دمج وتمكين.. الشباب ذوي التنوع العصبي يدخلون سوق العمل الرقمي بمصر    زيادة متوقعة في إنتاج اللحوم الحمراء بمصر إلى 600 ألف طن نهاية العام الجاري    حالة الطقس اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محافظه المنيا    أذان الفجر اليوم السبت13 ديسمبر 2025.. دعاء مستحب بعد أداء الصلاة    محكمة بوليفية تقرر حبس الرئيس السابق لويس آرسي احتياطيًا 5 أشهر بتهمة اختلاس أموال عامة    قفزة تاريخية.. مصر تقترب من الاكتفاء الذاتي للقمح والأرز    تدريب واقتراب وعطش.. هكذا استعدت منى زكي ل«الست»    بين مصر ودبي والسعودية.. خريطة حفلات رأس السنة    بدأ العد التنازلي.. دور العرض تستقبل أفلام رأس السنة    الاتحاد الأوروبي يواصل دعم أوكرانيا ويوافق على تجميد أصول روسيا لأجل غير مسمى    د.هبة مصطفى: مصر تمتلك قدرات كبيرة لدعم أبحاث الأمراض المُعدية| حوار    ترامب يثمن دور رئيس الوزراء الماليزى فى السلام بين كمبوديا وتايلاند    زعيمة المعارضة الفنزويلية تؤيد زيادة الضغط على مادورو حتى "يدرك أنه يجب عليه الرحيل"    بعد الخروج أمام الإمارات، مدرب منتخب الجزائر يعلن نهايته مع "الخضر"    ياسمين عبد العزيز: كان نفسي أبقى مخرجة إعلانات.. وصلاة الفجر مصدر تفاؤلي    تقرير أممي: التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية يبلغ أعلى مستوى له منذ عام 2017 على الأقل    مصرع شخص وإصابة 7 آخرين فى حادث تصادم بزراعى البحيرة    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    اليوم.. محاكمة المتهمين في قضية خلية تهريب العملة    ياسمين عبد العزيز: ما بحبش مسلسل "ضرب نار"    سلوى بكر ل العاشرة: أسعى دائما للبحث في جذور الهوية المصرية المتفردة    أكرم القصاص: الشتاء والقصف يضاعفان معاناة غزة.. وإسرائيل تناور لتفادي الضغوط    محمد فخرى: كولر كان إنسانا وليس مدربا فقط.. واستحق نهاية أفضل فى الأهلى    وول ستريت جورنال: قوات خاصة أمريكية داهمت سفينة وهي في طريقها من الصين إلى إيران    قرار هام بشأن العثور على جثة عامل بأكتوبر    بسبب تسريب غاز.. قرار جديد في مصرع أسرة ببولاق الدكرور    محمود عباس يُطلع وزير خارجية إيطاليا على التطورات بغزة والضفة    كأس العرب - مجرشي: لا توجد مباراة سهلة في البطولة.. وعلينا القتال أمام الأردن    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    الأهلي يتراجع عن صفقة النعيمات بعد إصابته بالرباط الصليبي    الأهلي يتأهل لنصف نهائي بطولة أفريقيا لكرة السلة سيدات    فرانشيسكا ألبانيزي: تكلفة إعمار غزة تتحملها إسرائيل وداعموها    تعيين الأستاذ الدكتور محمد غازي الدسوقي مديرًا للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية    ياسمين عبد العزيز: أرفض القهر ولا أحب المرأة الضعيفة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    إصابة 3 أشخاص إثر تصادم دراجة نارية بالرصيف عند مدخل بلقاس في الدقهلية    إشادة شعبية بافتتاح غرفة عمليات الرمد بمجمع الأقصر الطبي    روشتة ذهبية .. قصة شتاء 2025 ولماذا يعاني الجميع من نزلات البرد؟    عمرو أديب ينتقد إخفاق منتخب مصر: مفيش جدية لإصلاح المنظومة الرياضية.. ولما نتنيل في إفريقيا هيمشوا حسام حسن    بعد واقعة تحرش فرد الأمن بأطفال، مدرسة بالتجمع تبدأ التفاوض مع شركة حراسات خاصة    سعر جرام الذهب، عيار 21 وصل لهذا المستوى    الإسعافات الأولية لنقص السكر في الدم    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر بشأن تزايد الطلب على موارد المياه مع ازدياد الندرة    مفتي الجمهورية يشهد افتتاح مسجدي الهادي البديع والواحد الأحد بمدينة بشاير الخير بمحافظة الإسكندرية    غلق مزلقان مغاغة في المنيا غدا لهذا السبب    لجنة المحافظات بالقومي للمرأة تناقش مبادرات دعم تحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 12ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاقة قوية للمرحلة الثانية لبرنامج اختراق سوق العمل بجامعة سوهاج |صور    محافظ أسوان يأمر بإحالة مدير فرع الشركة المصرية للنيابة العامة للتحقيق لعدم توافر السلع بالمجمع    اسعار الفاكهه اليوم الجمعه 12ديسمبر 2025 فى المنيا    سويلم: العنصر البشري هو محور الاهتمام في تطوير المنظومة المائية    هشام طلعت مصطفى يرصد 10 ملايين جنيه دعمًا لبرنامج دولة التلاوة    ضبط المتهمين بتقييد مسن فى الشرقية بعد فيديو أثار غضب رواد التواصل    نقيب العلاج الطبيعى: إلغاء عمل 31 دخيلا بمستشفيات جامعة عين شمس قريبا    بتوجيهات الرئيس.. قافلة حماية اجتماعية كبرى من صندوق تحيا مصر لدعم 20 ألف أسرة في بشاير الخير ب226 طن مواد غذائية    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    عاجل- الحكومة توضح حقيقة بيع المطارات المصرية: الدولة تؤكد الملكية الكاملة وتوضح أهداف برنامج الطروحات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصري» على شاشة السينما.. قليل من التجميل وكثير من التشويه
نشر في الوفد يوم 26 - 01 - 2016

مرت السينما المصرية عبر تاريخها الطويل بعدد كبير من التحولات وطرأت عليها متغيرات كثيرة.. لكن فى الفترة الأخيرة أجمع قطاع عريض من الجمهور على أن السينما تعانى من فقر فى الفكر وفقر فى الدم. وبينما يرى فريق من النقاد أن السينما انعكاس للواقع وأن حال السينما لا يختلف عن حال مجتمع يعانى من اضطراب فى أوضاع كثيرة ويبحث عن بوصلة تهديه إلى الطريق الصحيح.. يرى فريق آخر أن تقديم نماذج سيئة والترويج لأفكار هدامة عبر الشاشة الكبيرة يعد جريمة تستوجب العقاب.. فى هذا التحقيق نرصد عدداً من الآراء المهمة حول التغير الذى طال الشخصية المصرية ولماذا اتسعت مساحة السيئ وتراجعت فى المقابل مساحة الجيد وأصبحت شخصية البطل فى أغلب الأعمال الفنية مشوهة وبلا ملامح حقيقة بما أضر بالشخصية المصرية التى أصبح الترويج لها من خلال أفلام هابطة المستوى فى الصورة والحوار، ولأننا بدأنا نعيش مرحلة جديدة من تاريخ هذا الوطن فعلينا أن نعمل على إبراز أهم ما يميز الشخصية المصرية كما كنا نشاهدها فى سينما الأربعينيات والخمسينيات والستينيات وهى مرحلة شاهين وصلاح أبوسيف وبركات وحسن الإمام وعزالدين ذوالفقار وحتى الثمانينيات مرحلة على عبدالخالق وعاطف الطيب وخان، الذين قدموا الواقع المصرى بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
فى الموضوع تحدث المخرج الكبير على بدرخان قائلاً: صناع السينما ليسوا موجهين اجتماعيين..السينما فن الهدف منه المتعة والتسلية عندما أقوم بالتحضير لعمل فيلم سينمائى لا يكون هدفى أبداً تقديم رسالة أو تقديم الشخصية المصرية فى شكل وملامح معينة.. أنا أقدم حدوتة والهدف تسلية المتلقى.. إذا كنت تريد الحديث عن العنف فى السينما مؤخراً فيجب أن تدرك أن العالم كله يعيش فى عنف دائم أنظر إلى العراق وليبيا واليمن وأخيراً انظر إلى الأعمال الإرهابية فى فرنسا.. على مستوى العالم تأثرت السينما بموجات العنف التى فرضت نفسها على الواقع وفى مصر امتد العنف إلى السينما وأصبح البلطجى نموذجاً آخر للفتوة الذى يحارب الظلم ويحصل على حقه بالقوة.
ويوضح المخرج على بدرخان الفرق بين الشخصية المصرية فى الأعمال القديمة والأفلام الجديدة قائلاً: السينما فى الماضى كانت تعتمد على الأدب وكان هناك أدباء يثرون السينما مثل نجيب محفوظ والسباعى ويوسف إدريس ويحيى حقى لكن الآن هناك أفكار سريعة يتم تجهيزها وفق مقتضيات الحالة، باختصار ابتعاد السينما عن الأدب أفقدها جمالها وجعلها أشبه بجنين مشوه وبلا ملامح واضحة.
ويرى المخرج كرم النجار أن التغيرات التى طرأت على السينما المصرية جاءت نتيجة التأثر بالسينما الأمريكية، فالواقع العالمى الجديد ألقى بظلاله على السياسات الاقتصادية وكل أشكال الإبداع.. ويواصل حديثه قائلاً: بعد ثورة 25 يناير تغيرت مفردات مجتمعنا وظهرت مفردات جديدة وراح عشاق الفوضى يروجون مفاهيم وأفكاراً خاطئة منها مثلاً أن الديمقراطية تعنى التمرد على كل الضوابط والقوانين وأن الحرية تعنى الصوت العالى فقط واختفت الآراء التى تؤكد أن الحرية مسئولية.. الثورة فكت عقدة السان حاجات كثيرة وحدث انفلات فى المجتمع وتلاشت أشياء جميلة وحلت محلها أشياء مرعبة وغريبة.. ولأن المبدع يتأثر دائماً بالواقع الذى يعيش فيه ظهرت نماذج غريبة منها النموذج الذى قدمه الفنان محمد رمضان فى أفلامه ونموذج البلطجى الذى يحمل أسداً أو يلف ثعباناً حول عنقه.. بكل تأكيد تغيرت الشخصية المصرية ولكن هذا ليس مسئولية المبدع ولكنه انعكاس للواقع وكنت أتمنى أن يراعى صناع السينما تأثير هذه النماذج على الناس فى البيوت ولا يفرطون فى تقديمها.. الأخطر أن هذه الأشياء السلبية زحفت إلى الدراما التليفزيونية ففى مسلسل «ابن حلال» حرق الابن والده فى مشهد صادم للمشاعر.. واندهشت كيف تم إجازة هذا المشهد ولمصلحة من هدم الثوابت وضوابط المجتمع؟! يجب أن يدرك العاملون فى السينما والدراما التليفزيونية أن الفن له تأثير كبير ومباشر على الناس وأى عمل سيئ المحتوى يرسخ فى الناس الأشياء الرديئة لذا يجب أن يدرك أى مبدع مدى خطورة الترويج لأفكار أو أشياء صادمة من خلال عمل فنى.
ويقول المخرج الكبير محمد خان: أنا ضد المطالبة بإلغاء الرقابة وأطالب دائماً برفع سقف الإبداع لأن الفن يحتاج إلى حرية دائماً والقيد يقتل خيال المبدع.. وبالرغم من أننى أطالب بإلغاء الرقابة لا أحب تقديم سخافات الواقع بشكل فج، لأن الفن هو إعادة خلق للواقع وتقديمه فى قالب فنى يصل إلى المتلقى ولا يصدم مشاعره.. وعلى مدار تاريخ السينما شاهدنا أعمالاً كثيرة كان هدف مدرسة الواقعية الجديدة تقديم سينما جادة وتشتبك مع الواقع ولكن دون خلل أو تأثير سلبى على المتلقى ومن يتابع أفلامى وأفلام عاطف الطيب وخيرى بشارة وداود سوف يكتشف أن هذه الأفلام عبرت عن ملامح الثمانينيات بصورة صادقة ولكن فى الوقت نفسه بلغة سينمائية ناعمة وليست عرضه للنقد.. خيط رفيع بين أن تقدم سينما جادة أو تقدم سينما ضعيفة وعلى المبدع أن يراعى دائماً الأشياء التى تثرى عمله وتضيف عليه القيمة.. وأتصور أن المشكلة تبدأ من الورق، نحن نحتاج إلى جيل واعٍ من الكتاب، جيل يعبر عن مشاكل الواقع المعاصر بدون تجريح أو صدام.. وأتصور أن سينما الثمانينيات هى التى اتصفت الشخصية المصرية بكل عيوبها وسماتها الطيبة.. السينما لا تقدم حياة الملائكة ولكن ترصد ملامح شخصيات من لحم ودم والبشر يحمل دائماً الخير والشر.
ويتحدث السيناريست الكبير بشير الديك قائلاً: السينما المصرية شديدة الإخلاص لواقعها ولا تبحث عن أعمال تقدم الشخصية المصرية فى شكل جيد وبدون أخطاء لأن الواقع مضطرب جداً والأشياء السلبية كثيرة والأخطاء بالجملة وأمر طبيعى أن تقترب السينما من هذه السلبيات بدون تجميل.. ويواصل بشير الديك حديثه: أعرف جيداً أن مرور المجتمع المصرى بثورتين غير أشياء كثيرة وأفرز نماذج سيئة وإلى جانب الفوضى حدث انفلات أخلاقى وراحت تتعامل السينما مع هذه الأشياء وتقدمها بصورة جريئة.. أنا مع تقديم الواقع ولكن مع الحفاظ على ملامح مجتمعنا فأنا أرفض الحوار الهابط الذى يفسد الأجيال الجديدة.. وإذا كانت السينما قد مرت بمرحلة حرجة وحساسة فقد شهدت مؤخراً تجار جادة مثل تجربة محمد خان فى فيلم «فتاة المصنع» وتجربة أحمد السقا فى فيلم «الجزيرة 2» وفيلم «الفيل الأزرق» بطولة كريم عبدالعزيز.. هذه الأعمال رغم قلتها إلا أنها تؤكد أن السينما المصرية تتعافى وتنهض من جديد.. وإذا كنا نطالب المبدعين بعدم تشويه الشخصية المصرية فيجب أيضاً أن نطالب الجمهور بمقاطعة الأفلام الرديئة التى تشوه الملامح المصرية وتساهم فى إفساد الذوق العام.. الفن هو القوة الناعمة التى تغير وتؤثر فى الشعوب وأرجو أن تلفت الدولة إلى قيمة الفن وعظمة السينما وتعود إلى الإنتاج من جديد ولا تترك الإنتاج فى يد الأفراد فقط فهناك مشاريع سينمائية ضخمة تحتاج إلى ميزانيات ضخمة وتحتاج إلى دعم الدولة مثل الأفلام الحربية والأعمال التاريخية التى تكتب وتوثق لتاريخ الشعوب.
ويقول المخرج الكبير على عبدالخالق إن جيل الأساتذة الكبار صلاح أبوسيف، يوسف شاهين، كمال الشيخ، حسام الدين مصطفى، وقدم شخصية المصرى بشكل محترم ولم يسخر منه أو يقدمه فى شكل غريب يعدو للضحك والاستهزاء.. فقد قدم هذا الجيل الفلاح المصرى والدكتور والعامل فى شكل محترم وأنه ضحية قهر اجتماعى ولكنه يملك العقل ويتمرد على الأشياء السلبية ويحاول التغيير دائماً ولكن التغييرات والأحداث الأخيرة أفرزت أعمالاً سينمائية غريبة وأصبحنا نشاهد البلطجى بطل الفيلم وأنه يقتل ويسرق ويتعاطف معه الناس، مؤسف أن يقدم صناع السينما أعمال تدفع الناس لممارسة البلطجة وهدم دولة القانون وعدم احترام هيبة الدولة.. ولذا أرى أنه من الضرورى معاقبة أى مخرج أو مؤلف أو منتج يساهم فى صناعة هذه النوعية من الأفلام لأنها تشوه المجتمع وتدهم فكرة الدولة.. ويواصل المخرج على عبدالخالق حديثه: لا يحب الاستهانة بتأثير السينما على الناس فليس هناك دول تشجع على الأعمال الهابطة وتروج لعدم احترام القانون.. الأعمال التى تقدم البلطجى على أنه نموذج إيجابى أعمال تدفعنا دفعاً إلى الجحيم وتريد تحويل المجتمع إلى غابة حيث تتسع دائرة الجرائم والأخطاء ولا يوجد قانون أو عقاب.. مطلوب معاقبة أى شخصى يساهم فى تشويه المجتمع ويسعى إلى الترويج لأفكار هدامة وعادات خاطئة.. المجتمع فى مرحلة بناء وعلى المبدعين تقديم أعمال تشجع على البناء وتعزز القيم الجيدة.. ويقول على عبدالخالق إن الإعلام يالمكتوب يحاول دائماً التصدى للأعمال السينمائية السيئة وقد ساعد نقده الدائم إلى انحسار موجة أفلام العشوائيات والبلطجة سيطرت على دور العرض خلال الخمس سنوات الأخيرة وكان من الممكن أن تخلق مجتمعاً يرى الجريمة أمراً عادياً ويعيش أفراده على فكرة البقاء للأقوى.
المنتج محمد فوزى، قال: إذا أردت أن تشاهد سينما ناضجة ودراما موضوعية عليك أن تبحث عن الواقع.. الواقع كما نراه جميعاً مرتبك والأحداث السياسية كثيرة.. يوم بعد الآخر يزدحم المشهد السياسى داخل مصر وخارجها وهذا يلقى بظلاله على خيال المبدع ويفقده القدرة على الإبداع.. فى الماضى كنت ترى أعمالاً مهمة مثل «ليالى الحلمية، المال والبنون، الشهد والدموع»، ترى فيها النماذج السيئة والنماذج الجيدة ولكن الانحياز لدى الكاتب دائماً للشخص المثالى وقد نجحت هذه الأعمال لأنها إفراز طبيعى لواقع صادق..أما الآن فنحن نعيش فى واقع مرتبك فيه مساحة السواد أكبر من البياض والنفاق أكبر من الصدق وأمر حتمى أن يتأثر مزاج الكتاب والمنتجين والمخرجين بهذا المناخ الخالى من الحلم.
ويقول الناقد الفنى الكبير طارق الشناوى إن أزمة السينما الحقيقة فى الفترة الأخيرة هى التقليد الأعمى فعندما ينجح فيلم عن عالم العشوائيات تجد شركات الإنتاج تتصارع على تقديم هذه الأفلام.. وفى غمضة عين تجد الموسم السينمائى مزدحماً بأعمال شديدة الشبه ولا يوجد أى اختلاف بينها.. أتصور أن السينما مؤخراً دفعت ثمن التقليد والاستسلام للعامل التجارى على حساب القيمة.. الأمر الأكثر خطورة الذى أضر بصناعة السينما هو الاحتكار فهناك شركات كبرى تقوم بعملية الإنتاج وهى فى نفس الوقت تحتكر دور العرض لذا تعرض أفلامها فقط ولا تسمح للشركات المنافسة بالعرض وبالتالى من المنطقى أن تجد أفلاماً جيدة حبيسة الأدراج بينما هناك أفلام ضعيفة تملأ أفيشاتها الشوارع وتزين حوائط وجدران دور العرض.. ويضيف طارق الشناوى: الاحتكار لا يقتل أفلاماً جادة فقط بل يخلق إحباطاً داخل أى مبدع يحاول أن يقدم شيئاً جيداً لأنه دائماً يسأل نفسه هل سيصل فيلمى إلى الناس أم أنه سيدفع ثمن احتكار دور العرض.. فى الثلاثينيات منعت هوليود الاحتكار واعتبرت من يمارس الاحتكار مجرماً وأن الهدف من هذا الإجراء حماية الصناعة ورفع سقف الإبداع فإذا أردت سينما ناضجة عليك أن تحرر صناعة السينما من قيودها.. الإبداع دائماً مرهون بمناخ صحى وخالٍ من الأمراض.
الفنانة الكبيرة سميرة أحمد تحدثت فى الموضوع قائلة: من يتابع حال السينما سوف يكتشف أن هناك جيلاً من المبدعين اختفى فجأة وإذا بحثت عن سبب الاختفاء سوف تكتشف أن سينما المقاولات عادت من جديد.. تلك السينما التى ظهرت فى أواخر السبعينيات وكان الهدف منها الربح فقط.. لا أبالغ إذا قلت إننى لا أذهب إلى السينما لعدة أسباب منها أن برومو الفيلم دائماً ما يحمل ألفاظاً تخدش الحياء ويعتمد أيضاً على راقصات مثيرة.. مستحيل أن ترى خلف هذه المقدمات فيلماً جيداً يحمل رسالة ومفيدة للمجتمع.. فقد اختفت شركات إنتاج كثيرة بسبب ارتباك المشهد السياسى ولو سألتنى عن أهم الظواهر السيئة التى طالت السينما فى السنوات الأخيرة سوف أقول تدنى لغة الحوار.. نحن نعيش فى واقع مرتبك لكنه فى الوقت نفسه واقع خلاق لأن الأحداث كثيرة ومن رحم الألم يولد الإبداع.. أين قصص الشهداء الذين قدموا حياتهم من أجل حرية مصر.. أريد أن أرى نبض الشارع على شاشة السينما لا أريد قصة بلطجى مهموم بالانتقام أو عاهرة مهمتها جمع المال.. أطالب كل المهمومين بحال السينما بعدم الاستسهال والبحث عن أفكار جديدة تضىء الطريق أمام الأجيال الجديدة التى رأت فى الثورة على الفساد بداية الطريق لوطن عظيم.
وتعلق الفنانة سلوى خطاب، على الموضوع قائلة: إذا أردت أن ترى فناً راقياً ومتكاملاً فعليك بالرجوع إلى الأدب.. كل الأعمال الأدبية التى تم تحويلها إلى أفلام أو مسلسلات درامية أعمال خالدة لأنها من وحى الأدب.. أتصور أن أهم الظواهر السيئة التى شوهت السينما هو الاعتماد على الأفكار والقصص السريعة.. الأدب هو مصدر الأعمال الفنية الراقية.. تدنى لغة الحوار والتأثر بالأفلام الأمريكية والتقليد الأعمى كلها أشياء أضرت بصناعة السينما فى مصر.. وجعلتنا الآن نترحم على أيام جميلة مضت..
وتضيف سلوى خطاب: يجب أيضاً على الدولة أن تدعم السينما المستقلة فكثير من الشباب لديه أفكار براقة ولكنه يعجز عن تنفيذها وتموت هذه الأفكار قبل أن تخرج إلى النور.. وأملى أن تنتهى الحرب على الإرهاب لأن هذا المناخ السياسى المشحون يقتل حماس شركات الإنتاج ويجعلها تفضل الاختفاء والابتعاد على السوق وحتى من يغامر بالإنتاج يفكر ألف مرة فى تقديم عمل له رسالة ومغزى.. لأن الذوق العام تغير وتغير أيضاً جمهور السينما وهناك من يبحث عن أفلام شعبية حتى يهرب من خلالها من ضغوط الواقع.
ويرى الكاتب الكبير وحيد حامد أن أزمة السينما المصرية تكمن فى شىء واحد وهو عدم وجود عدالة فى التوزيع ويعلق على حال السينما قائلاً: أمر طبيعى ومنطقى أن تمر السينما بمراحل مختلفة.. تارة قوية وناضجة وتارة أخرى ضعيفة وهشة وثالثة عليلة تبحث عن طريق..فى الفترة الأخيرة ظهرت أعمال مبشرة مثل «الفيل الأزرق» بطولة كريم عبدالعزيز و«الجزيرة» بطولة أحمد السقا وهذه الأعمال جيدة ومبشرة ولكن عندما تشاهد الصورة كاملة سوف تجد أن السينما المصرية عليلة وتبحث عن طريق للشفاء.. صحيح أن الأفلام التى احتلت دور العرض كانت تقدم البلطجى على أنه البطل والنموذج ولكن الواقع فى الفترة الأخيرة كان ضبابياً جداً، وأثر على السينما التى أراها مرآة صادقة للمجتمع.. وهناك من بحث عن تيمة للنجاح وجنى الإيرادات وقدم سينما الراقصة والبلطجى على أنها تيمة الحظ والنجاح ونسى أن الفن قيمة ورسالة قبل أن يكون طريقاً للمكسب والربح.. أطالب الدولة بدعم التجارب الشابة الجديدة والقضاء على احتكار دور العرض وتوفير منخ صحى للإبداع وحرية طرح الأفكار.
وتتحدث الفنانة الشابة داليا البحيرى فى الموضوع قائلة: لا أحد ينكر أنه إلى جانب التجارب الفنية المحبطة كانت هناك تجارب ومحاولات سينمائية ناضجة وجادة.. لكن إذا كنت تبحث عن الظواهر السلبية التى طالت السينما فسوف تكتشف أن جهات الإنتاج راحت تتحمس للأفكار السطحية التى تترك أى أثر فى عقل ووجدان المتلقى.. وراحت تدير ظهرها للأفكار الجادة ولذا أصبحت الأعمال الضعيفة كثيرة.. أتمنى أن تعود الدولة إلى الإنتاج حتى لا تترك صناعة السينما رهن قرارات أفراد كما أن هناك أعمالاً ضخمة تحتاج إلى ميزانيات كبيرة مثل الأعمال التاريخية والأعمال التى ترصد البطولات الحربية.. عودة الدولة للإنتاج سوف يخلق أملاً كبيراً بداخلنا ويترك فرصة الاختيار للمشاهد الذى عانى فى الفترة الأخيرة من كثرة الأعمال الضعيفة.
وتواصل داليا البحيرى حديثها: أعرف أن الدولة فى محنة كبيرة بسبب حربها ضد الإرهاب، وبالتالى فالاهتمام بدعم القضايا الفنية سيكون عبئاً جديداً ولذا أرى أن تعديل مسار السينما وتعديل محتواها سوف يحتاج إلى وقت طويل.. ولذا أطالب كل مبدع بالبحث عن أفكار جديدة ترفع من شأن الشخصية المصرية وتعزز بداخله قيماً كبيرة ومهمة مثل الولاء والانتماء لهذا الوطن الكبير.. الفن مسئولية وليس عملاً سهلاً لأنه يؤثر فى الناس بالسلب أو الإيجاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.