مع حلول اليوم الذكرى الخامسة لموقعة الجمل، التى شهدها ميدان التحرير وسال فيه دماء الثوار، في ثنايا ثورة 25 يناير، لا زالت لغزًا يتبارى المصريين على حله، ومعرفة من الجاني. وقعت الموقعة يوم 2 فبراير 2011 لإرغام ثوار 25 يناير على مغادرة ميدان التحرير، ومحاولة لقمع الثوار وترويعهم وتخويفهم بعد خطاب الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي اتسم بالعاطفة واستطاع من خلاله استمالة عدد كبير من المصريين. وبين أن يكون الجاني أعوان مبارك ورجال الأمن، لإخماد الثورة، أو أن يكون من جماعة الإخوان لإشعال الفتنة، يقف الكثير من الخبراء والسياسيون حائرون. رأى سياسيون أن فلول مبارك وأعوانه وراء تلك المجزرة، فيما رأى بعض آخر أن القضاء قال كلمته فى هذه الواقعة وأنه لا تعقيب علي أحكام القضاء، بينما اعتبر آخرون أنها صناعة إخوانية للانقضاض على حكم مصر. أكد طارق التهامي، سكرتير عام حزب الوفد، وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أنه كان متواجد فى ميدان التحرير أثناء موقعة الجمل يصحبه مجموعة من قيادات حزب الوفد، الذين سلكوا الطريق إلى التحرير سيرآ على الأقدام. وأشار التهامي إلى أنه وجد أنذاك منافذ الدخول إلى الميدان جميعها مغلقة، باستثناء المدخل الوحيد من ناحية كوبرى قصر النيل، متابعا: "فور وصولنا كان هناك عددا من أنصار مبارك وأعضاء الحزب الوطنى، وكان الميدان فى تزيد مستمر من اتجاه ميدان عبد المنعم رياض وأن الهجوم كان مستمر". واتهم التهامي أنصار مبارك وقيادات داخل النظام بارتكاب تلك الموقعة من أجل إحكام السيطرة على الميدان، مشيرا إلى أن الإخوان مسئولون عن إعاقة الثورة إلا أنهم لم يرتكبوا تلك الموقعة. ورأى الدكتور أحمد دراج، المحلل السياسى والمتحدث باسم 25-30، أن المتهم الحقيقى وراء واقعة الجمل التى حدثت يومى 1-2 فبراير من عام الثورة هو نظام مبارك دون أدنى شك. وسرد دراج، قائلا: "كنت فى الميدان آنذاك ومجموعة من الثوار وجاءت أنباء عن وجود محاولات للهجوم على الميدان عن طريق قصر النيل وميدان طلعت حرب بالجمال لتفريق الثوريين وتقسيم صفوفهم". وأشار المحلل السياسى إلى أنه لا تعقيب على أحكام القضاء ببراءة المتهمين بهذه الواقعة ولكننا على دراية تامة بمن أسال دماء المصريين فى الميادين فى ذلك الوقت. واعتبرت الدكتورة سكنية فؤاد، الكاتبة الصحفية ومستشار الرئيس السابق عدلى منصور لحقوق المرأة، أن من حاول إجهاض وإخماد إرادة الشعب المصرى وتكميم أفواهه، وإسقاط دماء العشرات من الشهداء هو المتهم الأول والحقيقى لموقعة الجمل. وتابعت فؤاد حديثها قائلة: "ليس لدى أدلة أو وثائق كى أوجه أصابع اتهام لفصيل بعينه وهذا أفضل ما يمكن تسميته". وأعربت الكاتبة الصحفية عن استياءها إزاء تلك الحادثة، لافتة إلى أن هناك من كان في مصلحته ألا تستمر أو تنجح الثورة ولكن إرادة المصريين بخلع نظام الحكم المستبد كانت وراء إنجاح الثورة بكل عزيمه وصمود . وقال الدكتور سعيد اللاوندي، الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الهدف الأساسى لموقعة الجمل هو محاولة ترويع وتخويف المواطنين والثوار بميدان التحرير لإفشال الثورة. وأكد اللاوندى، في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن المتهم الحقيقى فى موقعة الجمل من الصعب معرفته، مشيرا إلى أن القضاء قال كلمته في هذا الأمر ببراءة المتهمين فى قضايا المتظاهرين، ومنهم مبارك وأعوانه، ما يجعل هناك لغزا وراء معرفة المتهم الحقيقى لاسالة دماء المصريين . واتفق معه ناجى الشهابي، رئيس حزب الجيل، حيث رأى أن محكمه جنايات القاهرة فصلت وقالت كلمتها وصدر حكم البراء على من تورطوا فى ما يسمى موقعة الجمل من اعضاء الحزب الوطنى السابق". وأوضح الشهابي أن خطاب الرئيس الاسبق حسنى مبارك العاطفى الذى استمال بيه الشعب المصرى كان على وشك فتح صفحه جديدة مع النظام الاسبق، إلا أن القدر تداخل وحدثت هذه الاحداث المساوية. واعتبر الشهابى أن الوقت متسع ليقول التاريخ كلمته ويبقى فيصلا في هذه الموقعة، لافتا إلى أن الجمال والخيالة التى استهدفوا ميدان التحرير، كانت قادمة من الكرداسة، التي وصفها بمعقل الجماعات الإرهابية.