طويلاً، إذ بدأ بتحريض من زوجته فى الإعداد لحكم العائلة وعمد إلى إطلاق يد نجليه والسيدة الأولى فى مفاصل الدولة، فتفاقمت الأزمات، وارتفعت الأسعار، وسرقت الموارد، حسب محمد عبدالفتاح، 65 عامًا. الفساد لم تكن أول أيام مبارك سيئة على الإطلاق فكان بمثابة الرجل الوطني المناضل خلال أول عشر سنوات، دون أن يعانى المصريون من ضيق الأحوال أو غيرها، ولكن بعد ذلك انقلبت الأحوال فقد تولى أولاده وزوجته زمام الأمور ولم يعد هو الحاكم الوحيد للبلاد، حسب الحاج عبدالرحمن على أحمد، 80 عامًا. وانتشر الفساد وعم أرجاء البلاد بدءاً من غلاء الأسعار إلى الرشاوى وتراجع فرص العمل وانتشار الوساطة والمحسوبية، فضلاً عن الانهيار الثقافى الحاد وتدني الأخلاقيات، بعد أن انتهج مبارك سياسة الثقافة المنفتحة وسمح لنظامه بإطلاق سراح الفنانين فى إنتاج الأفلام الخادشة للحياء، كما أوضح الحاج عبدالرحمن، محملًا إياه مسئولية ما آلت إليه أحوال البلاد، في آخر عصره، من فساد وسرقة وتعذيب وانحدار فى الأخلاق. شهد عهد الرئيس محمد حسنى مبارك فى بدايته إنجازات كبيرة، تمثلت في بناء المرافق والخدمات، وتطوير منظومة الصحة، ومنحت حريات كبيرة في أول عصره، بشكل يفوق عبدالناصر والسادات، فسمح بإنشاء الأحزاب والجمعيات، إلا أن الفساد استشرى في البلاد بشكل متسع، وأصبحت الرشاوى والوساطة عنوان الحكم، وانحدر مستوى التعليم، وفقاً للشيخ شفيق عواد. التوريث أفسد فى البلاد وترك الحكم والقرار لزوجته وأولاده ومجموعة من المنتفعين، ليعبثوا بالبلاد والشعب، كما ذكر مجدى بدوى، 65 عاماً، ووافقته فى الرأي الحاجة سعاد أمين السيد، مؤكدة أن مبارك مكث ثلاثين عاماً دون أن يبني حضارة جديدة، وإنما سرق ثروات البلاد، وجوّع الشعب، وأشاع الفساد. شهدت مصر فى عصر مبارك مصائب بالجملة، مثل الخصخصة وبيع الأراضى للأجانب والمصانع، ويقول عبدالرحمن السيد عبدالحق عن تلك الحقبة «مبارك باع البلد، بعد ما خربها وقعد على تلها».