أكد عدد من الباحثين فى شئون حركات الإسلام السياسي أن انفصال إخوان الأردن عن التنظيم الدولى، ما هو إلا مناورة جديدة، اعتمدت عليها الجماعة بعد فشل مكتب الإرشاد فى إدارة مخططها الذى يعتمد على ثلاث مراحل، تبدأ من التعريف ثم التنفيذ ثم الوصول فى النهاية الى الحكم، وهو ما يسمى مرحلة التمكين. وأشار الباحثون إلى أن ارتكاب إخوان مصر أخطاء سياسية جسيمة طمعًا فى الحفاظ على السلطة، وضع الجماعة خارجيًا فى حرج شديد، ما تسبب فى نشوب خلافات بين مكتب الإرشاد وفرعى الجماعة بالأردنوتونس، انتهت بانفصال إخوان الأردن عن التنظيم الدولى، متوقعين أن يتخذ إخوان تونس نفس الخطوة خلال الفترة القادمة. وحذر الخبراء من الانخداع بتصديق هذا الانفصال الشكلى، معتقدين أنه مشابه لانفصال إخوان العراق إبان الحرب العراقية على الكويت عام 2003 الذى انتهى برجوعهم إلى التنظيم مرة أخرى، لأن الإخوان لهم الأيديولوجية الفكرية نفسها التى تجعلهم يتواصلون معًا حتى لو كانوا منشقين. اعتبر مصطفى حمزة، مدير مركز دراسات الإسلام السياسي، أن انشقاق إخوان الأردن عن القاهرة مناورة جديدة للجماعة لأن مرجعيتهم واحدة وتعتمد على الأيديولوجية الدينية، مبينًا أنه انفصال شكلى وأن تنظيمات الإخوان بمختلف دول العالم تتواصل معًا مهما حدث من خلاف أو انقسام. وأشار إلى أن جماعة الإخوان بالخارج وعلاقتها مع التنظيم المصرى لا تقوم على مبدأ الأوامر والتعليمات كما يحدث داخليًا، لأن كل تنظيم لديه قراراته الخاصة به وأسسه التي يسير عليها، وتختلف مع التنظيمات الأخرى، ولكن ما يجمعهم هو الجوهر فى تبنى الأيديولوجية الفكرية نفسها. ولفت مدير مركز دراسات الإسلام السياسي الانتباه إلى أن فكرة اعتماد الجماعة على اعلان انفصال فرع منها او شعبه عن التنظيم الأم، حدثت من قبل فى مارس 2003 عندما كان لاخوان العراق رأى مختلف عن التنظيم الأم بالقاهرة وهو ما أدى إلى انفصالهم ولكنهم سرعان ما عادوا إلى طبيعتهم مرة أخرى. وشدد على ضرورة استغلال إعلان اخوان الأردن انفصالهم عن التنظيم الأم، والتوضيح للرأى العام العالمى ان فصيلاً من الاخوان اعترض على المنهج العنيف للتنظيم الدولي، وهو ما يؤكد ان مصر كانت على حق عندما صنفت هذه الجماعة بأنها إرهابية. ووصف وليد البرش، الباحث فى الشئون الاسلامية، قرار اخوان الاردن بأنه بمثابة استخراج شهادة وفاة لمكتب الارشاد بمصر، مضيفًا أن مكتب الارشاد على خلاف مع اغلب افرع الاخوان بباقى الدول العربية نظرًا لما سببه لهم من مشاكل نتيجة اخطائه الكبيرة. وأكد «البرش» ان جماعة الاخوان بالدول الخارجية لا تريد ان تتحمل خطورة اخطاء مكتب الارشاد، متوقعًا انفصال اخوان تونس فى الفترة القادمة، لان مكتب الارشاد بالقاهرة أفقدهم الكثير مما قاموا به فى السابق من كسب ثقة وتأييد عدد كبير من شعوب دولهم. وفيما يخص حجم الاستفادة التى من الممكن ان تقع على مصر جراء هذا القرار، أوضح «البرش» أن الاخوان لا يعترفون بالأوطان، لأنهم فى النهاية ملتزمون بمرجعية واحدة وفكر واحد. وتابع أن «إخوان مصر انتهوا خارجيًا وعرف العالم كذبهم وادعاءهم، وأن مصر تخطت حالة العزلة التى اصابتها عقب ثورة الثلاثين من يونية بسبب مهاتراتهم، وبقى لنا ان نتصدى لهم داخليًا فقط، وما يحدث من انشقاقات او غيره لن يفيدنا فى شيء». وقال اسلام الكتاتنى، المنشق عن الاخوان، ان فرع اخوان الاردن لا يقل أهمية عن افرع فلسطين وسوريا والكويت والجزائر بالتنظيم الدولى للاخوان، مؤكدًا ضرورة أن يتم أخذ انشقاقهم بعين الاعتبار والأهمية، خاصة انها تعد ضربة قوية للتنظيم ولكنها لا تمثل النهاية لان الجماعة فكرة مرسخة فى المجتمعات العربية منذ 75 عاماً. وأكد «الكتاتنى» أن انشقاق اخوان الاردن عن التنظيم بمصر كان متوقع لانهم يتطلعون الى منصب المرشد العام وهو أمر مرفوض بالجماعة لان لديهم لابد ان يكون مصريا فقط، لان فكرة التنظيم بدأت من مصر بالاضافة الى احتمالية انشقاق اخوان الكويت والجزائر ايضًا، مبينًا أن اخوان الاردن كانوا يتطلعون إلى منصب المرشد العام بسبب مشاكل عديدة لان المرشد مصرى، فضلا عن الإدارة غير الرشيدة لاخوان مصر فى الصراع بالخلط بين استخدام الدعوة واللجوء للعنف. وتابع أن سبب انقلاب افرع الاخوان بالدول العربية على جماعة القاهرة، هو استعجال اخوان مصر فى الوصول للحكم وعدم السير بخطتهم فى الوصول لحكم البلاد، مشيرًا إلى أن التنظيم يسير في ثلاث مراحل هي التعريف ثم التنفيذ ثم التمكين، وهى المرحلة النهائية للوصول للحكم، ويتم قياس هذه المراحل من خلال استجابة المجتمع لفكرتهم. واعتبر «الكتاتنى» أن الأمر فى النهاية سيتوقف على ما سيحدث فى مصر خلال مناقشة هذا الانشقاق وعلى ما سيتم اقراره داخل التنظيم، لافتًا إلى ان الرؤية حتى الآن غير واضحة بسبب انقسام اخوان مصر الى جناحين، الأول بقيادة محمود عزت ومحمود حسين، والآخر تقوده فئة الشباب التى تميل إلى الدعوة والتهدئة والاندماج مع النسيج الوطنى مرة اخرى، بالاضافة الى توقفه على حالة الرضا وعدم الرضا التى ستنتاب الطرف الخاسر فى الانتخابات الداخلية. وحذر «الكتاتني» من التجهيز لثورة داخلية بالتنظيم لا تستهدف الانشقاق والانفصال فيما بينهم وانما تستهدف اعادة هيكلة الجماعة مرة اخرى والرجوع للشعب تحت مسمى الدعوة، مكملا أن انشقاق فرع الأردن لا يعد النهاية بالنسبة للجماعة لانه سبق ان حدث ذلك إبان حرب العراقوالكويت ولكن سرعان ما تم اصلاح ذلك وعادوا مرة أخرى.