رأس البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، اليوم الخميس، قداس جنازة الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة الذي أقيم بالكنيسة البطرسية بالعباسية. وكان البابا تواضروس الثاني قد شارك منذ قليل في الجنازة العسكرية التي أقيمت للفقيد وتقدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي وكبار رجال الدولة. وسجى جثمان الدكتور بطرس بطرس غالي في وسط الكنيسة البطرسية ملفوفا بعلم مصر، وقاد البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية صلوات القدس وعاونه عدد من كبار أساقفة الكنيسة. وحضر القداس كل من عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، وايرينا بوكوفا، مديرة منظمة اليونسكو، وميكيل جون، الأمين العام للمنظمة الفرانكفونية. وفي كلمته عقب القداس، قال عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية "كم هو صعب علي ولكنه واجب علي كواحد من تلامذة وأصدقاء وزملاء الراحل العظيم أن أقف لأنعي الدكتور بطرس غالي الذي أثرى العمل الدبلوماسي السياسي العربي والأفريقي وقدم دورًا مقدرًا على المستوى العالمي". وأضاف أن الدكتور غالي رأس الدبلوماسية المصرية لسنوات عديدة خلال النصف الثاني من القرن العشرين وكان وزيرا للشئون الخارجية ونائبا لرئيس الوزراء وأستاذ جامعة ومارس الصحافة ورأس مراكز البحث وألف ونشر وعلم وترك بوزارة الخارجية بصمة لا تمحى إذ أدخل الملف الثقافي التنويري التوثيقي في العمل الدبلوماسي فازداد العمل قيمة وكفاءة وتألق". وأشار إلى أن الفقيد كان على رأس المفاوضين في عملية السلام مع إسرائيل وكان لبقًا ولكن صعب المراس وكان دوما محافظا على المصلحة المصرية، وقال "في مفاوضات الحكم الذاتي الفلسطيني كان مدافعًا قويًا عن هذه القضية والشعب الفلسطيني وفتح الأبواب تجاه إقامة الدولة الفلسطينية وأن يكون الاتفاق بداية المطاف للدولة الفلسطينية. ولفت موسى إلى أن الدكتور غالي كان شديد الاهتمام بما يتعلق بأفريقيا وعلاقة مصر بها، وأفريقيا هي التي اقترحته لمنصب الأمين العام.. وقال "تعلمت منه شخصيا ومعي جيل من الدبلوماسيين الكثير في هذا المقام وبطرس غالي هو الرائد والمعلم والمثل لنا، وكان واعيًا بالبعد المتوسطي للعلاقات المصرية، ولا يمكن أن أنسى الجوانب الإنسانية في شخصيته المحببة إلى نفس كل من عرفه وكان لي حظ أن اقترب منها كثيرا .. كان كبيرًا مترفعًا عن الصغائر شامخا في شخصيته". وأضاف "خسرنا وخسرت مصر علمًا ورائدًا ومثالًا لممارسة الوطنية .. فقدنا في يومين متتاليين هامتين رفيعتين نباهي العالم بهما في مجالات مهنية عديدة هما الدكتور بطرس غالي والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل". من جانبها، قالت ايرينا بوكوفا، مديرة منظمة اليونسكو ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في حضور الجنازة، "بالنيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة أقدم التعازي لكم في وفاة الدكتور بطرس غالي، وأود هنا أن أنقل أحر التعازي لأسرته وأصدقاء هذا الرجل العظيم الذي كان يؤمن بكل القيم الإنسانية، ولكل الأسرة الدبلوماسية والمفكرين المصريين وكل من كان يؤمن بالحوار وقيم الإنسانية وحقوق الإنسان". وأضافت "أود أن أعزيكم في رجل كان يستمع للجميع وكان مثالًا للدبلوماسية والمبادئ والقيم، لقد درس في القاهرة وأوروبا وحمل روح التنوع ويجمع بين الثقافات المختلفة، ونعزي مصر والعالم بأسره في هذا الرجل العظيم الذي كان مثالا للتنوع والحضارة وكان ملهما للكثيرين". وأشارت بوكوفا إلى أن غالي كان أول أمين عام أفريقي وعربي للأمم المتحدة وكرّس كل جهوده من أجل تحقيق السلام والاستقرار في العالم بأسره، وقالت "كان يؤمن بالحرية وغادر هذا العالم بعد أن ترك تاريخا كبيرا وقام بكل جهد مطلوب منه عندما رأس المنظمة الأممية". كما ألقت ميكيل جون، الأمين العام للمنظمة الفرانكفونية، كلمة أشادت فيها بالدكتور بطرس غالي ودوره في قيادة المنظمة لعدة سنوات، وقدمت العزاء لأسرته وتلاميذه وكل الشعب المصري. من جانبه، قال البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، في كلمته "نودع هذا الإنسان النبيل الدكتور بطرس غالي على رجاء القيامة، ونودع فيه تاريخًا طويلًا حافلًا ومشرفًا، وكما تقول الأمثال الأفريقية عندما يموت رجل عجوز فمكتبة كاملة قد احترقت". وأضاف أن "هذا النموذج الرفيع في الحياة المصرية والتاريخ المصري ليس إنسانا مصريا فقط بل عالميا أيضا، والكلمات التي قيلت في معانيها الجميلة والذكريات والأعمال العظيمة التي قام بها الفقيد تحتاج لمجلدات لذكرها". وقال البابا تواضروس إن الدكتور غالي كان صانع سلام في كل المناصب التي تبوأها حتى بلغ منصب سكرتير عام الأممالمتحدة وكان يقود المنظمة الأممية منحازا للسلام في تعامله مع النقاط الملتهبة في يوغسلافيا أو الصومال وكذلك كان في مشاركته معاهدة كامب ديفيد ومشاركته في القضية الفلسطينية "، مضيفًا إن صنع السلام هي وصية إلهية فالإنجيل يقول طوبى لصانعي السلام". وأشار إلى أن نبوغ الدكتور غالي وإصراره واجتهاده جعلوا منه إنسانا دارسا متعمقا في القانون والسياسة والدبلوماسية والصحافة وتوجد قامات مصرية حاليا تتكلم بفخر إنهم تلاميذ له. وقال "نشأ الفقيد في أسرة ذات تاريخ عريق وتمتد في نشاطاتها في أماكن كثيرة لكن الدكتور غالي احتفظ بطبيعته المصرية وإخلاصه للوطن وحمل مصر في قلبه وكان محبا لكنيسته وكان صديقا ودودا للبابا شنودة وزارني عدة مرات وزرته قبل وفاته 3 أيام في المستشفى، واستعنت بمشورته في عدة أمور وكان له الرأي السديد والنصيحة المخلصة". وأضاف "كان الدكتور غالي إنسانا مصريا مخلصا استحق أن يكرم يوم وفاته كما كرم في حياته بجنازة عسكرية تقدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي وكبار رجال الدولة"، وقال "هذا الإنسان في محبته وأصالته احتل قلوب كل العالم وكل من تعامل معه .. نقدم التعازي باسم الكنيسة لأسرته الكريمة والسيدة زوجته ولكل أحبائه وكل من تتلمذوا على يديه وكل أصدقائه". حضر القداس كل من سامح شكري وزير الخارجية وفايزة أبو النجا مستشارة الرئيس للأمن القومي، والدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ومنير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة السابق وعدد من كبار أساقفة الكنيسة وممثلين عن الكنائس المصرية المختلفة وأسرة الفقيد ومئات المواطنين. وعقب القداس بدأت مراسم دفن الفقيد في مدافن الأسرة التي تقع أسفل الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية. وخارج الكنيسة تجمع عشرات المواطنين يحملون أعلام مصر وصورا للفقيد، تعبيرًا عن حزنهم لرحيل عميد الدبلوماسيين المصريين.