حادث أليم راح ضحيته شاب مصري في الخامسة والعشرين من عمره إثر غرقه أمس في مغارة (جعيتا) أهم المعالم السياحية اللبنانية. وروى زملاء الشاب المصري "مينا أشرف وديع" ورفاقه في الرحلة- التي نظمتها شركته مكافأة لهم على اجتهادهم في العمل- حقيقة الحادث الذي زعمت بعض وسائل الإعلام اللبنانية أنه وقع نتيجة تدافع الفوج السياحي المصري. وقال زملاء الفقيد مينا، في تصريحات: "إنه لم يكن هناك أي إجراءات أمن، بل لم يكن هناك أي شخص من قبل شركة مغارة جعيتا لتنظيم دخول الفوج في المغارة السفلية لمرفق جعيتا السياحي، كما أن الأسوار التي تفصل المرسى عن النهر داخل المغارة، كانت بها فجوات وقع مينا عبر إحداها بعد انزلاق قدمه نتيجة المياه الموجودة على الرصيف". وكشفوا عن أنه لم يكن هناك فرد إنقاذ حيث كان الغطاس المكلف بعملية الإنقاذ يتناول طعام الغداء، وجاء بعد حوالي 45 دقيقة، ولم يكن معه أي معدات وأخذ يبحث عن كشاف ضوء بل إنه كاد يغرق وهو يحاول الولوج للمياه وأنقذه أفراد من الفوج السياحي المصري إلى أن جاء الدفاع المدني اللبناني، واستخدم سلاسل لتثبيت الغطاسين خلال محاولتهم انتشال جثة مينا في ظل سرعة اندفاع تيار المياه بعد سقوط الأمطار بشكل غزير في الأيام الماضية. وأشاروا إلى أن هناك إجراءات أمنية وتنظيمية جيدة للغاية في المغارة العلوية وسط غياب كامل لهذه الإجراءات في المغارة التي وقع بها الحادث. ووجه زملاء مينا الشكر للسفير المصري في لبنان الدكتور محمد بدر الدين زايد على اهتمامه البالغ بالحادث، وسرعة تكليفه للمسئولين بالسفارة بالتحرك لمتابعة القضية، والتحقيقات. من جانبها، قالت مريم إنطوان، مدير شركة السياحة المصرية، التي نظمت الرحلة، إنه تم توقيف مدير مغارة (جعيتا) من قبل الأمن اللبناني جراء حادثة غرق الشاب المصري، مؤكدة أن كلامه وما رددته بعض وسائل الإعلام اللبنانية عن أن الحادث وقع بسبب التدافع "غير صحيح". وأضافت إنطوان" إن إحدى القنوات اللبنانية ادعت أن أعضاء الفوج السياحي المصري كانوا يمزحون، وإن الشاب المصري مينا قد دفع بالخطأ في المياه، وهذا غير صحيح، والواقع أنه لم يكن هناك إجراءات أمان، بالإضافة إلى عدم وجود سلسلة تحمي الناس من الوقوع". وتابعت قائلة "عندما كنت أزور هذا المكان في السابق كان هناك رجال أمن لتنبيه الناس، ولكن هذه المرة لم يكن هناك تنظيم لدرجة أن هناك أفراد دخلوا بدون تذاكر". وقالت" إن مدير مغارة (جعيتا) لم يكن موجودا عند وقوع الحادث، وعندما هاتفته وطلبت منه أن يأتي بحار لإنقاذ مينا، جاء البحار بعد ساعة، وكان خائفا من النزول للنهر، وكان يريد أحدا معه". وأشادت بالأمن اللبناني، وقالت" إنه إتخذ الإجراءات اللازمة واستمع لكل الشهادات". وأضافت" يفترض أن يكون هناك تعويض لأسرة الشاب المصري..سأرفع دعوى قضائية لتعويض الخسارة المادية لهذه الرحلة السياحية". ومغارة (جعيتا) عبارة عن كهف ذي تجاويف، وشعاب ضيقة، وردهات وهياكل وقاعات نحتتها الطبيعة في جبال لبنان، وتسربت إليها المياه الكلسية من مرتفعات لبنان لتشكل مع مرور الزمن عالماً من القباب والمنحوتات والأشكال والتكوينات العجيبة، ويعتبرها اللبنانيون جوهرة السياحة اللبنانية، وقد توالى على اكتشافها عبر التاريخ رواد أجانب ومغامرون لبنانيون. وتقع بوادي نهر الكلب على بعد نحو 20 كم شمال العاصمة اللبنانيةبيروت، وتتكون من طبقتين (الطبقة أو المغارة العليا والمغارة السفلى). ويعود تاريخ اكتشاف المغارة العليا إلى العام 1958 وتم تأهيلها للزيارة في العام 1969 على يد المهندس والفنان والنحات اللبناني غسان كلينك، أما المغارة السفلى التي وقع بها الحادث فيعود تاريخ اكتشافها إلى ثلاثينات القرن التاسع عشر خلال رحلة للمبشر الأمريكي وليام طومسون. وكان طومسون قد توغل فيها حوالي 50 متراً، وبعد أن أطلق النار من بندقية الصيد التي كان يحملها وأدرك من خلال الصدى الذي أحدثه صوت إطلاق النار أن للمغارة امتداداً جوفياً على جانب كبير من الأهمية. وبينما تتميز المغارة العليا بأشكالها الكلسية التي نحتتها الطبيعة بشكل فريد أشبه بالتماثيل، فإن المغارة السفلى تتميز بالمجرى المائي الذي ينساب من خلال كهوفها الصخمة، مع وجود أقل للأشكال الكلسية التي تتواجد في المغارة العليا.