«المصدر» تنشر نتيجة جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    في عيدها ال49.. رئيس جامعة المنوفية يكرم الدكتور أيمن الباز وأوائل الخريجين ورواد البحث والنشر الدولي    أسعار الفضة تسجل مستوى قياسيا في السوق المحلي.. وتراجع الذهب    قطع المياه عن المنطقة المحصورة بين شارعي الهرم وفيصل غدا    دخول أكثر من 5900 طن من المساعدات الغذائية والطبية والبترولية قطاع غزة    بعد إعلان رحيله.. مودرن سبورت يبحث عن بديل مجدي عبدالعاطي    اتحاد الكرة يصدر بيانا يحذر من اختراق حقوقه التجارية    الداخلية تضبط تشكيلًا عصابيًا لسرقة بطاقات الدفع الإلكتروني بالقاهرة    رفع آثار انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالموز وإعادة الحركة بالطريق الزراعي في طوخ    الداخلية تضبط شخصين انتحلا صفة موظفين الكهرباء للنصب على المواطنين    وزارة السياحة تكشف موقف مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    الصحة: تقديم أكثر من 10.4 مليون خدمة طبية بالمنشآت الصحية بمحافظة كفر الشيخ خلال العام الجاري    رئيس جامعة المنصورة يهنئ طالب هندسة لانضمامه لقائمة Forbes Middle East    روسيا تدعو مواطنيها لعدم السفر إلى ألمانيا    البورصة تخسر 7 مليارات جنيه بختام تعاملات الأسبوع    الجيش السوداني يستعيد السيطرة جزئيًا في كردفان    وول ستريت جورنال: إسرائيل تلوّح بضربة جديدة ضد إيران بسبب الصواريخ الباليستية    سلوت: تجاوزنا أزمة محمد صلاح وعلينا أن نحترمه مع منتخب بلاده    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    معارك انتخابية ساخنة فى 7 دوائر بسوهاج    محافظ أسوان يتابع ميدانيًا منظومة التطوير والتجميل    محافظ كفرالشيخ يستمع لشكاوى وطلبات الأهالي بشأن الخدمات    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    التفاصيل الكاملة لافتتاح المركز النموذجي بالغرفة التجارية بالقليوبية    خط نجدة الطفل.. طوق النجاة لمواجهة الاعتداءات بسرية تامة    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    وزارة الثقافة تنظم "مهرجان الكريسماس بالعربي" على مسارح دار الأوبرا    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    الجيش الروسي يسيطر على بلدة سفياتو بوكروفسكوي في دونيتسك    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    تغيب رئيس اتحاد السباحة عن المحكمة فى اتهامه بالإهمال فى وفاة الطفل يوسف    رجال سلة الأهلي يصلون الغردقة لمواجهة الاتحاد السكندري بكأس السوبر المصري    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    المؤتمر الدولى لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    بيان عاجل من الخارجية السعودية بشأن أحداث حضرموت والمهرة في اليمن    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    الكيك بوكسينج يعقد دورة للمدربين والحكام والاختبارات والترقي بالمركز الأولمبي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    صفاء أبو السعود من حفل ختام حملة «مانحي الأمل»: مصر بلد حاضنة    عاجل- طقس الخميس، الهيئة العامة للأرصاد الجوية: ظاهرتان تؤثران على طقس الخميس في جميع أنحاء مصر    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكمة الرئيس المصري السابق وأعوانه ما بين الواقع والقانون

في هذه الحقبة التاريخية الفارقة في مستقبل هذا البلد تتجلي أهمية المسارعة دون ابطاء في محاكمة قتلة الثوار مع الالتزام بكفالة كافة ضمانات وحقوق المتهم المكفولة دستوريا ودوليا وقانونيا، الأمر الذي يلقي بواجب علي عقول هذه الأمة وأساطين قانونها في بحث كيفية الوصول إلي هاتين الغايتين المحاكمة العاجلة العادلة وكفالة حقوق المتهم.
أي لابد أن يكون هناك توازن بين احترام حقوق المتهم بارتكاب جريمة وبين حق المجتمع في العقاب اعمالا لمبدأ سيادة القانون التي تستظل به كافة سلطات الدولة في جميع مراحلها وأدقها.
وتقتضي المحاكمة العادلة المنصفة وجود نظم سليمة، تقرر لتعقب الجريمة ومحاكمة فاعلها في سرعة بغير تسرع، وفي حزم بغير افتئات ولا تطرف، وإذا كان من مقتضيات العدالة أن يؤخذ المسئ بإساءته فإن من مقومات وجود هذه العدالة أن لا يؤخذ البرئ بجرية المسئ، وألا يكون من وسائل الوصول للعدالة تهديد الأبرياء أو الأعتداء علي الآمنين في حقوقهم وحرياتهم، بما يحقق توفير ضمانات الحق في محاكمة عادلة ومنصفة.
وتمر المحاكمة العادلة المنصفة بثلاث مراحل الأولي منها هي (مرحلة ما قبل المحاكمة) وللمتهم في هذه المرحلة العديد من الحقوق وهي أن يعرف فور القبض عليه أو احتجازه سبب القبض أو الاحتجاز وماهية التهم الموجهة إليه، ولابد من معاملته أثناء الاحتجاز معاملة إنسانية تحترم كرامته كإنسان، ولا يجوز إخضاعه للتعذيب أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو الحاطة للكرامة، ويكون للمتهم الحق في الاستعانة بمحامي وأن يمثل علي وجه السرعة أمام قاض أو مسئول قضائي آخر للنظر في مشروعية القبض والإحتجاز، وبالنظر إلي الواقع في محاكمة الرئيس المصري السابق وأعوانه نجد مراعاة كافة هذه الحقوق معهم.
ثاني هذه المراحل هي (مرحلة المحاكمة) وللمتهم في هذه المرحلة الحق في محاكمة عادلة خلال مدة معقولة ودون تأخير لا مبرر له أمام قاضيه الطبيعي في إطار من المساواة أمام القانون، وأن تنظر الدعوي نظرا علنيا منصفا، مع افتراض براءة المتهم إلي أن يثبت ارتكابه لها قانونا، وله في هذه المرحلة حقوق الدفاع كاملة غير منقوصة.
وهناك فارق بين علنية المحاكمات وإعلاميتها، فالأصل في الجلسات علنيتها للجمهور لا الخصوم فحسب، وهذه قاعدة رئيسية أجمعت الشرائع الحديثة عليها في دور المحاكمة، لأن حضور الجمهور يجعل منه رقيبا علي عدالة اجراءتها مما يدعم ثقته في قضائها فهي نوع من الرقابة الشعبية علي عدالة الإجراءات أمام المحكمة، هذا فضلا عن أن سماع المتهم الحكم بنفسه وفي علنية قد يكون أدعي لتحقيق غاية الردع من العقاب علي أوسع نطاق ممكن، ولا يتعارض مع علنية الجلسة أن يحدد الدخول إلي قاعتها ببطاقات لاعتبارات تتعلق بضيق المكان، أما إعلامية المحاكمات وهي بث المحاكمات في وسائل الإعلام فذلك وإن كان فيه شفافية إلا أنه في مرحلة ما قد يؤثر علي القاضي في عمله، فضلا عن بث شهادة الشهود علي الهواء قد يعرض حياتهم للخطر، وقد يضلل الشاهد – نفسه - بشهادته الرأي العام ابتغاءً لفوضي يريد تحقيقها تعطيلا للمحاكمة.
ثالث هذه المراحل هي (مرحلة بعد المحاكمة) وللمتهم في هذه المرحلة الحق في التقاضي علي درجتين وإمكانية الطعن علي الأحكام أمام محكمة أعلي، وله الحق في التعويض إذا كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني.
ويجدر القول بأن مصر كانت سباقة في إجراء هذه المحاكمة الفريدة بما تمتعت به من جميع الضمانات القضائية للمحاكمة العادلة إمتدادا لدورها التاريخي باعتبارها مهد الحضارات وأقدم من وضع النظم القانونية والتنظيم القضائي بمفهوم الدولة الحديثة، فمما لاشك فيه أن محاكمة الرئيس السابق وأعوانه أمام القضاء الوطني هو تأكيد لمبدأ سيادة القانون ومبدأ سيادة الدولة علي إقليمها، وتتجلي أهمية هذه المحاكمة التاريخية في تقديم الرئيس السابق وأعوانه إلي المحكمة وعدم محاكمتهم غيابيا كما يحدث الآن مثلا في تونس، ومن هنا تتجلي أثر هذه المحاكمة الفريدة والسباقة في العالم حيث أنه وإن وجدت محاكمات دولية للعديد من قادة الدول في العالم أمام محاكم جنائية دولية بما يعتورها من مشكلات في التنفيذ مرتبط بسلطة المجتمع الدولي في توقيع الجزاء، فهناك صعوبة في مثول القائد المتهم أمام عدالة المحكمة الدولية، وهذه الصعوبة لم تتحقق في الحالة المصرية.
وأؤكد في نهاية الأمر أن موضوع محاكمة القادة والرؤساء هو موضوع الساعة وسيظل في بؤرة اهتمام رجال القانون والسياسية، وخير شاهد علي ذلك هو ما شهدته بعض المناطق في الأونة الأخيرة وما حدث تحديدا في مصر وتونس وما يحدث الأن في سوريا ليبيا واليمن والبحرين والصين والمملكة البريطانية والهند من جرائم وطنية ودولية ترتكب ضد المدنيين تحت بصر وسمع ومساندة قادة هذه الدول وكبار مسئوليها، لذا لابد من وضع حداً لكل قائد أو رئيس دولة فى تعامله مع شعبه وحتى المتمردين منهم والثوار، فهم ليسوا ملكاً له يفعل فيهم ما شاء من جرائم قتل وتعذيب وغير ذلك من جرائم وطنية ودولية، بل يجب عليه الالتزام بكافة قواعد وأحكام القانون الوطني، والقانون الجنائي الدولي والقانون الدولي الإنساني فى تعامله معهم على نحو قد يؤدي إلى تناقص الفظائع والجرائم التى ترتكب ونراها بأعيننا يومياً وفى العديد من مناطق العالم.
ولم يعد متقبلا بعد ثورة 25 يناير وما أحدثته من تأثير في تكوين الرأي العام المدرك لحقوقه والمدافع عنها باعتباره من أهم ضمانات الحقوق والحريات إفلات أي شخص ارتكب جريمة من العقاب لا فرق في ذلك بين رئيس أو مسئول وغيره من سائر المواطنين، وقد بدأ القضاء الجنائي المصري أولي هذه الخطوات بتقديم الرئيس المصري والمسئولين المصريين للمحاكمة الجنائية، وهو يعتبر السباق في هذا الشأن، كما بدأت المحكمة الجنائية الدولية علي المستوي الدولي في إجراء محاكمة للعديد من القادة العسكريين والمدنيين بخصوص حالات جمهورية الكونغو وأوغندا وجمهورية أفريقيا الوسطي وكينيا وساحل العاج والسودان وليبيا.
-----------------------
الخبير في القانون الجنائي الدولي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.