القضية الفلسطينية بين ربيع عباس وخريف الإفلاس بقلم : محمد عبد القادر منذ 24 دقيقة 11 ثانية حقيقة لا أعلم ما هو سر هذه الفرحة العارمة التى عمت مختلف الأوساط العربية ردا على الخطاب "العباسى" أمام هيئة الأممالمتحدة، والذى طالب فيه ب"انضمام فلسطين على حدود الرابع من حزيران - يونيو- عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف إلى الهيئة الأممية كدولة كاملة العضوية"، حيث حانت "ساعة الربيع الفلسطينى.. ساعة الإستقلال" حسب وصفه؟!، ما هو "التاريخى" فى خطاب يعلن على الملأ الرضوخ إلى سياسة الأمر الواقع الاسرائيلية، ومن ثم القبول بدولة فلسطين على 22% فقط من مساحتها التاريخية؟، أين هو هذا النصر الجديد المضاف للإرادة الفلسطينية والعربية كما أشارت إليه مختلف الوسائط الإعلامية؟، تلك نفسها التى فتحت الباب اليوم أمام وصلة غزل مفتوحة فى شخص الرئيس عباس، الذى بات "بطلا شعبيا" بعدما كان هو نفسه "الخائن" و"العميل"!. لا أعلم لماذا هذه الضجة المصاحبة للخطاب؟!، بل وما هو السر وراء حفلات الإشادة للعباس؟!، الذى ذهب للإعلان صراحة عن إفلاس القيادة الفلسطينية، التى أرادت حفظ ماء الوجه بعدما فشلت فى إدارة المعركة الدبلوماسية مع العدو الصهيونى وتفرغت للنزاع مع حماس على سلطة وهمية وأراضى لازالت محتلة، مما أفقد القضية مضمونها وأعادها إلى نقطة الصفر، تلك التى لم ترواحها منذ وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات!. . فأين هى "خطوة العباس التاريخية"؟! هل تناسى عباس حقيقة الوضع المأزوم للقضية أم تعمد نسيان الواقع على الأرض، الذى يشير إلى أن الرصاصة التى اغتيل بها رئيس الوزراء الاسرائيلى يتسحاك (إسحق) رابين نوفمبر1995 كانت هى نفسها رصاصة الرحمة على أحلام السلام وعلى كافة المسارات الفلسطينى واللبنانى والسورى، لاسيما إنه لم يأت بعده من يقدم الجديد سواء بيرس أو نيتانياهو أو باراك أو شارون أو أولمرت أو أيا كان من سيأتى مستقبلا، ذلك على الرغم من تعدد واختلاف ما قدم فيما بعد اوسلو - سبتمبر 1993- من اتفاقيات ومبادرات ظلت تدور فى دوائر مغلقة حول نفسها فى إطار ضرورة التهدئة للبدء فى تنفيذها!، هذا وصولا إلى خريطة - خارطة- الطريق، والتى قابلها على الجانب الآخر خطة الفصل الأحادى الجانب مع جدار العزل العنصرى، وهو ما عجل بوفاة القضية، حيث لم يبق أى شىء بعدها على طاولة المفاوضات، بل ولم يعد للدولة التى ذهب عباس إلى طلب الإعتراف بها مكان على الأرض فى ظل ما بات يفرضه الإحتلال من حقائق عليها، ذلك حيث أن: . القدس كعاصمة لفلسطين.. لن ولم يأتى من يقدم ذلك على الجانب الإسرائيلى.. سواء كان يمين أو يسار أو وسط.. . الرجوع إلى حدود يونيو67.. مسحتها عمدا خطة الفصل والجدار.. . حق العودة للاجئين.. قضى عليه تماما وأصبح من المستحيلات نتيجة للواقع الديموغرافى، الذى فرضته سياسة الاستيطان على الأرض ببقاء الكتل الاستيطانية الكبرى فى الضفة الغربية. . فأين هى "دولة" ربيع عباس؟! لقد راح عباس لإعلان الرضوخ إلى سياسة الإستسلام للأمر الواقع، الذى نجحت اسرائيل فى فرضه على الأرض عبر سنوات من الاستيطان والمصادرة والسيطرة والاستيلاء والحرمان من الخدمات وسحب الهويات.. عبر المحاولات المتكررة لحكوماتها المتعاقبة ومنذ احتلالها الكامل للأراضى الفلسطينية فى تغيير البنية الديمغرافية والدينية للقدس لصالح تغييب الهوية الحضارية الإسلامية والمسيحية عنها وإثبات صحة الادعاء التاريخى لليهود بحقوقهم فيها. ذهب عباس للحديث عن مقاومة "سلمية" متناسيا مجازر سلطات الإحتلال المتعاقبة فى حق شعبه، تلك التى لم تضع يوما فكرة إحلال"السلام" العادل كأحدى الخيارات المطروحة أمامها لحل القضية، وهو ما تشير إليه كافة وقائع الأحداث على الأرض، بعيدا عن سحر الكلمات المنمقة والوعود الزائفة. ذهب متناسيا ما طرحه برنامج الإنتفاضة القائم على: - المقاومة المسلحة للإحتلال على كامل الأرض الفلسطينية - عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وممتلكاتهم وأراضيهم، التى أقتلعوا منها فى1948 - عدم التفريط فى القدس كعاصمة أبدية للشعب الفلسطينى لقد سقط عن محمود عباس فى خطابه "الربيعى" مطالبة الأممالمتحدة بضرورة إعلان إنتهاء الإحتلال الإسرائيلى للدولة الفسطينية على كامل أراضيها بحدودها التاريخية، التى تشمل الضفة وغزة والمناطق المحتلة عام 1948. نقصه إسقاط القناع وللأبد عن وجه الشريك"السفيه" عبر الدعوة إلى إعلان مواصلة الكفاح والعودة إلى صفوف المقاومة المسلحة مرة أخرى وتنحية الخلافات على سلطة زائفة وغير حقيقية على أراضى محتلة. نقص خطاب الربيع الإقتطاف من أبيات شعر محمد التهامى: إن الذي زيفوه كله كذب ما لليهود بدار أهلها عرب ولو بنو فوقها الأطواد شامخة وأسكنوا فيها كل من جلبوا فلسطين دار العرب ما بقيت على مر العصور والأزمان هذه المعان فقط ولا غيرها هى ما كان لابد وأن يحملها الربيع للقضية بعيدا عن خريف إفلاس عباس وحفلات النفاق والإشادة التى يشهدها الفضاء الإعلامى العربى، ذلك دون الوصول إلى واقع ملموس ينصفها على الإرض، التى لازالت ترزح تحت نير الإحتلال.