في تسعينات القرن الماضي، وبعد وقوع الحادث الإرهابي الذي أودي بحياة بسطاء من المسلمين والأقباط في قرية "بهجورة" شمال مدينة نجع حمادي بمحافظة قنا، كانت القرية محط الأنظار من الدولة ومستقرًا لوفود من أطياف مختلفة كانت تأتي من العاصمة لإزالة أثار الحادث الغادر. في أحد الأيام توقف القطار في القرية التاريخية علي غير العادة، ونزل منه شخص غريب المظهر .. شعره كث وطويل ويرتدي جلبابًا بلديًا غير مهندم، أعتقد الأهالي أنه مجذوب خاصة أنه كان يطلب "عود من قصب السكر" الذي تشتهر بزراعته القرية، أنصرف عنه الناس معتقدين أنه متسول وكان "البهجوري" يقابل ذلك بالضحك! ترجل الرجل العجوز في القرية ووقف في السوق وقال "أنا جورج البهجوري مولود هنا وبلدياتكم"، عرفه المثقفون ورحبوا به أحر ترحيب وقدموا له كرم الضيافة، فحين قام هو بأداء واجب العزاء في أهله الذين قتلتهم الأيدي الآثمة. هو جورج عبد المسيح بشاي، مواليد قرية بهجورة في العام 1932، تخرج في كلية الفنون الجميلة وعمل في مجلتي "روز اليوسف" و"صباح الخير" في الفترة من 1953 1975، وسافر لباريس وعاد منها في التسعينات . والبهجورى فنان عالمي ويصنف انه من الجيل الثالث من الفنانين التشكيلين المصريين، وأقام آلاف المعارض بين مصر وباريس. وفى عام 1999 اختيرت أعماله لتمثيل الجناح المصري بمتحف اللوفر، ويعد البهجورى احد رواد فن " البورترية " في دول فرنسا وايطاليا واسبانيا وله عدد من الروايات يبدو فيها متأثرا بنشأته بقرية بهجورة ومنها : " أيقونة فلتس " و " أيقونة باريس " و" بهجر في المهجر " و" ثلاثية الرموز " التي حازت على إعجاب النقاد. وحاز البهجورى على عدة جوائز منها : الجائزة العالمية في فن الكاريكاتير بروما ، وجائزة الملك عبد الله الثاني للفنون والآداب . وكانت آخر معارضه "مدونات العمر" قبل أيام بجاليري بيكاسو بالزمالك، والذي فاجأ فيه الساحة الفنية بأول بورترية لعبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ونال كالعادة إعجاب الفنانين التشكيليين والنقاد، ووصف بالعبقرية في الألوان والتفاصيل الفنية.