تقدم الرئيس محمود عباس »أبو مازن« رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية للسكرتير العام للأمم المتحدة بمطلب انضمام دولة فلسطين للمنظمة الدولية يعد مما لاشك فيه مطلبا تاريخيا يدعم الحقوق الطبيعية والقانونية والتاريخية للشعب الفلسطيني ذلك المطلب الذي تدعمه أغلبية دول وشعوب العالم التي تناصر ومازالت تساند بقوة حقوق الفلسطينيين المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. والكرة الآن في ملعب مجلس الأمن الدولي الذي تسلم هذا المطلب التاريخي من قبل الأمين العام للأمم المتحدة فور تسلم الأخير إياه لكي يتم البت في شأنه. وبالتوازي مع ذلك بدأ الوفد الفلسطيني بتحركات مكثفة مدعما بتأييد الوفود العربية والإسلامية والأفريقية لحشد تأييد أكبر عدد ممكن من أعضاء مجلس الأمن الدولي للتصويت لصالح هذا المطلب العادل مع الأخذ في الاعتبار موقف الولاياتالمتحدة التي لوحت باستخدام حق الفيتو في حالة موافقة أغلبية أعضاء المجلس علي انضمام فلسطين للمنظمة الدولية. وفي خضم هذه المعركة الدبلوماسية حامية الوطيس في أروقة الأممالمتحدة أعلن وزير الخارجية محمد كامل عمرو في كلمة مصر أمام الجمعية العامة تأكيد بلاده ودول حركة عدم الانحياز التي تتولي مصر رئاستها لمسيرة نضال الشعب الفلسطيني من أجل استعادة حقوقه المشروعه ودعمها لجهود إعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية وانضمامها للأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية. وفي ضوء ما أثير من ردود فعل فلسطينية وإقليمية ودولية إزاء هذا التحرك الفلسطيني الهام وفي ضوء ما أثير من اعتراضات داخل حركة حماس إزاء هذا المطلب الفلسطيني وكيفية سير الأمور فيما بعد بشأن هذا المطلب دار الحوار مع السفير »سيد قاسم المصري« مساعد وزير الخارجية السابق لشئون العلاقات متعددة الأطراف. ❊❊ في بداية الحوار كان لابد من هذا التساؤل: ماذا بشأن توقيت المطلب الفلسطيني بالانضمام للأمم المتحدة وإعلان الدولة الفلسطينية كاملة العضوية هل يعد هذا التوقيت مناسبا ولماذا جاء اعتراض البعض من داخل حركة حماس علي هذا التحرك؟ أولا أود هنا أن أؤكد أن توقيت هذا التحرك من قبل أبو مازن مناسب جدا بل جاء متأخرا.. ولكن فيما يتعلق باعتراض البعض علي تقديم أبو مازن لهذا المطلب فإنه من الناحية الموضوعية قد يقول قائل بأن هذا التحرك يضفي شرعية قانونية علي وجود إسرائيل وهذا حقيقي لأنها تستمد شرعيتها من قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947 الصادر من الأممالمتحدة ووعد بلفور عام 1917 وحرب 1948 بعد ادعاء إسرائيل شن الدول العربية عدوانا عليها ولكن هذه الحجج الثلاثة لاتصمد أمام الحجج القانونية. وأضاف : قرار التقسيم لدولتين فلسطينية وإسرائيلية لم تقبله الدول العربية وبالتالي لم يتم تفعيله ولكنه موجود وتفعيله يكون بدخول فلسطين كعضو في الأممالمتحدة.. ووعد بلفور هو وعد غير مقبول لأن من لايملك أعطي من لايستحق كما أن استيلاء إسرائيل علي بعض الأراضي الممنوحة للدولة الفلسطينية وفقا لقرار التقسيم عن طريق العدوان مخالف للقوانين الدولية التي تحرم الاستيلاء علي أراضي الغير عن طريق الحرب وهذا ما أكد عليه قرار رقم 242 لمجلس الأمن. وبالتالي فإن الثلاث حجج القانونية التي تستند إليها إسرائيل هي حجج واهية ولن تستمد إسرائيل أي شرعية قانونية لوجودها إلا بموافقة الشعب الفلسطيني صاحب الحق الأصيل في السيادة علي الأرض. حسم أمور هامة واستطرد السفير سيد قاسم المصري في حواره قائلا: إذا كان قبول فلسطين كدولة عضو في الأممالمتحدة في إطار حدود 4 يونيو 1967 معناه ضمنا أنها تقبل بوجود دولة إسرائيل في باقي الدولة الفلسطينية أي يصبح هناك تقنين شرعي لأول مرة لوجود إسرائيل ولكن هذا لايعني اعتراضي علي المطلب الفلسطيني بل إنني متحمس لهذه الخطوة وهي علي درجة كبيرة من الأهمية وجاءت في الوقت المناسب تماما. وأضاف السفير سيدقاسم المصري: دعونا لا نحلق في سماء الخيال ونعمل علي إنقاذ مايمكن إنقاذه من الأراضي المحتلة وأن الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية علي حدود 4 يونيو 1967 يجيب علي ثلاثة أسئلة هامة ويخرجها من التداول علي مائدة المفاوضات وهي مسائل الحدود والقدس والمستوطنات. فالموافقة علي قيام الدولة الفلسطينية في إطار حدود 1967 يعني أن حدود الدولة قد حسمت دون اللجوء للمفاوضات ومعناه أيضا أن القدسالشرقية وهي جزء من الأرض المحتلة قد حسمت كعاصمة لفلسطين كما أن مسألة المستوطنات قد تم حسمها أيضا لأنها تتواجد علي أراض تابعة للدولة الفلسطينية التي تعترف بها أغلبية دول العالم. ويؤكد أن إجراء المفاوضات بين دولتين علي بعض الخلافات فيما بينها وهو شيء يدعم مركز الفلسطنيين في التفاوض ومن ثم فإن تقدم أبو مازن للأمم المتحدة بمطلب إعلان الدولة الفلسطينية كاملة العضوية يعني العديد من المكاسب للشعب الفلسطيني بعد أن تصبح الدولة الفلسطينية ندا لدولة إسرائيل في التفاوض. تحريك القضية ❊❊ ماذا بشأن النواحي الإجرائية لاستكمال هذه الخطوة وهل تكلل بالنجاح وماهي أهم العقبات التي تعرقل مسيرة المطلب الفلسطينيبالأممالمتحدة؟ حتي مع عدم نجاح هذه الخطوة نجاحا كاملا إلا أنها قد ساعدت بدرجة كبيرة علي تحريك القضية بالفعل فنجد اللجنة الرباعية تتقدم باقتراح بشأن استئناف مفاوضات السلام كما قامت فرنسا بتقديم اقتراح من أجل تحسين الوضع الفلسطيني في الأممالمتحدة بجعل الدولة الفلسطينية دولة غير عضو بدرجة مراقب شأنها شأن الفاتيكان. ولاننسي التصفيق الحاد في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة لخطاب الرئيس محمود عباس مما دعم مركز وقوة الفلسطينيين ومادفع نتنياهو في كلمتة بأن يصف قاعة الجمعية العامة بأنها »قاعة الظلام« واستعدي بذلك أعضاء الجمعية العامة علي إسرائيل. وفي حقيقة الأمر فإنني أعرب عن تقديري للرئيس الفلسطيني أبو مازن الذي قاوم كافة الضغوط التي مورست عليه من أوباما ومن نتنياهو ومن اللجنة الرباعية وحتي الضغوط من قطر لإرجاء تقديم هذا المطلب. كما أعرب عن تقديري لإصرار أبو مازن علي الشروط الفلسطينية للجلوس علي مائدة المفاوضات مشيرا إلي أنه لاعودة إلي المفاوضات إلا إذا تم وقف الاستيطان بصفة كاملة والاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية وفقا ل 4 يونيو 1967. السيناريو الأمريكي ❊❊ ولكن ماهي الخطوات المفترض إجراؤها حتي يتم حصول الفلسطينيين علي العضوية بالأممالمتحدة وماهو السيناريو الأمريكي في إطار هذا التحرك لإيقاف واعتراض الجهود المبذولة لإعلان العضوية بالمنظمة الدولية؟ من الناحية الإجرائية فإن قبول الأممالمتحدة لعضوية دولة جديدة بها لابد أن يتم بحث ذلك أولا في مجلس الأمن وذلك بالحصول علي موافقة 9 دول أعضاء بالمجلس علي هذا المطلب.. ومن هنا فإن أمريكا تسعي لعدم استخدام حق الفيتو حتي لاتحرج نفسها أمام العرب وخاصة في ظل مايسود المنطقة من نسمات الربيع العربي ومن ثم تود إحباط هذا المطلب بإقناع بعض الدول بعدم التصويت بالموافقة حتي لايحصل المطلب علي الأغلبية المعروفة وحتي الآن هناك 7 دول ملتزمة بالتصويت لصالح المطلب الفلسطيني وهناك ثلاث دول مترددة تحاول الولاياتالمتحدة استمالتها لرفض المطلب وهي نيجيريا والجابون والبوسنة وعلي حسب تقديري فإن نيجيريا تميل للموافقة علي المطلب الفلسطيني ومن ثم يصبح في حاجة إلي صوت آخر حتي يتم تمرير المطلب. ولكن في حالة حصول المطلب الفلسطيني علي الموافقة بالأغلبية المطلوبة فسوف تلجأ الولاياتالمتحدة لاستخدام الفيتو. ومن هنا يكون اللجوء إلي الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت حيث يتم منح فلسطين صفة دولة مراقب وغير عضو. وأوضح المصري ل آخر ساعة بأن هناك بعض الإجراءات التعطيلية مثل لجوء مجلس الأمن لإحالة الموضوع إلي لجنة العضوية التابعة له لدراسته وعرضه مرة أخري عليه خلال شهر في صورة تقرير أو مبادرة بعض الأعضاء بطلب معلومات عن المؤسسات الدستورية أو السلطات الفلسطينية وغير ذلك من الأمور التي تحتاج إلي مزيد من الوقت. وفي ختام الحوار أكد السفير سيد قاسم المصري مساعد وزير الخارجية السابق ل آخر ساعة أن المهم أن المعركة قد بدأت والخطوة الأولي علي طريق إعلان الدولة الفلسطينية أخذها الرئيس الفلسطيني أبو مازن الذي قرر الصمود أمام كافة الضغوط وقدم هذا المطلب التاريخي ولم يتراجع.