بعد زيارة الرئيس السيسي لمدرستين خلال زيارته اليابان، اتجهت الأنظار نحو تطبيق النهضة التعليمية اليابانية فى مصر، لتنمية العملية التعليمية والاستفادة من الطالب المصرى بحيث يصبح عضواً فعَّال بالمجتمع، وهو ما أكده تربويون بضرورة إعادة تكوين الشخصية المصرية وتربيتها من جديد، واضعين خطة لتنمية النظام التعليمي المصري على الطريقة اليابانية. فمن جهته.. قال الدكتور مصطفى النشار، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، إن زيارة الرئيس السيسي لمدرستين باليابان مهمة جدًا خاصة وأن التجربة اليابانية فى مجال التربية من أفضل التجارب على مستوى العالم، مؤكدًا انه من الضرورى أن نطور نظامنا التعليمى حسب ما انتهينا اليه، خاصة وأن استمرار تدهور التعليم بهذا الشكل لا يرضى أحداً وسيتسبب فى العديد من الكوارث بالمستقبل. وتابع «النشار» أن المصريين الآن أصبحوا يتقبلون أى تعديل بالتعليم حتى وإن تمت إعادة هيكلته كاملا نظرًا لحالة التدهور الشديد التى أصابته، قائلا «المصريون الآن يقبلون بإدخال أى مشرط لاجراء عملية جراحية بالنظام التعليمى حتى وإن تم استئصاله كاملا ووضع نظام جديد مختلف تمام». وأكد، استاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، انه ليس من العيب ان نتعلم من تجارب التنمية باليابان والدول المتقدمة خاصة وأن اليابان تعلمت من التجربة المصرية أيام محمد على، مبينًا أن تجارب تنمية العملية التعليمية تبدأ من الاهتمام بالطفل واكتشاف قدراته منذ الطفولة المبكرة، على عكس ما تقوم به مصر من الانتظار للمرحلة الابتدائية التى يكون بها الطفل قد أكمل السادسة أو الثامنة من عمره ويكون قد فقد خلالها كل المهارات الابداعية. ولفت الانتباه إلى أن اغلب دول العالم تعطى الطفولة المبكرة اهتماماً أكثر من سن الجامعة، لأن هذه السن هي أساس اكتشاف مواهب الطفل دون وجود حشو، خاصة وانه فى هذه السن لم يتعلم بعد فنون القراءة والكتابة والاطلاع، مكملا أن الطفل المصرى بطبيعة بيئته وميراثه من الممكن ان يكون افضل طفل فى العالم ويقود الأمم فى حالة الاهتمام بمواهبه وتهيئة كل الظروف التى تسمح له باستغلالها فى الأمور الجيدة. وانتقد «النشار» مطالبات البعض بإلغاء مجانية التعليم لانها المتسبب فى حالة تدهوره وفقًا لرؤيتهم، قائلا: «التعليم فى جميع دول العالم إلزامى فى مرحلة الطفولة وتتحمل الدولة كافة التكاليف حتى يصل الطالب إلى مرحلة الجامعة وساعتها يتحمل تكاليف إكمال تعليمه على أن تتحمل الدولة تكاليف المصاريف الجامعية للمتفوقين دراسيًا». وطالب، استاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، بهدم نظام التعليم الحالى وعمل نظام جديد يبدأ من الاطفال حديثي الولادة ويستمر لمدة 20 عامًا ليكون لدينا جيل كامل مبدع وقادر على العطاء، موضحًا أن تطوير التعليم لا يحدث من يوم وليلة وانما يحتاج إلى إرادة سياسية ومساندة شعبية ووزير قوى ينفذ، وأن يقوم الشعب والصفوة بمساندة الرئيس فى خطواته التنموية لأن حتى الآن الصفوة بالمجتمع غير قادرة على التفاعل الايجابي. ويرى الدكتور سالم الرفاعى، خبير المناهج والمواد التعليمية، أن الاتجاه نحو الشرق خاصة كوريا واليابان ومحاولة تطبيق نموذجهما فى التنمية التعليمية،خطوة طيبة جدا ولكن يجب ان نراعى أبعاد المجتمع المصري وامكانياته ونأخذ من تجربة النهضة التعليمية اليابانية ما يتناسب ويتفق مع قدراتنا، أو ننقل التجربة بشكل حقيقي وليس بنداً من بنودها وإهمال بند آخر متعلق بما تم إهماله. وقال «الرفاعى» ان هذا الاهتمام نابع من الرئيس السيسي ان ينهض بالعملية التعليمية ولابد ان يكون المجتمع المصرى كاملا مؤهلاً لذلك ويساند الرئيس فى هذه الخطوة، مبينًا أن اليابان اعتمدت على تغيير الشخصية اليابانية بشكل عام عقب الانتهاء من الحرب العالمية والدمار الذى شابها عقب ذلك، واعتمدت على مبدأ أن «اليابان لليابانيين» وهو أهم محور يجب أن تعتمد عليه مصر فى التنمية التعليمية. وأشار، خبير المناهج والمواد التعليمية، إلى أنه من الضرورى أن نضع هدفاً رئيسياً أمام الطالب المصرى ونجعله يعي جيدًا هذا الهدف وهو أن يكون شغله الشاغل الدولة المصرية وأن تكون رقم واحد فى اهتماماته كما فعل اليابانيون عقب الحرب، مؤكدًا أن خلاصة التنمية التى يجب أن يعتمد عليها المصرى هو تغيير النظام التعليمى كاملا من مدرسين وطلاب وهيئات، من خلال إعادة بناء كل ذلك بطريقة جديدة وتكوين منهم شخصية جديدة تحب الوطن وتعمل لصالحه. وأضاف أن أساس التنمية لا تشمل التعليم فقط وانما تكون عن طريق التربية وتكوين شخصيات جديدة بأخلاق وسمات جديدة، مبينًا أن هذا هو التحدى الحقيقى الذى تواجهه مصر الآن وهو خلق شخصية مصرية أخرى تكون مميزة ومتطورة وتكون ذات كفاءة وفاعلية وليس شكلاً ظاهرياً جيداً خارجيًا وسيئاً وهشاً خارجياً كما نعانى الآن من بعض الشخصيات القيادية. واستنكر «الرفاعى» تغيير كل وزير تعليم جديد الاستراتيجية التعليمية القديمة والاتيان باستراتيجية جديدة والبدء من نقطة الصفر مرة أخرى وهو ما يلغى كل إنجاز قام به السابقون، لافتًا الانتباه إلى أن مصر بها العديد من الاستراتيجيات التعليمية القادرة على خلق نظام تعليمي جيد، وانما هي فى حاجة الى الاهتمام بالجانب التربوى وإعادة تكوين للشخصية المصرية، كما يحدث داخل المؤسسات العسكرية التى تبنى عقيدة حب راسخة بالالتزام وحب الوطن. وأكد الدكتور حسن شحاته، أستاذ المناهج بكلية التربية بجامعة عين شمس وعضو المجالس القومية المتخصصة، أنه من الجيد أن نبحث عن رؤى جديدة وأفكار عالمية لانها هى المدخل الحقيقى لوضع مصر فى إطار المنافسة العالمية بحيث تشكل الرؤية عالميا وتطبق محليا، ونجعل كل هو عالمى من ادوات التنمية والتطور لكل ما هو عربى ومصري. وأوضح «شحاته» أن زيارة الرئيس السيسي للمدارس باليابان ثم كوريا الجنوبية، من الممكن أن يقدم رؤى جديدة للمؤسسات التعليمية لتطوير المناهج الدراسية والاستفادة من الخبرات الدولية لتشكيل المعلم، مشيرًا إلى أن التعاون العلمى والتعليمي بيننا وبين الدول المتقدمة هو الطريق السليم الذى يحل كافة مشكلات التعليم بمصر. وبَّين، أستاذ المناهج بكلية التربية جامعة عين شمس، أن التعاون التعليمي وارسال بعثات من المعلمين للدول المتقدمة لتطوير التعليم فى مصر، خطوة تأخرت كثيرًا وكان لابد من التركيز عليها فى الفترات السابقة، مضيفًا أن كل الجهود المثمرة التى يقوم بها الرئيس السيسي فى مجال التعليم تطلب آليات للتنفيذ وعلى رأسها توفر المال بشكل مناسب لاستخدام أدوات التطور التكنولوجى. وأشار «شحاته» إلى ضرورة إعداد معلم لديه خبره ودراية حتى نستطيع أن نستثمر فى تعليم المستقبل، بالاضافة إلى مشاركة رجال الاعمال والوضع فى الاعتبار أن التعليم قضية مجتمع وليس قضية وزير، حيث يتم تطبيق نظام اللامركزية ويصبح لكل مدرسة مجلس أمناء يوفر المتطلبات اللازمة للعملية التعليمية. ووضع أستاذ المناهج، عدة حلول للنهضة بالمناهج التعليمية على الطريقة اليابانية، ومنها أن يقوم المركز القومى للامتحانات بتطوير الامتحانات بحيث لا تكتفى بالتحصيل الدراسي وانما تعتمد على اختبار ذكاء وإبداع الطالب، ولابد من تشكيل مجموعة من الخبراء المصريين من قيادات اللجان العلمية للاستثمار بما يقوم به الأساتذة والخبراء من بحوث ودراسات لتفعيلها على أرض الواقع والاستفادة من القدرات الابداعية للطلاب والدارسين، مشددًا على ضرورة تقليل كثافة الطلاب بالفصول ولا يتجاوز عددهم 30 تلميذاً. وتابع: «لابد أيضّا من زيادة الأنشطة المدرسية الفنية والعلمية والفنية والرياضية حتى تصبح المدرسة مكاناً جذباً للمتعلمين مع التوسع فى بناء الابنية المدرسة وإعداد المعامل و قاعات الكمبيوتر وقاعات الفنون والملاعب والمكتبات الاليكترونبية، منوهًا إلى ضرورة إعداد المعلم وإعادة تأهيله مهنيا بحيث لا يعمل فى وزارة التربية والتعليم إلا المتخرجون في كليات التربية ولابد من وجود مدارس تجربيبة والحقاها بكليات التربية لتدريب هؤلاء المتعلمين.