فى مصر، يوجد قرابة 2 مليون و800 ألف أسرة مستفيدة ترعاهم الجمعيات الأهلية فى شتى المحافظات، يواجهون حزمة من العقبات والمعوقات الكبرى - التى تؤدى إلى تعثر المشاريع الإنتاجية الصغيرة والمتناهية الصغر - أبرزها البيروقراطية، والمشاكل التشغيلية، وغياب التمويل، وآليات التسويق، وضعف أساليب التطوير والتحديث، وزيادة فائدة القروض على عاتق المستفيدين. ورغم أن مشروع الأسر المنتجة، يعتبر الركيزة الأساسية فى تعزيز النمو الاقتصادى بشكل عام، والحد من تفاقم مشكلتى الفقر والبطالة بشكل خاص، بما يسهم فى عملية التنمية والإصلاح الاقتصادى والاجتماعى. إلا أنه منذ ظهوره فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتحديداً فى عام 1964، ومروراً بعصر المخلوع حسنى مبارك، إلى وقتنا الحالى، وازدادت الأوضاع سوءاً، ليتحول المشروع الخدمى من نعمة إلى نقمة، على عاتق صغار الصناع والحرفيين، مما يهدد المشروع برمته.. فلا شك أن غياب رؤى التطوير لدى وزارة التضامن ضخم من هذه الأزمة، فهى تكتفى بتقديم المساعدات البسيطة فى شكل نقدى للجهات المستفيدة ممن لديهم القدرة على العمل، بلا رعاية أو اهتمام بمشاكلهم.. ومراكز التدريب أو ما تسمى بمراكز التكوين المهنى ومراكز إعداد الأسر المنتجة التى مهامها الإعداد والتأهيل تفتقد معظمها للعمالة المدربة والمعدات والتمويل.. والجمعيات الأهلية تقوم بالتسويق المحدود ولكن تغيب عنها آليات الدعاية والتمويل، مما أغرق شباب الخريجين والأسر المنتجة فى دوامة من الديون لا تنتهى، ومن ثم التعثر في سداد هذه المديونيات، وهو ما يصعب توسيع دائرة المستفيدين، أو استمرارية وجوده من عدمه. وذلك يستلزم وجود خطة استراتيجية قادرة على توجيه وإنجاح الصناعات الوطنية، وفق التوسع لتنمية مستدامة اقتصادياً وصناعياً واجتماعياً، ذات الصلة المباشرة بسد احتياجات الأسر المنتجة، والعمل على تطوير أنظمة التعليم الفنى والتدريب المهنى والتقنى لخدمة تنمية التشغيل، واكتساب المهارات العملية، وتعزيز قدراتهم على الإبداع والابتكار، بما يؤدى إلى خفض نسبة البطالة، وتحسين نوعية المنتج المحلى، ورفع مستوى الجودة، والتوسع فى إحداث رواج للمنتج المصرى، وفتح آفاق جديدة للتسويق داخلياً وخارجياً، ووقف نزيف الخسائر المستمر. «الوفد» ذهبت إلى المعارض الخاصة بالأسر المنتجة بشارع الأهرام ميدان الجيزة.. والتقينا بالمستفيدين والمسئولين عن المشروع. بداية تؤكد أميرة الحسينى، مديرة مبيعات المعرض الدائم للأسر المنتجة بمنطقة الجيزة: نحن ندعم الصناعة الوطنية للمحافظة على استمراريتها وتطورها بالاستفادة من الموارد البشرية الهائلة بالتشجيع على التصنيع والتطور لهذه الصناعة الوطنية، كما توجد لدينا لجان فحص للتأكد من جودة المواد الخام المصنعة منها المنتجات المختلفة، للارتقاء بها، والعمل على حل المشكلات، وضمان استمرار قدرتها التنافسية. وأوضحت: بلغ عدد المستفيدين 387 أسرة منتجة معظمهم من المرأة المعيلة، بخلاف خريجى الجامعات والمدارس الفنية، وجميعهم يقيمون داخل المحافظة، حيث قمنا بتدريبهم داخل مراكز إعداد الأسر المنتجة على أعمال الخياطة والتطريز والتريكو وأشغال الستائر بأنواعها والمفروشات بأحدث موديلاتها، والرسومات المتميزة على ألواح الزجاج، والإكسسوار وصيانة الموبايلات والأجهزة المنزلية، وذلك على مستوى عال من المهارة والخبرة فى تخصصاتهم. وأضافت: أن منتجات الأسر المنتجة تعانى من الركود حالياً، رغم ما تشتهر به من خامات جيدة وتصميم أنيق، فضلاً عن رخص أسعارها وهو السبب الرئيسى لرواج البضائع وإقبال المواطنين عليها، إلا أنها تفتقد لآليات الترويج والدعاية، التى بإمكانها تسليط الضوء على هذه المشروعات، وإلى أى مدى حققت نجاحات فى تحقيق المستهدف منها لصالح الشباب والأسر المنتجة. وعن أسعار المعروضات.. فتقول: يتراوح سعر المشغولات الفرعونية ما بين 30 إلى 300 جنيه، وأيضاً الجواكت الحريمى تبدأ من 200 إلى 270 جنيهاً، والعبايات الصيفى ما بين 30 و70 جنيهاً، والجلباب الشتوى بين 55 و70 جنيهاً، والبيجامات الحريمى من 60 حتى 200 جنيه، ووصلت أسعار البدل الرجالى من 170 إلى 360 جنيهاً، وكذلك السجاد اليدوى والمفروشات بمختلف أنواعها وأشكالها وأحجامها تبدأ من 25 حتى 425 جنيهاً. الفئات المستحقة واستكمل الحديث، صلاح عبدالرحيم، المدير المالى للمعرض الدائم، رئيس جمعية التدريب المهنى والأسر المنتجة بمنطقة إمبابة، فقال: نحن نعمل فى مجال الرعاية والتأهيل المهنى منذ نشأة الجمعية عام 1973، إلى وقتنا الحالى، أى مدة 43 عاماً، نقوم بتدريب خريجي المؤسسات الاجتماعية، والأسر ذات الدخل المنخفض، وكذا الأسر المستحقة للمساعدات، وأصحاب المعاش المبكر، وكبار السن من الجنسين، وربات البيوت ممن لديهن وقت الفراغ الكافي والقدرة على العمل والإنتاج، وأسر المسجونين والمفرج عنهم، وذلك فى تخصصات الملابس الجاهزة والجلود وأشغال الصدف والكهرباء والنجارة والحدادة واللحام والدهانات، وذلك بلا مقابل مادى، ويحصل المتدرب على شهادة تؤهله للعمل بسوق العمل، كما تتم مساعدة أصحاب المشروعات بعمل دراسة الجدوى لكل مشروع على حدة. جابر محمد، مدير معرض المؤسسة القومية لتنمية الأسرة والمجتمع، قال: نحن نعرض منتجات تتسم بالتصميمات المتميزة والجودة العالية التى تعكس طبيعة التراث والبيئة المصرية الأصيلة، خاصة المنتجات اليدوية من النوبة وسيناء، التى تجد قبولاً كبيراً لأسعارها الاقتصادية، التى تتناسب مع دخل الأسر محدودة الدخل، وأيضاً تلبى رغبة جميع الأذواق من الجمهور، فيتراوح سعر علبة الصدف المسدسة ما بين 12 إلى 200 جنيه، والخيامية بين 25 إلى 600 جنيه، ووصل سعر الترابيزة صدف فك وتركيب 225 جنيهاً، وكرسى صدف يباع بسعر 350 جنيهاً، وطفايات الألباستر تباع بسعر 12 جنيهاً، مراوح نوبية بتصميمات مختلفة وصل سعرها 12.5 جنيه، والإكسسوارات النوبية بسعر 12 جنيهاً للقطعة الواحدة، ويتراوح سعر جرابات موبايل سيناوية من 18 إلى 20 جنيهاً، وسعر العروسة الخشب الملونة ما بين 15 إلى 51 جنيهاً. معوقات ومشاكل ومن جانبها، أوضحت المهندسة أمانى غنيم، رئيس الإدارة المركزية للتنمية الاجتماعية بوزارة التضامن الاجتماعى أن عدد المستفيدين 2 مليون و800 ألف أسرة منتجة ب «26 حرفة» فى المحافظات كافة، و431 مركز إعداد أسر منتجة، و71 مركز تكوين مهنياً يعمل على تدريب وتوجيه الشباب والأسر، لمساعدتهم على العمل والإنتاج، وذلك من خلال المتخصصين فى المجالات الفنية والتمويل، ليستفيدوا من خدماتهم، وإيجاد منافذ تسويقية، بعد التقدم بطلب انضمام للانتفاع بخدمات الوحدة الاجتماعية المختصة، التى تقوم بدورها بإجراء البحث الاجتماعى والفنى للمستفيد، ودراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، وتقوم بعد ذلك وزارة التضامن الاجتماعى عبر مديرياتها بالمراجعة وإرسال الطلبات للجمعيات المسئولة عن التنفيذ لإصدار القرار اللازم، وتقوم الجمعية بدورها بالتعاقد مع المستفيد، الذى لا يقل عمره عن 18 عاماً، ويجوز مشاركة المستفيد بالمشروع بنسبة من التكلفة الإجمالية لتنفيذه. وأشارت المهندسة «أمانى» إلي أن مشروع الأسر المنتجة كبرنامج قومى، تسعى الوزارة عبر آلياتها إلى فتح باب الأمل أمام عدد كبير من الأسر أو صغار الصناع، وتحويلهم إلى وحدات إنتاجية، عن طريق إعطاء جمعيات الأسر المنتجة مقابل الحصول على فائدة لا تقل عن 8% ولا تزيد علي 12% من قيمة القرض، وهذه القروض تتراوح بين 1000 و5000 جنيه، للمساهمة فى رفع معيشة الأسر المنتجة، والمشاركة فى تنمية المجتمع، وذلك من خلال إعدادهم مهنياً، والمعارض الدائمة والموسمية المنتشرة بالمحافظات، دون النظر إلى الأعباء الإضافية على عاتق الوزارة التى تقوم بتأجير المتر بمبلغ 500 جنيه، ولا يجوز أن تقل مساحة المكان المخصص لعرض المنتجات عن 5000 متر، لأننا نعلم جيداً مشاكل التسويق التى تواجه هؤلاء المصنعين، ونقص آليات التدريب والتحديث، وضعف أساليب التطوير بسبب قلة الموارد المالية، وغياب المقومات التكنولوجية الحديثة فى التقدم المعرفى والمهنى، وقصور الدور الإعلامى حيال قضايا هذه الفئة، كما أننا نكفل الفرص التسويقية فى الخارج، لعرض هذه المنتجات الوطنية، نظراً لكونها تتميز بجودة خامتها وشهرتها الكبيرة داخلياً وخارجياً، مما يشجع الأيدى العاملة الماهرة، من أصحاب المشروعات الإنتاجية، على العمل والإنتاج، ويحقق فرص النجاح للصناعات الحرفية والبيئية عالمياً. استراتيجيات للتطوير فيما رأى الدكتور صلاح الدين الدسوقى، الخبير الاقتصادى، مدير المركز العربى للدراسات الإدارية والتنموية أهمية إعطاء الدولة المصرية الاهتمام الكافي لمشروع الأسر المنتجة، خاصة أنه يواجه عقبات عدة منها المشكلات التشغيلية وغياب آليات التسويق والتمويل، فضلاً عن مشكلات زيادة فائدة القروض على عاتق المستفيدين، مما يضر بالآلاف الشباب وربات البيوت من الأرامل والمطلقات، ويزيد من ديونهم المتراكمة فى البنوك. وأوضح «الخبير الاقتصادى» أهمية وجود المشروعات الإنتاجية الصغيرة ومتناهية الصغر اقتصادياً واجتماعياً، لكونها آلية مناسبة وفاعلة لتطبيق سياسة التوظيف الذاتى، بالإضافة إلى قدرتها الاستيعابية الكبيرة للأيدى العاملة الماهرة، بما يعكس رؤى إيجابية اقتصادياً واجتماعياً. التسويق والتمويل ووافقه الرأى السابق، صلاح العربى، المنسق العام لحركة «مواطنون ضد البطالة»، مطالباً بضرورة أن تنظر الدولة نظرة جادة للمشروعات الإنتاجية والخدمية الصغيرة ومتناهية الصغر، وللسوق المحلى أو الصناعات الوطنية، ذات المواصفات القياسية الجيدة، من خلال تقديم الدعم اللازم لاستمرارية هذه النشاطات، لأن أكبر مشكلة تواجه المستفيدين هى سداد القروض، ومعظمهم يتعثروا في سدادها، مع أهمية إعطاء الأولوية القصوى لتصنيع المنتجات المحلية، مما يستلزم توفير مستلزمات الإنتاج كماكينة الخياطة أو التريكو بالأقساط الصغيرة أو المواد الخام الأخرى، للتشجيع والتحفيز على العمل والإنتاج، مع التركيز على التدريب لصقل المهارات أيضاً، حتى يتحقق عنصر الجودة والتمييز، وتعزيز قدرات الشباب والأسر المنتجة على الإبداع والابتكار، وفتح آفاق للتسويق داخلياً وخارجياً، بواسطة المنافذ أو المعارض المجمعة الحكومية وغير الحكومية بشكل شهرى أو ربع سنوى، حتى تعود هذه المشروعات الإنتاجية بالعائد المجزى على الأسر المنتجة، والدولة أيضاً، بالحد من تفاقم مشكلتى الفقر والبطالة، وتحسين صورة مصر أمام العالم. 2 مليون و800 ألف أسرة مستفيدة ترعاهم الجمعيات الأهلية فى جميع محافظات مصر قروض المشروعات متناهية الصغر من 1000 إلى 5000 جنيه.. والفائدة 12% 431 مركز إعداد أسر منتجة «حكومى».. و71 مركزاً للتديب والتأهيل المهنى اتجاه للاستفادة من تجارب الدول الخليجية والآسيوية والأوروبية فى مجال الرعاية والتأهيل المهنى 387 أسرة منتجة معظمها من المرأة المعيلة بالمعرض الدائم بالجيزة