أسعار الأعلاف في أسوان اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    استقرار نسبي في أسعار الخضراوات والفواكه بأسوان اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    غلق طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي ومنازل الضبعة وبوابات دهشور بسبب الشبورة    بوتين يشيد ب«بطولات جنود كوريا الشمالية» في حرب أوكرانيا    تحطم طائرة رئيس الأركان الليبي في تركيا.. تحقيق شامل وتفاصيل الرحلة الأخيرة    رئيس وزراء أوكرانيا السابق: تمسك زيلينسكي بالجيش المقاتل يدل على عدم اهتمامه بالسلام    مودرن سبورت يعلن رحيل مجدي عبد العاطي    نتائج مباريات الجولة الأولي لدور المجموعات فى كأس أمم إفريقيا 2025    النصب على الرئيس    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    حين يكون الخطر قريبًا.. كيف تحمي الدولة أطفالها من الاعتداءات الجنسية؟    بعد صعود حاد.. استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس 25 ديسمبر    تحدث بعد الجرعة الثانية، اكتشاف سبب التهاب عضلة القلب النادر بعد لقاحات كورونا    "العدل" الأمريكية تكشف عن مليون وثيقة إضافية مرتبطة بإبستين وتبرر أسباب تأخر النشر    كان على وشك الزواج.. حبس ربة منزل لقتلها طليقها بشبرا الخيمة    تطعيم الجديري المائي بمراكز «فاكسيرا» في القاهرة والمحافظات    الكويت تدين الهجوم المسلح الذي استهدف أفراداً من الشرطة الباكستانية    الكرملين: المفاوضات حول أوكرانيا ينبغي أن تجري خلف أبواب مغلقة    وزير الثقافة يلتقي محافظ الأقصر لبحث تكثيف التعاون    بطولة أحمد رمزي.. تفاصيل مسلسل «فخر الدلتا» المقرر عرضه في رمضان 2026    بعد غياب أكثر من 4 سنوات.. ماجدة زكي تعود للدراما ب «رأس الأفعى»    سقوط نواب بارزين وصعود وجوه جديدة.. أطول ماراثون برلماني يقترب من خط النهاية    بعد 159 عامًا في قصر العيني.. «البرلمان» ينقل جلساته للعاصمة الجديدة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الخميس 25 ديسمبر 2025    إعلام فلسطيني: قوات الاحتلال تطلق النار على مناطق بخان يونس ومدينة غزة    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارة ملاكي وربع نقل بقنا    ضربة قوية لداعش.. القبض على طه الزعبي وعناصر تابعين له بريف دمشق    براءة المدعي عليه لانتفاء أركان الجريمة.. حيثيات رفض دعوى عفاف شعيب ضد محمد سامي    بعد تصريح مدبولي: "لا أعباء جديدة حتى نهاية برنامج صندوق النقد الدولي".. كيف طمأنت الحكومة المواطنين؟    كارم محمود: لم أجد صحفيا مهنيا تورط يوما في انتهاكات أثناء تغطية العزاءات    عاجل- طقس الخميس، الهيئة العامة للأرصاد الجوية: ظاهرتان تؤثران على طقس الخميس في جميع أنحاء مصر    بالصور .. محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتهنئة الأقباط بعيد الميلاد المجيد    ترتيب أمم إفريقيا - رباعي عربي في الصدارة عقب الجولة الأولى    خبير مروري لتليفزيون اليوم السابع: تغليظ عقوبات المرور يعالج سلوكيات خطرة    محافظ الدقهلية يتفقد موقع انفجار أنبوبة بوتاجاز بعقار المنصورة    لم تحدث منذ 70 عاما، محمد علي خير يكشف "قنبلة مدبولي" للمصريين في 2026    الكاميرون تفتتح مشوارها الإفريقي بانتصار صعب على الجابون    كأس الأمم الأفريقية 2025.. الكاميرون تهزم الجابون بهدف "إيونج"    موعد مباريات اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025| إنفوجراف    صاحب فيديو صناديق الاقتراع المفتوحة بعد خسارته: لم أستغل التريند وسأكرر التجربة    العالمي فيديريكو مارتيلو: الموسيقى توحد الشعوب ومصر وطني الثاني    صفاء أبو السعود: 22 دولة شاركت في حملة مانحي الأمل ومصر تلعب دور عظيم    سكرتير بني سويف يتابع أعمال تطوير مسجد السيدة حورية للحفاظ على هويته التاريخية    تحت عنوان: ديسمبر الحزين 2025.. الوسط الفني يتشح بسواد الفقدان    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية السباح يوسف    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: انتهاء برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي بعد عام    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    التعليم وتغير قيم الإنجاب لدى المرأة.. رسالة دكتوراه بآداب السويس    بالأسماء، أحكام الإدارية العليا في 49 طعنا على نتائج ال 30 دائرة الملغاة بانتخابات النواب    محافظ القليوبية: توريد الأجهزة الطبية لمستشفى طوخ المركزي تمهيدا للتشغيل التجريبى    محافظ الدقهلية ورئيس جامعة المنصورة يتفقدان أعمال التطوير بمكتبة مصر العامة    يلا شوت بث مباشر.. مشاهدة الكاميرون × الجابون Twitter بث مباشر دون "تشفير أو اشتراك" | كأس الأمم الإفريقية    وسرحوهن سراحا جميلا.. صور مضيئة للتعامل مع النساء في ضوء الإسلام    إقبال كثيف للمصريين بالخارج على التصويت بانتخابات النواب والفئة العمرية "31–50" عامًا تتصدر    صحة الفيوم تطلق مبادرة "صوت المريض" لدعم مرضى الكلى    محافظ البحيرة تتفقد القافلة الطبية المجانية بقرية الجنبيهي بحوش عيسى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصري» على شاشة السينما.. قليل من التجميل وكثير من التشويه
نشر في الوفد يوم 26 - 01 - 2016

مرت السينما المصرية عبر تاريخها الطويل بعدد كبير من التحولات وطرأت عليها متغيرات كثيرة.. لكن فى الفترة الأخيرة أجمع قطاع عريض من الجمهور على أن السينما تعانى من فقر فى الفكر وفقر فى الدم. وبينما يرى فريق من النقاد أن السينما انعكاس للواقع وأن حال السينما لا يختلف عن حال مجتمع يعانى من اضطراب فى أوضاع كثيرة ويبحث عن بوصلة تهديه إلى الطريق الصحيح.. يرى فريق آخر أن تقديم نماذج سيئة والترويج لأفكار هدامة عبر الشاشة الكبيرة يعد جريمة تستوجب العقاب.. فى هذا التحقيق نرصد عدداً من الآراء المهمة حول التغير الذى طال الشخصية المصرية ولماذا اتسعت مساحة السيئ وتراجعت فى المقابل مساحة الجيد وأصبحت شخصية البطل فى أغلب الأعمال الفنية مشوهة وبلا ملامح حقيقة بما أضر بالشخصية المصرية التى أصبح الترويج لها من خلال أفلام هابطة المستوى فى الصورة والحوار، ولأننا بدأنا نعيش مرحلة جديدة من تاريخ هذا الوطن فعلينا أن نعمل على إبراز أهم ما يميز الشخصية المصرية كما كنا نشاهدها فى سينما الأربعينيات والخمسينيات والستينيات وهى مرحلة شاهين وصلاح أبوسيف وبركات وحسن الإمام وعزالدين ذوالفقار وحتى الثمانينيات مرحلة على عبدالخالق وعاطف الطيب وخان، الذين قدموا الواقع المصرى بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
فى الموضوع تحدث المخرج الكبير على بدرخان قائلاً: صناع السينما ليسوا موجهين اجتماعيين..السينما فن الهدف منه المتعة والتسلية عندما أقوم بالتحضير لعمل فيلم سينمائى لا يكون هدفى أبداً تقديم رسالة أو تقديم الشخصية المصرية فى شكل وملامح معينة.. أنا أقدم حدوتة والهدف تسلية المتلقى.. إذا كنت تريد الحديث عن العنف فى السينما مؤخراً فيجب أن تدرك أن العالم كله يعيش فى عنف دائم أنظر إلى العراق وليبيا واليمن وأخيراً انظر إلى الأعمال الإرهابية فى فرنسا.. على مستوى العالم تأثرت السينما بموجات العنف التى فرضت نفسها على الواقع وفى مصر امتد العنف إلى السينما وأصبح البلطجى نموذجاً آخر للفتوة الذى يحارب الظلم ويحصل على حقه بالقوة.
ويوضح المخرج على بدرخان الفرق بين الشخصية المصرية فى الأعمال القديمة والأفلام الجديدة قائلاً: السينما فى الماضى كانت تعتمد على الأدب وكان هناك أدباء يثرون السينما مثل نجيب محفوظ والسباعى ويوسف إدريس ويحيى حقى لكن الآن هناك أفكار سريعة يتم تجهيزها وفق مقتضيات الحالة، باختصار ابتعاد السينما عن الأدب أفقدها جمالها وجعلها أشبه بجنين مشوه وبلا ملامح واضحة.
ويرى المخرج كرم النجار أن التغيرات التى طرأت على السينما المصرية جاءت نتيجة التأثر بالسينما الأمريكية، فالواقع العالمى الجديد ألقى بظلاله على السياسات الاقتصادية وكل أشكال الإبداع.. ويواصل حديثه قائلاً: بعد ثورة 25 يناير تغيرت مفردات مجتمعنا وظهرت مفردات جديدة وراح عشاق الفوضى يروجون مفاهيم وأفكاراً خاطئة منها مثلاً أن الديمقراطية تعنى التمرد على كل الضوابط والقوانين وأن الحرية تعنى الصوت العالى فقط واختفت الآراء التى تؤكد أن الحرية مسئولية.. الثورة فكت عقدة السان حاجات كثيرة وحدث انفلات فى المجتمع وتلاشت أشياء جميلة وحلت محلها أشياء مرعبة وغريبة.. ولأن المبدع يتأثر دائماً بالواقع الذى يعيش فيه ظهرت نماذج غريبة منها النموذج الذى قدمه الفنان محمد رمضان فى أفلامه ونموذج البلطجى الذى يحمل أسداً أو يلف ثعباناً حول عنقه.. بكل تأكيد تغيرت الشخصية المصرية ولكن هذا ليس مسئولية المبدع ولكنه انعكاس للواقع وكنت أتمنى أن يراعى صناع السينما تأثير هذه النماذج على الناس فى البيوت ولا يفرطون فى تقديمها.. الأخطر أن هذه الأشياء السلبية زحفت إلى الدراما التليفزيونية ففى مسلسل «ابن حلال» حرق الابن والده فى مشهد صادم للمشاعر.. واندهشت كيف تم إجازة هذا المشهد ولمصلحة من هدم الثوابت وضوابط المجتمع؟! يجب أن يدرك العاملون فى السينما والدراما التليفزيونية أن الفن له تأثير كبير ومباشر على الناس وأى عمل سيئ المحتوى يرسخ فى الناس الأشياء الرديئة لذا يجب أن يدرك أى مبدع مدى خطورة الترويج لأفكار أو أشياء صادمة من خلال عمل فنى.
ويقول المخرج الكبير محمد خان: أنا ضد المطالبة بإلغاء الرقابة وأطالب دائماً برفع سقف الإبداع لأن الفن يحتاج إلى حرية دائماً والقيد يقتل خيال المبدع.. وبالرغم من أننى أطالب بإلغاء الرقابة لا أحب تقديم سخافات الواقع بشكل فج، لأن الفن هو إعادة خلق للواقع وتقديمه فى قالب فنى يصل إلى المتلقى ولا يصدم مشاعره.. وعلى مدار تاريخ السينما شاهدنا أعمالاً كثيرة كان هدف مدرسة الواقعية الجديدة تقديم سينما جادة وتشتبك مع الواقع ولكن دون خلل أو تأثير سلبى على المتلقى ومن يتابع أفلامى وأفلام عاطف الطيب وخيرى بشارة وداود سوف يكتشف أن هذه الأفلام عبرت عن ملامح الثمانينيات بصورة صادقة ولكن فى الوقت نفسه بلغة سينمائية ناعمة وليست عرضه للنقد.. خيط رفيع بين أن تقدم سينما جادة أو تقدم سينما ضعيفة وعلى المبدع أن يراعى دائماً الأشياء التى تثرى عمله وتضيف عليه القيمة.. وأتصور أن المشكلة تبدأ من الورق، نحن نحتاج إلى جيل واعٍ من الكتاب، جيل يعبر عن مشاكل الواقع المعاصر بدون تجريح أو صدام.. وأتصور أن سينما الثمانينيات هى التى اتصفت الشخصية المصرية بكل عيوبها وسماتها الطيبة.. السينما لا تقدم حياة الملائكة ولكن ترصد ملامح شخصيات من لحم ودم والبشر يحمل دائماً الخير والشر.
ويتحدث السيناريست الكبير بشير الديك قائلاً: السينما المصرية شديدة الإخلاص لواقعها ولا تبحث عن أعمال تقدم الشخصية المصرية فى شكل جيد وبدون أخطاء لأن الواقع مضطرب جداً والأشياء السلبية كثيرة والأخطاء بالجملة وأمر طبيعى أن تقترب السينما من هذه السلبيات بدون تجميل.. ويواصل بشير الديك حديثه: أعرف جيداً أن مرور المجتمع المصرى بثورتين غير أشياء كثيرة وأفرز نماذج سيئة وإلى جانب الفوضى حدث انفلات أخلاقى وراحت تتعامل السينما مع هذه الأشياء وتقدمها بصورة جريئة.. أنا مع تقديم الواقع ولكن مع الحفاظ على ملامح مجتمعنا فأنا أرفض الحوار الهابط الذى يفسد الأجيال الجديدة.. وإذا كانت السينما قد مرت بمرحلة حرجة وحساسة فقد شهدت مؤخراً تجار جادة مثل تجربة محمد خان فى فيلم «فتاة المصنع» وتجربة أحمد السقا فى فيلم «الجزيرة 2» وفيلم «الفيل الأزرق» بطولة كريم عبدالعزيز.. هذه الأعمال رغم قلتها إلا أنها تؤكد أن السينما المصرية تتعافى وتنهض من جديد.. وإذا كنا نطالب المبدعين بعدم تشويه الشخصية المصرية فيجب أيضاً أن نطالب الجمهور بمقاطعة الأفلام الرديئة التى تشوه الملامح المصرية وتساهم فى إفساد الذوق العام.. الفن هو القوة الناعمة التى تغير وتؤثر فى الشعوب وأرجو أن تلفت الدولة إلى قيمة الفن وعظمة السينما وتعود إلى الإنتاج من جديد ولا تترك الإنتاج فى يد الأفراد فقط فهناك مشاريع سينمائية ضخمة تحتاج إلى ميزانيات ضخمة وتحتاج إلى دعم الدولة مثل الأفلام الحربية والأعمال التاريخية التى تكتب وتوثق لتاريخ الشعوب.
ويقول المخرج الكبير على عبدالخالق إن جيل الأساتذة الكبار صلاح أبوسيف، يوسف شاهين، كمال الشيخ، حسام الدين مصطفى، وقدم شخصية المصرى بشكل محترم ولم يسخر منه أو يقدمه فى شكل غريب يعدو للضحك والاستهزاء.. فقد قدم هذا الجيل الفلاح المصرى والدكتور والعامل فى شكل محترم وأنه ضحية قهر اجتماعى ولكنه يملك العقل ويتمرد على الأشياء السلبية ويحاول التغيير دائماً ولكن التغييرات والأحداث الأخيرة أفرزت أعمالاً سينمائية غريبة وأصبحنا نشاهد البلطجى بطل الفيلم وأنه يقتل ويسرق ويتعاطف معه الناس، مؤسف أن يقدم صناع السينما أعمال تدفع الناس لممارسة البلطجة وهدم دولة القانون وعدم احترام هيبة الدولة.. ولذا أرى أنه من الضرورى معاقبة أى مخرج أو مؤلف أو منتج يساهم فى صناعة هذه النوعية من الأفلام لأنها تشوه المجتمع وتدهم فكرة الدولة.. ويواصل المخرج على عبدالخالق حديثه: لا يحب الاستهانة بتأثير السينما على الناس فليس هناك دول تشجع على الأعمال الهابطة وتروج لعدم احترام القانون.. الأعمال التى تقدم البلطجى على أنه نموذج إيجابى أعمال تدفعنا دفعاً إلى الجحيم وتريد تحويل المجتمع إلى غابة حيث تتسع دائرة الجرائم والأخطاء ولا يوجد قانون أو عقاب.. مطلوب معاقبة أى شخصى يساهم فى تشويه المجتمع ويسعى إلى الترويج لأفكار هدامة وعادات خاطئة.. المجتمع فى مرحلة بناء وعلى المبدعين تقديم أعمال تشجع على البناء وتعزز القيم الجيدة.. ويقول على عبدالخالق إن الإعلام يالمكتوب يحاول دائماً التصدى للأعمال السينمائية السيئة وقد ساعد نقده الدائم إلى انحسار موجة أفلام العشوائيات والبلطجة سيطرت على دور العرض خلال الخمس سنوات الأخيرة وكان من الممكن أن تخلق مجتمعاً يرى الجريمة أمراً عادياً ويعيش أفراده على فكرة البقاء للأقوى.
المنتج محمد فوزى، قال: إذا أردت أن تشاهد سينما ناضجة ودراما موضوعية عليك أن تبحث عن الواقع.. الواقع كما نراه جميعاً مرتبك والأحداث السياسية كثيرة.. يوم بعد الآخر يزدحم المشهد السياسى داخل مصر وخارجها وهذا يلقى بظلاله على خيال المبدع ويفقده القدرة على الإبداع.. فى الماضى كنت ترى أعمالاً مهمة مثل «ليالى الحلمية، المال والبنون، الشهد والدموع»، ترى فيها النماذج السيئة والنماذج الجيدة ولكن الانحياز لدى الكاتب دائماً للشخص المثالى وقد نجحت هذه الأعمال لأنها إفراز طبيعى لواقع صادق..أما الآن فنحن نعيش فى واقع مرتبك فيه مساحة السواد أكبر من البياض والنفاق أكبر من الصدق وأمر حتمى أن يتأثر مزاج الكتاب والمنتجين والمخرجين بهذا المناخ الخالى من الحلم.
ويقول الناقد الفنى الكبير طارق الشناوى إن أزمة السينما الحقيقة فى الفترة الأخيرة هى التقليد الأعمى فعندما ينجح فيلم عن عالم العشوائيات تجد شركات الإنتاج تتصارع على تقديم هذه الأفلام.. وفى غمضة عين تجد الموسم السينمائى مزدحماً بأعمال شديدة الشبه ولا يوجد أى اختلاف بينها.. أتصور أن السينما مؤخراً دفعت ثمن التقليد والاستسلام للعامل التجارى على حساب القيمة.. الأمر الأكثر خطورة الذى أضر بصناعة السينما هو الاحتكار فهناك شركات كبرى تقوم بعملية الإنتاج وهى فى نفس الوقت تحتكر دور العرض لذا تعرض أفلامها فقط ولا تسمح للشركات المنافسة بالعرض وبالتالى من المنطقى أن تجد أفلاماً جيدة حبيسة الأدراج بينما هناك أفلام ضعيفة تملأ أفيشاتها الشوارع وتزين حوائط وجدران دور العرض.. ويضيف طارق الشناوى: الاحتكار لا يقتل أفلاماً جادة فقط بل يخلق إحباطاً داخل أى مبدع يحاول أن يقدم شيئاً جيداً لأنه دائماً يسأل نفسه هل سيصل فيلمى إلى الناس أم أنه سيدفع ثمن احتكار دور العرض.. فى الثلاثينيات منعت هوليود الاحتكار واعتبرت من يمارس الاحتكار مجرماً وأن الهدف من هذا الإجراء حماية الصناعة ورفع سقف الإبداع فإذا أردت سينما ناضجة عليك أن تحرر صناعة السينما من قيودها.. الإبداع دائماً مرهون بمناخ صحى وخالٍ من الأمراض.
الفنانة الكبيرة سميرة أحمد تحدثت فى الموضوع قائلة: من يتابع حال السينما سوف يكتشف أن هناك جيلاً من المبدعين اختفى فجأة وإذا بحثت عن سبب الاختفاء سوف تكتشف أن سينما المقاولات عادت من جديد.. تلك السينما التى ظهرت فى أواخر السبعينيات وكان الهدف منها الربح فقط.. لا أبالغ إذا قلت إننى لا أذهب إلى السينما لعدة أسباب منها أن برومو الفيلم دائماً ما يحمل ألفاظاً تخدش الحياء ويعتمد أيضاً على راقصات مثيرة.. مستحيل أن ترى خلف هذه المقدمات فيلماً جيداً يحمل رسالة ومفيدة للمجتمع.. فقد اختفت شركات إنتاج كثيرة بسبب ارتباك المشهد السياسى ولو سألتنى عن أهم الظواهر السيئة التى طالت السينما فى السنوات الأخيرة سوف أقول تدنى لغة الحوار.. نحن نعيش فى واقع مرتبك لكنه فى الوقت نفسه واقع خلاق لأن الأحداث كثيرة ومن رحم الألم يولد الإبداع.. أين قصص الشهداء الذين قدموا حياتهم من أجل حرية مصر.. أريد أن أرى نبض الشارع على شاشة السينما لا أريد قصة بلطجى مهموم بالانتقام أو عاهرة مهمتها جمع المال.. أطالب كل المهمومين بحال السينما بعدم الاستسهال والبحث عن أفكار جديدة تضىء الطريق أمام الأجيال الجديدة التى رأت فى الثورة على الفساد بداية الطريق لوطن عظيم.
وتعلق الفنانة سلوى خطاب، على الموضوع قائلة: إذا أردت أن ترى فناً راقياً ومتكاملاً فعليك بالرجوع إلى الأدب.. كل الأعمال الأدبية التى تم تحويلها إلى أفلام أو مسلسلات درامية أعمال خالدة لأنها من وحى الأدب.. أتصور أن أهم الظواهر السيئة التى شوهت السينما هو الاعتماد على الأفكار والقصص السريعة.. الأدب هو مصدر الأعمال الفنية الراقية.. تدنى لغة الحوار والتأثر بالأفلام الأمريكية والتقليد الأعمى كلها أشياء أضرت بصناعة السينما فى مصر.. وجعلتنا الآن نترحم على أيام جميلة مضت..
وتضيف سلوى خطاب: يجب أيضاً على الدولة أن تدعم السينما المستقلة فكثير من الشباب لديه أفكار براقة ولكنه يعجز عن تنفيذها وتموت هذه الأفكار قبل أن تخرج إلى النور.. وأملى أن تنتهى الحرب على الإرهاب لأن هذا المناخ السياسى المشحون يقتل حماس شركات الإنتاج ويجعلها تفضل الاختفاء والابتعاد على السوق وحتى من يغامر بالإنتاج يفكر ألف مرة فى تقديم عمل له رسالة ومغزى.. لأن الذوق العام تغير وتغير أيضاً جمهور السينما وهناك من يبحث عن أفلام شعبية حتى يهرب من خلالها من ضغوط الواقع.
ويرى الكاتب الكبير وحيد حامد أن أزمة السينما المصرية تكمن فى شىء واحد وهو عدم وجود عدالة فى التوزيع ويعلق على حال السينما قائلاً: أمر طبيعى ومنطقى أن تمر السينما بمراحل مختلفة.. تارة قوية وناضجة وتارة أخرى ضعيفة وهشة وثالثة عليلة تبحث عن طريق..فى الفترة الأخيرة ظهرت أعمال مبشرة مثل «الفيل الأزرق» بطولة كريم عبدالعزيز و«الجزيرة» بطولة أحمد السقا وهذه الأعمال جيدة ومبشرة ولكن عندما تشاهد الصورة كاملة سوف تجد أن السينما المصرية عليلة وتبحث عن طريق للشفاء.. صحيح أن الأفلام التى احتلت دور العرض كانت تقدم البلطجى على أنه البطل والنموذج ولكن الواقع فى الفترة الأخيرة كان ضبابياً جداً، وأثر على السينما التى أراها مرآة صادقة للمجتمع.. وهناك من بحث عن تيمة للنجاح وجنى الإيرادات وقدم سينما الراقصة والبلطجى على أنها تيمة الحظ والنجاح ونسى أن الفن قيمة ورسالة قبل أن يكون طريقاً للمكسب والربح.. أطالب الدولة بدعم التجارب الشابة الجديدة والقضاء على احتكار دور العرض وتوفير منخ صحى للإبداع وحرية طرح الأفكار.
وتتحدث الفنانة الشابة داليا البحيرى فى الموضوع قائلة: لا أحد ينكر أنه إلى جانب التجارب الفنية المحبطة كانت هناك تجارب ومحاولات سينمائية ناضجة وجادة.. لكن إذا كنت تبحث عن الظواهر السلبية التى طالت السينما فسوف تكتشف أن جهات الإنتاج راحت تتحمس للأفكار السطحية التى تترك أى أثر فى عقل ووجدان المتلقى.. وراحت تدير ظهرها للأفكار الجادة ولذا أصبحت الأعمال الضعيفة كثيرة.. أتمنى أن تعود الدولة إلى الإنتاج حتى لا تترك صناعة السينما رهن قرارات أفراد كما أن هناك أعمالاً ضخمة تحتاج إلى ميزانيات كبيرة مثل الأعمال التاريخية والأعمال التى ترصد البطولات الحربية.. عودة الدولة للإنتاج سوف يخلق أملاً كبيراً بداخلنا ويترك فرصة الاختيار للمشاهد الذى عانى فى الفترة الأخيرة من كثرة الأعمال الضعيفة.
وتواصل داليا البحيرى حديثها: أعرف أن الدولة فى محنة كبيرة بسبب حربها ضد الإرهاب، وبالتالى فالاهتمام بدعم القضايا الفنية سيكون عبئاً جديداً ولذا أرى أن تعديل مسار السينما وتعديل محتواها سوف يحتاج إلى وقت طويل.. ولذا أطالب كل مبدع بالبحث عن أفكار جديدة ترفع من شأن الشخصية المصرية وتعزز بداخله قيماً كبيرة ومهمة مثل الولاء والانتماء لهذا الوطن الكبير.. الفن مسئولية وليس عملاً سهلاً لأنه يؤثر فى الناس بالسلب أو الإيجاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.