تتربع مصر على قائمة الدول الأكثر استيراداً للقمح في العالم بمعدلات وصلت في عامي 2009 و2010 إلى 10 ملايين طن وبنسبة اكتفاء ذاتي أقل من 50٪ عن الحاصلات الاستراتيجية الأخرى، فهي تعاني من انخفاض في نسبة الاكتفاء الذاتي في محصول الذرة والذي يشكل نحو 80٪ من مكونات الأعلاف الحيوانية والداجنة وبفجوة استهلاكية 50٪ وكذلك بالنسبة لمحاصيل زيوت الطعام كالذرة والتي تعدت فيها الفجوة الاستهلاكية لأكثر من 95٪ وبالنسبة لمحصول استراتيجي آخر كالسكر فهناك فجوة ولكنها محتملة لأن نسبة العجز لا تتجاوز 30٪. ومما لا خلاف عليه في المستقبل سيكون الوضع أصعب كثيراً ومحفوفاً بالمخاطر إذا استمرت سياسة الاعتماد على الغير في استيراد الغذاء خاصة نتيجة تغير المناخ وتأثيره الملموس على انخفاض انتاجية الغذاء في المنطقة الحارة التي نعيش فيها وبنسب تصل الي 20٪ من معدلاتها الحالية.. وتتفاقم المشكلة مع الزيادات السكانية التي تستوجب زيادة في إنتاج الغذاء بنسبة لا تقل عن 60٪ والتي تتطلب أيضاً زيادة في الموارد المائية بنسبة 20٪ وهو أمر ليس باليسير في زمن ندرة المياه وتلوثها وتدهور وتصحر التربة الزراعية وقبل كل ذلك فمن لا يملك قوته لا يملك حريته. عوامل متعددة تفرض على السياسة الزراعية المصرية زيادة انتاج الغذاء بالتوسع في استصلاح الاراضي وترشيد وتنمية الموارد المائية المحدودة.. أسباب كنا نظن أن الدولة تعيها وتصدق فيها النوايا للعمل لحساب وصالح الأمن الغذائي المصري بعدما أعلن الدكتور عصام فايد مؤخراً وزير الزراعة واستصلاح الاراضي أن الحكومة تعمل جاهدة لإيجاد الحلول للمشاكل المتكررة التي تواجهها القطاعات المختلفة من خلال خطط قصيرة ومتوسطة فطويلة الأجل خاصة للمحاصيل الاستراتيجية ولذلك شكلت لجنة يترأسها المهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء تهتم بالقضاء على المشكلات التي تواجه 5 محاصيل استراتيجية هي: القمح والذرة والسكر والقطن والأرز. ولكن لاتزال المشكلات تتكرر والاعتماد على الاستيراد لسد فجوات تلك المحاصيل الاستراتيجية هو «شعار الدولة» تاركين الحبل على الغارب لأباطرة الاستيراد لضرب الزراعات والصناعات الوطنية في مقتل!! تراجع مخيف أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تراجع انتاج مصر عن الحبوب بنحو 9٪ ليصل حجم انتاجها 21.9 مليون طن عام 2014/2013، وبالنسبة للقمح فتراجع إنتاجه الى 9.3 مليون طن عام 2013 مقابل 9.5 مليون طن عام 2014 نظراً لانخفاض انتاجية الفدان بنسبة 2.4٪ عن العام السابق. وأكد الجهاز أن مؤشرات الغذاء العالمية في المقابل تشير الى ارتفاع الانتاج العالمي من الحبوب الى 2.5 مليار طن عام 2014 مقابل 2.3 مليار طن عام 2013 نسبة زيادة 9.8٪ وبلغ انتاج القمح 715.5 مليون طن عام 2014 مقابل 660 مليون طن عام 2013 بنسبة زيادة قدرها 8.4٪.. بينما في مصر رصد المراقبون تراجعاً في انتاجية القمح لصالح شحنات تصل الى الموانئ المصرية هي بالفعل من أسوأ انواع الأقماح في العالم ولا تصلح الا طعاماً للحيوانات والماشية من خلال مافيا التعاقد على القمح وما يربحونه بمئات الملايين من الدولارات الى مافيا نقل القمح من موانئ الدول المنتجة له ثم مافيا استيراد سيارات نقل القمح الصب من صوامعنا في الموانئ المصرية الى داخل البلاد، بل ومافيا استيراد حتى إطارات هذه السيارات والمقطورات.. مافيا وراء تأخير استخدامنا للنقل النهري للقمح من الموانئ الى داخل البلاد وتعرقل زيادة نقل القمح بالسكك الحديدية رغم أن النقل النهري يوفر 30٪ من تكاليف النقل، وجميعها مافيا أقوى من كل الحكومات التي حكمت مصر في نصف القرن الأخير الذي زادت فيه كارثة استيراد القمح وقتل افكار علمائنا وفي مقدمتهم «أبو القمح» العالم الجليل عبد السلام جمعة الذي مات حسرة علي حال القمح في مصر دون أن يحقق حلمه في تقليل الاستيراد بزيادة الإنتاج المصري في القمح!! المدعم بخير اتسمت معدلات الإنتاج والاكتفاء المحلي من القمح في مصر بالتأرجح ما بين الارتفاع والانخفاض خلال الفترة ما بين 2008 - 2011 حيث غطى انتاج القمح المحلي عام 2008 نحو 54.8٪ من الاستهلاك المحلي ارتفع الى 74.4٪ عام 2009 ثم انخفض الى 40.5٪ عام 2010 قبل أن يرتفع مجدداً في عام 2011 لتصل الى 48.8٪ لتصل واردات مصر من القمح لنحو 11.7 مليون طن خلال 2011/2012 وفقاً لتقديرات الفاو والتي توقعت أيضاً انخفاض هذه الواردات مرة أخرى الى نحو 10 ملايين طن خلال موسم 2012/ 2013 وقد كان! ولذلك ووفقاً للأبحاث وآراء الخبراء فإن مشكلة القمح في مصر هي مشكلة استهلاك وليست انتاج بعدما بلغ انتاجاً الفدان ما بين 17 و18 و20 أردباً بعد أن كان لا يتجاوز في السابق ما بين 3 و4 أردب، ففي مصر بلغ استهلاك الفرد خلال 2011 مثلاً 150 كيلو وهو رقم أعلى من كبار منتجي القمح والذي يصل في فرنسا ل 102 كيلو للفرد و86 في أمريكا و137 في روسيا ومن ثم المجال الوحيد لزيادة انتاج القمح هو زيادة رقعة الانتاج ولو على حساب محاصيل اخرى أو في الاراضي الصحراوية حيث تتفاقم مشكلات استهلاك وهدر المياه! من جانبه يرى الدكتور محمد المحمدي - أستاذ المحاصيل الحقلية في كلية الزراعة جامعة القاهرة - أن الانتاج الحالي من القمح يكفي للوصول للاكتفاء الذاتي منه في انتاج الخبز المدعم حيث أننا نستهلك سنوياً حوالي 15 مليون طن تمنح منهم 9 ملايين طن فقط توجه لإنتاج الرغيف البلدي المدعم والباقي لإنتاج الحلويات بأنواعها والمكرونة والنشا والعلف. ويرى أن المشكلة ليست في إنتاج القمح ولكن في استهلاكه حيث يزداد استهلاك الفرد المصري منه عاما بعد عام وأصبح يتراوح مؤخراً ما بين 180 و200 كيلو دقيق فهو أعلى من المعدل العالمي لاستهلاك الفرد للقمح والذي يتراوح من 80 الى 100 كيلو في العام ومن ثم ومع ارتفاع أسعار البروتين والخضراوات وللتقليل من الاعتماد على القمح لابد من المحاولات الجادة لتغيير نمط الغذاء لنمط اكثر صحة وتوفير قائم على أسس علمية الى جانب ضرورة تقليل الفاقد من القمح أثناء زراعته وحصاده!! وتبقى كلمة لمصلحة من التعتيم على محاولة اغتيال محاسب مدينة الخانكة الذي فجر فضيحة الفساد والتلاعب في توريد القمح المستورد لوزارة التموين وبيعه علي أنه محلي مما أهدر على الدولة ملايين الجنيهات؟ وكان جزاؤه اطلاق 3 رصاصات من رشاش استقرت في عنقه ونقل على إثرها لمستشفي عين شمس التخصصي..وإذا كانت مشكلة القمح في مصر استهلاكية وليست انتاجية لماذا لا تواجه الحكومة أباطرة استيراد القمح والفاسد على وجه الخصوص باعتبار زيادة انتاجية القمح مشروعاً قومياً وطنياً أمنياً؟! معلومات مصر في مقدمة الدول المستوردة للقمح ب 5.5 مليون طن سنوياً 50٪ نسبة العجز في احتياجات السوق من القمح. 9٪ نسبة تراجع إنتاج مصر من الحبوب عام 2014. 9.9 مليون طن سنوياً حجم الاكتفاء الذاتي في قمح الرغيف المدعم.